تنطلق فعاليات مهرجان “قلنديا الدولي” في الفترة ما بين الثالث والثلاثين من شهر تشرين الأول/ أكتوبر المُقبل، في دورته الرابعة، تحت شعار “التضامن”، في عدد من القرى والمدن الفلسطينية، سعياً إلى تعزيز دور الثقافة في فلسطين المحتلة، وترسيخ مكانتها الثقافية في العالم.
“رمان” التقت المهندسة المعمارية فداء توما، نائب المدير العام في مؤسسة عبد المحسن القطان، لنتعرف على تاريخ وملامح هذه التظاهرة الثقافية الوطنية، وللوقوف كذلك على تفاصيل النسخة الرابعة من “قلنديا الدولي”.
أول سؤال يتبادر إلى الأذهان، لماذا “قلنديا”؟ من أين وُلدت فكرة التظاهرة، وكيف انطلقت؟
ولدت الفكرة في عام 2012 عندما بدأت أربعة مؤسسات تعمل بشكل مباشر وكامل أو جزئي في الفنون البصرية، حينها بدأ الحديث عن إمكانية عمل نشاط مشترك يوحد طاقاتها ومواردها لتقديم تظاهرة على مستوى عال مختصة بالفنون البصرية في فلسطين، في مسعى لتكريس اسم فلسطين على خارطة العمل الثقافي في المشهد العالمي، وتعريف الجمهور الأوسع في بلادنا بالإنتاجات المحلية والعالمية في الفنون البصرية والمعاصرة.
كنا نرى انحساراً في تمويل هذا النوع من الإنتاج الفني في فلسطين بالإضافة إلى تشتته إلى حد ما، بالرغم من غنى التجربة وعمق الإنتاج.
اجتمعت، آنذاك، مؤسسة المعمل للفن المعاصر، ومركز رواق للمعمار الشعبي، وحوش الفن الفلسطيني، ومؤسسة عبد المحسن القطان، للعمل معاً لتسخير ما توفر من موارد وترتب خططها بشكل عملي لتتزامن إنتاجاتها من أعمال ونشاطات ومشاريع بحيث تكون في مجموعها تظاهرة متماسكة تعنى بالفنون البصرية في فلسطين، على أن يكون لها امتدادها الجغرافي وتستهدف الجمهور الأوسع في فلسطين والعالم. وقد استمرت الاجتماعات والنقاشات لفترة من الزمن. تضمن ذلك إرساء طريقة العمل ووضع المعايير الأساسية للتعاون وبناء شراكات أوسع (فقد انضم لاحقاً للنسخة الأولى من “قلنديا الدولي”، كل من: مركز خليل السكاكيني والأكاديمية الدولية للفنون- فلسطين، ودارة الثقافة والفنون- الناصرة).
أحد هذه المواضيع التي تم نقاشها بشكل مستفيض كان اسم التظاهرة، وقد تم اختيار “قلنديا” لكون قصة المكان تعبر عن التناقضات والتحولات التي عشناها ونعيشها في فلسطين، وللطبقات المتعددة لدلالات الكلمة/المكان، وبالتالي إرسال الرسالة السياسية، ومحاولة أيضاً لقلب المعنى واستعادة المكان/ الكلمة إلى عالم الانفتاح والتواصل والإبداع.
فـ”قلنديا” هو اسم قرية صغيرة ما زالت قائمة حتى يومنا هذا، وقد قام على جزء من أرضها مطار القدس، الذي ربط فلسطين بالعالم (خاصة العالم العربي) قبل 1967، وهو اسم مخيم اللاجئين الذي أقيم بعد نكبة العام 1948 على جزء من أراضي القرية أيضاً.
أما الآن فـ”قلنديا” ومنذ عام 2000 مرتبط بالحاجز العسكري الإسرائيلي الذي يقطع الضفة الغربية عن الوسط ويفصل رام الله ومدن شمال الضفة عن القدس، وقد أصبح هذا الحاجز شاهداً يومياً على المعاناة الإنسانية، وعلى هيمنة الاحتلال وتقييد حرية حركة الفلسطينيين، وورشة مفتوحة لمؤسسات دولة الاحتلال. “قلنديا الدولي” هو خطوة أخرى نحو استعادة مكانة فلسطين في الذاكرة والتاريخ، وفرض حضورها المبدع والإنساني.
