يناقش الباحث عمرو سعد الدين في كتابه “حركة مقاطعة إسرائيل BDS: بحث في الطرق والقيم والتأثير” الصادر عن “مؤسسة الدراسات الفلسطينية” (بيروت في كانون الأول / ديسمبر عام 2020) والذي جاء في 383 صفحة شاملًا المراجع، بدايات نشوء حركة مقاطعة إسرائيل بعد إطلاق النداء الأول في الذكرى السنوية الأولى لصدور قرار محكمة العدل الدولية بعدم شرعية جدار الفصل العنصري الإسرائيلي في الضفّة الغربية.
كما يذهب الباحث إلى عرض وتحليل التحديات التي واجهتها هذه الحركة سواء في داخل فلسطين أم على المستوى العالمي، ويلاحظ أيضًا أن العالمي بالنسبة للباحث ينقسم إلى قسمين؛ الأول هو دول الشمال العالمي (Global North) والثاني هو دول الجنوب، وهذا المصطلح الذي يعتبر حديثًا نوعًا ما، قد صار شائع الاستخدام كبديل للتصنيف القديم الذي قسّم العالم إلى دول عالم أوّل وعالم ثالث.
يشير سعد الدين إلى بدايات ظهور حركة مقاطعة إسرائيل ومدى تأثير الانتفاضة الثانية على تكوينها، حيث لوحظ وجود تضامن عالمي من خلال عدّة مبادرات قامت بها حركة التضامن العالمية (ISM)، والتي على اثرها تواجد آلاف الناشطين العالميين في فلسطين للوقوف في وجه ممارسات الاحتلال.
وبخصوص النماذج التي اتبعتها حركة المقاطعة، يورد سعد الدين نموذج الطبق المرتد أو ما يُعرف بالـ”البومِرَنغ”، والذي يتلخص بقيام منظمات غير حكومية أو حركات في فلسطين باستلهام قيم حقوقية متعلقة بمنظمات غير حكومية متخطية الحدود (في الولايات المتحدة على سبيل المثال) وذلك لكي تقوم هذه الحركات أو المنظمات بمطالبة دولة (إسرائيل) بالتوقف عن اضطهاد الشعب الفلسطيني وتشريده، وبإعطائه حقوقه التي يستحقها.
يستعرض الفصل الأول من الكتاب التغيرات التي طرأت على ما أسماه الباحث “الحقل” الفلسطيني، وهي العوامل البنيوية المؤثرة التي أدت إلى نشوء حركة المقاطعة، كما يبحث في أسباب النشوء الاجتماعي للنواة التي عملت على تشكيل هذه الحركة وكيفية تميزها عن الحركات الأخرى، كما ركّز هذا الفصل على التقاطعات الحاصلة بين حركة المقاطعة والحركات ومنظمات المجتمع المدني الأخرى.
يذكر سعد الدين أن الانتفاضة الثانية كانت محركًا لمختلف التنظيمات الفلسطينية، كما أن الجمعيات والمنظمات المدنية بدأت بتغيير برامجها من برامج افترضت سلامًا وبناء دولة إلى برامج طوارئ. كما يذكر الباحث أيضًا استفادة المنظمات الأهلية المحلية من تواصلها مع المنظمات الأجنبية، ويأتي على مثال منظمة “بديل” وعلاقاتها بالمنظمات البلجيكية وكيف أثرّت “بديل” عليها لبدء حملة مقاطعة بضائع المستعمرات في بلجيكا عام 2003.
وفيما يخص نداء عام 2005 الذي كان بمثابة انطلاقة للحركة، فيؤكد الباحث أن كثرة المشاركين لم تكن ممكنة لولا الجهد الذي بذله المؤسسون (النواة) من خلال دعوة القوى السياسية التي تملك قاعدة شعبية واسعة ولها حضورها من خلال منظمات المجتمع المدني مثل القوى الوطنية والإسلامية بعد الاتفاق على تجنب إعلان موقف سياسي للحركة يخص الحل النهائي للقضية الفلسطينية بل تم بناء الخطاب على أساس حقوقي ينادي بإنهاء الاحتلال وحق العودة للاجئين والمساواة للفلسطينيين المقيمين داخل الأراضي المحتلة عام 1948، وبالطبع الدعوة العالمية لمقاطعة إسرائيل.
