«تحولات المجتمع الفلسطيني منذ سنة ١٩٤٨»… عن الفكرة الكبيرة والدولة الصغيرة

Malak Mattar

أيمن حسونة

كاتب من فلسطين/الأردن

يرى المالكي ولدادوة أن الانتفاضة الأولى جاءت كرد فعل شعبي طبيعي على ممارسات الاستعمار الاستيطاني "الإسرائيلي" والتي قد سببت صدمة للدولة "الإسرائيلية" آنذاك مما جعلها تفقد قدرتها على السيطرة على الأرض وقللت من سلطتها لا سيّما بعد استقالة المجالس البلدية ورجال الشرطة والمخاتير وموظفي الضرائب الفلسطينيين.

للكاتب/ة

اشتراكك بنشرتنا البريدية سيحمل جديدنا إليك كل أسبوع

الأكثر قراءة

عشرة أفلام عظيمة عن المافيا (ترجمة)
خمس ممثلات إيطاليات أيقونيّات (ترجمة)
10 أفلام تشويق إيروتيكية رائعة (ترجمة)
10 أفلام عظيمة عن الوحدة (ترجمة)
عن السيرورة والصيرورة

من أجل صحافة ثقافية فلسطينية متخصصة ومستقلة

13/06/2021

تصوير: اسماء الغول

أيمن حسونة

كاتب من فلسطين/الأردن

أيمن حسونة

مقيم في كندا.

في آذار من العام 2018 أصدرت مؤسسة الدراسات الفلسطينية كتاب تحولات المجتمع الفلسطيني منذ سنة 1948 جدلية الفقدان وتحديات البقاء والذي جاء بواقع 600 صفحة لمجدي المالكي كمؤلف ومحرر رئيسي وحسن لدادوة كمؤلف ومحرر مشارك.  

يفتتح المالكي بحثه بمقدمة احتوت على تساؤلات مختلفة، لعلَّ من أهمها اليوم تلك المتعلقة بالشباب الفلسطيني ومدى انتشار الوعي الوطني بينهم، ويلقي الكاتب باللوم على اتفاقية أوسلو التي على إثرها “تشكلت مجموعة من العوامل السياسية التي نقلت الشباب من دائرة الأحلام الرومانسية إلى دائرة الواقع المعاش بكل آلامه” (ص 3)، كما يبرز تفاصيل هذه العوامل فيكون الانقسام بين الفصائل على رأسها بالاضافة إلى تراجع دور الثقافة والمعرفة في حياة الجيل الجديد. 

يوجه المالكي هذا الكتاب إلى طلبة الجامعات والشباب الناشئ الذين عرفهم بـ”جيل أوسلو”، ليكون وسيلة من وسائل التثقيف وتعزيز الشعور بالوطنية لديهم من خلال قراءتهم وفهمهم للتاريخ الحقيقي لما حدث في فلسطين، وأن لا يتم اختزال فلسطين في الضفة وغزّة فقط. 

إن الملفت في هذا الوقت، هو أن الشباب الفلسطيني قد أثبت أنه قادر على كتابة تاريخ جديد في فصول القضية الفلسطينية، كما أن لغة الخطاب التي نسمعها من “جيل أوسلو” الذي يتكلم الانجليزية بمفردات ومفاهيم يفهمها الغرب تمامًا ولم يعتد عليها، بالاضافة إلى توثيق وتصوير كل ما يقوم به المستوطنون المسلحيون بحق الفلسطينيين قد ساهما وبشكل كبير في إعادة فلسطين إلى الواجهة بعد أن قد تراجعت إلى آخر اهتمامات العالم. 

يدعوا الباحثان في هذا الكتاب الى تعميم استخدام مصطلح استعمار استيطاني في وصف “إسرائيل” بدلاً من احتلال، حيث أن التعريف القانوني للاحتلال يفيد بأنه السيطرة الفعلية من قوة ما على أراضٍ غير خاضعة لسيادتها، دون أن تولي اعتباراً لإرادة ورغبة من يملك الحق في السيادة على هذه الأراضي (ص 6)، وأن هذا الاحتلال لا يعتبر جريمة في القانون الدولي حتى وإن لم يكن عادلًا، أمّا الاستعمار الاستيطاني فهو يعني سيطرة دولة قوية على أخرى ضعيفة واستغلال مواردها وخيراتها وتحطيم كرامة شعبها وتدمير تراثها الحضاري وفرض ثقافة المُستَعمِر عليها، بالاضافة إلى الإبادة الجماعية واستئصال هوية السكان الأصليين. 