تبحث النسخة الرابعة من “قلنديا الدولي” في السادس من تشرين الأول/ أكتوبر المقبل في موضوع التضامن، ما هي الأسس والدوافع لاختياركم هذه الثيمة في هذه السنة تحديداً؟
ينظم “قلنديا الدولي” مرة كل سنتين، وكل نسخة تبحث في موضوع له علاقة مباشرة بما نمر به في فلسطين، وكذلك بما نود البحث فيه بشكل أعمق.
السؤال الاجتماعي كان محور النقاش في هذه الدورة أي (أي مجتمع نريد؟)، فلفترة طويلة كنا نؤمن أو نعتقد بأن قيمنا المجتمعية مشتركة وأن الروح الجماعية التي سمحت للمجتمع الفلسطيني، لعقود طويلة بالمقاومة والبقاء على قيد الحياة ما زالت قائمة. لكننا، وبواقعية، نمر في مرحلة من التدهور والغموض، مرحلة تقودها التجاذبات ما بين النيوليبرالية والتشدد الديني، مرحلة يسودها التسليم بالواقع وانحدار المشروع السياسي والاجتماعي.
نظيراً للسؤال الاجتماعي كان مفهوم التضامن، التضامن كعنوان عريض للبحث في السؤال الاجتماعي في فلسطين ومع العالم أيضاً. فالتضامن كان مكوناً أساسياً في النضال التحرري ضد البنى الاستعمارية في فلسطين والعالم، وقد كانت فلسطين في قلب هذا النضال. لكنه كمفهوم دخل أيضاً في تحوّلات بسبب تغيرات داخلية في فلسطين أو في الدول الأخرى، وبسبب التحوّلات التي مرت بها القوى العالمية وتحالفاتها والأيديولوجيات التي أنتجت الممارسات التضامنية. وبالتالي فالتضامن كثيمة وكفكرة ما بين الشعوب في ظلّ التحوّلات العالمية، يدعونا للتساؤل كيف تحوّلت هذه الثيمة وكيف تتجلى الآن، وهذا بلا شك أيضاً مرتبط بالسؤال الاجتماعي بشكل أوسع.
من يقف خلف دعم هذا المهرجان، وكيف تموّلون أنفسكم؟ ومن هم الشركاء الأساسيون؟
“قلنديا الدولي” عبارة عن تجمع أفقي لمؤسسات لها برامجها ومشاريعها. تقوم هذه المؤسسات بالمشاركة بأحد مشروعاتها في هذا التجمع ليتبع الثيمة المتفق عليها والنسق الإعلامي والجدولة الزمنية، وتسخر ما لديها من موارد لخدمة هذا المشروع المشترك.
المشروع الخاص بأية مؤسسة يتم حشد التمويل له من قبل تلك المؤسسة من خلال مصادرها المعتادة (يمكنكم معرفة ممولي أية مؤسسة شريكة من موقعها الالكتروني)، أما بالنسبة للمشترك، كالافتتاح، والمواصلات، والإعلام، والإعلان، ولقاءات قلنديا، والتنسيق، واستضافة عدد من الصحفيين الأجانب، فيتم تمويلها من مصادر ثلاثة: أولاً، من قبل المؤسسات بشكل جمعي بحيث تضع كل مؤسسة مبلغاً متفقاً عليه في صندوق مشترك تحت إدارة إحدى المؤسسات الشريكة (ويتم التناوب على ذلك).