سياسيًا، تبتعد الحركة عن العمل المباشر به، بل تركز خطابها على موضوعات مدنية محددة، أمّا فلسطينيا، فتدعو الحركة إلى إنهاء الانقسام الجغرافي والسياسي والاقتصادي كونه يحد من فرص إقامة حملات مقاطعة مؤثرة ومنظمة على المستوى العالمي.
يستعرض الباحث في الفصل الثاني حضور المقاطعة في أوروبا، حيث يركز على بريطانيا وبلجيكا مرورًا على التفاعلات الإيرلندية والاسكتلندية معها، ولهذا العرض ميزة كما وصفه حيث أن بريطانيا لها دور أساسي في نشوء إسرائيل ولاتزال تدافع عن وعد بلفور، في الوقت ذاته التي تتواجد فيها حركات ونداءات مقاطعة مهمّة جدًا، بينما إيرلندا تميل إلى التضامن مع الشعوب المستَعمرة كونها عانت من ذات الشيء سابقًا، وبخصوص بلجيكا فهي تعتبر دولة متوسطة التأثير مقارنة ببريطانيا، وبروكسل هي مركز لجان التنسيق الأوروبية من أجل فلسطين.
يلاحظ سعد الدين أن بدايات ظهور المطالب والمبادرات المنادية بالمقاطعة وفرض العقوبات في أوروبا وأمريكا كانت خلال فترة الانتفاضة الأولى، وكلما حدثت مواجهات بين الفلسطينيين والعرب من جهة وإسرائيل، فإن هذه الحملات تنشط وتتجدد. أمّا في حالة حركة المقاطعة الحالية، فيشير إلى العلاقات بينها وبين حلفائها البريطانيين قد تماسكت وتعززت منذ الانتفاضة الثانية، بينما شهدت بلجيكا زخمًا في مبادرات المقاطعة في بدايات الانتفاضة لكن عام 2003 تراجعت منظمة أوكسفام عن دعمها لحملة مقاطعة منتجات مستعمرات عام 1967 لكنها عادت عام 2005 بعد صدور نداء المقاطعة الفلسطيني.
في خاتمة الفصل الثاني، يثير سعد الدين سؤالًا عن مدى الإغراء الذي يطرحه الطريق الذي اتخذته حركة المقاطعة في أوروبا على حساب طرق أخرى، كما يلحظ أن هذا الطريق الذي يشتمل على مواجهات بين الفلسطينيين ووقف أي مفاوضات بين الطرفين يعتبر أساسيًا في تصاعد التضامن العالمي ودفع الدول الأوروبية إلى التشدد في تعاملها مع إسرائيل.
في الفصل الثالث من الكتاب نقرأ عن الحضور الإسرائيلي في دعوات المقاطعة مرورًا بالسياق التاريخي لهذا الحضور، والذي بدأ منذ مؤتمر ديربان عام 2001. وعن الجهات الإسرائيلية التي تدعم بنسب متفاوتة حملات المقاطعة يذكر سعد الدين الفلسطينيين اليهود التاريخيين والمتدينين النقديين للصهيونية، بالاضافة إلى “الإنسانيون” مثل الدكتور جيودا ماغنس رئيس الجامعة العبرية في القدس الذي كان رافضًا لتقسيم فلسطين وأُتهم بالخيانة، كما نجد اليسار النقدي للصهيونية مثل حزب ماتزبن الذي كان له تعاون سابق مع فصائل اليسار الفلسطيني.
فيما يخص المقاطعة الأكاديمية، يذكر سعد الدين جهود إيلان بابه في صدور أول قرار أكاديمي بريطاني بمقاطعة جامعات إسرائيلية عام 2005، وإسرائيليون آخرون مثل أوري ديفيس وراشيل غيورا وتانيا رينهارت كانوا فاعلين في صدور عريضة إيرلندية عام 2006 دعت صراحة إلى مقاطعة إسرائيل.
وحول علاقة حركة المقاطعة الفلسطينية مع الأطراف الإسرائيلية فيعتبرها الباحث خطوة جريئة لا سيّما وأن المجتمع الفلسطيني والعربي ينظران إلى التعاون مع الاستعمار على أنه نوع من الاعتراف بوجود إسرائيل، بينما تهدف الحركة من هذا التعاون هو مساعدة الإسرائيليين المعادين للصهيونية لتعزيز وتقوية المناشدات العالمية للمقاطعة.
