نشرت في العدد ٥٣ من مجلة “فلسطين الثورة”، ٢٥/٧/١٩٧٣
بينما نجد الحركات الفنية التشكيلية العربية في عدد من الأقطار العربية قد بدأت أولى خطواتها منذ أوائل هذا القرن، نجد أن الحركة الفنية التشكيلية الفلسطينية لم تبدأ (بشكل واضح) إلا بعد النكبة الفلسطينية عام 1948.
ولعل المؤتمرات السياسية التي حيكت ضد الشعب الفلسطيني منذ أواخر القرن الماضي وبالتحديد منذ عام 1879 عندما عقد أول مؤتمر صهيوني وما تلا ذلك من ظروف مضطربة في فلسطين، قام شعب فلسطين بثورات متلاحقة ضد حلقات التآمر تلك، لعل هذه الظروف هي التي حالت دون أن يشارك الفنان الفلسطيني أخاه العربي في بناء الحركة الفنية منذ ولادتها في أوائل هذا القرن.
وكانت نكبة فلسطين مريعة هزت الإنسان الفلسطيني والعربي بشكل عام، وهجرت في الإنسان الفلسطيني مواهب كصرخة مدوية حزينة دامية.
يقول الفنان الفلسطيني عبد الرحمن المزين في بحث قدمه في مؤتمر الفنانين التشكيليين العرب الذي عقد في دمشق (1971): “المرحلة الأولى في حركة الفن التشكيلي الفلسطيني خضعت لظروف معينة، كانت مادتها مستوحاة من مخيمات التشرد والضياع والحرمان وقسوة الحياة الاجتماعية التي يلاقيها شعب طرد من وطنه. وكان أسلوبها الفني تسجيلياً لواقع مر وتعبيراً عن الصمود الذي نراه في وجه كل طفل وامرأة وشيخ. وقد عبر عن هذه المرحلة بصدق وإخلاص الفنان إسماعيل شموط والفنانة تمام الأكحل، وقد كان لهم فضل كبير في إرساء دعائم الفن الفلسطيني المعاصر وإنارة الطريق للأجيال القادمة”.
وقبل التحدث عن هذه المرحلة الأولى وحتى تكتمل الصورة أبعادها لا بد من القول، إن الفنان الفلسطيني استطاع في هذه الفترة أي العشرين سنة الأخيرة وهي عصر الحركة الفنية الفلسطينية، أن يخطو خطوات واسعة، ويلحق بركب الحركة الفنية العربية، ويشارك في نشاطاتها رغم ظروف لا تزال صعبة يعيشها عدد كبير من هؤلاء الفنانين.
وليس من شك أن هناك عوامل عديدة ساعدت الفن الفلسطيني على النمو سريعاً؛ ليلحق بركب الحركة الفنية العربية، منها الظروف الصعبة التي يعيشها شعب هذا الفنان، ومنها تشتت هذا الشعب في عدد من الأقطار العربية الشيء الذي جعل الفن الفلسطيني على مساس مباشر مع الحركة الفنية لهذه الأقطار، ومنها أخيراً تفجر الثورة الفلسطينية قبل سنوات، والتي عاشها ويعيشها الفنان الفلسطيني بكل أبعادها.
نحن نرفض أن يحصر الفنان العربي اهتمامه بموضوعات لا تربط بحياة الإنسان العربي المعاصر أو تدور حول النزوات الذاتية أو الأشياء الصامتة أو المشاهد العاطفية، في الوقت الذي يسحق فيها أطفالنا الصغار في بحر البقر أو تزهق أرواحهم في جنوب وشمال لبنان أو يباد من يبذل الدم في سبيل التحرير في الأردن والأرض المحتلة أو يذبح المناضلون في عقر بيوتهم…
إن الإنسان العربي مهدد أينما كان يجابه إبادته من الوجود على أرضه، جرائم تلو الجرائم… إلى متى ونحن نشاهد المأساة بشكل مسرحي وكأن الأمر لا يعنينا؟ أي صورة للخزي والمذلة أكثر من هذا…؟
إن الفنان التشكيلي العربي له حقوق وعليه التزامات، والتزاماته هي استخدامه فنه كسلاح من خلال كونه لغة تعبير لا تحتاج إلى ترجمة كبقية المجالات الفكرية الأخرى.
