“القدس مفتاح السلام”: العاصمة الفلسطينية في حالتها التاريخية

محمد جبعيتي

كاتب من فلسطين

يؤكد الخالدي في دراسته السابعة والأخيرة الموسومة بعنوان "الساعة تقارب منتصف الليل في القدس" أن الولايات المتحدة الأمريكية ليست حكمًا ولا وسيطًا محايدًا، فالاستطيان ممول أمريكيًّا، ومدعوم بأسلحتها ووسائل إعلامها، وتحميه دبلوماسيتها، لذلك فواشنطن عنصر أساسي من المشكلة، وليست جزءًا من الحل.

للكاتب/ة

اشتراكك بنشرتنا البريدية سيحمل جديدنا إليك كل أسبوع

الأكثر قراءة

عشرة أفلام عظيمة عن المافيا (ترجمة)
10 أفلام تشويق إيروتيكية رائعة (ترجمة)
10 أفلام عظيمة عن الوحدة (ترجمة)
عن السيرورة والصيرورة

من أجل صحافة ثقافية فلسطينية متخصصة ومستقلة

09/05/2022

تصوير: اسماء الغول

محمد جبعيتي

كاتب من فلسطين

محمد جبعيتي

حاصل على درجة الماجستير في الأدب العربي، يعمل في مجالي التعليم والصحافة. له من الروايات: "غاسل صحون يقرأ شوبنهاور"، و"عالم 9" صادرتان عن دار الآداب اللبنانية.

ضمن إصدارات مؤسسة الدراسات الفلسطينية (2017) نُشر كتاب “القدس مفتاح السلام” للمؤرخ الفلسطيني وليد الخالدي، يرد فيه على ادعاءات المؤرخين الإسرائيليين حول مدينة القدس. يحتوي الكتاب على سبع دراسات أعدّها المؤلف في مناسبات عديدة بدءًا بسنة 1967، عندما كان مستشارًا للوفد العراقي إلى الدورة الاستثنائية الطارئة للأمم المتحدة بعد حرب حزيران، وانتهاء بخطابه في مقر الأمم المتحدة بمناسبة يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني عام 2009.

الدراسة الأولى، جاءت على شكل خطاب ألقاه الخالدي في الجمعية العامة للأمم المتحدة دحض فيها الافتراءات الإسرائيلية حول تدنيس عربي للأماكن المقدسة اليهودية، إذ أن الوضع في القدس كان في عهدة وصاية إسلامية وجدانية، ونزيهة، وموقرة، لأكثر من ألف عام، بينما أظهرت إسرائيل قلة تقديرها لقدسية الأضرحة والأماكن المقدسة إذ تمنع الوصول إلى داخل المسجد الأقصى، وتحظر الصلوات الخمس.

ويرى الخالدي أن ثمة جانبان لمشكلة القدس، حق السيادة للأردن في جانبه من المدينة، أي الحق السيادي للأردن بالسلامة الإقليمية على الجانب الخاص به من القدس، وهو جزء لا يتجزأ من حقوق السيادة العربية. والجانب الآخر، مسألة الوصول إلى الأماكن المقدسة والترتيبات المتعلقة بهذه الأماكن، ويجب عدم الخلط بينها وبين مسألة حق الأردن في السيادة على الجانب الخاص به من المدينة.

ترغب إسرائيل في القدس الأردنية لأنها المفتاح الاستراتيجي للضفة الغربية، كما أنها العازل للنصف الجنوبي من الضفة الغربية المحيط بمدينة الخليل عن النصف الشمالي المحيط بمدينة نابلس. وفي سيطرة إسرائيل على القدس الأردنية، فإنها تسيطر على كامل الضفة الغربية، وتتحكم في التجارة والاتصالات، وتحطم الوئام الاجتماعي، وتعطل الحياة الإدارية، وتهيمن على الطرق المؤدية إلى نهر الأردن، وتبتلع الإيرادات السنوية المتأتية من حركة السياحة والحج.

