بالشراكة مع وزارة الثقافة وبلدية رام الله، وبحضور الأميرة ريم علي، عضو في مجلس مفوّضي الهيئة الملكية الأردنية للأفلام ومؤسسة معهد الإعلام الأردني، اختتمت ليلة أمس الثلاثاء مؤسسة ”فيلم لاب: فلسطين“ فعّاليات مهرجان “أيام فلسطين السينمائية” الدولي في دورته الخامسة، في قصر رام الله الثقافي مع الفيلم السوري “يوم فقدت ظلي” للمخرجة والذي حاز على جائزة “لويجي دو لورانتس” عن عملها الأول في مهرجان فينيسيا الدولي. كما وحضر وقائع حفل الاختتام كل من القنصل العام الأردني لدى فلسطين السيد نزار القيسي، ورئيس البعثة الدبلوماسية الأردنية لدى فلسطين السيد محمد أبووندي ووزير الثقافة ايهاب د. بسيسو ووزير التربية والتعليم د. صبري صيدم، ورئيس بلدية رام الله المهندس موسى حديد والسيد عمار العكر الرئيس التنفيذي لمجموعة الاتصالات الفلسطينية والمهندس مازن كرم مدير شركة المقاولون العرب في فلسطين.
هذا واختتم المهرجان بحفل توزيع جوائز “طائر الشمس” عن أفضل الأفلام المشاركة في المسابقة عن فئات الفيلم الروائي الطويل والروائي القصير وفئة الإنتاج. وبناءً على قرارات لجان التحكيم المختصة لكل فئة، فقد فاز الفيلم “تشريح الحب” لرياض دعيس عن فئة الإنتاج، فيما فاز فيلم “تمزق” لياسمينة كراجة، مناصفة مع المخرج صلاح أبو نعمة في المنطقة “ج” عن الفيلم الروائي القصير، وفاز فيلم “حب بري” للمخرجة جمانة مناع عن فئة الفيلم الوثائقي الطويل، وحصل لفيلم ”على عتبة الدار“ للمخرجة ساهرة درباس على تنوية خاص من لجنة التحكيم. وقد تقدم هذا العام أكثر من 60 فيلمًا للمسابقة، تم اختيار 22 منهم للمشاركة يشمل 4 أفلام عن فئة الفيلم الوثائقي الطويل و13 فيلمًا عن فئة الفيلم القصير و5 عن فئة الإنتاج. كما وتم تشكيل 3 لجان تحكيم مختصّة مكونة من سينمائيين ومختصين محليين ودوليين وعرب، لاختيار الأفلام الفائزة بالمسابقة. من الجدير ذكره أنه وللسنة الأولى خصصت منحة مالية بقيمة 2000 يورو لكل من الفائزين عن كل فئة الوثائقي الطويل والروائي القصير. كما خصص ريع بيع التذاكرة كافةً لدعم الفائز أو الفائزة عن فئة الإنتاج إلى جانب حصول الفائزة على كاميرا ومعدّات تدريج اللألوان ودمج الصوت، ونسخة عرض السينما الرقمية (DCP)، في ورشة عمل في “آرهوس”. بينما ستتحمل مسؤولية تجهيز وتوزيع الفيلم شركة MAD Solution. يذكر أن مسابقة ”طائر الشمس” تنظم للسنة الثالثة على التوالي، وهي أول مسابقة أفلام سينمائية في فلسطين.
وقد شهد المهرجان هذا العام التفافًا جماهيريًا منقطع النظير في المواقع المختلفة. حيث نجح المهرجان في دورته الحالية في استقطاب وعرض أكثر من 60 فيلـماً دوليًا عربيًا ومحليًا في خمس مدن فلسطينية شملت العاصمة القدس ورام الله ونابلس وبيت لحم وغزة. هذه الأفلام جاءت من أكثر من 20 دولة شملت فرنسا وألمانيا وكندا وسوريا ومصر ولبنان والأردن والعراق وتونس والمغرب والجزائر والدينمارك والنرويج وصربيا والولايات المتحدة واليونان وسويسرا واليابان والبرازيل والسويد وتشيلي وفلسطين.
