ما هو تأثير “صفقة القرن” على مستقبل القضية الفلسطينية؟ وكيف ينظر المثقف الفلسطيني إلى محاولات الإدارة الأمريكية لتمرير هذه الصفقة بالتعاون مع جهات عربيّة وبهدف تصفية القضية الفلسطينية من خلال عقد «ورشة البحرين» الاقتصادية في المنامة يومي 25 و26 حزيران/ يونيو الجاري؟ وما هو دور المثقف الفلسطيني في مواجهة صفقة الأوهام والعار وسبل التصدي لها؟ أسئلة وجهتها “رمان” لعدد من المثقفين الفلسطينيين داخل الوطن وخارجه، وهذه إجابات عنها.
أعدّ الملف: أوس يعقوب.
«صفقة القرن» ليست بحاجة إلى إعلان فهي تسير بخطى حثيثة على أرض الواقع: إنها إعلان نهاية القضية عبر ضم ما تبقى من فلسطين تدريجياً، بدءاً بشرعنة تهويد وصهينة القدس، وضم الجولان السوري المحتل، وكذلك ضم تدريجي لمناطق اتفاقية أوسلو بدءاً من مناطق (ج)، وإنهاء عمل وكالة الغوث الدولية (الأونروا)، وإنهاء مسألة اللاجئين، وتحويل “إسرائيل” لدولة صديقة في الدفاع عن أخطار مزعومة.
ليست صفقة بل تصفية، واستخدام وصف “القرن” لأنها عملياً قد تستمر طوال قرننا الحالي. هذه نتائج التحولات العالمية باتجاه اليمين الفاشي المعادي لمبادئ القرن الماضي الدولية عبر النظام العالمي الجديد، الذي تقوده قوى اقتصادية عنصرية يمينية تستأثر في الحكم تدريجياً في العالم من ترامب إلى رؤساء جدد في أوروبا الشرقية والهند والبرازيل وغيرها بما في ذلك دول عربية عدة. فلم تعد “إسرائيل” كما كان ينظر لها أمريكياً أنها حاجة استراتيجية أمريكية، بل أصبحت النموذج الأيديولوجي المقتدى به أمريكياً وتدريجياً عالمياً. وحتى الرؤساء يتم اختيارهم عبر دعم صهاينة جدد متنفذين من أمثال شلدون اديلسون والأخوين كوخ وغيرهم، ليس في أمريكا فقط بل حتى في داخل كيان “إسرائيل” السياسي.
باختصار لقد هزمنا كمشروع تحرر وطني وساهمنا بذلك بأنفسنا، وعما قريب لن تكون قضيتنا محورية عالمياً كمقياس لتطبيق قوانين الشرعيات الدولية، بل الأداة التي يتم عبرها تدمير المؤسسات الدولية والتي هي بالأساس ليست محايدة.
ماذا يمكن عمله؟ سياسياً لا أعرف، لكن ثقافياً علينا دور هام في نشر الوعي في مسألة فلسطين وليس فقط عالمياً، بل أولاً فلسطينياً. فقضيتنا قضية شعب مسحه الاحتلال الاستيطاني، وليس مسألة حقوق دينية أو نصوص دينية في مواجهة نصوص دينية أخرى.
علينا العودة لخطاب فلسطيني يرى في “إسرائيل” دولة استعمارية ودولة مستوطنين، ولن ينجح معها الخطاب القائل: “إنّ فلسطين هي وقف إسلامي وليس وقف يهودي”. إعادة الوعي فلسطينياً وعربياً وعالمياً وربط قضيتنا بقضايا الاستعمار الأخرى، وإنشاء تحالفات مع شعوب مضطهدة، هي طريقنا الوحيد إذا أردنا مستقبل نوجد فيه كشعب له حقوق. وهنا يكمن دور المثقف المتحرر من سيطرة المؤسسة السياسية.