يُعدّ الشاعر والروائي والمترجم العراقي غسان حمدان من أكثر أدباء العراق اجتهاداً وأكثرهم تميزاً وغزارة في التأليف والترجمة في السنوات الأخيرة.
ضيفنا يصدر له قريباً مجموعة شعرية باللغة الفارسية بعنوان «طالما السماء زرقاء»، وآخر أعماله المترجمة رواية «آخر رمان الدنيا» للروائي الكردي العراقي بختيار علي، التي صدرت عن “دار الخان” في الكويت، وهي أوّل رواية تترجم عن اللغة الكردية إلى العربية.
“رمان” التقت ابن بغداد، صاحب «ريمورا»، فكان هذا الحوار معه حول الترجمة والشعر والرواية، وعن مشواره الحافل بالعطاء في الثقافات العربية والفارسية والكردية..
عرفنا أنك أوّل من ترجم روايتين أفغانيتين عن لغتهما الأصلية أي الفارسية الدرية التي تختلف عن الفارسية في إيران، هل يمكن أن تخبرنا عنهما وعن الأعمال الأخيرة التي اشتغلت عليها، وما الذي تعمل عليه الآن في حقل الترجمة؟
بصراحة يمكن القول إنني تعرفت مصادفة على أصدقاء روائيين من أفغانستان وأطلعت على أعمالهم الأدبية، وتفاجأت أنّ لديهم أعمالاً مهمة أخرى لا تقل أهمية عما كتبها خالد حسيني وعتيق رحيمي اللذين اشتهرا في الغرب وبات الناشرون العرب يقبلون على نشر ترجماتها عن الإنجليزية والفرنسية؛ ولكن مشكلة هذه الأعمال هي أنها مكتوبة بلغة الدرية أو الفارسية الدرية، وهي برأيي تشبه الفرق بين اللاتينية والإسبانية أو الفرنسية. أي أنّ الفارسية الإيرانية اشتقت عن الفارسية الدرية. وهي لغة لا يجيدها الإيرانيون أصلاً إلا بعض الأكاديميين المختصين.
على كل حال تفرغت سنة كاملة لدراسة اللغة بمساعدة أصدقاء أفغانيين قبل البدء برواية صغيرة باسم «الموؤدة» التي كتبت في سرد مكثف وبلغة شعرية، ومن أجل التأكد من سلامة اللغة ومعنى المفردات والمصطلحات كنت على تواصل يومي ليس مع الروائيين فقط بل مع أصدقاء صحافيين وفنانين من أفغانستان، ثم أعقبتها بترجمة رواية «وا حسرتاه يا ملا عمر» التي نشرتها “دار الرافدين” في لبنان، وهذه الرواية تحتوي على عدة لغات بسبب شخصياتها لأنّ أفغانستان هي بلاد القوميات: الدرية والبشتونية والتاجيكية والأوزبكية… وهناك رواية أفغانية ثالثة سوف أباشر بها قريباً، وأتمنى أن أقوم بتعريف أعمال نثرية وشعرية لهذه البلاد الزاخرة بالقصص والأساطير التي ضربتها الحرب.
أمّا العمل الأخير الذي انتهيت من ترجمته فهو رواية كردية للروائي بختيار علي، وصدرت حديثاً عن “دار الخان” في الكويت باسم “آخر رمان الدنيا”، ويمكن القول إنها أوّل رواية تترجم عن الكردية إلى العربية أيضاً، مع أنني لست متأكداً تماماً وقد اتفقت مع الناشر على ترجمة أعماله الأخرى كون الرواية الكردية لا تزال غير معروفة لدى القراء العرب.. كما اتفقت مؤخراً على ترجمة روايتين إيرانيتين، فضلاً عن أعمال شعرية كاملة لأحد رواد الشعر الإيراني الحديث.