ثانياً، من قبل المؤسسات الشريكة أيضاً من خلال تسخير مواردها البشرية أو شبكة علاقاتها أو أي موارد أخرى غير مالية. أما المصدر الثالث، فيتمثل في حشد التمويل من المصادر المحلية لتغطية أي عجز في الموازنة المشتركة. وقد اتفقنا منذ البداية أننا لن نقوم بطلب تغطية مالية للنشاطات المشتركة سوى من مصادر فلسطينية فقط. وهكذا كان، فقد قامت مؤسسات وشركات خاصة وأفراد فلسطينيون بالتبرع لمهرجان “قلنديا الدولي” في كافة النسخ السابقة.
الفكرة من هذه الطريقة بالعمل جاءت من إدراكنا أن أي تظاهرة بالحجم والجودة والصدى الذي نريده لن تستطيع مؤسسة واحدة أن تقوم به لوحدها، وبما أن المؤسسات الشريكة تتمتع جميعاً بالمعرفة والقدرة لكن قد تنقصها الموارد المالية، وبالتالي تم الاستثمار بالشراكة وتسخير الموارد لهدف واحد مع ترك المجال لكل مؤسسة بإنتاج عملها مباشرة، لكن تحت ثيمة “قلنديا الدولي” وبتنسيق كامل مع باقي المؤسسات الشريكة في كل نسخة.
في هذه النسخة تحديداً لم نتلق تمويلاً من أي شركة محلية، ونحن فخورون بأننا استطعنا ومن خلال مواردنا المحدودة تنظيم “قلنديا الدولي” دون الاعتماد على أي مصدر خارجي وهذا أمر نادر الحدوث في فلسطين.
ماذا عن سلطات الاحتلال، ما هو موقفها تجاه هذا المهرجان، هل من عقبات وعراقيل؟
أي إنتاج ثقافي في فلسطين (أو أي عملية إنتاج في الواقع) يؤثر عليها الاحتلال إن كان بشكل مباشر أم لا. نحن جميعاً نعيش بشكل دائم تحت الاحتلال، نعيشه في كافة تفاصيل حياتنا اليومية، ليس هنالك موقف من الاحتلال تجاه “قلنديا الدولي“ بل هنالك موقف من قبل الاحتلال تجاه كل فلسطيني أينما تواجد وماذا فعل!
قيود الحركة مثلاً، وهي ليست المثال الأشد عنفاً أو قمعاً من الاحتلال، لا تمنعنا فقط من التواصل مع بعضنا البعض أو السفر، بل تفرض واقعاً يجعل تخيل الذهاب في زيارة بعد العمل للأهل في مدينة أخرى مستحيلاً، كما يجعل جيلاً كاملاً لا يستطيع أن يتخيل أننا في يوم من الأيام كنا نستطيع أن نصل إلى القدس من رام الله في السيارة خلال 15 دقيقة أو أننا كنا نسبح في بحر غزة ونحن أطفال. الاحتلال ليس فقط فرض هيمنة على الأرض بل هو أيضاً محاولة لفرض هيمنة على الفكر، وبالتالي أي عمل ثقافي هو بالضرورة مقاومة لهذه الهيمنة ودعوة لتحرير الفكر.
العراقيل أيضاً تتفاوت من مكان لمكان للأسف، لأن الاحتلال قد نجح في تقسيمنا إلى “كنتونات”، فمعارض حيفا والناصرة تنطلق ضمن سياق يختلف عن تلك التي تقام في مدينة رام الله أو قلنديا (القرية) أو بيت لحم أو عبوين، والتي تختلف بواقعها أيضاً عن تلك التي تفتتح في غزة، وبالطبع الجمهور الفلسطيني مقيد في زيارة المعارض في المواقع المختلفة في فلسطين بحدودها الانتدابية. بالتالي لا يمكنني الإجابة عن موقف الاحتلال أو عراقيله تجاه “قلنديا الدولي”، لأن مهرجاننا بكل بساطة جزء من الواقع اليومي الفلسطيني بكافة العراقيل والممارسات التي يفرضها الاحتلال عليه.
