ما هو تأثير “صفقة القرن” على مستقبل القضية الفلسطينية؟ وكيف ينظر المثقف الفلسطيني إلى محاولات الإدارة الأمريكية لتمرير هذه الصفقة بالتعاون مع جهات عربيّة وبهدف تصفية القضية الفلسطينية من خلال عقد «ورشة البحرين» الاقتصادية في المنامة يومي 25 و26 حزيران/ يونيو الجاري؟ وما هو دور المثقف الفلسطيني في مواجهة صفقة الأوهام والعار وسبل التصدي لها؟ أسئلة وجهتها “رمان” لعدد من المثقفين الفلسطينيين داخل الوطن وخارجه، وهذه إجابات عنها.
أعدّ الملف: أوس يعقوب.
صفقة القرن التي أطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ليست إلا التجلي الأكثر عدوانية للرأسمالية المتوحشة التي تتعالى على القانون الدولي؛ ولا تحترمه إلا بالقدر الذي يحقق مصالحها على حساب الشعوب المظلومة في العالم الثالث؛ وفي غيره من الشعوب في عالمنا المعاصر. وإذا كنا نحن الفلسطينيين قد ابتلينا قبل ما يزيد عن مئة عام بوعد بلفور، الذي بموجبه أعطى من لا يملك لمن لا يستحق، فإننا اليوم إزاء وعد ترمب الذي منح القدس ومعها هضبة الجولان السورية هدية لدولة الاحتلال الإسرائيلي؛ وجرى قطع الأموال عن الأونروا، بما يعني تصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين، وتم إعطاء الضوء الأخضر لضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية المحتلة إلى دولة الكيان الصهيوني.
ولم يكن هذا الأمر ليتم لولا الظروف غير المواتية في أوضاع العرب والمسلمين وأنظمتهم الحاكمة، حيث يقوم اليمين الأمريكي المتطرف بقيادة ترامب بابتزاز بعض دول الخليج العربي، وبجباية الأموال الطائلة منها، تحت وهم التصدي للخطر الإيراني المزعوم، وللدخول في حلف غير مقدس بين إسرائيل وبعض هذه الدول وغيرها ضد إيران، في محاولة مكشوفة عبر التطبيع العلني؛ ومن خلال ورشة البحرين الاقتصادية التطبيعية، لتحويل وجهة الصراع القومي بحيث تكون إيران لا إسرائيل هي عدو العرب والمسلمين.
لذلك؛ يتم استلاب إرادة بعض الدول العربية لإجبارها على التسليم بالهيمنة الأمريكية الإسرائيلية على مقدرات منطقة الشرق الأوسط؛ حيث البترول العربي، وبتصفية القضية الفلسطينية التي بدأت مقدماتها قبل انعقاد هذه الورشة المؤامرة.
إن هذه الصفقة وتلك الورشة لا تشكلان تهديدًا لحق الشعب الفلسطيني في وطنه وحسب، بل إنهما تشكلان تهديدًا لمصالح الشعوب العربية، مثلما تشكلان نهجًا عدوانيًّا؛ يهدد بانهيار العلاقات الدولية والقانون الدولي، والرجوع إلى عهود التوحش وشريعة الغاب في العلاقات بين البشر.
إزاء وضع كهذا، ينبغي على الفلسطينيين أن يصححوا أوضاعهم الداخلية لتمتينها، ولإسقاط الصفقة ودحر مخرجات الورشة، التي تشكل عدوانًا صارخًا على الشعب الفلسطيني والشعوب العربية؛ وذلك ليس بالأمر المستحيل إذا ما خلصت النوايا وتجسدت في أفعال ملموسة. وضمن هذا السياق؛ يمكن للمثقفين الفلسطينيين والعرب أن يقوموا بدورهم المرجو منهم خدمة لشعوبهم، ولقضاياها المصيرية.