يقال إنّ “ترجمةُ الشعر خيانة”.. إلى أي مدى ترى هذه المقولة الإيطالية دقيقة؟ وهل صحيح أنّ العمل الأدبي (قصيدة/ قصة/ رواية)، يفقد الكثير من إبداعه بالترجمة؟
بصراحة أعارض هذا الكلام، لماذا تعدّ “ترجمةُ الشعرِ خيانة” ولا نرى ترجمة القصة والرواية بمثابة خيانة؟ صحيح أنّ ما من لغة يمكن ترجمتها بشكل كامل ودقيق إلى لغة أخرى بسبب بعض المفردات والعبارات ومعانيها الكامنة، ولكننا بحاجة إلى الترجمة كي نطلع على كلام الآخرين.
أمّا الشعر فهو لغة الروح والمشاعر وليس كلام العقل، لذلك فنحن بحاجة إلى الاستماع إلى روح الآخرين كي نخفف عن آلامنا ونجد من يتقاسم ضياعنا ومتاهتنا. وإن كان هناك من يقول إنّ “ترجمةُ الشعرِ خيانة”، حسناً، نحن نقوم بهذه الخيانة، حتى لو لم نتمكن من نقل الشعر كما هو! لو لم تكن هناك ترجمة بداعي تهمة الخيانة، لما تعرفنا على أرثر رامبو ولا عمر الخيام ولا شارل بودلير ولا آنا أخماتوفا ولا ناظم حكمت ولا بابلو نيرودا ولا سهراب سبهري ولا شعراء كبار آخرين…
لا يمكن للمرء أن يتعلم جميع اللغات كي يقرأ الشعر بلغته الأصلية. نعم، علينا نحن كمترجمين أن ننتبه أكثر ونجهد في نقل روح القصيدة ومعانيها ورقتها وإيقاعها.
أمّا عن الشق الثاني للسؤال، فالإجابة هي كالتالي: إن كان المترجم محترفاً وعارفاً بمهنته فبالتأكيد ستكون الأخطاء قليلة… ولا يمكن الجزم بالقول إنّ ما من خطأ في أي ترجمة. لا يوجد شيء مطلق بالمرة، والكمال لله فقط.
هناك من النقّاد من يرى أنه “في ترجمة الشعر ليس هناك حياد تام للذات الشاعرة في توجيه بوصلة النصّ الشعري المترجَم”، ما رأيك؟
الشعر هو شيء يضيع في الترجمة، لا أقصد المعنى. فالمترجم قبل كل شيء يحاول أن ينقل المعنى الصحيح؛ وإنما ما أقصده هو الصناعة الشعرية والإيقاع وروح القصيدة وصورها وبلاغتها التي تضيع أو تصبح باهتة في الترجمة. ولكن في المقابل هناك بعض المترجمين الذين ينقلون القصيدة بشكل أفضل ممّا هي عليها، إذا تمكنوا من نقل روح الشعر وصياغته، ما يجعلها تؤثر في القارئ.
على كل، الشاعر كائن خاص لا يمكن لأحد أن يتقمصه، والمترجم حتى لو كان شاعراً لا يمكنه أن يمتلك روح الشاعر الأول. لكل شخص ذاته الشعرية. الذات الشعرية بصمة خاصة بالشاعر. لن تجد ذوات متطابقة. ربما تتشابه بعض الذوات الشعرية ولكن من المستحيل أن تتطابق. مع هذا مرة أخرى أؤكد أنه لا بد لنا من ترجمة إبداعات وقصائد الضفاف الأخرى لنتعرف على ذواتهم وثقافتهم وفكرهم وحضارتهم وسماتهم الإنسانية والمعنوية.