ما هي آليات اختيار الشخصيات المشاركة في فعاليات “قلنديا الدولي”، وهل من معايير معينة؟
لا يقوم المهرجان باختيار شخصيات. كل مؤسسة شريكة تقوم بتنفيذ مشروعها ضمن “قلنديا الدولي” لديها طرقها باختيار قيمي المشاريع و/أو الفنانين والمتحدثين فيها، وهي طرق مختلفة، فمثلاً قد تقوم المؤسسات بدعوة عامة للفنانين للتقدم بمشروعاتهم ضمن ثيمة معينة، أو تقوم المؤسسة بتعيين قيم للمشروع والذي/التي بدوره/ا ت/يختار الفنانين المشاركين، أو تقوم المؤسسة بالعمل ضمن طاقمها ومع المجتمع المحيط لإنتاج أعمال بصرية معينة.
المؤسسات الشريكة، هي مؤسسات لها تاريخ طويل في العمل الثقافي، ولديها معايير العمل الخاصة بها، منها الجودة والملائمة وطبيعة العمل الفني والفكرة، إلخ. أما بالنسبة للنشاطات المشتركة كالافتتاح والحوارات، فيتم نقاشها حول دائرة مستديرة ويتم التداول في أي اسم يتم طرحه، وهي حالات قليلة وخاصة كدعوة شخصية اعتبارية للحديث في حفل الافتتاح.
“قلنديا الدولي” في نسخته الأولى ٢٠١٢، تحت شعار “فلسطين: فن وحياة”، في 2014 “الأرشيف حياة ومشاركة”، وفي 2016 “هذا البحر لي”، وفي تحمل النسخة الرابعة 2018 شعار “التضامن”. من أين تستلهمون موضوعاتكم؟ وبالتالي ما هو الخيط الرابط بين جميع هذه التيمات؟
كافة القرارات في “قلنديا الدولي” يتم اتخاذها، حرفياً، حول طاولة مستديرة، ذلك أن هيكيلة التظاهرة أفقية. كل مؤسسة لها ممثل أو أكثر حول الطاولة المستديرة، ولها صوت واحد. كافة المواضيع يتم طرحها حول هذه الطاولة وتتم مناقشتها من قبل كافة الأطراف إسهاماً في تطويرها. وبالتالي التطور في الاسم واستخدامه كثيمة حقيقة هو تطور عضوي. في عام 2012، كان الهدف الأساس بناء الشراكة وتقديم إنتاج فلسطين البصري، وبالتالي كان احتفاءً بفلسطين، ولم يتم التعامل معه كثيمة لإنتاج المشاريع والفعاليات وقد كان واسعاً بحيث سمح لكافة الفعاليات والمعارض أن تكون متوائمة معه.
أما في الأعوام التي تلت، فقد تم التركيز بشكل أكبر على تطوير ثيمة تحمل هم الشركاء ورغبتهم في البحث، وتطلعاتهم لإنتاجات جديدة حول أفكار ومواضيع ذات صلة بواقعنا في ذلك العام. لربما الرابط بين كل هذه الثيمات هو فلسطين والمشهد السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي فيها، والسؤال المعاصر والعلاقة مع التغيرات والأحداث العالمية. كما يتم اختيار مواضيع تسمح بالبحث المعمق ومن عدسات وزوايا مختلفة، بحيث يمكن للفنون البصرية أن تقدم وجهة نظر أو معرفة جديدة حول الأسئلة التي يتم طرحها. في كل نسخة نتداول عدداً من الثيمات/ المواضيع ونقوم بتحليلها ونختار سوياً الموضوع الذي يولد النقاش الأعمق والأوسع.
كيف تجدون الإقبال الجماهيري على فعاليات “قلنديا الدولي”؟ هل أنتم راضون عنه؟ وما هي طموحاتكم المستقبلية لتعزيز الصلة مع الجمهور الفلسطيني؟
الإقبال في تزايد على فعاليات المهرجان على تنوعها، ففي تقديرنا تضاعفت أعداد الجمهور ما بين عام 2012 في النسخة الأولى و2016 في نسخته الثالثة. الجمهور (وخاصة المحلي) هو مكون أساسي في تخطيطنا لـ”قلنديا الدولي”، حيث نحاول الذهاب للجمهور من خلال التوسع الجغرافي للفعاليات وطبيعتها. فالمعارض والندوات والجولات لا تتركز في المدن الرئيسية والمعتادة فقط، بل تذهب إلى القرى والمدن الأبعد عن المركز. وبالتالي طموحاتنا هي أن يزداد جمهورنا المحلي وأن نستطيع أن نتواصل مع الجمهور الأوسع على مستوى المحيط والعالم.