وما يثير الاهتمام في هذا الفصل، ما ذُكر عن الالتباس القائم في تعريف الفعل الطبيعي بين معايير حركة المقاطعة والفعاليات التي تتواصل فيها مع أطراف إسرائيلية، ففي الوقت الذي تشير حركة المقاطعة في مبادئها أنه “تطبق معايير المقاطعة برفض تنظيم أية أنشطة مشتركة، مباشرة أو غير مباشرة، مع أي طرف إسرائيلي تحت أي ذريعة، وبغض النظر عن الطرف المنظم لهذه الأنشطة” ثم تأتي الحركة على تعريف التطبيع فنقرأ: “التطبيع هو المشاركة في أي مشروع أو مبادرة أو نشاط، محلي أو دولي، مصمم خصيصًا للجمع (سواء مباشرة أو غير مباشرة) بين فلسطينيين و / أو عرب وإسرائيلين، ولا يهدف صراحة إلى مقاومة أو فضح الاحتلال وكل أشكال التمييز والاضطهاد الممارس على الشعب الفلسطيني”.
لا يقدم الكتاب إجابة أو شرح لهذا الالتباس، بل يشير إلى أن بعض الفاعلين في حركة المقاطعة لهم تاريخ في العمل المشترك مع إسرائيليين مناهضين للصهيونية، وأن الحركة لا تراهن على الداخل الفلسطيني أو الإسرائيلي، وإنما ينصب تركيزها على الضغط من الخارج.
يختتم هذا الفصل بالتأكيد على أن حركة المقاطعة لم تعتبر الطريق الإسرائيلي أولوية لتحقيق أهدافها وذلك على الرغم من أنها اهتمّت لمبادرة إسرائيلين لتوثيق بعض الحالات أو استخدام نداءات موجهة إلى فنانين لمقاطعة إسرائيل، كما يوضح الفصل أيضًا الأهمية النسبية للحضور الإسرائيلي في المقاطعة ومساهمة معارضي الصهيونية في بدايات تأسيس الحركة.
في الفصل الرابع الذي جاء بعنوان حراك المقاطعة العربية: من الجذور الشعبية إلى التبني الرسمي؟ يفتتحه الباحث بعبارة وردت على لسان أحد قيادي حركة المقاطعة تفيد بأن الوضع العربي لا يتطلب نشاطًا كون أغلبية الدول العربية لا تقيم علاقات مع إسرائيل، الأمر الذي لم يعد ينطبق على الوضع القائم حاليًا، حيث تهرول الدول العربية نحو اتفاقيات تطبيعية بدءًا من الخليج وصولًا إلى المغرب.
يحاول الباحث الاجابة عن الأسئلة المطروحة سابقًا والمتعلقة بإمكانية حركة المقاطعة التأثير عربيًا لعزل إسرائيل وكيفية تفاعل قيم الحركة مع قيم المنطقة العربية وعن مدى تأثير هذه المقاطعة عربيًا.
ويورد سعد الدين ملاحظة متعلقة بالتوجه العربي والغربي لدى الحركة، حيث يذكر أنها في المؤتمر الأول عام 2007 قد أصدرت توصية تؤكد أولوية مد صلات من أجل تعزيز المقاطعة في العالم العربي والتنسيق مع أجواء مناهضة التطبيع، إلّا أنها قامت بعد حوالي عقد على تأسيسها بإنشاء موقعًا إليكترونيًا باللغة العربية، الأمر الذي يعكس أولوية الحركة في التوجه إلى الغرب بشكل أساسي.
وعن بداية الثورات العربية، فيرى أنها أعطت زخمًا للشباب العربي والفلسطيني للمشاركة في التظاهرات والمطالبة بانهاء الاحتلال والانقسام، غير أن فشل هذه الثورات قد أثّر على الحركة من خلال المسارعة في التقرب من إسرائيل، وحروب طائفية وأخيرًا استمرار الاحتجاج الشعبي العربي واستحداث أسلوب مقاطعة بضائع دولة معينة كفرنسا مثلًا.