بعد ترجمتك قرابة الثلاثين كتاباً. ما هي أبرز المعوقات والإشكاليات التي تواجهك في حقل ترجمة الأدب الفارسي؟
ما زالت العقبة الكبرى تتمثل في عدم وجود مؤسسة ثقافية تعنى بأدب الشرق. صحيح أنه يمكننا أن نعطي عملنا للمركز القومي للترجمة في مصر مثلاً أو الهيئة العامة للكتاب في دمشق ولكنهما منشغلين جداً بنشر ترجمات عن الأدب الغربي واللاتيني وحتى الكتب المؤلفة بحيث يبقى الكتاب لديهم لسنوات قبل أن يرى النور. المشكلة الثانية التي تجعل المترجمين الجدد يعزفون عن الترجمة تتلخص في أنّ أغلب دور النشر لا تريد الشعر المترجم وخاصة الإيراني، ناهيك عن المسرح والرواية، وإنما تريد مثلاً كتباً سياسية ومذكرات الشخصيات السياسية، وهذا ما يدفع بالمترجيمن الشباب إلى ترك مجال ترجمة الكتب والتفرغ لمراكز الدراسات السياسية والعمل في الصحافة التي ليست اختصاصهم أصلاً…
المترجم يجب أن يكون حراً في اختيار الكتب، ربما تكون الأغلبية غير مهتمة بالشعر الفارسي ولكن من المؤكد أنّ هناك من يهتم به… فأنا لدي حوالي عشرة كتب مترجمة وجاهزة في الرواية والشعر والقصة والمسرح وما زلت أبحث عمّن ينشرها.
كل ما أتمناه هو أن أرى مؤسسة ثقافية خاصة بالأدب الشرقي، على غرار “دار الحكمة” في بغداد في عصر المأمون، لا تنشر الأدب المترجم فقط وإنما تسمح للمترجمين في التفرغ للترجمة بدلاً عن جعلها هواية، فالمترجم كأي شخص آخر يبحث عن رزقه كموظف أو مدرس…
في هذا السياق، أقول لدينا الكثير من الأدب الكامبوجي والفيتنامي والهندي والأفغاني لم يترجم حتى الآن. لقد تطور الأدب الأفغاني خلال العقد الأخير بسبب هجرة الأدباء إلى إيران أو الدول الأوروبية، ويمكنني القول إنّ الرواية الأفغانية تنافس الرواية الإيرانية من ناحية الحبكة والسرد والجودة. وهناك روايات أفغانية نشرت في إيران باللغة الدرية وهي تختلف إلى حد ما عن الفارسية، وترجمة بعض الروايات الأفغانية من ضمن مشاريعي وأتمنى أن أجد ناشراً يُقبل على نشرها.
لاقت الرواية الفارسية الحديثة التي وصلتنا مترجمة عن اللغة الإنجليزية أو الفرنسية، رواجاً وانتشاراً كبيرين لدى قراء العربية. ما ملامح هذه الرواية، وماهي الفروق بين الرواية العربية والإيرانية؟
حسناً، لاقت هذه الروايات رواجاً جيداً بسبب توقف حركة الترجمة عن الفارسية، في العقد الماضي حيث ازداد الفضول تجاه الرواية الإيرانية. وأغلب هذه الروايات هي سياسية إلى حد ما إذ أنه لا يمكن نشرها في إيران فلجأ أصحابها إلى نشرها باللغة الإنجليزية أو الفرنسية ومن هنا يتبين لنا سبب الإقبال عليها. وهي غالباً ما تحكي عن حب محرم أو كسر “التابوهات” أو حبس المعارضين والتعذيب…
أمّا بالنسبة لفروق الرواية الإيرانية والعربية، فيمكن اختصار الأمر كالتالي: الرواية الإيرانية تهتم بالحبكة والسرد، والرواية العربية تهتم بالموضوع. هناك مدرسة أدبية في إيران تسمى “الرواية اللا الروائية”، وهي تلتزم بالسرد وتختار أي موضوع كمادة روائية. لهذا لا يمكن التصريح بأنّ الرواية العربية أفضل ولا الإيرانية، فلكل أدب مزاياه ويمكن الاستفادة منه. والفرق الثاني هو أن مواضيع الرواية الإيرانية ترتبط بشكل جذري مع متطلبات القراء، وإن لبى روائي ميول القراء وأهوائهم فإننا سنرى رواياته قد وصلت إلى الطبعة الستين والسبعين كما حصلت لبعض الروايات الناجحة؛ في حين أنني أرى أنّ الكتّاب العرب أكثر حرية في تناول مواضيع الرواية.