في 2012 كانت الفعاليات في ثمانية مدن وقرى، وتوسعت في 2014 إلى خمسة عشر مدينة وقرية، أما في 2016 فقد كانت هنالك فعاليات في عمّان وبيروت ولندن، قامت بها مؤسسات شريكة كل في جغرافيتها. من المهم الإشارة هنا أن “قلنديا الدولي” يجذب جمهوراً عالمياً، كذلك هناك جمهور يأتي من أنحاء مختلفة من العالم لحضور فعاليات المهرجان في فلسطين المحتلة. في هذا العام تحديداً أطلقنا برنامج الفعاليات المصاحبة التي تنظمها مؤسسات وأفراد من أنحاء مختلفة من العالم.
ما هي أبرز المشاركات الفلسطينية والعالمية في هذه الدورة؟
تشارك في هذا العام من مدينة القدس المحتلة مؤسسة المعمل للفن المعاصر بالنسخة التاسعة من معرض “على أبواب الجنة”، وحوش الفن الفلسطيني بمعرض يحمل اسم “فاصلة”. وفي قرى شمال القدس يقدم رواق “عونة: تجميع، تبادل، تعاضد”. وفي بيرزيت يقدم المتحف الفلسطيني وجهاً جديداً من معرضه “غزل العروق”، وتقدم مؤسسة عبد المحسن القطان ومتحف جامعة بيرزيت النسخة السادسة من معرض المدن بعنوان “مدينة اللد- الحديقة المغيبة”.
وفي رام الله يقدم مركز خليل السكاكيني معرض “دَين”، وبلدية رام الله “حراك دائم”، أما في غزّة المحاصرة فينظم غاليري إلتقاء ومجموعة شبابيك معرضاً بعنوان “بين الجميع قربتْ آمادا”. هذا بالنسبة للمعارض، التي يشارك فيها العديد من الفنانين الفلسطينيين والعالميين، والتي سيصاحبها مجموعة من الحوارات والجولات المتنوعة. وفي هذا العام تشارك معنا العديد من المؤسسات والمجموعات من خلال نشاطات مصاحبة في فلسطين والعالم.
من أبرز المشاركات في فلسطين، مشاركة مركز فاتح المدرس للثقافة والفن، من مجدل شمس في الجولان المحتل، حيث سيتم تنظيم رحلة إلى الجولان بتنظيم من المرصد – المركز العربي لحقوق الانسان، تتزامن مع افتتاح معرض “ندفة ثلج” في مركز فاتح المدرس. كما وتشارك أيضاً القيّمة استر ساكس بمعرض بعنوان “الدعاية يا حبي: فلسطين في منشورات هنغاريا الإشتراكية”، والذي سيقام في “غرفة النسخ” في رام الله، وسيكون هنالك كذلك معرض جماعي لخمسة عشر فناناً من الجولان في مركز غوته في رام الله، ينظمه مركز فاتح المدرس أيضاً، بالتزامن مع معرض “100 عام” لجاك برسكيان في مركز غوته كذلك. أما في القدس فستقوم المكتبة الخالدية في البلدة القديمة، بعرض مجموعة من مخطوطاتها -لأول مرة- ضمن معرض بعنوان “المعرفة والمكان والزمان”. ويشارك مسرح عشتار من جهة، بعرض مسرحية “حجارة وبرتقال”. إضافة إلى كل ذلك، سيتم تنظيم جولات فنية في بيت لحم وعرض أدائي لمنار الزعبي وشادن أبو العسل في حيفا.