من جانبها صرحت الأميرة ريم علي، عضو في مجلس مفوّضي الهيئة الملكية الأردنية للأفلام ومؤسسة معهد الإعلام الأردني “في أول زيارة لي لفلسطين، يسعدني ويشرفني أن أشارك في فعالية سينمائية تشهد على مدى الاهتمام بالثقافة والفن على الرغم من الظروف العسيرة في البلد. كما أنها تؤكد على ضرورة إسماع صوتنا للعالم، وإتاحة الفرصة للشباب والمثقفين والفنانين ليعبروا عن آرائهم وقضاياهم وشجونهم وأحلامهم.” “ونحن في الهيئة الملكية الأردنية للأفلام، التي أسسها زوجي الأمير علي بن الحسين، نثمن الإنتاجات والخبرات السينمائية الفلسطينية ولا نتلكأ في الاستعانة بها ودعمها والترويج لها.” “وأخيراً وليس آخراً، نعتز بالشراكة القائمة بين الهيئة الملكية الأردنية للأفلام وفيلم لاب فلسطين، والتي تجسدت في إقامة فعاليات مشتركة في الأردن – ورش عمل، عروض أفلام، ندوات حوارية – ونأمل استمرارها وتطورها لخدمة السينما الأردنية والفلسطينية.”
كما وصرّح المدير الفني لمؤسسة “فيلم لاب – فلسطين” المخرج حنا عطالله :” نحن سعداء للغاية بوجود صاحبة السمو الملكي الأميرة ريم علي معنا هنا، ويشرفنا استمرار الشراكة والتعاون مع الهيئة الملكية الأردنية للأفلام بهدف تطوير الإنتاج السينمائي وتنمية الثقافة السينمائية، وإعادة إحياء الثقافة السينمائية في البلدين”. وأكّد عطا الله “أنه وبالرغم من الظروف السياسية والتمويلية المعقدة إلا أن “فيلم لاب – فلسطين” حريصة على إقامة هذه الفعالية السنوية والتي بدورها تضيف الكثير إلى الحيز الثقافي المحلي عامةً وإلى المشهد السينمائي الفلسطيني خاصةً، من خلال الأفلام المشاركة والضيوف المشاركين وكونه يساهم في تطوير آفاق سينمائية لدى الجمهور المتلقي”.
إلى جانب استقطاب الجماهير الواسعة التي توافدت إلى صالات العرض وفعاليات المهرجان المختلفة، أثمر المهرجان عن توقيع مجموعة من الاتفاقيات التي تهدف إلى توسيع الشراكات المحلية والعالمية وتطوير المشاريع سينمائية. حيث وقّع وزير التربية والتعليم العالي د. صبري صيدم، والمدير الفني لمؤسسة “فيلم لاب – فلسطين” حنا عطا الله، خلال أيام المهرجان مذكرة تفاهم لتنفيذ برنامج “تنمية الثقافة السينمائية للأطفال في القدس” والذي سيمتد على مدار عامين. وحضر مراسم التوقيع، المدير التنفيذي لـ “فيلم لاب” د. بريجيت بولاد، ومدير عام النشاطات الطلابية في الوزارة صادق الخضور، والقائم بأعمال مدير العلاقات العامة والدولية نيفين مصلح، ورئيس قسم الفنون التشكيلية والتعبيرية رياض صوالحة. وفي هذا السياق، أكد صيدم الاهتمام الذي توليه الوزارة لتعزيز مفهوم ودور السينما في المدارس الفلسطينية، وأنها تعمل لتحقيق رُؤاها لإيجاد دار للسينما في مدرسة. ولفت إلى أن توقيع هذه المذكرة يعد نقطة انطلاق رئيسية نحو تسخير الأفلام لشرح معاناة الشعب الفلسطيني؛ “وليس أقلها معاناة أهلنا في القدس، وتوظيف الكاميرا للحديث عن مدارس التحدي والإصرار وكل المدارس الفلسطينية.
كما وأثمر المهرجان عن إعلان التعاون الدائم ما بين مؤسسة فيلم لاب والمسرح الوطني الحكواتي في القدس، وتم الاتفاق على برمجة عروض أفلام في المسرح بشكل دائم على مدار العام. هذا بالاضافة إلى الإعلان عن مشروع “تداخلات إبداعية” المشترك ما بين مؤسسة فيلم لاب وجامعة شيفيلد البريطانية بهدف ترميم أفلام سينما الثورة الفلسطينية والذي يهدف إلى الحفاظ على الأرشيف والذاكرة الفلسطينية، من خلال تناول الأرشيف والأفلام التي دمرت نسخها أو نهبتها قوات الاحتلال إبّان الغزو الإسرائيلي إلى لبنان عام 1982 وتحديدًا أرشيف وحدة أفلام فلسطين، الذي قام جيش الاحتلال الإسرائيلي بمصادرته دون إتاحة أي إمكانية لاسترجاع ذاك الكنز السينمائي.
