أنهت مؤسسة “فيلم لاب – فلسطين” والتي تهدف إلى إعادة إحياء وتنشيط صناعة الأفلام في فلسطين، كافة الاستعدادات لانطلاقة فعاليات “أيام سينمائية” بدورتها الخامسة والتي من المقرر أن تنطلق الأسبوع القادم في الفترة ما بين 17 إلى 23 تشرين الأول أكتوبر، في خمس مدن فلسطينية تشمل العاصمة القدس ورام الله وبيت لحم ونابلس وغزة.
وتزامنا مع الذكرى السبعين للنكبة الفلسطينية والخطوات التي اتخذتها الإدارة الأمريكية ضد وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” ومساعيها لإلغاء حق العودة، تم اختيار فيلم “البرج” للمخرج النرويجي ماتس غرود ليكون فيلم الافتتاح لهذا العام. الفيلم يتحدث عن طفلة فلسطينية تعيش في مخيم اللاجئين الفلسطيني في لبنان ”برج البراجنة“، والتي تتعرف على تاريخ عائلتها من خلال القصص التي رواها ثلاثة أجيال سابقة من اللاجئين في المخيم. استوحى مخرج الفيلم غرود فكرة الفيلم وأحداثه من واقع الحياة في المخيم ومن قصص الأطفال الذين عاش معهم ورافقهم داخل المخيم على مدار عامٍ كامل. وما يجدر ذكره في هذا السياق، أن الفيلم أُنتج هذا العام ويعتبر عرضه ضمن المهرجان العرض الأول على صعيد العالم العربي.
هذا إلى جانب أكثر من ستين فيلماً يشمل أفلامًا طويلة منها الروائي والوثائقي، وأفلامًا قصيرة ومجموعة من الأفلام المتحركة للأطفال. ومن بين الأفلام البارزة المشاركة هذا العام فيلم “يوم الدين” للمخرج أبوبكر شوقي والذي سيمثّل جمهورية مصر في جائزة الأوسكار، كذلك الفيلم العراقي “الرحلة” للمخرج محمد جبر الدراجي والذي سيمثّل العراق في جوائز الأوسكار. والفيلم السوري “يوم فقدت ظلي” الذي حاز على جائزة أفضل فيلم في مهرجان فينيسيا الدولي. والفيلم الوثائقي “الدولة ضد منديلا وآخرين” الذي يستعيد حكاية محاكمة وسجن الراحل نيلسون مانديلا، والفيلم الروائي المغربي “بلا وطن” للمخرجة نرجس النجار، والفيلم الوثائقي اللبناني “إنت عمري” للمخرج هادي زكاك. بالإضافة إلى مجموعة من الأفلام الوثائقية وأفلام الأطفال من دول عدة منها فرنسا والمانيا وكندا وسوريا ومصر ولبنان والأردن والعراق وتونس والمغرب والجزائر وصربيا والولايات المتحدة واليونان وسويسرا واليابان والبرازيل والسويد وتشيلي وفلسطين.
وللسنة الثانية على التوالي وضمن فعاليات “أيام سينمائية”، ينظم هذا العام أيضًا “ملتقى صناع السينما” والذي سيعقد على مدار 3 أيام، في 18 و 20 في مركز خليل السكاكيني في مدينة رام الله وفي 19 في دار جاسر في مدينة بيت لحم. حيث نجح المهرجان هذا العام باستقطاب أكثر من 50 ضيفًاة من الناشطينات في القطاع السينمائي الدولي والعربي والرائدينات في المهرجانات السينمائية الدولية والعربية للمشاركة في الملتقى. يهدف الملتقى إلى توفير منصة تعارف وتشبيك لمحترفي عالم السينما المحليين والدوليين في فلسطين. كما ويهدف إلى تسليط الضوء على الأفلام ذات الميزانية المنخفضة نظرًا لنقص فرص التمويل في المنطقة، بهدف فتح المجال لفرص تمويلية وشراكات إقليمية ودولية، وبإمكان صناع السينما المحليين والطلاب المشاركة مجانًا. هذا إلى جانب تنظيم ورشات عمل وطاولات حوار تستهدف المخرجين والمهتمين بصناعة السينما من كافة الأجيال والأعمار والتي تهدف إلى تبادل الأفكار السينمائية وفتح المجال أمام المشتركين لتبادل ثقافة وتجربة صناعة الأفلام متعددة الثقافات وتطوير الرؤية السينمائية، وبمشاركة كافة الضيوف من السينمائيين العرب والأجانب الذين نجح المنظمون في استقطابهم.