ينطلق المالكي ولدادوة في بحثهما من جدلية الاستعمار والمقاومة، مطالبين أن لا يتم اختزال المشهد الفلسطيني في حكايات النكبة وصور الهزائم وسرديات الضحية (ص 18)، كما يمكن اعتبار هذا البحث كدراسة شاملة للتحولات التي شهدها المجتمع الفلسطيني والتغييرات التي طرأت على البنى الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، بالاضافة إلى وضع هذه التغيرات ودراستها ضمن السياق الزمني الذي حدثت به. 

يتناول الفصل الأول التغيرات الاجتماعية التي طرأت على المجتمع الفلسطيني منذ أواخر الحقبة العثمانية وحتى النكبة عام 1948، ويشير الباحثان إلى ما يعتبر أحد أهم الاصلاحات التي قامت بها الإمبراطورية العثمانية فيما يتعلق بنظام ملكية الأراضي في فلسطين والمعروف بإسم قانون الأراضي العثمانية لسنة 1858، وما كان لهذا القانون الذي قسَّم الأراضي إلى خمسة أنواع من أثر على خلق طبقة ملاّكين لمساحات واسعة اندرجت تحت ثلاث مجموعات بحسب المؤرخ عادل منّاع، وهي طبقة الأعيان أو العائلات المحلية الكبيرة مثل الحسيني والنشاشيبي في القدس وعبد الهادي وطوقان في نابلس، المجموعة الثانية تألفت من ممثلي البرجوازية التجارية والمالية مثل عائلة سرسق اللبنانية التي اشترت أراضي 17 قرية وبلد في مرج ابن عامر منذ عام 1869 بلغت مساحتها 230 ألف دونم تم بيعها لاحقًا للحركة الصهيونية، أمّا الثالثة فقد تكونت من بعض الرأسماليين الأجانب مثل الحركة الصهيونية الذين تملكوا الأراضي بهدف إقامة مستعمرات منذ ثمانينات القرن التاسع عشر. 

كما يؤشر الباحثان إلى بروز النخب السياسية والقيادية الجديدة في مدن الداخل مثل نابلس والخليل والقدس ودورها  في تأسيس نضال شعبي فاعل في ثورة عام 1936 وكذلك بداية ظهور تجمعات وحركات جامعة لأبناء الشعب الذي بدأ يدرك مخاطر المخطط البريطاني الصهيوني.

أما على الجانب الاقتصادي، فقد أورد الباحثان تشكّل بنية اقتصادية ثنائية في فلسطين، العربي واليهودي وكان لكل منهما مصادره التمويلية وأسواقه وهيكله الخاص به، بالإضافة إلى الصعوبات التي واجهها الاقتصاد الفلسطيني في ظل ضغوطات السياسة البريطانية المعادية له. 

بوقوع النكبة عام 1948، كان المجتمع الفلسطيني قد تمزّق وتشتت وتدمرت مؤسساته وهيئاته، وأن كافة التحولات التي شهدها هذا المجتمع تُثبت الحقيقة التي لا يريد العالم الاعتراف بها وهي أن فلسطين كانت مأهولة بالسكان على عكس ما روجت له الدعاية الصهيونية أنها أرضٌ فيها بعضًا من البدو الرحل. 

يبحث الفصل الثاني في واقع الشعب الفلسطيني بعد مرحلة التهجير والترحيل عن وطنه، إذ أفرز قيام دولة “إسرائيل” تجمعات سكانية مبعثرة في ثلاث مناطق جغرافية، أولها هؤلاء الذين بقوا في الأراضي التي أقامت عليها “إسرائيل” دولتها، وثانيهما الذين نزحوا عن أراضيهم الأصلية في الأراضي المحتلة نحو ما سُمّي بالضفة الغربية وقطاع غزّة، والمجموعة الثالثة التي لجأت إلى سورية والأردن ولبنان. 

يذهب الباحثان في هذا الفصل إلى دراسة السياسات الأردنية والمصرية في الضفة الغربية وقطاع غزّة وأثرها على المجتمعات الفلسطينية المقيمة فيها، حيث عمل الأردن على توسيع وتقوية المؤسسة الأمنية، وإضعاف طاقات الضفة الغربية الانتاجية بالإضافة إلى حصر الخدمات المقدمة للاجئين بتلك المقدمة من الأونروا، مما عمل على ترسيخ المخيمات الفلسطينية في الأردن كشكل اجتماعي مميز يعاني عزلة اجتماعية وتهميش اقتصادي في كل من الضفتين (ص 73).

