احتفاءً وتذكراً لزيارات جون بيرجر لفلسطين، الفنان، والكاتب، والشاعر، والناقد، تفخر مؤسسة عبد المحسن القطان بإطلاق استضافات “القطان”: سبل الترحال 2020.
أنتج جون بيرجر، طوال حياته، أعمالاً لطالما اخترقت الحواجز الفاصلة بين الثقافة العالية والدارجة، والحقيقة والخيال، والفن والسياسة، من خلال ارتحاله المتواصل عبر أساليب أدبية مختلفة. أحدث كتابُ جون بيرجر “طرق في الرؤية” (Ways of Seeing)، في سبعينيات القرن العشرين، ثورةً في الطريقة التي نرى بها الفن وعالَمَ التمثيل البصري. فلم يَدْرُسْ بيرجر الطريقة التي تُصنَعُ من خلالها الأعمال الفنية فحسب، بل جعلنا ندرك السياسات التي تجعلنا ممتثلين لرؤيتها، حيث علّمنا أنّ النظر إلى عمل فني أو صورة يتضمن الدخول في علاقةٍ بصرية، ليست بين العمل الفني والمُشاهِد فحسب، ولكن، أيضاً، بين النظام الاجتماعي الذي أسبغ على العمل لغته البصرية، والنظام الاجتماعي كمجهر نفهم من خلاله ما نراه أمامنا. قدّم لنا جون بيرجر أدوات النقد لنشرع في رؤية الفن والعالَم وفهمهما بأنفسنا، من خلال تبيان الصلة الوثيقة بين السلطة وما هو بصري، وموقفنا منهما.
غالباً ما يُوصفُ جون بيرجر بالناقد الفني أو الروائي، غيرَ إنه يفضّلُ أنْ يُدعى حكاء. ورأى، باعتباره فناناً ملتزماً، أنّ دوره في العالَم يتمثلُ بكونه ناقلاً للحكايات التي كانت في حاجةٍ ماسَّةٍ لسردِها. قال: “إنْ كنتُ حكاءً، فهذا لأني أذنٌ صاغية، حيث إنّ الحكاء، بالنسبة لي، يشبه المُهرّبَ الذي يحصل على ما هو محظور عبر الحدود”. وبالتالي، فقد اعتبر الكتابة عملية لارتحال الحكاية، وقيادتها على مهلٍ من مصدرها، آخذاً بأيديها إلى العالَم.
اخترنا أن نطلق على الاستضافات اسم “سبل الترحال” تكريماً لجون بيرجر، بهدف اتّباع نهجه المميز، المتعلّق بسبل بديلة للترحال، اعتمد عليها كمركز لفلسفته وأسلوبه الإبداعي، وبخاصة خلال زياراته لفلسطين. اشتهر جون بيرجر بعدم تحبيذه وسائل السفر التقليدية، حيث كره الطائرات والسيارات. لدى وصوله لبلد ما، كان يتجنّب أماكن سياحية أساسية ويرفض سلوك مسارات سياحية. كانت الدرّاجة النارية وسيلة الترحال المادية الوحيدة التي أحبّها بيرجر، لأنها، كما أوضح، تضمنت طريقة معينة للرؤية مشابهة للرسم، والجمع بين تجربتي النزوح والرؤية. يكشف تفضيلُهُ للدراجة النارية، أيضاً، عن شيء آخر يتعلق بطريقته في الترحال بأساليب تتضمن طريقة مختلفة للوجود في العالم، طريقة ملخصة في إحدى مقالاته:
“كانوا يبحثون عن بلدٍ يقع بين ما ألفوه وما لم يسبق لهم أن رأَوْهُ. يتعين على المرء أن يرتحل بطريقة خاصة بغية الوصول إلى هذا البلد. ولا يكفي النظر عبر النافذة. ولن تأخذك أيّ طريقٍ سريعةٍ إلى هناك. وليس لأحدٍ أن يرشدك بما أنك لا تعرف ماذا تسأل. فما الدرب المطروقة بكثرة، في هذه الرحلة، إلّا تحذير بدلاً من تشجيع. يجب ألا تكون الدربُ مقفرة أو برية. فقد تقع إلى جانب المكان الذي يوقفُ فيه الخبّازُ سيارته عادةً. الفن هو أن تصل إلى هناك بالصدفة. ثم يباغت المرءُ المكانَ، كما يباغتك المكانُ أيضاً”.
الاستضافة للعام 2020 متاحة للفنانين متعددي التخصصات من مختلف الخلفيات، مع التركيز على الممارسات المرتبطة بالأستوديو. سيتوفر للمقيمين استوديو للعمل، وإمكانية استخدام المكتبة، إضافة إلى مرافق أخرى في المبنى. على الراغبين في المشاركة في برنامج الاستضافات، تقديم مقترحاتهم للعمل، التي يجب أن تربط عملهم في الاستوديو بالمجتمع المحلي وبإرث بيرجر.
ويُشترط على المقيمين، في أثناء إقامتهم، تقديم نقاشات حول مواضيع أعمالهم أو المشاريع التي يعملون عليها بالترتيب مع البرنامج العام في مؤسسة عبد المحسن القطان. يتيح برنامج الاستضافات للعام 2020، ثلاث فرص مبنية على أساس موسمي، تمتد كل واحدة منها على مدار شهر واحد إلى شهرين، يحصل المقيم على مبلغ 1450 دولاراً خاضعاً لضريبة الدخل 10% وشاملاً لكل التكاليف.
لتعبئة الطلب، اضغط هنا