ضمن وَسط ممتلئ بمختلف أشكال الذكورية، ما الذي تفعله فتاتان قادمتان من بعيد، في بارٍ وسط الصحراء؟ هذا ما يدور حوله فيلم الأسترالية كيتي غرين المنافس في مهرجان سان سيباستيان السينمائي، “الفندق الملكيّ” (The Royal Hotel). يبدأ الفيلم بفتاتين كنديتين في أستراليا، ينقصهما المال فتضطران للعمل كي تكملا إجازتهما ومغامرتهما، يجدان باراً في وسط الصحراء، يبعد ساعات بالسيارة عن أقرب مدينة. هناك يتمركز الفيلم بمعظمه، بعد مقدّمة سريعة، وهناك ينتهي.
بار قذر لمالك ثمل معظم الوقت، وغير لبق، روّاده من العمّال الرجال غالباً، المنقطعين عن الحياة الاجتماعية، فظّون وذكوريون وعنيفون لظفاً وفعلاً، وثملون دائماً. مقابلهم وصلت فتاتان أجنبيتان صغيرتان ضعيفتان في حالتهما الأولى، ووحيدتان في الصحراء وتشعران بالخطر حولهما، تعملان في البار وتسكنان في غرفة أعلاه. إضافة إليهما، امرأتان فقط نراهما على طول الفيلم، زوجة المالك وهي المخلّصة للفتاتين، رغم قساوتها، وأخرى من روّاد البار، تقدّم بها العمر، تنصح إحدى الفتاتين بأن تسأل كلّ زبون عمّا يود شربه بصدر مكشوف ونافر. محاولات الاعداء على الاثنتين لا تنتهي، نفسياً وجسدياً، وذلك في خط سيرٍ متصاعد في توتّره وتناقضاته إلى أن تجد الفتاتان حلاً انقلابياً انتقامياً يهدّم الدار على من فيها.
حمل الفيلم أجواء الوسترن الأمريكي إلى أستراليا المعاصرة، مقدّماً الحبكة بيد فتاتين تلقّتا كميات من التنمّر والتحرش في المشاهد الأولى وبعض التالية في البار، قبل أن يتحول ذلك إلى محاولات اعتداء، ثم قبل أن تمسكا الحلّ بأيديهما وتلقيانه على الآخرين، بما يشبه نوعاً من التمرد والانتقام.
هو أقرب للأفلام المستقلة الأمريكية، حيث الميزانية الصغيرة، كما هي هنا، بما يبدو، وقد صوّر الفيلم بمعظمه في البار والمساحة الصحراوية حوله. وهذه سمة متكررة في أفلام “الإندي” (المستقلة) الأمريكية التي تجمع الشخصيات وحبكتها في مكان محدود، بتصوير واقعي معتمداً على السيناريو والمونتاج كوسيلة أساسية في صناعة الفيلم. لكن “الفندق الملكيّ” يبقى في المساحة الآمنة للسينما الأمريكية (أو الأنكلوفونية)، حيث كلاسيكية السرد والتصوير. أما جانبه الأقوى فكان أداء الممثلتين من ناحية، وسلوك وكلام الشخصيتين من ناحية ثانية.