وفي محاضرة “الإسلام والغرب والقدس” التي ألقاها المؤلف في جامعة جورج تاون في واشنطن عام (1996) يوضح أن السيطرة على القدس كانت مصدر صراع وتوتر مديدين بين الإسلام والغرب، وبعد السيطرة الإسرائيلية عليها، أصبح الصراع بين الإسلام والعرب المسيحيين وبين اليهودية من جهة أخرى. وما يزيد في مخاطر التفجر في وضع القدس، انبعاث اليمين الديني بين المسلمين والمسيحيين واليهود على حد سواء. في خطابه، يرد الخالدي على أنصار مذهب “صدام الحضارات” الذين يرون أن الإسلام يقع خارج التراث اليهودي – المسيحي، إذ أن منطلق الإسلام أنه مكمل، بل ذروة للتراث اليهودي المسيحي من الكتب المقدسة، ونظرًا إلى إدراك الإسلام للقرابة الحميمة مع اليهودية والمسيحية، فإن الكثير مما هو مقدس لدى اليهودية والمسيحية مقدس لدى الإسلام.

من ناحية أخرى فإن التطورات الخطرة التي حدثت داخل المسيحية منذ الحملات الصليبية الكاثوليكية، كحركة الإصلاح الديني وبروز البروتستانتية، وتوكيدها الشديد على العهد القديم والتراث الذي جمد تاريخ فلسطين في ذلك الإطار الزمني، يكمن إلى حد كبير في خلفية تشريع الكونغرس الأمريكي المعاصر فيما يتعلق بالقدس.

وفي دراسته الثالثة، تطرق الكاتب إلى أهمية القدس لإسرائيل، إذ سعت لبسط سيادتها على القدس بشقيها، تحت ذريعة “القدس الموحدة” عاصمة أبدية للقدس، فوسّعت رقعة بلدية القدس الشرقية بالسلخ من أراضي الضفة الغربية، ومصادرتها الأراضي العربية داخل هذه الرقعة، وإنفاق المال على تنظيم الأراضي المصادرة وبناء مستعمرات لليهود، وحشد أمواج المهاجرين اليهود بإغراءات، وتسهيلات وإعفاءات ضريبية، ويرى المؤلف أن عدم الوصول إلى حل لمصير القدس في الظروف الراهنة، أفضل من الوصول إلى حل. 

في الدراسة الرابعة، يدحض الكاتب مشروع باراك – كلينتون، في مفاوضات كامب ديفيد 2، والذي رفضه الرئيس الراحل ياسر عرفات، لأنه كان مشروطًا بتنازلات خطيرة، ولا ينص على سيادة فلسطينية كاملة على القدس الشرقية، وإنما مجرد حكم ذاتي تحت السيادة الإسرائيلية، وقد أشاد بموقف عرفات الرافض لهذا المشروع.

ويستعرض الخالدي في دراسته الخامسة، وضع القدس من العهدة العمرية إلى قمة كامب ديفيد الثانية سنة 2000، إذ استحوذت الأماكن المقدسة على اهتمام حكام القدس طوال العهود الإسلامية السابقة للانتداب البريطاني، منذ أن استلم الخليفة عمر بن الخطاب المدينة من البيزنطيين سنة 637 للميلاد، ولم يكن هناك خلاف تاريخي قبل الانتداب بين اليهود والسلطة الإسلامية، أو في شأن وجودهم في القدس. غير أن الانتداب أحدث انقلابًا جذريًا سياسيًا ونفسيًا بين اليهود، الأمر الذي حفز القيادات الدينية والعلمانية اليهودية على المطالبة بحقوق عند حائط المبكى، وتعاظمت مطامعهم في القدس، إذ تقدمت القيادة الصهيونية، إثر مشروع لتقسيم فلسطين اقترحته بريطانيا سنة 1937، بمشروع لتقسيم القدس إلى بلدتين: عربية ويهودية. 

وبعد احتلال القدس الشرقية عام 1967 مارست إسرائيل أعمال المصادرة والهدم والطرد والتضييق والإرهاب المادي والمعنوي ضد السكان العرب، كما استعملت أداتي التشريع والتخطيط لتحقيق أهدافها الاستراتيجية في القدس الشرقية، من خلال توسيع حدود بلدية القدس الغربية بانتزاع أراضٍ من الضفة الغربية.

