تكريماً للفنانة الراحلة ليلى الشوا (1940-2022)، تنظم مؤسسة الدراسات الفلسطينية ودار النمر للثقافة والفن في بيروت ندوة تحت عنوان: “الحنين والانتماء: الفن الفلسطيني في المنفى”، تستضيف فيها ثلاثة من الفنانين الفلسطينيين في الشتات، هم: تيسير البطنيجي، وهاني زُعرب، ومحمد جحا، وذلك في دار النمر، مساء يوم الخميس 21 أيلول/سبتمبر 2023. تدير الندوة القيّمة الفنية والزميلة في مؤسسة الدراسات الفلسطينية رنا عناني.
يقول إدوارد سعيد، “يجبر المنفى المرء على التفكير فيه ويا لها من تجربة فظيعة. إنه الشرخ المفروض الذي لا التئام له بين كائن بشري ومكانه الأصلي، بين الذات وموطنها الحقيقي: فلا يمكن البتة التغلب على ما يولده من شجن أساسي.” (إدوارد سعيد، “تأملات حول المنفى”، 1984)، هذا الجرح غير القابل للشفاء، كما كان مصدر إلهام للفنانة ليلى الشوا، يتحول إلى مصدر إلهام وإبداع في فن البطنيجي وزعرب وجحا، ومساحة تتفاعل فيها الذات مع مكان جديد، انطلاقاً من الارتباط الوثيق بالوطن والهوية التي تتسلل إلى كل تفصيل في إنتاجهم الفني. في هذه الندوة يستعرض الفنانون الثلاثة الشجن الأساسي الذي يسكنهم، ويتحدثون عن تجاربهم الفنية في المنفى والمواضيع التي تشغلهم، منذ خروجهم من غزة المحاصرة إلى رحاب العالم الواسع، إلى انتهاء المطاف بهم في باريس ومدن أُخرى. يتحدث الفنانون عن العلاقة ما بين الذات والمكان، وكيف ينعكس الوطن والمنفى في إبداعاتهم، وعن الشرخ ما بين المكانين الذي يستمر في تغذية إبداعاتهم وتفكيرهم.
هاني زُعرب
وُلد هاني زُعرب في مخيم رفح في قطاع غزة سنة 1976، وحاز بكالوريوس في الفنون الجميلة من جامعة النجاح في نابلس. وهو فنان معاصر يعيش ويعمل في باريس منذ سنة 2006. تستحضر أعمال زُعرب الذكريات والقصص الشخصية التي شكلت حياته، وعلاقتها بالأحداث العامة في فلسطين والمنطقة، معيداً فيها البحث في العلاقة ما بين الماضي والحاضر، متجاوزاً الحدود والجغرافيا. تتناول أعماله الفنية مفاهيم الوقت والذاكرة والمكان والهوية بتفاصيلها المعقدة، ويستكشف من خلالها حالات التعليق والتأخير والانتظار والنفي، والحركة والنزوح والغياب. يعمل زعرب بمواد مختلفة من خلال منظوره الشخصي والسياق المفاهيمي لتلك الوسائط، وهو ما يسمح للمفهوم الكامن وراء عمل معين بتحديد اختياره لتلك المواد.
خصّه الفنان والمؤرخ الفني كمال بُلّاطه بكتاب “بين المخارج: لوحات لهاني زعرب”، يوثّق ويدرس أعماله في الفترة 2002 2012، ونشره “بلاك دوغ” (لندن، 2012). أعمال زُعرب موجودة ضمن مجموعات خاصة وعامة حول العالم، منها المتحف البريطاني في لندن، والمتحف العربي الأميركي الوطني في ديربون، ميشيغان، ومعهد العالم العربي في باريس.
تيسير البطنيجي
وُلد في غزة، فلسطين، سنة 1966. حاز درجة البكالوريوس في الفنون الجميلة من جامعة النجاح الوطنية في نابلس سنة 1992، ثم حصل على منحة للدراسة من كلية الفنون الجميلة في مدينة بورج في فرنسا، ونال شهادة في الفن التشكيلي (DNSEP) سنة 1997. ومنذ ذلك الحين تنقّل بين فرنسا وفلسطين حتى سنة 2006، عندما استقر في فرنسا، بعد أن اشتد الحصارالإسرائيلي على غزة.