ترجمت لعدد من أعلام الشعر الفارسي المعاصر، فما هي السمات الرئيسية لهذا الشعر؟ ومن ثمّ ماذا عن التيارات الشعرية خاصة الموجة الجديدة؟
الشعر الحديث بدأ مبكراً في إيران بعد إطلاع الشعراء على النصوص المترجمة الفرنسية، وبالطبع كان لها مراحل متعددة طوال هذه الفترة. من أهم سمات الشعر المعاصر هو أنّ الشعراء لم يتوقفوا عن خلق منظارهم الخاص ولغتهم الفريدة؛ فشعراء الحداثة في إيران مازالوا مستمرين في التجديد وخلق عالمهم الخاص وفلسفتهم الشعرية ونظرتهم إلى مجتمعهم. بالطبع الحداثة المجتمعية والتطورات السياسة أثرت بشكل كبير في خلق التيارات الشعرية في البلاد، خاصة بعد نشاط حركة الترجمة عن الآداب الغربية.
لقد حاول بعض الأدباء، من أمثال تقي رفعت، وأبو القاسم لاهوتي، والشاعرة شمس كسمائي، تغيير العروض الكلاسيكية وأوزانها، ولهم شعرهم الخاص، لكنه لم يكن يختلف كثيراً عن نظيره السابق وبقي مضمونه واحداً، حتى ظهور قصيدة «أفسانه» أي (الأسطورة) للشاعر نيما يوشيج، المعروف بأبي الشعر الفارسي الحديث، الذي أنهى أسطورة الشعر الكلاسيكي، وجعل القافية والوزن دلواً فارغاً لا يروي العطشى. ومع أنّ النقاد والأدباء هاجموا نيما على كسره التقاليد إلا أنه كان يقول: “إني نهر يدخل فيه الدلو من أي مكان تريد”. ومع ظهور أحمد شاملو (رائد قصيدة النثر)، الذي كان يشعر بنوع من الخوف من العوالم المجهولة، ظهرت تيارات جديدة أخرى من أهمها الأنثوية والصوفية والواقعي، و”الشعر الجديد”، وشعر الحجم، والشعر الأصيل، والشعر “الآخر”، وشعر الموج الثالث، وشعر “الموج الآخر” وغيرها… وأذكر من أهم هذه الرموز: فروغ فرخزاد (رائدة الشعر الأنثوي)، أحمد شاملو (رائد شعر النثر)، مهدي أخوان ثالث (رائد الشعر “النيمائي”) أي المقلد لأسلوب نيما يوشيج، وسهراب سبهري (رائد الشعر الصوفي الحديث)، وشفيعي كدكني الباحث عن الأصالة والتراث، وبيجن جلالي وأحمد رضا أحمدي وشمس لنكرودي وحميد مصدق ونصرت رحماني وآخرين… وهذا الموضوع يحتاج إلى مساحة أخرى لشرح سماتهم واحداً واحداً… إلا أنّ الجميع ينهلون من مدرسة نيما يوشيج.
أتوقف معك عند روايتك الأخيرة «ريمورا»، لتقدمها لنا وفي أي أجواء كتبتها؟ وهل هناك حدث معين حفزك لكتابتها؟
«ريمورا» نصّ عن النفاق والانتهازية والتقرب من السلطة… عن قاض يطالب بالرشى دون أن يفضح أمره حتى يصبح من مقربي النظام في العهد البائد. هي عن حقبة من تاريخ العراق دون أن تكون رواية تاريخية.
