هل قرأ الشاعر محمود درويش القاصة سميرة عزام؟

عادل الاسطة

ناقد من فلسطين

تضع سميرة عزام السؤال بين علامات تنصيص، وتضع كلمة "حريتكم" بين قوسين، ما يعني أن الدال يقول أكثر مما يقوله ظاهره. أنه محمل بمدلولات بعيدة فيها من السخرية المرة ما فيها، وأن الحرية ليست متوفرة لفلسطينيي المنفى، كما أن البقاء في فلسطين ليس بالضرورة إقامة في سجن.

...للكاتب/ة

اشتراكك بنشرتنا البريدية سيحمل جديدنا إليك كل أسبوع

الأكثر قراءة

الصحافة الثقافية وما نناضل من أجله
أين نحن في السير قدما...
عشرة أفلام عظيمة عن المافيا (ترجمة)
10 أفلام تشويق إيروتيكية رائعة (ترجمة)

من أجل صحافة ثقافية فلسطينية متخصصة ومستقلة

06/08/2018

تصوير: اسماء الغول

عادل الاسطة

ناقد من فلسطين

عادل الاسطة

يحاضر في جامعة النجاح الوطنية بنابلس، ويكتب زاوية أسبوعية في جريدة الأيام الفلسطينية. مهتم بالشاعرين محمود درويش ومظفر النواب وأصدر عنهما كتبا عديدة. يهتم بالقصة القصيرة الفلسطينية وبالرواية العربية أيضا.

عاش محمود درويش حتى العام 1970 في فلسطين التي تغنّى بها وخصص عنواناً من عناوين مجموعاته لها “عاشق من فلسطين”، وسافر إلى موسكو للتثقف في الفكر الماركسي والفلسفة حتى يعود إلى حيفا ليواصل نضاله تحت راية الحزب الشيوعي معتمداً على ثقافته الماركسية.

لم يعد الشاعر إلى حيفا، فقد سافر إلى مصر وأقام فيها حتى 1973 تقريباً، ليغادرها إلى بيروت وليستقر فيها حتى 1982. لم يلتق درويش في بيروت بغسان كنفاني ولا بسميرة عزام، فقد توفيت القاصة في آب 1967. قرأ درويش كنفاني ورثاه بمقالة معروفة “غزال يبشر بزلزال“، ولا أعرف إن كان قرأ القاصة أو إن كان رثاها شعراً أو نثراً. استشهد كنفاني في تموز 1972 وتوفيت عزام ودرويش في آب، وبين وفاتهما واحد وأربعون عاماً.

هل كان الشاعر من قرّاء فن القصة القصيرة وفن الرواية؟ وهل تأثّر، بوعي أو دون وعي، بقراءاته النثرية؟

الإجابة عن السؤالين السابقين ليست صعبة. يتطلب الأمر أن ننظر في كتبه النثرية وفي مقالاته وفي كتاب ”الرسائل” المتبادلة مع الشاعر سميح القاسم الذي توفي أيضاً في شهر آب.

تقول لنا رسائل محمود إلى سميح أنه قرأ روايات من الأدب العبري والعالمي، فحضور النص العبري في نصوصه الإبداعية واضح، وتقول لنا رسائله و”خطب الدكتاتور الموزونة“ أنه قرأ روايات من الأدب الأميركي اللاتيني وتأثر بها. إن “خطب الدكتاتور الموزونة“ هي النص العربي الموازي لرواية الدكتاتور في روايات أميركا اللاتينية التي نقلت إلى العربية في سبعينيات القرن العشرين.

أعود إلى السؤال الأساس: هل قرأ الشاعر القاصة وتأثر بها؟ وحتى يعثر المرء على إجابة يطمئن إليها فيجب أن يقرأ نتاج الكاتبين معاً.

ما الذي أثار الفكرة في ذهني؟ أهي مناسبة وفاة الكاتبين في هذا الشهر؟

كنت أقرأ في أشعار الشاعر الأولى فلفت نظري سطر للشاعر يقول فيه إن وكالة الغوث لا تسأل عن موته فهو كلاجئ فلسطيني لا يعنيها. وكنت اقرأ في الوقت نفسه قصة سميرة عزام “لأنه يحبهم“ فلاحظت اختلافاً واضحاً بين موقف الشاعر والقاصة من موقف وكالة الغوث من اللاجئ الفلسطيني. إن الوكالة في قصة عزام يعنيها موت اللاجئ حتى تقطع عنه المعونات، وكان أبو سليم جاسوس المخيم سرعان ما يخبر مكتب الوكالة في المخيم بمن مات أو هاجر لتباشر الوكالة إجراءاتها.

