يعمل الزملاء والزميلات في قسم التحرير التابع لمؤسسة الدراسات الفلسطينية على إعادة نشر مجلدات موسوعة “بلادنا فلسطين” للمؤرخ مصطفى مراد الدباغ التي من المتوقع أن تصدر وتوزع في مطلع تشرين الثاني/نوفمبر 2018، مع مقدمة للأستاذ وليد الخالدي.
وكان مصطفى مراد الدباغ قد ألّف أجزاء موسوعته هذه، أو القسم الأكبر منها، في فلسطين قبل سنة 1948، واستفاد من تقلده مناصب مختلفة في دائرة المعارف في فلسطين في عهد الانتداب البريطاني كي يتنقل في مختلف الألوية ويتعرّف على تفاصيل جغرافية فلسطين. وبخصوص حيثيات صدور “موسوعته” في بيروت، في 11 مجلداً عن دار الطليعة ما بين سنتَي 1965 و 1976، يذكر، في مقدمة القسم الأول من الجزء الأول من: “بلادنا فلسطين”، أنه أصدر القسم الأول من جزئها الأول في فلسطين في سنة 1947، ثم وقعت النكبة، فانتقل بمركب صغير من يافا إلى بيروت وهو يحمل حقيبة صغيرة فيها مخطوطة كتابه “عن تاريخ فلسطين وجغرافيتها، البالغ عددها أكثر من 6000 صفحة”، وهو الكتاب الذي أمضى “أكثر من عشرة أعوام في جمع وثائقه وتبويبه وكتابته”. لكن المركب واجه عاصفة شديدة فرضت على الركاب تخفيف أحمالهم، فقام أحد البحارة “بانتزاع حقيبته وقذفها إلى الماء”.
ويضيف، في إشارة إلى النزعة العروبية التي حكمت عمله: “بعد أن مرت سنوات التشرد، ومرحلة الذهول التي خلّفتها النكبة، رأيت أن أعود إلى كتابي لأجمعه من جديد وأقدمه لأبناء العروبة عامة، وأبناء فلسطين خاصة، ليذكروا وطنهم المُنتهب ويعملوا على إنقاذه. عدت إلى كتابي، الكتاب الذي تشدني إليه ذكريات الوطن الغالي بجاذبية لا تقاوم، وتسيطر على وجداني فلا أملك الانصراف عنها. لقد أتممت الجزء الأول -القسم الأول منه – على غير المنهج الذي سرت عليه في عام 1947- وهو يبحث في جغرافية فلسطين وتاريخها منذ أقدم الأزمنة حتى دخول العرب المسلمين إليها. وسأواصل البحث والتنقيب عن بقية تاريخ الوطن، وتاريخ جغرافية مختلف مدنه وقراه وبقاعه”.
وبعد أن أشار الدباغ إلى أن خطر إسرائيل لا يهدد الفلسطينيين وحدهم بل يهدد العرب في مختلف أقطارهم، أوضح، في المقدمة نفسها، أن هدفه من إصدار الكتاب يرمي إلى “دحض دعوى اليهود في حقهم التاريخي في فلسطين”، وجعل قارئ كتابه يكتشف أن هذه الدعوى “ليس لها مبرر، وهي دعوى باطلة وفاسدة ليس لها مثيل في التاريخ، وافتراء واضح عليه. فإنهم لم يعرفوا فلسطين إلا في بعض عصورها القديمة، ولم يملكوا إلا جزءاً منها لمدة وجيزة، كانت سيادتهم فيها هزيلة متقطعة”. أما حق العرب في فلسطين فهو –كما تابع- ” خالد وصريح لا جدال فيه. فإنهم متصلون فيها، وسكنوها منذ فجر تاريخها ومن قبل أن يوجد يهود في العالم، ولم ينقطعوا عنها، واستمروا فيها إلى يومنا هذا “.
وعالج الدباغ في أجزاء موسوعته، التي استندت إلى كتابات الأخباريين والجغرافيين المسلمين، وإلى عدد من الكتب التاريخية العربية أو المترجمة إلى العربية، والمعاجم والمجلات والجرائد العربية، موقع فلسطين ومساحتها وسكانها وأقسامها الطبيعية والتقسيمات الإدارية فيها، وتاريخها منذ عصور ما قبل التاريخ، مروراً بتاريخ الأقوام والشعوب السامية والآرية التي نزلت فيها، ودخول اليهود إليها، ووصولاً إلى حكم الرومانيين فيها والقبائل العربية فيها قبل الإسلام. كما عالج بالتفصيل تاريخ قضاء غزة منذ الفتح العربي الإسلامي، وجغرافية مدن وقرى وبقاع لواء غزة (قضاءي غزة وبئر السبع)، وتاريخ وجغرافية مدن وقرى الديار النابلسية: أقضية نابلس وجنين وطولكرم، والديار اليافية، وديار الخليل وديار الجليل-جُند الأردن، وديار بيت المقدس.