والمواطن في أي بلد في العالم يستطيع أن يتفهم الإنتاج الفني التشكيلي في منتهى السهولة.
لنكن رسل الإنسان العربي إلى العالم من خلال العمل الفني الذي نمارسه، حيث نستطيع النفاذ إلى كافة المجتمعات الإنسانية.
إن الفنان العربي اليوم في موقف يختلف عن الفنان الأوروبي مثلاً، فالفنان الأوروبي لا يجابه بعدوان، وليس على حدود بلاده عدو كإسرائيل يغتصب أرضه ويطرده منها مهدداً كامل كيانه، فمن الطبيعي أن تكون تجربته الفنية تختلف شكلاً ومضموناً وبذاتية خاصة ترتبط بها.
إن الاكتفاء بالتعمق وراء البحث في القيم التشكيلية البحتة فقط تحت شعار المعاصرة أو العالمية هو وهم صريح ومحاولة لطمس الأحاسيس الوجدانية التي تربط الفنان بمجتمعه وبيئته وتراثه.
إننا لا نفصل بين القيم التشكيلة والمضمون الفكري، فكلاهما جسد وروح، عنصران متمازجان والفكر الأصيل يستلزم بالضرورة بحثاً تشكيلياً جاداً.
إن مفهومنا للفن القومي وعلاقته بالجماهير يرتكز على تلك الأحاسيس، بمعنى أننا لا ننفصل عن المجتمع بقواعده العريضة من جهة ولا ندفع الفنان لأن يجامل المجتمع بأن يطرح أمامه العمل الفني على الأسلوب الإعلاني.
لأن المجتمع الواعي نفسه يرفض مثل ذلك.
فالقضية كانت بالنسبة له غير مفلسفة، وجاءت أعماله نتيجة لذلك كله غير مفلسفة في الخمسينات. لم يكن هماً للفنان الفلسطيني أن يرسم بأسلوب مستورد أو أتباع مذهب أو مدرسة فنية معينة، لم يكن همه اللون والتكوين، الشكل والمضمون، همه كان أن يصرخ نعم كان همه أن يصرخ وبأعلى صوته معلناً عن وقوع مأساة رهيبة في وطنه وضد شعبه.
فالقضية كانت بالنسبة له غير مفلسفة، واقعية، تعبيرية، رمزية، سورياليه، تكعيبية، وما إلى ذلك من مسميات للمدارس الفنية المعروفة، كانت بالنسبة له لا تعني شيئاً. شيء واحد كان ذا معنى له هو أن يصور من خلال مشاعره المتأججة صوراً تراكمت في أعماقه، عن مأساة شعبه.
هذه الأمور كلها كانت الخلفية والأرضية التي انطلق منها الفنان الفلسطيني لبناء حركته الفنية التشكيلية. وتمتد المرحلة الأولى التي ذكرت فيما سبق على لسان الزميل الفنان الفلسطيني عبد الرحمن المزين حتى أوائل الستينات.
ومرة ثانية أعود لمرجع آخر وهو بحث تقدم به الزميل الفنان الفلسطيني مصطفى الحلاج في مؤتمر الفنانين العرب بدمشق فيقول: “بعد 1948 بدأت الحركة الفنية على يد إسماعيل شموط وتمام الأكحل في مجال التصوير. وعند إسماعيل عنصر التعبير الميلودرامي يغطي العمل حيث شحنة التعبير كانت أقوى من لغته التشكيلية ولعدم وجود رواد، كما اعتمد إسماعيل على الحركة المعاصرة التي استمدت جذورها من الرؤيا العربية وأعطى كل جهد إلى العمل الذي يخاطب أعرض مجموعة من الجماهير البسيطة”.
ففي الخمسينات برز اسمان هما إسماعيل شموط والسيدة تمام الأكحل. الأول درس الفن في القاهرة -كلية الفنون الجميلة القسم الحر- منذ عام 1950 ثم اتبعها بالالتحاق بأكاديمية الفنون الجميلة في روما عام 1954.