بين حيّز يقع بين بلدين وثقافتين مختلفتين، طوّرالبطنيجي ممارسته الفنية من خلال وسائط متعددة، بما في ذلك الرسم وأعمال التركيب والتصويرالفوتوغرافي والفيديو والفن الأدائي. تبحث أعمال البطنيجي في الهوية والذاكرة والمكان، مسلطةً الضوء على الواقع السياسي والجغرافي والإنساني، ويعتبر الترحال والتنقل جزءاً ملهماً في إنتاجه الفني، من خلال التوثيق للسياق الفردي والجمعي في آن معاً، والتفاعل مع الأماكن، عبر مقاربات تُسائِل واقع الاغتراب والمنفى. يعابر البطنيجي جزءاً من المشهد التشكيلي الفلسطيني، وقد ازداد حضوره على الساحة الفنية منذ سنة 2002 من خلال معارض شخصية وجماعية في أوروبا والعالم.
محمد جحا
وُلد جحا في مدينة غزة – فلسطين سنة 1978، وهو يُقيم ويعمل بين مدينتي باريس ومارسيليا الفرنسيتين.
حاز درجة البكالوريوس من قسم التربيـة الفنيـة من جامعـة الأقصـى في غـزة سنة 2003، ثم التحق بالأكاديمية الصيفية في دارة الفنون، مؤسسة خالـد شـومان، في عمّان، بإشراف الفنـان السوري الراحل مـروان قصـاب باشي.
فاز جحا في سنة 2004 بجائزة الفنان الشاب التي تمنحها مؤسسة عبـد المحسـن القطـان، ومُنح في إثرها مجموعة من الإقامات الفنية في المدينة الدولية للفنون في باريس، وهناك عمل علـى تطويـر تجربته، وشارك في معارض فردية وجماعية في أوروبا والمنطقة.
عمـل جحـا لسـنوات في مجـال الرسـم، وتميزت أعماله بالأسلوب العفوي التعبيري من خـلال استخدامه تقنيات متعددة، كالرسم والكولاج والتركيب، ووسائط أُخرى. يستكشف جحا في أعماله قضايا تمسّ الأطفال في فلسـطين ومـا يعانونه من ظـروف فقدان البـراءة والحرية وكيفيـة تغلّبهم على الحواجز التي تفرضها الظروف الاجتماعية والسياسية من حولهم. كما يتناول موضوع الهوية ويقدمه، مستلهماً مـن القيم العالمية، يعكس فيه ذاكرة جمعية من دون أي قيود.
رنا عناني
قيّمة فنية وكاتبة في الفنون البصرية، وزميلة في مؤسسة الدراسات الفلسطينية. حصلت على ماجستير في الدراسات الإعلامية من جامعة ويستمنستر في لندن، وعملت لسنوات في المشهد الفني الفلسطيني مع عدد من المؤسسات الثقافية الفلسطينية.
لعبت دورا بارزا في بينالي قلنديا الدولي كعضو مؤسس، كما قادت النسخة الأخيرة تحت عنوان “التضامن” ( ٢٠١٨). وساهمت كقيّمة مشاركة في بينالي الشارقة ١٣ نسخة رام الله تحت عنوان “أراض منقلبة” (٢٠١٧)، كما كانت قيّمة لعدد من المعارض منها: بلا حد (بيت لحم ٢٠١٩)، تحية لأسرى الحرية (بيروت، ٢٠٢١)، غَت (رام الله، ٢٠٢٢)، معرض الربيع (رام الله، ٢٠٢٣)، حررت وراجعت مذكرات نبيل عناني “الخروج إلى النور” الصادر عن مؤسسة الدراسات الفلسطينية، وشاركت في تأليف كتاب “عمارة قرى الكراسي” (مؤسسة رواق)