ومع تطورات أوضاع الحكم في مصر ما بين الأعوام 1948 و 1952، فقد اختلفت السياسات المصرية في التعامل مع قطاع غزّة، حيث عانى الفلسطينيون في البداية من عزلٍ عن بقية العالم وتضييق في العبور إلى مصر ومنها إلى الدول الأخرى، أمّا ما بعد عام 1952، فقد واجه الفلسطينيون مخاطر التوطين وضم القطاع بصورة نهائية إلى مصر. 

وتناول المالكي ولدادوة أهم التحولات السكانية والاقتصادية التي شهدتها المجتمعات الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزّة والتي تأثرت بطبيعة الحال بتعاظم الهجرات من هذه المناطق إلى مختلف دول العالم بالإضافة إلى ارتفاع معدلات الانجاب مقارنة بالفترات السابقة.

الجزء الأخير من هذا الفصل يبحث في أوضاع الفلسطينيين المقيمين داخل دولة “إسرائيل”، حيث يشير الباحثان إلى ما تتبعه دولة الاحتلال من نظام مراقبة صارم على التجمعات الفلسطينية ومنعها من الكثير من الحقوق والامتيازات التي يأخذها الآخر اليهودي المقيم في الدولة، بالإضافة إلى قيام الدولة بمحو وتصفية الملامح العربية وتدمير المشهد التراثي الفلسطيني فيها (ص 136). 

لا شك أن الفلسطيني يُعاني بشكلٍ أو بآخر أينما كانت إقامته، لكن المقيمين على الأراضي المحتلة عام 1948 يعانون أكثر في تعاملهم مع نظام استعمار استيطاني لا يُخفى قادته ولا مفكريه ولا أكاديميه رغبتهم في التخلص من الوجود العربي على الأراضي التي طردوا منها العرب عام 1948، وفي هذا السياق يورد المالكي ولدادوة تاريخ القرارات العسكرية الإسرائيلية الصادرة لطرد السكّان الفلسطينين من بيوتهم، وقراهم، وبلداتهم. 

وما شهدناه خلال الأيام السابقة في حي الشيخ جراح، وسلون، وغيرها من الأحياء في مدينة القدس  ومدن فلسطينية أخرى هو استمرارٌ لهذه السياسة التي تعتبر تطهيرًا عرقيًا بحق الشعب الفلسطيني، ولا زالت مستمرة.

ما أكبر الفكرة… ما أصغر الدولة*

يشتمل الفصل الثالث على دراسة التغيرات التي طرأت على حركة التحرر الوطني الفلسطيني منذ نشأتها، تحديدًا منذ إنشاء منظمة التحرير الفلسطينية عام 1964 وتحولها إلى مظلة للفصائل الفلسطينية المختلفة عام 1968 ثم تفتت الفكرة الرئيسية المنادية بتحرير فلسطين من البحر إلى النهر وصولًا إلى وضع سُلطة فلسطينية على أراضٍ مجتزأة من فلسطين لا تملك قرارها. 

وعلى الرغم من نجاح منظمة التحرير الفلسطينية من بلورة شكل المشروع الوطني وتمثيل الشعب الفلسطيني، لكن بحسب المؤلفان فإن نشأتها في المنفى وخارج حدود فلسطين قد وضعت محددات إقليمية ودولية أثرت على رسم سياستها وتوجهاتها، مما أدى إلى تعرض المنظمة لضغوط متعددة ومختلفة من أجل إلحاقها بسياسة دولة عربية ما تختلف باختلاف الظرف التاريخي، وهو الأمر الذي أدخلها في صدامات سياسية وعسكرية مع بعض الدول العربية (ص 194).

في الفترة اللاحقة، أي ما بعد اتفاق أوسلو وانتقال منظمة التحرير من العمل الخارجي إلى الداخل والذي أفرز السلطة الوطنية الفلسطينية، يشير الباحثان إلى الصعوبات والتحولات التي واجهت هذا المشروع منذ بداياته، إذ تبين أنه لا خبرة لها في عملية بناء مؤسسات دولة كما أنها عانت من انفصام إداري ومهني يتمثل في تحول المهمات التاريخية لمنظمة التحرير من كونها ثورية  تهدف إلى تحرير الأرض إلى واجبات بيروقراطية تُعنى بتسلسل الأختام وجهوزية المعاملات. 