أما السيدة تمام الأكحل، بدأت دراسة الفن في القاهرة عام 1952، وفي أواخر الخمسينات بدأ نفر من الموهوبين الناشئين بالتوجه إلى كليات الفنون الجميلة، في العالم العربي وخارجه، غير أن الظروف الاجتماعية لهؤلاء كانت تفرض على أغلبيتهم من التوجه بعد التخرج للعمل في مجال التدريس في البلاد العربية وخاصة منطقة الخليج العربي والكويت بشكل خاص. ولم يتيسر فرص الاستمرار في الإنتاج الفني والنشاط الفني بشكل عام.
وتعتبر الخمسينات كما ذكرنا هي المرحلة الأولى للفن التشكيلي الفلسطيني المعاصر. وتتميز أعمال تلك الفترة تشكيلياً بالواقعية التعبيرية الرمزية أحياناً. ومن حيث المضمون فقد كانت مأساوية حزينة.
الستينات تعتبر المرحلة الثانية، وبدايتها تتميز باستشفاف الفنان الفلسطيني للثورة وباعتقادي أن ذلك ناتج عن المشاركة الحقيقية للفنان الفلسطيني في العمل لقضية وطنه، وذلك باعتبار أنه في بداية الستينات بدأت تتشكل سراً المنظمات الفلسطينية. غير أننا لا نلحظ في هذه الفترة تغيراً كبيراً في الشكل أو في طريقة المعالجة الفنية، اللهم سوى بروز اللون والحدة في التعبير واستعمال الخطوط القاسية.
وعندما بدأت حركة المقاومة الفلسطينية تظهر بشكل أو بآخر في أواسط الستينات بدأت بعض الأسماء الجديدة تظهر في أفق الحركة الفنية الفلسطينية غير أن أحداث عام 1967 وما تلاها من تفجر ثوري فلسطيني دفعت معها عدداً كبيراً من الأسماء الفنية الفلسطينية.
ونذكر من هذه الأسماء مصطفى الحلاج (نحات ومصور وحفار)، إبراهيم ناصر (نحات) محمود طه (خزاف) السيدة جمانة الحسيني ونصر عبد العزيز، زكي شقفه، ياسر الدويك، فاروق هويدي، عبد الرحمن المزين، محمد المزين، توفيق عبد العال، سري خوري، سمير سلامه، عفاف عرفات، سامية زرو، أحمد نعواش، (جميعهم مصورون، درسوا الفن منذ أواخر الستينات في العواصم العربية والعالمية).
وليس هنا متسع لكي نفرد لكل من هؤلاء الفنانين الفلسطينيين عرضاً خاصاً لأعماله ونشاطاته، ولكن نأخذ على سبيل المثال عدداً من هذه الأسماء التي تمثل اتجاهاً معيناً تشكيلياً.
مصطفى الحلاج، واحد من أبرز وأنشط الفنانين الفلسطينيين، درس في القاهرة حتى عام 1964، وتخصص في النحت، غير أنه لجأ مؤخراً إلى الرسم والتصوير والحفر نزولاً عند حاجته لعرض أعماله هنا وهناك في العالم العربي وخارجه باعتبار أن عملية نقل مثل هذه الأعمال أسهل بكثير من نقل التماثيل والمنحوتات.
تبدو في أعمال الحلاج المنحوتة آثار الفنون القديمة، كالمصرية والكنعانية والرافدية، إلا أنه يحورها بشكل ما ويربطها موضوعياً بالقضية الفلسطينية، وتشكل مجموعة أعماله قبل عام 1968 ملحمة حزينة تمتزج بعناصر الأمل والثورة.
أما رسومه وصوره، وهي التي أنتجها بعد عام 1968 فترتبط ارتباطاً وثيقاً بالثورة الفلسطينية ويعتمد فيها على الرمز في معظم الأحيان وتتجلى فيها روح الأسطورة، تصل في بعض الأحيان إلى حد السوريالية.
جمانة الحسيني، درست الفن في بيروت. نشطة وغزيرة الإنتاج. وتتميز أعمالها بالزخرفة الطفولية البريئة. وباعتبارها من القدس فإن موضوعها كان معظم الأحيان القدس، بيوتها وقبابها ومساجدها وكنائسها في إطار روحاني جميل وألوان محددة نظيفة.