أما تفاعل الحركة مع هذه الثورات، فسنلاحظ أن هناك تناقض في تفاعلها معها، فمن التشديد على ربط قضايا الحريات والديمقراطية وإنهاء التبعية للغرب بقضية فلسطين وتحريرها من الاستعمار الاستيطاني الصهيوني إلى الصمت إزاء تعرض شعوب عربية لقمع وقتل وحروب دموية، وكون أن الحركة هي تحالف واسع لعدة منظمات وجهات، فمنها من وقف مع النظام السوري على سبيل المثال وآخرين مع الثورة، وهذا التناقض بحسب الباحث ناتج عن افتقار الحركة لبرنامج سياسي واضح فيما يتعلق بالشأن العربي والفلسطيني.
ويستعرض الفصل أيضًا الحراك الأردني المناهض للتطبيع وتشكل جبهة معارضة أردنية واسعة لصفقة شراء الغاز الإسرائيلي، وكان عام 2014 قد شهد ظهور حملة “الأردن تقاطع” (Jordan BDS)، والتي أطلقت ائتلافًا واسعًا ضم في بدايته 60 طرفًا أهمها النقابات المهنية باستثناء نقابة الأطباء، ونقابات أخرى وجمعيات أهلية ومنظمات غير حكومية وأندية رياضية.
يمر الباحث على تعديل الدستور التونسي باضافة عبارة تؤكد أولوية دعم التحرر الفلسطيني ومحاولات أخرى لتجريم التطبيع مع إسرائيل واعتبار الصهيونية حركة عنصرية والتي لم تنجح بسبب ضغوط من منظمة حقوق الإنسان، كما يشير إلى تبني الاتحاد العام التونسي للشغل لقيم حركة BDS عام 2018 ودعوته إلى تظاهرات احتجاجًا على قرار ترامب نقل السفارة الأمريكية إلى القدس.
وعن الحالة اللبنانية، فيلاحظ وجود مجموعة تحت اسم “حملة مقاطعي داعمي إسرائيل في لبنان” والتي تأسست خلال الانتفاضة الثانية عام 2002، وهي لا تعتبر حركة مرتبطة بحركة المقاطعة BDS بل تعتبر الحليف العربي الأبرز لها. وعلى الرغم من نشاطاتها وفاعليتها في موضوع المقاطعة، نقرأ أيضًا عن التجاذبات السياسية التي يفرضها واقع الحال في لبنان على ممارسات هذه الحركة.
في خلاصة هذا الفصل، يبين سعد الدين أنه على الرغم من استلهام حركة المقاطعة قيمة مناهضة التطبيع من المحيط العربي، إلاّ أنها تصطدم بأسئلة صعبة لها علاقة بقيم الحرية والعدالة والمساواة في الوطن العربي، فتقع بين طريقين عليها سلوك إحداها، الأول أن تقوم بتشجيع حملات تطالب بمقاطعة إسرائيل في الدول العربية دون التدخل في شؤون هذا البلد العربي أو ذاك الداخلية، أو الانغماس في مشروع التغيير العربي والوقوف مع القضايا العربية الشعبية كما تقف عالميًا مع حقوق السود والسكان الأصليين في أمريكا، الأمر الذي قد ينتج عنه ردّات فعل قوية من الأنظمة والحكومات العربية.
يناقش الفصل الخامس حراك مقاطعة إسرائيل في الولايات المتحدة، ويأتي على أمثلة من تضامن الجيل الجديد في أمريكا مع فلسطين، كما يستعرض مبادرات المقاطعة هناك بالاضافة إلى بدايات ظهور فكرة “سحب الاستثمارات” وأثر المقاطعة في الولايات المتحدة ومدى انتشارها وآفاقها.
يتتبع الباحث حملات مقاطعة إسرائيل في أمريكا منذ ما قبل الانتفاضة الثانية، ويفرد عدّة صفحات لعرض قصّة راشيل كوري التي قتلها جيش الاحتلال الإسرائيلي أثناء وقوفها أمام جرافته في محاولة منها لمنعهم من هدم منزل الصيدلي سمير نصر الله في رفح عام 2003.
ينصب تركيز حملات المقاطعة في أمريكا على بند سحب الاستثمارات (Divestment)، وهو ما يعتبره سعد الدين من أهم المؤثرات على نشأة حركة المقاطعة، وهي تراهن بشكل أساسي هذه الأيام على أهمية المسار الأمريكي وهذا المبدأ تحديدًا.
