يتألّف كتيّب ما القرابة؟ من فصلين. وهو نواة مقترح متواضع لحل مشكلة أنثروبولوجية كبيرة عالقة منذ قرن ونصف القرن هي ماهية القرابة Kinship ذات صفة “تشاركية الوجود” المحددة، التي تعني أن الأقارب يتشاركون جوهريًّا وجود بعضهم بعضًا، وأنّ تشكُّل القرابة من خلال البناء الاجتماعي والإنجاب كفيل – وفق إدواردو فيفيروس دي كاسترو Eduardo Viveiros de Castro – بتفسير “الفاعلية الغامضة للعلائقية أو النَّسَب”، المتمثلة في تبادل الأقارب عيش حيواتهم، بل موتهم أيضًا، عاطفيًّا ورمزيًّا. ومن خلال هذه العلاقات البين-شخصية Transpersonal، تأخذ القرابة مكانها في النظام الأنطولوجي نفسه للسحر وتبادل العطايا والشعوذة.
إن محاولة الكتاب معرفة ماهية القرابة تعني ضمنيًّا وجوب معرفة ما ليس بقرابة؛ ولذلك خصّص للفصل الأول عنوان “ما هي القرابة – الثقافة؟”، ثم أتبعه بعنوان للفصل الثاني هو “ما ليست عليه القرابة – البيولوجيا”. وعلى النقيض من علمنا الأنثروبولوجي المدين بالفضل لحكمتنا الأصلية، ليست فئات القرابة تمثيلات أو امتدادات مجازية لعلاقات الولادة فحسب، بل مجازية في ذاتها أيضًا، فالولادة استعارة لعلاقات القرابة.
الكتاب بفصليه نسخة منقحة من مقالة للمؤلف مارشال سالينز Marshall Sahlins نُشرت على دفعتين في مجلة المعهد الملكي للأنثروبولوجيا Journal of the Royal Anthropological Institute، وقام بمراجعتها وتدقيقها باحثون زملاء للكاتب قرؤوا مسوّداتها وقدّموا آراءهم و/ أو انتقاداتهم و/ أو اقتراحاتهم عليها. وهم موريس بلوخ Maurice Bloch، وروبرت برايتمان Robert Brightman، وجانيت كارستنJanet Carsten، وفيليب ديسكولا Philippe Descola، وجيليان فيلي-هارنيك Gillian Feeley-Harnik، وكلاوس هامبرغر Klaus Hamberger، وروبرت ماكينلي Robert McKinley، وسوزان ماكينون Susan McKinnon، وآن-كريستين تايلور Anne-Christine Taylor، وتوماس تراوتمان Thomas Trautmann، وإدواردو فيفيروس دي كاسترو Eduardo Viveiros de Castro.
كان الفصل الأول “ما هي القرابة – الثقافة؟” في الأصل محاضرةً أُلقيت في جامعة بيرغن University of Bergen تكريمًا للذكرى السبعين لميلاد البروفيسور بروس كابفيرر Bruce Kapferer، واليوم بعد انقضاء أكثر من ثلاثين عامًا لا تزال صداقةٌ عميقة واستلهامٌ أكاديمي يجمعان بين الرجلين.