يذكر الباحثان عدّة نقاط شكّلت تحولًا مهمًا في المجتمع الفلسطيني بعد أوسلو وانتقال المنظمة/ السلطة إلى الضفّة الغربية، من أهمها تراجع دور منظمة التحرير وتهميشها لصالح السلطة الأمر الذي عمل على إضعاف الهوية الوطنية لصالح الهويات الفرعية العائلية والمحلية في التجمعات الفلسطينية. نقطة ثانية لا تقل أهمية عن الأولى تتمثل في تقليل دور الفصائل والقوى السياسية والأحزاب من خلال سيطرة حركة فتح على دوائر السلطة الوطنية ومنظمة التحرير، مما حول حركة فتح إلى حزب حاكم تحت الاحتلال وتداخل المهام ما بين الحركة والسلطة الأمر الذي أدّى إلى تهميش الاتحادات الشعبية والنقابات المهنية والمنظمات الأهلية لصالح تقوية فتح وتعزيز نفوذها. 

ولا ينسى المالكي ولدادوة الإشارة إلى التحول الذي طرأ على النظام السياسي الاقتصادي الفلسطيني واتخاذه شكلًا ريعيًا يعتمدُ اعتمادًا كُليًا على المساعدات والمعونات والمنح الخارجية لتمويل مشاريعها مما انعكس سلبًا على استقلالية القرار الوطني وفتح الباب لتدخلات أجنبية تعمل على تفكيك المجتمع الفلسطيني وانهاء قضيته. 

يستعرض الفصل الرابع السياسات التي اتبّعتها دولة الاحتلال وأثرها على الحياة الاجتماعية والاقتصادية للشعب الفلسطيني منذ عام 1967 ولغاية 2015، ويقدم الباحثان تفصيًلا لهذه السياسات وأدوات السيطرة والتحكم التي بدأت بفرض الأوامر العسكرية على الفلسطينين ثم تحولت إلى سياسات الدمج والفصل للمجتمعات الفلسطينية عن بعضها البعض بهدف اضعافها وتمزيق نسيجها الاجتماعي. 

كما عملت دولة الاحتلال على تفكيك البنية الاقتصادية الفلسطينية بهدف تعميق حالة العجز فيها ولأجل خلق حالة من التبعية الكاملة للاقتصاد الإسرائيلي وذلك من خلال إجراءات ادارية واقتصادية وسياسية فرضتها منذ احتلال الضفة الغربية عام 1967.

صدمة الانتفاضة الأولى 

يرى المالكي ولدادوة أن الانتفاضة الأولى جاءت كرد فعل شعبي طبيعي على ممارسات الاستعمار الاستيطاني “الإسرائيلي” والتي قد سببت صدمة للدولة “الإسرائيلية” آنذاك مما جعلها تفقد قدرتها على السيطرة على الأرض وقللت من سلطتها لا سيّما بعد استقالة المجالس البلدية ورجال الشرطة والمخاتير وموظفي الضرائب الفلسطينيين (ص 308). 

وعملت الانتفاضة الأولى على إحداث تغيرات اجتماعية فارقة في المجتمع الفلسطيني، ويشير الباحثان أن أهم هذه التغيرات كانت التفاف الشعب بمختلف طبقاته وتضامنه سويًا في إطار حالة وطنية عامّة مواجهة للاستعمار “الإسرائيلي”. 

على إثر انتهاء الانتفاضة الأولى وما تبعها من مؤتمرات واتفاقيات، عملت “إسرائيل” على تغيير الآليات التي تتبعها للسيطرة على الضفة الغربية وغزّة، فبدلًا من الاحتلال المباشر للأرض، قامت بما يُسمى بالاحتلال غير المباشر من خلال تفكيك الأراضي الفلسطينية، والتوسع في بناء المستوطنات على أراضي الضفة الغربية، والتحكم بالتدفقات المالية الواردة للسلطة الفلسطينية. ويلاحظ الباحثان ارتباط هذا الشكل من الاحتلال في تعزيز مجموعة من التحولات الاجتماعية الجديدة في المجتمع الفلسطيني من أهمّها زيادة أهمية العلاقات والروابط العائلية والعشائرية على حساب الروابط الوطنية، وترسيخ نظام الريع الاقتصادي وزيادة معدلات الفقر والبطالة وتراجع مكانة الطبقة الوسطى في المجتمع. 