ما سبق قال لي إن درويش لم يقرأ سميرة حين كان في الأرض المحتلة، ولعل قصصها لم تعرف في فلسطين إلا بعد أن نشرها يعقوب حجازي صاحب دار ”الأسوار“ في سبعينيات القرن العشرين.

وأنا أبحث عن قصة “الحاج محمد باع حجته” ألتفت إلى التصدير، فتذكرت أشعار درويش بعد خروجه من الأرض المحتلة، وفكرت في الصلة بين بعض قصص القاصة وبعض قصائد الشاعر، وهذا ما يجب أن نتوقف أمامه.

تصدّر القاصة قصتها بالآتي: “إليها تلك الغريبة التي سألتها في بيت صفافا من وراء الشريط “كيف تشعرون أنتم في سجنكم”، فقالت: “بل قولي كيف تشعرون أنتم في (حريتكم)؟…” فألقمتني حجراً بهذا السؤال الجواب”.

والتصدير يأتي على واقع الفلسطينيين بعد نكبة 1948، فـ 650 ألف فلسطيني صاروا لاجئين، و150ألف بقوا في قراهم ومدنهم وصحرائهم. أي الفريقين يعاني أكثر؟

من هي وراء الحدود تنظر إلى من بقي في أرضه على أنه سجين، إذ أصبحت فلسطين كلها سجناً، وعلى العكس منها تنظر المرأة الباقية في أرضها.

تضع سميرة عزام السؤال بين علامات تنصيص، وتضع كلمة “حريتكم” بين قوسين، ما يعني أن الدال يقول أكثر مما يقوله ظاهره. أنه محمل بمدلولات بعيدة فيها من السخرية المرة ما فيها، وأن الحرية ليست متوفرة لفلسطينيي المنفى، كما أن البقاء في فلسطين ليس بالضرورة إقامة في سجن.

إن قصص سميرة عزام ذات المحتوى الوطني تقول أيضاً إن الحرية غير موجودة في المنفى. قصة “فلسطيني” مثلاً.

تحفل أشعار درويش، بعد خروجه من الأرض المحتلة، بالكتابة عن الغزاة والطغاة وعدم التفريق بينهما. يستطيع المرء أن يأتي بمقاطع شعرية ونثرية ليدلل على ما يقوله.

منذ 1979، في قصيدة “سرحان يشرب القهوة في الكافتيريا“ يبرز دالا الطغاة والغزاة معاً، وفي قصيدة الشاعر في رثاء راشد حسين “كان ما سوف يكون“ عام 1977 نقرأ عن قسوة المنفى وتفضيل سجن الوطن عليه:

“والتقينا بعد عام في مطار القاهرة

قال لي بعد ثلاثين دقيقة:

“ليتني كنت طليقاً

في سجون الناصرة “.

هل ثمة فرق بين المقطع السابق وتصدير قصة سميرة؟

في رثاء ماجد أبو شرار يكتب درويش:

“وكان السجن في الدنيا مكاناً

فحررنا ليقتلنا البديل”

و:

“ويا لحم الفلسطيني فوق موائد الحكام، يا حجر التوازن والتضامن بين جلاديك، حرف الضاد لا يحميك، فاختصر الطريق عليك يا لحم الفلسطيني”.

هل اختلفت الكتابة في مقالته “في وصف حالتنا”؟

“عشرون مملكة ونيف

كوليرا طاعون ونيف

من ليس بوليساً علينا

فليشرف

من ليس جاسوساً علينا

فليشرف”

بلغ الأمر ذروته في مجموعة “حالة حصار” عام 2002 حين كتب الشاعر، وهو في رام الله، عن إخوته في العالم العربي:

“لنا إخوة خلف هذا المدى

إخوة طيبون، يحبوننا، ينظرون إلينا

ويبكون، ثم يقولون في سرهم:

“ليت هذا الحصار هنا علني..”

ولا يكملون العبارة: “لا تتركونا

وحيدين…لا تتركونا”

هل قرأ الشاعر القاصة أم هي التجربة المتشابهة؟

الكاتب: عادل الاسطة

هوامش

موضوعات

الأكثر قراءة

عشرة أفلام عظيمة عن المافيا (ترجمة)
10 أفلام تشويق إيروتيكية رائعة (ترجمة)
أين نحن في السير قدما...
الصحافة الثقافية وما نناضل من أجله

GOOGLE AD

نكـتـب لفلسطين

اشتراكك بنشرتنا البريدية سيحمل جديدنا إليك كل أسبوع

اختيارات المحرر

من أجل صحافة ثقافية فلسطينية متخصصة ومستقلة

اشتراكك بنشرتنا البريدية سيحمل جديدنا إليك كل أسبوع