اختتمت ليلة امس السبت مؤسسة أصوات فعّاليات مهرجان “كوز” للأفلام الكويرية في دورته الثالثة، في حيفا مع فيلم “ع شفير” وهو أول فيلم روائي للمخرج اللبناني محمد صبّاح.
وقد شهد المهرجان هذا العام التفافًا جماهيريًا واسعاً في المواقع المختلفة. حيث نجح المهرجان في دورته الحالية في استقطاب وعرض اكثر من 12 فيلـماً دوليًا عربيًا ومحليًا في أربعة أماكن عرض شملت مسرح خشبة ومساحة والمنجم والسين. هذه الافلام جاءت من أكثر من 6 دول منها العراق ولبنان والإمارات المتحدة والولايات المتحدة وبولندا والبرازيل وفلسطين.
من جانبها صرحت مديرة المهرجان، حنان وكيم: “نحن سعداء للغاية بالمشاركة العربية والمحلية للأفلام هذه السنة، وسعداء أكثر باستقطاب جمهور واسع ومتنوع والتفافه حول فعاليات المهرجان”، وأكدت “أنه وبالرغم من التحديات السياسية والاجتماعية وظروف التمويل المعقدة إلا أننا حريصون على إقامة هذا المهرجان السنوي والذي بدوره يضيف الكثير إلى الحيز الثقافي المحلي عامةً وإلى المشهد السينمائي الفلسطيني خاصةً، من خلال الأفلام المشاركة والضيوف المشاركين وكونه يساهم في تطوير آفاق سينمائية لدى الجمهور المتلقي ويحث على إنتاج سينمائي فلسطيني وعربي من منظور نسوي وكويري يطرح مفهوم اللامعيارية وقضايا متعلقة بالحقوق الجنسية والجنسانية”.
وأضافت وكيم: “تكمن أهمية مهرجان كوز في طرحه بديلًا لسياسات وممارسات “الغسيل الورديّ” الإسرائيليّة، والتابوهات الفلسطينيّة فيما يتعلق بالحرّيات والحقوق الجنسيّة، ونطمح من خلاله التأكيد على دور مقاومة الحركة الكويريّة الفلسطينيّة في نضالها من أجل الحريّة الجنسيّة”.
ولم يقتصر المهرجان على عروض الأفلام فقط، فقد تخلل اليوم الختامي ندوة بعنوان “صورة شاذة” حاورت من خلالها عضو الإدارة في أصوات، رلى خلايلة، المخرج موسى شديدي المولود في العراق، حول كتابه “الجنسية اللامعيارية في السينما العربية”. وقام بدوره بتعريف اللامعيارية كبديل أصيل لكلمة كوير وإعطاء لمحة تاريخية عن تطرق السينما العربية للامعيارية والتي ارتكزت حتى الآن على تصويرها من منظور ذكوري. بالإضافة لذلك، تحدث شديدي عن فيلمه “يمّا” والذي تتحدث من خلاله والدته عن السيرورة التي تمر بها مع إبنها. وعند سؤاله خلال الحوار حول سبب اختياره لوالدته، أجاب شديدي “يقال أن الأمهات يعرفن عن جنسانيتنا أكثر منا، فهن يساندن أبنائهن وبناتهن على الرغم من هرمية العائلة التي لا توفر لهن مساحة للتعبير عن أنفسهن، ولكن عاطفتهن تفوق المعيارية التي يلزمهن بها المجتمع”. كما حاورت خلايلة المخرج الفلسطيني ماثيو خوري والذي تحدث عن فيلمه “أنا جورج” الذي يطرح قضية المتحولين جنسيا ويتحدث عن تجربته في تمثيل وتصوير الفليم في البيت وبحضور عائلته. وعند سؤاله حول تخوفاته تحدث خوري عن خوفه من عرض الفيلم لمدة طويلة بسبب الأفكار المسبقة التي قدر تصدر الأحكام عليه وعلى عمله بحيث أن فكرة الفيلم بدأت كمشروع في التعليم، ويضيف أنه مع الوقت “أدرك مسؤوليته كفرد وكفنان في العمل من أجل تحقيق الحقوق الجنسية والجنسانية وخلق مجتمع يحترم التعددية والاختلاف”.
وكانت فعاليات مهرجان “كوز” قد انطلقت يوم الخميس الماضي في 10 تشرين ثاني/نوفمبر في مسرح خشبة في مدينة حيفا مع فيلم “الرجال فقط يحضرون الدفن” للمخرج الإماراتي عبدالله الكعيبي. الفيلم الذي تحدث عن أم عمياء، في فترة ما بعد انتهاء الحرب العراقية عام 1988، تريد أن تكشف لابنتها عن سر دفين، ولكنها تلقى حتفها قبل أن تتمكن من ذلك. وتتعرف البنات على حياة وتاريخ أمهن من خلال الزوار المتوافدين لتعزيتهم بوفاتها. وفي زحمة انشغال الجميع في كشف النقاب عن السر، تطرق بابهن امرأة تهز كيان البنتين عند اكتشافهما أن الذي جمع بينها وبين أمهن كان أكثر من صداقة. بل العشق أيضاً.
ولم يكن لمهرجان “كوز” أن ينجح هذا العام لولا الدعم والشراكة مع أماكن العرض المحلية، حيث أقيمت هذه الفعاليات بالشراكة مع مسرح خشبة ومساحة والمنجم والسين وبرعاية من مقهى إليكا وخبير التجميل هاني عاردات والراقص أيمن صفية والفنان الياس واكيم. وبرعاية إعلامية من مجلة رمان الثقافية وبالتعاون مع رصيف 22 ومجلة فسحة الثقافية وتلفزيون مساواة بالإضافة إلى التعاون مع كباريت والعديد من النشطاء في تنسيق وتنظيم المهرجان.
من الجدير ذكره أن مهرجان “كوز” ينظم من قبل مؤسسة “أصوات – المركز النسوي الفلسطيني للحريّات الجنسية والجندرية ” والتي تأسست عام 2003 كمؤسسة غير ربحية، تعمل من أجل تحقيق العدالة والحريات الفرديّة والجماعية لكافة أفراد المجتمع الفلسطينيّ، وتنشط لخلق مجتمع فلسطيني تحرري يحترم ويحتوي الاختلاف والتعددية الجنسية والجندرية، ويناضل ضد كل أشكال القمع, العنف والتمييز، محليًا، اقليميًا وعالميًا.