الفصل الأخير من هذا الكتاب عمل عليه الباحثان جمال الضاهر وعبد الكريم البرغوثي وهو يعد مساهمة مهمّة في دارسة الإنتاج الأدبي والفني الفلسطيني في ضوء تحولات الهوية الوطنية. ويرصد الباحثان التحولات الثقافية من خلال التغيرات التي طرأت على الهوية الفلسطينية وانعكاسها على الإنتاج القصصي والروائي والشعري بالإضافة إلى الفن التشكيلي والسينما والمسرح. 

يلاحظ الباحثان أن بدايات تشكّل هوية فلسطينية في الإنتاج الثقافي والأدبي كانت عام 1929، تحديداً بعد ثورة البراق وإعدام عطا الزير ومحمد وجمجوم وفؤاد حجازي الذين خلّدهم نوح إبراهيم في قصيدته الشهيرة “من سجن عكّا”، أمّا التحركات الشعبية والهبّات التي شهدتها فلسطين قبل ذلك، فيشير الضاهر والبرغوثي إلى أنها لم تكن ذات صبغة وطنية فلسطينية خالصة، بل كانت ذات بُعد قومي مرتبط ببلاد الشام ككل. 

شكّلت أحداث النكبة في ذهن الفلسطينيين مأساة كاملة، وقد انعكس ذلك في الإنتاج الثقافي والأدبي بعد عام 1948 من خلال نصوص عبّرت عن الشعور بالسخط والعتب على البلاد العربية حين تركت الفلسطينيين وحدهم في مواجهة المشروع الصهيوني، وقد تفاقم هذا الشعور بالخذلان بعد عام 1967 الأمر الذي يوضحه الباحثان من خلال الإضاءة على المنتوج الشعري والقصصي والروائي الذي صدر بعد ذلك، كما لا ينسى الباحثان التوقف عند الإنتاج الفني للفلسطينيين المقيمين في الأراضي المحتلة عام 1948 والتي كانت أبرز سماته العلاقة الوثيقة مع الأرض ورفض محاولات العدو في إذابة المُكون الفلسطيني داخل الدولة المحتلة. 

أمّا فترة ما بعد أوسلو، فيلاحظ الباحثان تشظّي الهوية الثقافية الجامعة وتشرذم المشروع الوطني كامًلا، بالاضافة إلى التجاذبات الحاصلة بين القوى السياسية التي عمل جزء منها على أسلمة الهوية الوطنية الأمر الذي أنتج فنًّا وأدبًا خاصًا بهذه القوى لا تمثل الشعب الفلسطيني ككل. 

ختامًا، يعتبر هذا الكتاب مرجعًا مهمًا لفهم تفاصيل المجتمع الفلسطيني اليوم بما يحتويه من تحليل لأثر الأحداث المختلفة التي مر بها هذا الشعب، وعلى الرغم من أن نتائجه لا تأتي بجديد، إلاّ أنه في الوقت الحالي يطرح زاوية مهمّة لفهم المجتمع الفلسطيني من خلال النظر إليه من مبدأ أن “إسرائيل” هي دولة استعمار استيطاني وليست دولة احتلال، الأمر الذي سيقودنا إلى فهم ودراية أكبر بهذا التاريخ الذي تُحاول “إسرائيل” اقناع العالم بأنها قامت لأجل أن تُعطي شعبًا بلا أرض وطنًا على حساب شعبٍ أصلاني يعيشُ منذُ قرون على أرضه. 

 

* محمود درويش – مديح الظل العالي. 

مجدي المالكي: أستاذ علم الاجتماع في جامعة بيرزيت. له العديد من الكتب والدراسات عن الهجرة والتنمية والسياسات الاجتماعية في فلسطين.
حسن لدادوة: محاضر في دائرة العلوم الاجتماعية والسلوكية في جامعة بيرزيت. له العديد من الدراسات عن المجتمع المدني والسياسات الاجتماعية في فلسطين.

الكاتب: أيمن حسونة

هوامش

موضوعات

الأكثر قراءة

عشرة أفلام عظيمة عن المافيا (ترجمة)
10 أفلام تشويق إيروتيكية رائعة (ترجمة)
عن السيرورة والصيرورة
10 أفلام عظيمة عن الوحدة (ترجمة)

GOOGLE AD

نكـتـب لفلسطين

اشتراكك بنشرتنا البريدية سيحمل جديدنا إليك كل أسبوع

اختيارات المحرر

من أجل صحافة ثقافية فلسطينية متخصصة ومستقلة

اشتراكك بنشرتنا البريدية سيحمل جديدنا إليك كل أسبوع