الحضور الفلسطيني في رواية رشاد أبو شاور «سأرى بعينيك يا حبيبي»

بدون عنوان ٣ . من سلسلة صورة شخصية ٢٠٠٢-٢٠٠٣ . للفلسطيني طارق الغصين

عادل الاسطة

ناقد من فلسطين

...للكاتب/ة

اشتراكك بنشرتنا البريدية سيحمل جديدنا إليك كل أسبوع

الأكثر قراءة

الصحافة الثقافية وما نناضل من أجله
أين نحن في السير قدما...
عشرة أفلام عظيمة عن المافيا (ترجمة)
10 أفلام تشويق إيروتيكية رائعة (ترجمة)

من أجل صحافة ثقافية فلسطينية متخصصة ومستقلة

06/02/2017

تصوير: اسماء الغول

عادل الاسطة

ناقد من فلسطين

عادل الاسطة

يحاضر في جامعة النجاح الوطنية بنابلس، ويكتب زاوية أسبوعية في جريدة الأيام الفلسطينية. مهتم بالشاعرين محمود درويش ومظفر النواب وأصدر عنهما كتبا عديدة. يهتم بالقصة القصيرة الفلسطينية وبالرواية العربية أيضا.

أصدر الروائي الفلسطيني رشاد أبو شاور في الأعوام الخمسة الأخيرة روايتين هما “سارى بعينيك يا حبيبي” (2012) و”وداعا يا زكرين” (2016). وكان الروائي، من قبل، أصدر العديد من الروايات “أيام الحب والموت” و”البكاء على صدر الحبيب” و”العشاق” ورواية عن بيروت بعد الخروج منها في 1982 و”شبابيك زينب”، والأخيرة صدرت في 1994.

كان الموضوع الفلسطيني حاضراً في رواياته كلها، سواء تلك التي كتب فيها عن زمن عاشه وشهد عليه أو في تلك التي استحضر فيها زمناً بعيداً عاصره ولم يكن شاهداً على ما كتبه عنه.

كتب رشاد في “العشاق ” و”البكاء على صدر الحبيب” عن أمكنة عاش فيها وكان واعياً على ما جرى فيها من أحداث، وفي”أيام الحب والموت” و”شبابيك زينب” كتب عن فترة لم يكن واعياً لما جرى فيها أو عن مكان صلته المباشرة فيه ضعيفة. غادر رشاد بيروت في 1982 واستقر أولاً في الشام، ليغادرها وليستقر في عمان. ولم يكتب منذ أصدر “شبابيك زينب” (1994) أي عمل روائي. هذا يعني أنه انقطع عن كتابة الرواية ثمانية عشر عاماً. 

ولكن انقطاعه عن كتابة الرواية لا يعني أنه انقطع عن كتابة أعمال أخرى. فقد واظب على كتابة القصة القصيرة وأصدر “سفر العاشق” وكتب نصوصاً نثرية ظهرت في كتب ومنها كتاب “رائحة التمر حنة” الذي أتى في نصوصه على زيارته فلسطين بعد اتفاقيات أوسلو. وفي قصصه عبر عن تجارب ذاتية لم تبتعد عن الهم الفلسطيني، وفي نصوصه النثرية قارب الهم الفلسطيني بعد اتفاقيات أوسلو وعبر عن حزنه وخيبته مما آلت إليه الأوضاع وآثر ألا يستقر في مناطق السلطة الفلسطينية. 

هل ظل الواقع الفلسطيني هو المرجعية التي يتكيء عليها رشاد في كتابة نصوصه أم أنه التفت إلى واقعه الجديد وكتب عن مناطق جديدة هي التي تمس المكان الجديد الذي استقر فيه؟

في مقالاته التي واظب على كتابتها في صحيفة “القدس العربي”، غالباً كل يوم أربعاء، استمر الكاتب يقارب موضوعات سياسية آنية تمس الهمّين؛ الفلسطيني والعربي، ولا يحتاج هذا الرأي إلى برهنة، ولكن ماذا عن عمليه الروائيين اللذين كتبهما في الألفية الثالثة؟ بل وماذا عن روايته “شبابيك زينب” (1994)؟

لم يكتب رشاد في “شبابيك زينب” عن دمشق أو عن عمان وهنا قد يثير المرء سؤالاً: لماذا؟ ولماذا كتب عن نابلس في 1987، ولم يكن شاهداً على أحداثها، ولم يلم بأمكنتها إلماماً جيداً؟ لماذا مثلاً لم يكتب عن عمان أو عن دمشق؟ 

إن السؤال السابق قد يوجه لغير كاتب أقام في مكان وكتب عن مكان آخر صلته به ضعيفة أو معدومة، أو عاش في زمان ما وكتب عن زمان آخر لم يكن شاهداً عليه أو لا يتذكره جيداً، إما لأنه كان طفلًا لم يتجاوز السادسة أو لأن المسافة بين الزمنين؛ الكتابي والروائي شاسعة، وسينعكس هذا بدوره على صحة الأحداث ودقتها. ومن يتابع نصوصاً كثيرة كان الزمن الروائي فيها بعيداً عن الزمن الكتابي، أو كان الكاتب فيها يكتب عن مكان صلته به عابرة يلحظ أخطاء فيها.  بل إن الكاتب حين يكتب في موضوع غير متمكن منه يقع في إشكالات عديدة هو في غنى عنها. 

