مايا أبو الحيّات: طريقي إلى الشّعر بدأ بالتمثيل

أوس يعقوب

كاتب من فلسطين

أعتقد أن مشروعي الحقيقي بدأ مع رواية «لا أحد يعرف فئة دمه»، مشروعي الحالي مختلف تماماً، أنا دائماً مفتونة بالشخصيات والسرد الذي تحمله، لا أبدأ من الحدث بل من الشخصية التي يولّد سردها أحداثاً، الشخصيات تعلق معي لسنوات حتى يأتي الوقت وأكتبها كما يحدث معي اليوم مع روايتي الجديدة. 

...للكاتب/ة

اشتراكك بنشرتنا البريدية سيحمل جديدنا إليك كل أسبوع

الأكثر قراءة

الصحافة الثقافية وما نناضل من أجله
أين نحن في السير قدما...
عشرة أفلام عظيمة عن المافيا (ترجمة)
10 أفلام تشويق إيروتيكية رائعة (ترجمة)

من أجل صحافة ثقافية فلسطينية متخصصة ومستقلة

30/09/2017

تصوير: اسماء الغول

أوس يعقوب

كاتب من فلسطين

أوس يعقوب

يعمل كاتباً ومراسلاً صحفياً لعدد من الصحف والمجلات والمواقع الإلكترونية منذ العام 1993. صدر له عدة كتب ودراسات في الشؤون الثقافية الفلسطينية والعربية. وله مجموعة دراسات منشورة ضمن موسوعة "أعلام العلماء والأدباء العرب والمسلمين"، الصادرة عن المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (ألكسو) في تونس.

هذا حوارنا مع مايا أبو الحيات، صاحبة التجربة الخاصة التي تجمع بين الشعر والرواية والتمثيل وغيرها من الفنون، والتي ولدت في بيروت وعاشت ما بينها وبين عمان وتونس قبل أن تعود إلى نابلس، وتعيش أخيراً في مدينة القدس. 

أنطلق في حواري معك بالحديث عن رواية «كولكا»، للسويديّ بينغت أولسون، التي نقلتها من اللغة الإنكليزية للعربية ونُشرت مؤخراً. ما الذي دفعك لترجمتها؟ وأيّ تحديات واجهتك عند الترجمة؟ 

«كولكا» رواية ذهنيّة، فيها صوت واضح وقويّ، هو صوت الشخص المنبوذ، الذي يشعر أنّه أضعف ويتمرد على هذا الشعور، وهو أيضاً صوت المهاجرين والأغيار. الرواية صعبة لأنّ الفئة التي تتوجه إليها هي المراهقين، وهي ليست بالفئة السهلة حين تترجم النصوص للعربيّة، فالرواية مكتوبة بلغة قويّة ومباشرة وتدخل في دهاليز العقل المراهق بكل شطحاته وانزياحاته عن القوانين المكتوبة. لقد أحببت الرواية وشعرت فعلاً أنّ «كولكا» تمثّلني بطريقة ما. 

ترجمتِ أيضاً عن الإنكليزية بعض القصص للأطفال، ما هي معايير اختيارك للأعمال التي تقومين بترجمتها؟ وكيف أثرت الترجمة عليك كشاعرة وروائيّة وعلى كتاباتك بالخصوص؟

لا أتمتع كثيراً برفاهية اختيار النصوص التي أترجمها فالترجمة عمل في النهاية، لكنّني محظوظة إذ تُطلب مني ترجمة نصوص صعبة نوعاً ما، وشعريّة خاصّة للأطفال، ربّما لأنّ الجهة التي تطلب مني ذلك يعرفونني ويعرفون توجهاتي في هذا الخصوص. ترجمت قصة «الطائر الأحمر» لإستريد ليندغرين، ورواية «العجوز التي كسرت كل الحواجز» للسويدية كاثرين إنغلمان، وهي رواية لطيفة وخفيفة أنصح كل من تجاوز السبعين بقراءتها. الترجمة تجعلني أعيش في أحلام كُتّاب آخرين، إنّها مريحة لي ككاتبة وروائية وربّما هي السبب في أنّني غير قادرة على إكمال مشروعي الروائي الخاص الذي أعمل عليه منذ ثلاث سنوات، الترجمة والتمثيل يريحانني من التفكير الطويل والغوص في نفسي خاصّة مع الظروف الراهنة. لست مجبرة على الاختيار، أنا أترجم اختيارات الآخرين وأنا أنظر وأتأمل وأبتسم. 