وفي الدراسة السادسة يتطرق الخالدي لقضية السفارة الأمريكية في القدس لخطورتها وانعكاساتها على العملية السلمية وصدقية الولايات المتحدة، إذ يشير إلى أن بناء السفارة على أرض اللاجئين الفلسطينيين المصادرة له دلالات أبعد أثرًا من موقع السفارة نفسه، لأنه ينتهك أربعة جوانب رئيسية من مفاوضات الحل النهائي: القدس، والمستعمرات، واللاجئين، ومساحة الدولة الفلسطينية المرتقبة. 

إن نقل السفارة إلى القدس “غير المقسّمة” و”الموحّدة”، يدعم السيادة الإسرائيلية على القدس الغربية والشرقية، وفيما يتعلق بالمستوطنات، فإنه يشرّع ما أقامته إسرائيل من مستعمرات هناك، وبالنسبة إلى اللاجئين، فإنه يدعم مصادرة أملاك اللاجئين الفلسطينيين في كل أنحاء إسرائيل منذ سنة 1948. وأخيرًا فإنه يؤثر في تقرير مساحة الكيان الفلسطيني المستقبلي لأنه يدعم، بطريقة غير مباشرة، حدود القدس التي تتسع باستمرار، على حساب أراضي الضفة الغربية.

لكل هذه الأسباب، ينتهك نقل السفارة صدقية الدور الأمريكي في العملية السلمية في الشرق الأوسط، وخصوصًا أنه يناقض الالتزامات والتأكيدات الصادرة عن جميع الإدارات الأمريكية السابقة.

يؤكد الخالدي في دراسته السابعة والأخيرة الموسومة بعنوان “الساعة تقارب منتصف الليل في القدس” أن الولايات المتحدة الأمريكية ليست حكمًا ولا وسيطًا محايدًا، فالاستطيان ممول أمريكيًّا، ومدعوم بأسلحتها ووسائل إعلامها، وتحميه دبلوماسيتها، لذلك فواشنطن عنصر أساسي من المشكلة، وليست جزءًا من الحل.

وفي هذه الدراسة يقترح الخالدي أطروحته المتعلقة بما أسماه مصالحة تاريخية للقدس، تقوم على عشر نقاط هي:

1ـ القدس الشرقية عاصمة فلسطين، والغربية عاصمة إسرائيل.

2ـ الحدود بحسب خطوط سنة 1967 على أن تكون مفتوحة في الاتجاهين “سيادة من دون أسوار”.

3 ـ الحي اليهودي والأماكن المقدسة لليهود في القدس الشرقية تحظى بمنزلة إقليمية خارجية.

4 ـ يبقى عدد متفق عليه من المقيمين اليهود في القدس الشرقية كمواطنين إسرائيليين بينما تبقى أحياؤهم تابعة لبلدية القدس الشرقية الفلسطينية وتحت السيادة الفلسطينية.

5 ـ تكون لكل ديانة المسؤولية القصرية على أماكنها المقدسة ومؤسساتها.

6 ـ تقوم هيئتان مركزيتان على المستوى الوزاري وعلى مستوى البلدية برئاسة دورية للعناية بالشؤون السياسية والبني التحتية بين شطري المدينة.

7. الأراضي التي صادرتها إسرائيل ولم تبن عليها في القدس الشرقية يجب إعادتها إلى الفلسطينيين.

8 ـ الخيار بين التعويض أو العودة للفلسطينيين المقدسيين.

9 ـ تعالج مسألة المستوطنات خارج الحدود البلدية الموسعة في مفاوضات الوضع النهائي بشأن الضفة.

10 ـ ستكون هناك مرحلة انتقالية.

الكاتب: محمد جبعيتي

هوامش

موضوعات

الأكثر قراءة

عشرة أفلام عظيمة عن المافيا (ترجمة)
10 أفلام تشويق إيروتيكية رائعة (ترجمة)
عن السيرورة والصيرورة
10 أفلام عظيمة عن الوحدة (ترجمة)

GOOGLE AD

نكـتـب لفلسطين

اشتراكك بنشرتنا البريدية سيحمل جديدنا إليك كل أسبوع

اختيارات المحرر

من أجل صحافة ثقافية فلسطينية متخصصة ومستقلة

اشتراكك بنشرتنا البريدية سيحمل جديدنا إليك كل أسبوع