على الصعيد العالمي، سيتم تنظيم فعاليات مصاحبة في جنوب إفريقيا، والولايات المتحدة، وألمانيا، وويلز، من أبرزها جلسة حوارية بعنوان “التضامن الأسود الفلسطيني: 1968/2018” في جامعة كولومبيا في نيويورك، وعرض أدائي لخالد جرار في وال-ستريت بالقرب من البورصة بعنوان “دم طازج للبيع”، وعرض أدائي بعنوان “التضامن والتعاطف” في متحف فلسطين في كيب تاون، ومسار فني حول جدارية أوليمبيا-رفح في أوليمبيا-واشنطن، بالإضافة إلى العديد من الفعاليات الأخرى. ويمكن للقراء الحصول على المعلومات كافة من موقعنا الالكتروني.
يشارك في فعاليات مهرجان “قلنديا الدولي” منذ انطلاقته فنانون من أنحاء العالم. سؤالي: كيف تنظرون إلى ما يُطرح من جدل حول مسألة التطبيع مع دولة الاحتلال؟ وما هو موقفكم كمنظمين من التطبيع؟
“قلنديا الدولي” لا يقوم بالعمل مع مشاريع، أو أفراد أو مؤسسات أو مجموعات تطبع مع الاحتلال بشكل مباشر أو غير مباشر، فالمهرجان هو جزء من الحراك الثقافي الفلسطيني، ويحمل الهم الوطني كأي مكون من مكونات هذا الشعب. يشارك فنانون من أنحاء العالم في “قلنديا الدولي”، وفي العديد من النشاطات الثقافية في فلسطين، كما كان الحال دائماً، في اعتقادي أن كافة المؤسسات المشاركة على مستوى من الوعي الأخلاقي والسياسي لتمييز الأفراد أو الأعمال التي تدعو أو تسعى للتطبيع مع الاحتلال، وبالتالي هذا موضوع مفروغ منه.
برأيك إلى أي مدى تخدم مثل هذه المهرجانات والتظاهرات الفنية والثقافية القضية الفلسطينية على الصعيد العالمي، وبالتالي ترسيخ مكانة فلسطين ثقافياً في العالم؟ ومن ثمّ كم هو مهم أن يتم نقل معاناة شعبنا للآخر عن طريق الفنون المعاصرة؟
“قلنديا الدولي” -كما ذكرت سابقاً- جاء لتعزيز دور الثقافة في فلسطين، وترسيخ مكانة فلسطين الثقافية في العالم، كخطوة أخرى نحو استعادة مكانة فلسطين في الذاكرة والتاريخ، وفرض حضورها المبدع والإنساني، وذلك لقناعتنا بأن الثقافة والفن هي من أهم الأدوات للحوار الداخلي وللحوار مع العالم. المهم بالنسبة لنا هو نقل القضية الفلسطينية، والهم الفلسطيني الإنساني للعالم، والمساهمة الفلسطينية في عالم الثقافة والفن، وكمحفل للفنون المعاصرة فمن الطبيعي أننا نولي أهمية كبيرة لقدرة الثقافة في نقل ما نريد إيصاله للآخر، أياً كان هذا الآخر، صديقاً أم عدواً. ومن المهم أيضاً، إبراز الإنتاج الإبداعي في فلسطين، إضافة إلى عرض الإنتاجات العالمية لجمهورنا في فلسطين.
يُشار إلى أن المهندسة فداء توما كانت قد عملت قبل التحاقها بمؤسسة عبد المحسن القطان، كمدير برنامج الإعمار في البلدة القديمة في القدس بمؤسسة التعاون منذ 2014 وحتى 2017. وهي تحمل شهادة الماجيستير بالإدارة والسياسات العامة، وقد عملت في رواق مركز المعمار الشعبي منذ عام 2000 كمهندسة أولاً، وكمديرة مشاركة لاحقاً في العام 2012، وقد كانت من الشركاء المؤسسين لمهرجان “قلنديا الدولي”، واستمرت في علاقتها مع المهرجان منذ ذلك الحين.