هذا بالإضافة إلى تمديد اتفاقية التعاون القائمة ما بين مؤسسة “فيلم لاب فلسطين” وصندوق “ميديانبورد” الألماني والتي تمنح الإقامات الفنية لصانعي وصانعات أفلام فلسطينيين محترفين الفرصة للإقامة في مدينة برلين لمدة 3 أشهر والتي تهدف إلى تطوير مهاراتهم وإعطائهم فرصة التعلم عن مهنة صناعة الأفلام في ألمانيا، بالإضافة إلى لقاء منتجين ومهنيين أجانب من نفس المجال. وتشمل الإقامة السينمائية تغطية كاملة (تكلفة المكوث والسفر والمصاريف اليومية). هذا إلى جانب التعاون ما بين المعهد الثقافي الفرنسي في القدس مع مؤسسة فيلم لاب للمرة الأولى والذي أثمر عن دمج الركن الفرنسي – عربي ضمن مهرجان هذا العام.
ولم يقتصر المهرجان على عروض الأفلام فقط، إذ تخلله تنظيم العديد من ورشات العمل وطاولات حوار من خلال “ملتقى صنّاع السينما” الذي استهدف المخرجينات والمهتمينات بصناعة السينما في فلسطين من كافة الأجيال والأعمار بهدف تبادل الأفكار السينمائية وفتح المجال أمام المشاركين لتبادل ثقافة وتجربة صناعة الأفلام متعددة الثقافات وتطوير الرؤية السينمائية مع أكثر من من 50 ضيفًاة من الناشطينات في القطاع السينمائي الدولي والعربي والرائدين ات في المهرجانات السينمائية الدولية والعربية للمشاركة في الملتقى. كما وهدف إلى تسليط الضوء على الأفلام ذات الميزانية المنخفضة نظراً لنقص فرص التمويل في المنطقة، بهدف فتح المجال لفرص تمويلية وشراكات إقليمية ودولية، وبإمكان صناع السينما المحليين والطلاب المشاركة مجاناً.
وكانت أيام سينمائية قد انطلقت يوم الأربعاء الماضي في 17 تشرين أول أكتوبر في القصر الثقافي في مدينة رام الله مع فيلم “البرج” للمخرج النرويجي ماتس غرود. الفيلم الذي تحدث عن طفلة فلسطينية تعيش في مخيم اللاجئين الفلسطيني في لبنان برج البراجنة، والتي تتعرف على تاريخ عائلتها من خلال القصص التي رواها ثلاثة أجيال سابقة من اللاجئين في المخيم. استوحى مخرج الفيلم غرود فكرة الفيلم وأحداثه من واقع الحياة في المخيم ومن قصص الأطفال الذين عاش معهم ورافقهم داخل المخيم على مدار عامٍ كامل. وما يجدر ذكره في هذا السياق، أن الفيلم أنتج هذا العام ويعتبرعرضه ضمن المهرجان العرض الأول على صعيد العالم العربي. وتزامناً مع الذكرى الـ ٧٠ للنكبة الفلسطينية والخطوات التي اتخذتها الإدارة الأمريكية ضد وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” ومساعيها لإلغاء حق العودة، تم اختيار فيلم “البرج” للمخرج النرويجي ماتس غرود ليكون فيلم الافتتاح لهذا العام
ولم يكن لمهرجان أيام فلسطين السينمائية أن تنجح هذا العام لولا الدعم والشراكة والتعاون مع المؤسسات المحلية والدولية، حيث أقيمت هذه الفعاليات بالشراكة مع بلدية رام الله ووزارة الثقافة الفلسطينية وبتمويل من البنك الإسلامي للتنمية، برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، والممثليات السوسرية والفرنسية والنرويجية والألمانية والأرجنتينية، والبيت الدينماركي في فلسطين ومؤسسة عبد المحسن القطان. وبرعاية رئيسية من شركة “جوال” وشركة المقاولون العرب CCC ورعاية ذهبية من مؤسسة غياث ونادية سختيان الخيرية وبنك الاتحاد. وبرعاية إعلامية من تلفزيون فلسطين وإذاعة راية إف إم. و TV5 Monde ومجلة رمان الثقافية وموقع ميدل ايست مونيتور. وبالتعاون مع العديد من المؤسسات والمراكز الثقافية الفلسطينية المحلية.
من الجدير ذكره أن مهرجان أيام فلسطين السينمائية تنظم من قبل مؤسسة “فيلم لاب – فلسطين” والتي تأسست عام 2014 كمؤسسة غير ربحية، تقوم رؤيتها على صناعة إنتاجية وديناميكية للأفلام في فلسطين عن طريق توفير فضاء مثالي للجمع بين صناع السينما بهدف التحفيز على التعلم، وتبادل الخبرات، وتشكيل مصدر إلهام لبعضهم البعض، بالإضافة إلى إنتاج أفلام فنية، من خلال عرض مخزون متنوع من الأفلام للجمهور.