بدأتِ روائيّة برواية «حبات السكّر» (2004)، ثمّ صدر لك مجموعة شعريّة «ما قالته فيه» (2007)، في وقت السائد فيه هو تحوّل العديد من الشعراء إلى عالم الرواية، ما الذي قادك إلى أرض القصيدة؟ وما الذي قدّمته في الشعر ولم تقدّميه في الرواية؟

كتبت الشعر منذ البداية، أي أنّ كل ما أعرفه عن نفسي قبل أول رواية كتبتها كان أنّني أكتب الشعر. لقد تتلمذت على المجاز وهذا أثّر كثيراً في عملي الروائي بكل تأكيد، خاصّة روايتي الأولى والثانية. أنا محتاجة للسرد تماماً كاحتياجي للحظة الشعريّة. السرد مشروع طويل مزاجي ومعقد وهو يعيش معي حياة طويلة، الشعر أيضاً مشروع مختلف لكنه يرتبط ارتباطاً مباشراً بما أشعر به وبما أنا قادرة على قوله. لا يمكن للشعر أن يغنيني عن السرد والعكس صحيح، أعرف أن كثيرين ضد هذا الطرح لكنني لست معنية بأن أؤكد أو أنفي، أنا أكتب الشعر والرواية وأكتب للأطفال وأكتب أحياناً للسينما وربّما أكتب للفراغ لا يهم نوع العمل المهم أنّني أفعل ما أستطيعه. أنا أمثّل وأترجم وأقرأ قصصاً للأطفال وأرقص وأطبخ وأشطف البيت أنا أفعل أشياء كثيرة ولا أفعل شيئاً أيضاً. 
 

أعود إلى بداياتك الأدبيّة، كيف كانت؟ ما هي نقطة التحوّل التي أسّست فعلاً لبدء هذه المسيرة؟

كنت أكتب دائماً، ديواني الأول نشرته حين كنت في الصف السابع طبعته لي صديقة وصرت أطبعه وأبيعه للطالبات في مدرسة البتراء في عمّان بنصف دينار. عندما كنت في العشرين من عمري قال لي صديق إنّه قرأ عن مسابقة رواية في الجريدة، وكانت مسابقة لمؤسّسة “عبد المحسن القطان” في نسختها الأولى، دخلت المسابقة وفزت بجائزة تشجيعية مقدارها 500 دولار اشتريت بها أشياء كثيرة، ثريا للبيت و6 بناطيل لأبي وفستاناً أسود لي وأشياء كثيرة، كانت أول مرة أكسب نقوداً من أيّ شيء، ولا بد أنّ الأمر أعجبني. لكن تلك السنة تصادفت مع اندلاع الانتفاضة الثانية وتلك كانت سنوات فاصلة في حياتي غيرتني تماماً وصنعت مني شخصاً جديداً، تركت الكتابة تماماً لمدة سنتين وكنت حتى لا أرد على من يلقي علي التحية من الأصدقاء، دخلت في حالة تدين شديدة وعزلة، ثمّ خرجت برواية «حبات السكّر»، كانت الرواية حجة للعودة بلا شك، كما يحدث دائماً. 

صدر لك في عام 2016 مجموعة شعريّة بعنوان «فساتين بيتية وحروب» عن دار الأهلية بعمّان، كيف تقدمينها للقراء، وفي أيّ أجواء كتبتها؟

المجموعة مضحكة برأيي، أحب أن أسمع من الناس أنّهم ضحكوا وهم يقرأونها، تخففت فيها من حدة الحرب وخفة الفساتين، بالضحك والتهكم. بصراحة كتبت معظمها وأنا أبكي، ماذا نملك سوى أن نبكي ونكتب ونحب ثمّ نعود لنكره أنفسنا. لكنني في هذه المجموعة كنت قريبة كثيراً من صوتي الحقيقي، الذي لا يخرج بسهولة، أنا أخجل من إبداء رأيي وملاحظاتي بأي شيء لأنّني أشعر أنّني لا شيء، من أنا لأقترح أو أضيف أو أصدق أنّني على حق، الديوان نبت في هذا الحقل من الريبة والخجل والغضب أيضاً.