مثلاً هل نابلس في رواية رشاد أبو شاور هي نابلس التي نقرأ عنها في رواية سحر خليفة “باب الساحة” (1990) وهي أيضاً عن الانتفاضة؟ هل لغة الشخصيات وتصرفاتها وأمثالها تعبر عن صلتها بالمكان وتمثل أجواء المدينة وأزقتها وحاراتها وطقسها؟ و..و..؟

في “سأرى بعينيك يا حبيبي” لا يبتعد رشاد عن البيئة التي استقر فيها ولا يبتعد عن الزمن الذي يكتب عنه. الزمنان هنا الكتابي والروائي متقاربان، فالكاتب يكتب عن مكان صلته به واضحة، وإن لم يحدده، ويكتب عن أحداث هو شاهد عليها. بل إن بعض القراء يستطيعون تحديد المكان، بخاصة إن كانوا عاشوا في العواصم التي عاش فيها الكاتب في العقود الثلاثة الأخيرة.

هل قارب رشاد في روايته هذه الموضوع الفلسطيني الذي قاربه في رواياته السابقة وفي روايته التي سيصدرها في العام 2016  وهي رواية “وداعا يا زكرين”؟

“سأرى بعينيك يا حبيبي” رواية تقارب بالدرجة الأولى ثنائية البداوة/الحضارة، والتغيرات التي تشهدها دولة عربية البادية غير بعيدة عنها، وتزحف العاصمة بسبب التزايد السكاني نحو البادية لتغدو الأخيرة قريبة جداً من العاصمة، وهذا سيترك أثراً واضحاً على سلوك البدو الذين سيجدون حياتهم تقترب من حياة عالم المدينة شاؤوا أم أبوا. بعض هؤلاء سيعوّد نفسه على التأقلم مع الحياة الجديدة وقسم آخر لا يستطيع استيعاب ما يجري.

شخوص الرواية الرئيسيين ليسوا فلسطينيين. إنهم بدو بلد عربي، ولكن هذا البلد لا يخلو من فلسطينيين. وثمة احتكاك بين سكان البلد وبعض الفلسطينيين الذين لا تظهر هويتهم واضحة إلا في الصفحة 259 وما بعدها من الرواية، على الرغم من أنهم حاضرون من الصفحات الأولى، ولم تكن العلاقة بين البدو والفلسطينيين منبتة. إن أطفال الطرفين يدرسان معاً في المدرسة نفسها ويترك الفلسطينيون أثراً على الآخرين. 

ولولا الإشارة في الصفحات الأخيرة من الرواية إلى هوية هؤلاء الفلسطينيين لما عرف المرء أنهم فلسطينيون، فمثلهم من سكان العاصمة من أبناء البلد من لا يختلف عنهم سلوكاً مدينياً وثقافياً. سيثار سؤال الهوية في الرواية حين يقرر الفلسطيني وزوجته أن تعود الزوجة إلى العاصمة العربية القريبة حدودها من فلسطين لكي ينشأ ابناها اللذان ولدا في ألمانيا وحصلا على جنسيتها نشأة عربية شرقية لا نشأة غربية، إذ لو بقيا في ألمانيا فقد يخسرهما الأبوان.

حين لا يتكيف الابن مع الحياة في العاصمة العربية يقرر السفر إلى ألمانيا، فما زال أبوه هناك، ويلتحق الطفل بأبيه، وهنا يثار سؤال الهوية للفلسطيني المولود في المنفى بعيداً عن بلده، وهنا أيضا تتساوى البلدان في نظر الفلسطيني ما دام بعيداً عن بلد أبيه وجده. 

عموماً، يبدو حضور الموضوع الفلسطيني في رواية رشاد هذه ضعيفاً، خلافاً لرواياته السابقة وروايته اللاحقة، والسؤال هو: لماذا؟ ولماذا لم يقارب رشاد في روايته هذه وروايته اللاحقة إشكالات الفلسطيني في سورية أو الأردن؟ 

تبقى الأسئلة مشرعة على أية حال.

الكاتب: عادل الاسطة

هوامش

موضوعات

الأكثر قراءة

عشرة أفلام عظيمة عن المافيا (ترجمة)
10 أفلام تشويق إيروتيكية رائعة (ترجمة)
أين نحن في السير قدما...
الصحافة الثقافية وما نناضل من أجله

GOOGLE AD

نكـتـب لفلسطين

اشتراكك بنشرتنا البريدية سيحمل جديدنا إليك كل أسبوع

اختيارات المحرر

من أجل صحافة ثقافية فلسطينية متخصصة ومستقلة

اشتراكك بنشرتنا البريدية سيحمل جديدنا إليك كل أسبوع