نشرت في jacobin، في ١/١/٢٠١٦. ونُشرت أول مرة في جريدة Avanti! في ١/١/١٩١٦. ترجمة كريم عبد الخالق.
في كل صباح، حين أستيقظُ مجددًا تحت شحوب السماء، أشعرُ أن اليوم بالنسبة لي هو رأس السنة.
لهذا أكره رؤوس السنة هذه التي تسقطُ علينا كآجال مستحَقّة ثابتة، والتي تقلبُ الحياة والروح البشرية إلى همٍّ تجاري بحساب نهائي منظَّم، وديون غير مدفوعة، وميزانية للتدابير الجديدة. إنها تجعلنا نفقدُ استمرارية الحياة والروح. ينتهي بك الحال تفكّر بجدّية بأن هناك فاصل بين السنة والأخرى، أن تاريخًا جديدًا يبدأ؛ فتضع بعض القرارات، وتندم على ترددك السابق، وهكذا وهكذا. هذه في العموم هي مشكلة التواريخ الثابتة.
يقولون إن التسلسل الزمني هو العمود الفقري للتاريخ. حسنًا. لكننا نحتاج أيضًا إلى قبول حقيقة أن هناك أربعة أو خمسة تواريخ ثابتة يُبقيها كل إنسان صالح مستقِرّة في ذهنه، والتي بحيَلها الفاسدة تلاعبت بالتاريخ. هذه التواريخ أيضًا هي رؤوس سنة. مثل رأس السنة الرومانية، أو العصور الوسطى، أو العصر الحديث.
وقد أصبحتْ شديدة الاجتياح والأُحفورية لدرجة أننا أحيانًا نُفاجأ بظنّنا أن الحياة في إيطاليا بدأت في 752، وأن سنة 1490 أو 1492 أشبه بجبال تقنطرتْ البشرية من فوقها، لتجد نفسها فجأة في عالم جديد، واصلة إلى حياة جديدة. فباتت التواريخ الثابتة عوائق، حواجز تعطّلنا عن رؤية أن التاريخ يستمر في الانبساط على المسار الثابت الذي لا يتغيّر، بدون توقّفات مفاجئة، مثلما يحدث في السينما عندما ينقطع شريط الفيلم ونرى فاصلًا من الضوء الساطع.
لهذا أكره رأس السنة. أريد لكل يوم أن يكون رأس سنة بالنسبة لي. في كل صباح أريد أن أعيد الحسابات مع نفسي، في كل صباح أريد أن أكون إنسانًا جديدًا. ألا أزيح يومًا جانبًا للراحة. أريد أن أختار استراحاتي بنفسي، عندما أشعر بسَكرة حِدة الحياة، وأريد أن أغوص في الحيوانية لأستمد منها حيوية جديدة.
لا مجرد تأدية واجبات معنوية. أريد لكل ساعة من حياتي أن تكون جديدة، وتظل رغم ذلك متصلة بالساعات السابقة. ألا يكون هناك يوم للاحتفال بتناغمات جماعية إلزامية، أشاركها مع كل الغرباء الذين لا أهتم بهم. ليس لأن أجداد أجدادنا، إلى بداية النسل الاحتفالي، قد فعلوا ذلك، أن علينا أيضًا أن نشعر بإلحاح الاحتفال. يصيبني ذلك بالغثيان.
أنشدُ الاشتراكية لهذا السبب أيضًا. لأنها ستُلقي في القمامة بكل هذه التواريخ الثابتة التي ليس لها صدى في أرواحنا، وإذا وضعتْ تواريخ أخرى، ستكون على الأقل مِلكًا لنا، وليست تلك التي علينا قبولها دون تحفّظات من أسلافنا الحمقى.