طريقك إلى الشعر، كيف بدأ، وما ضمان استمراريته؟ وما هي عدّة الشاعر/ة برأيك؟

بدأ بالتمثيل، لقد قرأت الشعر قبل أن أكتبه، رغم أنّني الآن لا أقرأ الشعر بل أكتبه فقط، أنا أحب أن أقرأ الشعر لكنني أخجل من سطوته السمعيّة وتعجرفه أيضاً، الشعر سلطة في الحقيقة، سلطة المعرفة. 

كيف تكتبين القصيدة، هل تضعين مخطّطاً وأفكاراً ما لبناء القصيدة، أم أنّ أفكارها تتبلور ثمّ تلد بعفويّة جامحة؟

دائماً ما أبدأ من فكرة تعود معي إلى البيت، كأنها اكتشاف، الفكرة تأتي باللغة، ثمّ يتم تهذيب اللغة لتصبح مخططاً منضبطاً، أو غير منضبط. لا أفكر كثيراً بالقصائد، فهذا يأتي في مرحلة التحرير، وعادة ما أندم وأنا أحرر ديواني مثلاً بعد أن يطبع لأن ما يعلق في ذهني هو القصيدة قبل تحريرها، والتي تبدو أجمل بكثير منها بعد التحرير. 

صدر لك حتى الأن ثلاث روايات: «حبات السكّر»، و«عتبة ثقيلة الروح»، و«لا أحد يعرف فئة دمه». ما أعرفه أنّ لمعظم الروائيّين مشروع روائيّ، ما هو مشروعك؟ وأين يمكن للقارئ أن يتلمس ذلك فيما نشرت من الروايات؟

أعتقد أن مشروعي الحقيقي بدأ مع رواية «لا أحد يعرف فئة دمه»، مشروعي الحالي مختلف تماماً، أنا دائماً مفتونة بالشخصيات والسرد الذي تحمله، لا أبدأ من الحدث بل من الشخصية التي يولّد سردها أحداثاً، الشخصيات تعلق معي لسنوات حتى يأتي الوقت وأكتبها كما يحدث معي اليوم مع روايتي الجديدة. 


أنت مبدعة متعدّدة المواهب والأنشطة، تكتبين الرواية، والشعر، وأدب الطفل، وتترجمين، ولك تجارب في التمثيل التلفزيونيّ والسينمائيّ، فأين تجدين نفسك أكثر؟

الرواية هي التحدي الأكبر بالنسبة لي، لكنني أحب أن أرتاح في الترجمة والتمثيل خاصّة في الوقت الحالي، ربّما لأنّني تائهة رغم أنّني أعرف من أنا. 

نتوقف معك الآن عند تجربتك الفنّيّة، حيث خضت غمار التمثيل في أكثر من عمل تلفزيونيّ وسينمائيّ، متى قررت أن تصبحي ممثلة، وما الذي جنيته من فنّ التمثيل، وماذا أضاف لتجربتك ككاتبة؟ 

التمثيل ليس بجديد عليّ لكنني لم أمارسه إلا حديثاً، أنا غير مقبولة من مجتمع الممثلين لهذا أنا دائماً على الهامش، فأنا من مجال آخر بالنسبة لهم مجال متفلسف ولا يحبونه رغم أنهم يطمحون إليه وهو الكتابة. بصراحة التمثيل عرفني على الناس أكثر بكثير من الكتابة، الجمهور العادي والناس في الشارع يعرفونني بـ”حسنية” مثلاً، وهو الدور الذي أديته في مسلسل «باب العامود» بجزأيه، فيما لا يعرفون أيّاً من كتبي التي نشرتها.

