مع بدايات العمل الثوري الفلسطيني، تأسس قسمٌ للسينما في الستينيات، ضمن “منظمة التحرير الفلسطينية”، وبدأ بإنتاج أفلام تسجيلية ونضالية. تتالت أقسام السينما في فصائل فلسطينية مختلفة وأنتجت أفلاماً لفلسطينيين وعرب وصل صداها إلى مهرجانات عربية وأجنبية في لايبزيغ وموسكو وغيرهما. ولم تكتف سينما الثورة الفلسطينية بالأفلام النضالية، بل توازت معها أفلام روائية بإنتاجات عربية، وأخرى كانت تسجيلية وروائية، أجنبية، من اليابان إلى إيطاليا والولايات المتحدة، أنجزها متضامنون، وذلك في النقيض من أفلام إسرائيلية وصهيونية كانت منتشرة آنذاك.
تناول كتاب «فلسطين في السينما» في إصداره الأول عام ١٩٧٨ هذه الأنواع السينمائية، في مقالات ومقابلات وبيانات وغيرها من المواد التوثيقية. وأُعيد إصداره أخيراً، بعد ٤٤ عاماً، بدعم من مؤسسة “فيلم لاب فلسطين” التي تكفلت بعمليات استعادة الكتاب تمويل إصداره وتقديمه في مهرجانها لهذا العام، وذلك عن “المؤسسة العربية للدراسات والنشر”، وقام بالإشراف على إصدار الكتاب وتحريره وكتابة المقدمة له، سليم البيك من فريق المهرجان.
يصدر الكتاب ضمن مهرجان “أيام فلسطين السينمائية” في دورته التاسعة المنعقدة ما بين ١ و٧ تشرين الثاني/نوفمبر، وضمن برنامج مواز لعروض المهرجان الرئيسية، تحت عنوان “حديث لذاكرة بصرية”، لذكرى مرور ٤٠ عاماً على خروج “منظمة التحرير الفلسطينية” من بيروت، لما مثله من انقلاب في الصورة السينمائية للفلسطيني، ومن نهاية مرحلة وبداية أخرى في السينما الفلسطينية.
جاء في مقدمة الكتاب الواقع في ٤٨٠ صفحة، أنه، الكتاب، “إجابة وافية وباكرة عمّا كانته وعمّا تكونه السينما الفلسطينية، وقد نشأت في شكلها الأوّل الجماعي والمؤسساتي والناضج مع هذه الثورة، بصفتها سينما ثورة وقضية، الانتماء إليها يكون خياراً ويكون نضالياً وفكرياً كما نفهم في أكثر من موقع ضمن هذه الصفحات، قد يكون أهمها البيان الأول لـ “وحدة أفلام فلسطين” المنتهي بأن “السينما فلسطينية ليست انتماء جغرافياً بل انتماء نضالي تجاه القضية الفلسطينية”.
الكتاب، «فلسطين في السينما»، ترجمةٌ لمعظم محتوى كتاب آخر صدر بالفرنسية أوائل عام ١٩٧٧ عن دار E. 100 للنشر في باريس، بعنوان La Palestine et le Cińema (فلسطين والسينما)، كعمل جماعي بإشراف الناقدَين الفرنسي غي هينبل والتونسي خميس خياطي. قام الناقد اللبناني وليد شميط، أحد النقّاد الحاضرة أسماؤهم في صحافة ذلك الزمان، الفلسطينية والعربية المتناولة لسينما الثورة الفلسطينية والسينما البديلة العربية، قام بترجمة الكتاب في معظمه وإضافة مواد له، مقالات ومقابلات، وأصدره العام التالي بالعربية عن دار “الفجر”، وهي دار نشر لبنانية صغيرة في باريس.”
سيطلق مهرجان “أيام فلسطين السينمائية” الكتاب في اليوم الافتتاحي، متأملاً أن يشكل إضافة ضرورية لكل عامل وباحث ومهتم بالسينما الفلسطينية، في تاريخها وراهنها.