ونجد سردَا لأهم إنجازات “الحملة الأمريكية للحقوق الفلسطينية” التي انطلقت عام 2005 ولغاية أيلول / سبتمبر 2018 ومن أبرزها:
-
التوجه لدى قاعدة الحزب الديمقراطي لدعم جوانب أساسية للقضية الفلسطينية وانفتاحها على فكرة مقاطعة إسرائيل، وإعادة وضع فلسطين على واجهة السياسة الأمريكية بعد أن قامت ادارة ترامب بمحاولات عديدة لتصفيتها.
-
تحقيق 192 انجازًا مختلفًا يتمحور حول المقاطعة، الحصّة الأكبر منها كانت لسحب الاستثمارات بواقع 83 انجاز، ثم مقاطعة بضائع المستعمرات الإسرائيلية وبلغت 35 انجازًا، ثم المقاطعة الثقافية والأكاديمية بواقع 23 و11 انجازًا على التوالي، فيما شكّل تحقيق قيم المقاطعة الثلاث (BDS) 40 انجازًا.
-
تضامن حراكات ومنظمات عديدة وتبنيها لقيم المقاطعة، أبرزها عام 2018 حيث تبنى كل من الحزب الأخضر والاشتراكيين الديمقراطيين قيم المقاطعة الشاملة.
وفي مقارنة بين القوانين الأمريكية المناهضة للمقاطعة في حالة جنوب إفريقيا وفلسطين، يلاحظ أنه لم تكن هناك حملات لسن قوانين مناهضة للمقاطعة في جنوب افريقيا، بينما تحاول الإدارات الأمريكية المتعاقبة تشريع قوانين تجرّم المقاطعة بل وتتعداها إلى مرحلة تشبيه ما تقوم به حركة المقاطعة وكأنه فعل معادٍ للسامية، ويشمل هذا القانون أي فعل أو رأي ينتقد إسرائيل، وقانون ينزع الشرعية عن منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية.
أمّا عن كيفية تصرف حراك المقاطعة في مواجهة تشدد الإدارة الأمريكية تجاهها، فيرى أنه على الحركة أن توازن بين هذه الضغوط التي تتعرض لها، وأن تعزز علاقاتها بالحراكات المدنية والحقوقية والإنسانية مثل حركة حياة السود مهمّة والحراكات الطلابية الفاعلة والمتضامنة مع المقاطعة وضد الحركة الصهيونية.
بعنوان استخلاصات يختتم سعد الدين بحثه مناقشًا مرّة جديدة فاعلية نموذج الطبق المرتد (البومِرَنج) على عمل الحركة، حيث يعتقد أن هذا النموذج يعتمد بشكل أساسي على حراك منظمات وجمعيات وتحالفات دول الشمال العالمي، وأن النضالات والهبّات الفلسطينية المتجددة لن تساعد في تطبيق هذا النموذج كونها أحداث محلية تعطي زخمًا وحراكًا لقضية فلسطين ولكن ليس بالضرورة أن تجذب اهتمام الحقوقيين في دول الشمال العالمي. كما يؤكد أيضًا على أهم منجزات حركة المقاطعة بأنها سعت بخطوات عملية لتأطير صدى النضالات الفلسطينية في الخارج وعززتها، بالإضافة إلى مساهمتها في نشر قناعة للعالم بأن إسرائيل هي دولة فصل عنصري دون أن تنسى رواية النكبة كما حدثت من منظور فلسطيني دون تشويه.
يعتبر هذا الكتاب / البحث إضافة قيّمة في مجال النضال الفلسطيني المدني ضد الاستعمار الاستيطاني الإسرائيلي لفلسطين، ويتميز جهد عمرو سعد الدين فيه بأنه تتبع معظم إن لم يكن كافّة الحراكات التي نادت بمقاطعة إسرائيل سواء كانت مقاطعة تجارية، ثقافية، فنيّة أم غيرها، وكما ورد في أواخر فقراته، فإن النقد المبني على البحث والتحليل له فوائد في تعزيز حضور الحركة عالميًا، كما أن معرفة تاريخ وخلفيات نشوء حركة المقاطعة وانجازاتها تعلمّنا أهمية الصبر وبناء استراتيجيات وتحالفات بعيدة المدى بهدف تحقيق العدالة وانتزاع الحقوق الفلسطينية.