كثيراً ما تتجه نحو ترك الخلفية بيضاء، تذكرنا بطهارة القدس، وفي أعمالها الأخرى التي يمتد موضوعها إلى فلسطين بشكل عام نراها تستغل الرمز، كالعصفور والحصان والأحراز وما إلى ذلك.
نصر عبد العزيز، درس في بغداد وموسكو والقاهرة، تمتاز أعماله بصلابة البناء التشكيلي لعناصر اللوحة، يميل نحو المواضيع الحزينة، ويبدو ذلك الحزن دفيناً حتى في المواضيع المرحة.
فاروق هويدي، درس الفن بشكل ثانوي بالإضافة إلى دراسته الرئيسية (تجارة)، أعطى مجموعة من اللوحات ذات صفة مميزة من حيث الشكل. فقد اعتمد على التجريد مع استعمال الألوان والأشكال الحادة، غير أن المعاناة الفلسطينية تبدو في أعماق اللوحة بشكل غير مباشر.
إبراهيم عزيمة، درس في دمشق وألمانيا الشرقية، وجوه أطفاله وشيوخه تبدو من خلال أسلوبه التعبيري المحدد بالخط الأسود الحزين، وقد كسا هذا الحزن نوع من التحدي والتصميم.
أحمد نعواش، درس في روما، يعتمد على أسلوب هو أقرب إلى المدرسة الوحشية التعبيرية، وتمتزج بلوحاته عناصر الحزن والغضب والثورة في طريقة مثيرة وناضجة.
كمال بلاطة، درس في روما ثم أميركا، يرسم ويحفر صوراً اختزنها عقله الباطن عن القدس مدينته، ويعتمد اعتماداً كبيراً على الخط. أسلوبه أقرب إلى التعبيرية الرمزية أحياناً دون إعطاء أهمية كبيرة للبعد الثالث ويتميز بشفافية ورقة متداخلة في مشاعر الحنين والتصميم.
ونكتفي بهذا القدر، كأمثلة على شكل ومضمون الحركة الفنية الفلسطينية التي تكتشف من خلالها مدى أثر القضية الفلسطينية على الفنان…
فمهما اختلفت وسيلة التعبير أو الأسلوب، فإن القضية الفلسطينية هي القاسم المشترك الأعظم لجميع الفنانين الفلسطينيين، فالحركة الفنية الفلسطينية تنطبع وتتميز عن غيرها من المدارس العربية بأثر القضية الفلسطينية.
وبحكم ظروف التواجد الفلسطيني المشتت في الأقطار العربية المحيطة بفلسطين، فقد استبدلت عملية التفاعل بين الفنانين الفلسطينيين إلى تفاعل بين الفنان الفلسطيني والعربي.
فالفنان الفلسطيني في لبنان مثلاً تفاعل أكثر مع فناني لبنان من تفاعله مع زميله الفلسطيني المقيم في مصر. وكذلك بالنسبة للمقيم في سوريا والأردن والكويت.
غير أن ذلك لم يمنع من إيجاد وسيلة أخرى للاتصال واحداث عملية التفاعل هذه في نطاق محدود. ففي أواخر الستينات، وبالتحديد عام 1969تأسس الاتحاد العام للفنانين الفلسطينيين، اتحاد يضم ليس فقط العاملين في حفل الفنون التشكيلية، بل العاملين في جميع الحقول الفنية، وأحدث ذلك نوعاً من الاتصال ومبادلة الأفكار مع بقية العاملين في الفنون الأخرى كالمسرح والسينما والموسيقى، غير أن الأحداث السياسية، وخاصة فيما يتعلق بأحداث الأردن عام 1970 أثر على نشاط الاتحاد بشكل كبير.
أما فيما يتعلق بالنشاطات الفنية الفلسطينية خاصة إقامة المعارض، فقد انحصرت حتى أواسط الستينات في مجال إقامة المعارض الفردية والمشاركة في المعارض الموسمية في بعض عواصم العالم العربي.