وللسنة الثالثة على التوالي تنجح “أيام فلسطين السينمائية” باستقطاب أفلام متنافسة ضمن مسابقة “طائر الشمس” والتي خصصت لأفلام فلسطينية أو أفلام صنعت عن فلسطين. حيث شهد هذا العام قفزة في عدد المتقدمين للمسابقة من 14 فيلمًا في العام الماضي إلى أكثر من 60 فيلمًا هذا العام، حيث تم اختيار 22 فيلمًا للمشاركة بالمسابقة، منها 4 أفلام عن فئة الفيلم الوثائقي الطويل و13 فيلمًا عن فئة الفيلم القصير و5 عن فئة الإنتاج. كما وتم تشكيل 3 لجان تحكيم مختصّة مكونة من سينمائيين ومختصين محليين ودوليين وعرب، لاختيار الأفلام الفائزة بالمسابقة. ولأول مرة منذ انطلاقته، وبعد أن كانت كافة العروض مجانية على مدار الأربع سنوات الماضية، قررت إدارة المهرجان تخصيص تذاكر بقيمة 15 شيقل للعرض بهدف دعم صناعة الأفلام الفلسطينية أو عن فلسطين. حيث سيذهب ريع التذاكرة كافةً لدعم الفائز أو الفائزة عن فئة الإنتاج في المسابقة. وكما وسيخصص قسم من هذا المبلغ لتمويل مواصلات داخل مدينة رام الله ما بين مركز خليل السكاكيني والقصر الثقافي لتشجيع الجمهور على حضور يومي الافتتاح والاختتام. هذا بالإضافة إلى جائزة بقيمة 2000 دولار لكل من الفائزين عن كل فئة. يشار إلى أن جائزة “طائر الشمس الفلسطيني” من تصميم الفنان الفلسطيني خالد جرار.
وللمرّة الأولى يتعاون المعهد الثقافي الفرنسي في القدس مع مؤسسة فيلم لاب بهدف دمج الركن الفرنسي – العربي ضمن مهرجان “أيام فلسطين السينمائية”. هذا إلى جانب دعم المعهد “ملتقى صناع السينما” وذلك من خلال دعوة سينمائيينات فرنسيينات لحضور الملتقى والمساهمة من خلال عقد حلقات نقاش ومحاضرات وتبادل الخبرات مع الجمهور الفلسطيني المشارك في الملتقى.
وصرّح المدير الفني لمؤسسة “فيلم لاب – فلسطين” المخرج حنا عطالله: “وضعنا نصب أعيننا هذا العام أيضًا تطوير البنية التحتية وسوق الإنتاج من خلال الاستمرار في تنظيم “ملتقى صناع السينما” للعام الثاني على التوالي بهدف تشجيع الإنتاج السينمائي في فلسطين ودعم الجيل الجديد الذي يود اقتحام هذا المجال وتطويره“، وأضاف: “تأتي أيام فلسطين السينمائية ضمن الخطة الاستراتيجية للمؤسسة والتي تقع تحت بند تنمية الثقافة السينمائية، والهدف منها إعادة إحياء الثقافة السينمائية في فلسطين واستقطاب أكبر عدد من المشاهدين للأفلام المستقلة”.
وأكّد عطا الله أنه وبالرغم من الظروف السياسية والتمويلية المعقدة إلا أن “فيلم لاب – فلسطين” حريصة على إقامة هذه الفعالية السنوية والتي بدورها تضيف الكثير إلى الحيز الثقافي المحلي عامةً وإلى المشهد السينمائي الفلسطيني خاصةً، من خلال الأفلام المشاركة والضيوف المشاركين وكونه يساهم في تطوير آفاق سينمائية لدى الجمهور المتلقي.
فعّاليات “أيام فلسطين السينمائية” تنظم بالشراكة مع وزارة الثقافة الفلسطينية وبلدية رام الله، وبتمويل من البنك الإسلامي للتنمية، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، والممثليات السويسرية والفرنسية والنرويجية والألمانية والأرجنتينية، والبيت الدينماركي في فلسطين ومؤسسة عبد المحسن القطان. وبرعاية رئيسية من شركة “جوال” وشركة المقاولون العرب CCC ورعاية ذهبية من مؤسسة غياث ونادية سختيان الخيرية وبنك الاتحاد. وبرعاية إعلامية من تلفزيون فلسطين وإذاعة راية إف إم و TV5 Monde ومجلة رمان الثقافية وموقع ميدل ايست مونيتور. وبالتعاون مع العديد من المؤسسات والمراكز الثقافية الفلسطينية المحلية.
من الجدير ذكره أن “فيلم لاب – فلسطين” تأسست عام 2014 كمؤسسة غير ربحية، تقوم رؤيتها على صناعة إنتاجية وديناميكية للأفلام في فلسطين عن طريق توفير فضاء مثالي للجمع بين صناع السينما بهدف التحفيز على التعلم، وتبادل الخبرات، وتشكيل مصدر إلهام لبعضهم البعض، بالإضافة إلى إنتاج أفلام فنية، من خلال عرض مخزون متنوع من الأفلام للجماهير.