هذا مريح ومخيف أيضاً، فأنا أخاف أن يقرأوا ما أكتبه بصراحة وأشعر أنها ستكون صدمة بالنسبة لكثير من الجمهور، لكنهم في الوقت نفسه يحبونني بطريقة ما وهذا يجعلني مقبولة لديهم، وما أقوله ربّما يكون مصدّقاً ومحترماً. يعني أنّني أملك سلطة أنا الأخرى، وهذا يمررني لقلوبهم وعقولهم كما يحدث في عملي مع المدارس، فالتمثيل فتح لي باباً كبيراً في قلوب الطلاب والمعلمات والأمهات ويجعلني أمر إليهم بسهولة ويسر. 

وقفة ثانية، هذه المرّة مع تجربتك في “ورشة فلسطين للكتابة”، وأسألك: هل أنت مع “مأسسة” الكتابة، من خلال المشاريع والورش الأدبيّة التي باتت ظاهرة عربيّة منتشرة في بلداننا؟ 

لست مع مأسسة الكتابة لكننا مجبرون على المأسسة، مثلاً ورشة فلسطين لم تكن مؤسّسة بل كانت مبادرة صغيرة منذ العام 2009 قادتها “مورغن كوبر” وحين تعبت “كوبر” في العام 2013 قررت أن أقودها أنا تطوّعًا أي دون أجر، وقد استمريت بذلك حتى اليوم، لكننا اضطررنا لتسجيلها اليوم كمؤسّسة لأنّنا لا نستطيع أن نعمل دون إطار قانوني، وربّما لأنّنا نجحنا في ما نقدمه، وهو أمر مزعج جداً بالنسبة لي لأن هذا سيسحب عني فكرة التطوع والعمل من أجل حب الفكرة، وسيجعلني أعمل من أجل إرضاء مجلس الإدارة مثلاً، وبهذا سأفكر أنني أريد حقوقي وهكذا، أي أنّ المؤسّسة تقتل الأفكار الإبداعيّة، لأنك تبدأ بالعمل من أجل إظهار أنّك ناجح ومهم وتنجز، لا لأنّك محب وشغوف وتشعر بالحاجة لعمل مشاريع أدبيّة تهمك أنت شخصياً بغض النظر عن أهميتها للآخرين. 

ما الذي يشدّك كإنسانة وكاتبة إلى عالم الطفولة، وكيف عشت هذه المرحلة من حياتك؟

أعتقد أنّني بدأت أكبر فأنا حالياً لا أشعر برغبة كبيرة في التعامل مع أحد، أنا في مرحلة أقفل على نفسي الباب وأعمل وحدي، لكنني بصراحة ما أن أرى طفلاً في الشارع حتى أركض نحوه، وأريد أن أقرأ قصة أو ألعب أو أركض وأنط. لقد تعلمت ببطء شديد أن أدلل نفسي، أنا أتعلم الأشياء وحدي مع العمر، لكن هذا الأمر يجعلني سعيدة. أن أدلل نفسي بأشياء بسيطة، كأن أطلب شيئاً أحبه في مطعم مثلاً، كنت دائماً أكل ما يأكله الآخرون دون قرار، الآن أنا أقرر وأريد وأحب، هذه أمور تجلعني أشعر أنّني أكبر وأصبح مهمة أمام نفسي. 

أخيراً، ما الذي يشغلك هذه الأيام على صعيد الكتابة الإبداعيّة، وما هو عملك القادم؟

يوجد مشروع تمثيل في فيلم مع المخرج إيهاب جاد الله، ونحضر للجزء الثالث من مسلسل «باب العامود» مع المخرج والممثل إسماعيل الدباغ، وأعمل على رواية جديدة. 
 

 

الكاتب: أوس يعقوب

هوامش

موضوعات

الأكثر قراءة

عشرة أفلام عظيمة عن المافيا (ترجمة)
10 أفلام تشويق إيروتيكية رائعة (ترجمة)
أين نحن في السير قدما...
الصحافة الثقافية وما نناضل من أجله

GOOGLE AD

نكـتـب لفلسطين

اشتراكك بنشرتنا البريدية سيحمل جديدنا إليك كل أسبوع

اختيارات المحرر

من أجل صحافة ثقافية فلسطينية متخصصة ومستقلة

اشتراكك بنشرتنا البريدية سيحمل جديدنا إليك كل أسبوع