وأولى هذه النشاطات، كان المعرض الأول الذي أقيم في مدينة غزة عام 1952، افتتح أمام جماهير غزة بشتى قطاعاتها الرسمية والشعبية. وكان ذلك أول حدث فني في تاريخ فلسطين المعاصر. والغريب في الأمر أن الإقبال والنجاح الذي لاقاه ذلك المعرض كان غير متوقع من مجتمع لم يعرف من قبل مثل هذه النشاطات. بل كان يعتبر الرسام إنساناً خارجاً عن الدين. وبما أن مدينة غزة مدينة ليست كبيرة جداً، فقد انتشر خبر المعرض بسرعة بين أوساط الناس، بشكل أثار حب الاستطلاع كما أن ما لاقوه في المعرض من لوحات وجدوا فيها صوراً تمثل واقع أحوالهم ومأساتهم. وجدوا فيها أنفسهم، ملامحهم، وآلامهم.
من بعد ذلك تتالت المعارض الفردية، خاصة في مدن فلسطين مثل القدس ونابلس ورام الله وفي مختلف العواصم العربية.
ثم خرجت المعارض للخارج، لأمريكا والاتحاد السوفياتي وأوروبا، غير أن السنوات من 1967 حتى اليوم تعتبر أكثر الفترات نشاطاً في هذا المجال، حيث أقيم العديد جداً من المعارض في العالم العربي والعالم الخارجي بشكل عام.
وكان إبان تفجر الثورة الفلسطينية. ويعتبر هذان العاملان الثورة وهزيمة 1967 السبب الرئيسي لتفجر طاقات الفنان الفلسطيني في مجال أوسع سواء من حيث الإنتاج الكمي والنوعي أو من حيث النشاط في مجال المعارض والاتصال بالجماهير، ومعايشة العمل الفدائي الفلسطيني والانخراط في صفوفه في المجالات الإعلامية والتنظيمية والعسكرية.
فاتت المعارض المشتركة للفنانين الفلسطينيين والمعارض الخاصة في كثير من العواصم العربية والمدن والقرى ومخيمات اللاجئين الفلسطينيين، ولم يقتصر ذلك النشاط على الفنان الفلسطيني وحده، بل شارك به وبشكل ملحوظ الفنان العربي من معظم الأقطار، منهم من أقام المعارض المنفردة والمتعلقة بالقضية الفلسطينية، ومنهم من شارك في معارض مشتركة حول نفس الموضوع.
من ناحية أخرى، فقد بذل نشاط ملحوظ في مجال رسوم الأطفال الفلسطينيين، حيث عايش عدد من الفنانين الفلسطينيين: أطفال المخيمات وقدموا للأطفال بعض المواد الأولية للرسم وجاءت نتائج هذا النشاط مدهشة للغاية. ونذكر في هذه المناسبة الفنانة منى السعودي التي بذلت نشاطاً ملحوظاً في هذا المجال وكان ثمرة ذلك كتابها عن رسوم أطفال فلسطين “شهادة الأطفال في زمن الحرب”.
وقد اتضح جلياً مدى ما يتمتع به أطفال فلسطين من مواهب تبشر بخير كبير في مجال الفنون التشكيلية، الشيء الذي يجعلنا واثقين من مستقبل زاهر في ميدان الفن التشكيل الفلسطيني.
ولا بد في النهاية من الإشارة إلى أن الشعب الفلسطيني لم تتوفر له الإمكانية التي توفرت لغير من الفنانين العرب، لا قبل نكبة 1948 ولا بعدها. فحتى سنة 1948 كان الشعب الفلسطيني يرزح تحت نير المستعمر البريطاني المتآمر مع الصهيونية العالمية. وبعد عام 1948 تشتت الشعب الفلسطيني في بعض الأقطار العربية، وعاش في مخيمات اللاجئين ترعاه فيما يتعلق بالأمور الاجتماعية والتربوية وكالة غوث اللاجئين التابعة للأمم المتحدة. التي لم يكن يهمها مستقبل هذا الشعب، بل يمكن القول إنها حاولت طمس معالم هذا الشعب الأصيلة وقهر مواهبه. إلى أن قامت منظمة التحرير الفلسطينية وتأسس قسم الثقافة الفنية في دائرة الإعلام والتوجيه القومي. وهو جهاز لديه بعض الإمكانات التي تمكنه من رعاية الفنون التشكيلية والشعبية بشكل عام.