هل هي حقيقية؟ جوابي هو أنّ الروائي ليس بمؤرخ كي يكتب رواية حقيقية.. الروائي يعالج القضايا الاجتماعية ويختار أسلوبه وحبكته.
نعم، الروائي يختار بعض أحداث مجتمعه، يضيف إليها ويحذف منها ويقدمها للقارئ. هناك الكثير من القضايا الاجتماعية البارزة التي عالجها الروائيون في روايات مهمة، وذلك لأسبابهم الخاصة. مثل رواية «اللص والكلاب» المستوحاة من واقعة حقيقية شغلت الرأي العام المصري، وعالجها محفوظ بصياغته الرائعة ووجهة نظره وزاوية رؤيته لها.
كذلك في حكاية «ريا وسكينة» فنجد هناك من حول جرائمهما إلى قصة أخرى مشحونة بالنضال ومقاومة الاحتلال البريطاني. فللروائي كامل الحق في أن يتناول الحقائق الاجتماعية والتاريخية ويقوم بصياغتها أدبياً كما يريد. لأنه، أكرر مرة أخرى، ليس بمؤرخ، ولا يقدم وقائع تاريخية موثقة..
أمّا عن «ريمورا»، فقد بدأت فكرتها عام 2006 أثناء محاكمة الطاغية العراقي صدام حسين مع بعض من أعوانه.. وكان من بين المحكومين بالإعدام رئيس محكمة الثورة المدان بإبادة أبناء بلدة الدجيل، وهي قضية معروفة في العراق.. على كل حال، أخذت شخصيته الهادئة وجعلتها مادة لروايتي التي انتهيت منها بعد شهرين من البدء في كتابتها، إلا أنها بقيت سبع سنوات عندي وقرأتها مرتين وحذفت الكثير وأضفت القليل وقمت ببعض التعديلات هنا وهناك. لأنني أعتقد أنّ كل عمل يجب أن يأخذ فسحة زمنية لينضج؛ وليتمكن صاحبه من رؤية مواضع الضعف والأخطاء، ويعالجها.
تراوح في مجالات إبداعية متعددة، مثل الرسم وكتابة الشعر والقصة القصيرة والرواية والترجمة، كيف يمكن لك أن تجمع بين هذه الابداعات؟ وأيها الأقرب إلى ذاتك؟
صحيح أنني كتبت الكثير من القصائد باللغتين العربية والفارسية، ولي ثلاث مجموعات نشرت في إيران وأفغانستان أيضاً، ولكنني أكتب القصيدة من باب التسلية فقط، أي لا أخصص وقتي للقصيدة وإنما هي من تأتيني وحيثما تسنت لي الفرصة، أسجلها…
أمّا القصة القصيرة، فقد كتبت الكثير منها أثناء سنوات إقامتي في دمشق ونشرت القليل منها؛ وحالياً أقوم بمراجعة القصص غير المنشورة، حيث أنني أخصص وقتاً لها ساعة أو ساعتين يومياً، بعد ترجمة الروايات. كما أنني كتبت هذه الأيام قصصاً جديدة وسوف أقدمها للنشر قريباً… والترجمة كما تعرف فقد تفرغت لها منذ أكثر من عقد…
أمّا الرسم، فقد ضحيت به كي أتفرغ للكتابة والترجمة، ومع هذا، فبين الفينة والأخرى أقوم بتخطيطات لأبقي على مرونة يدي. الرسم يحتاج قبل كل شيء إلى عين بصيرة وأنامل متمرسة. والأحب هو ما ضحيت به والذي يعبر عني…
فلسفتي بسيطة: لا أقول إنّ الأدب أكثر نفعاً من الفن، فالأدب القصصي هو ضرب من الفنون؛ ولكنني أؤمن بمقولة إنّ الترجمة تنفع الناس وتجعلنا نتعرف على آفاق جديدة.
وألخص حالتي هذه كالنحات الذي يجرب تارة نحت الحجر والحفر على الخشب وتارة أخرى يلوث يديه كي يصنع تمثالاً من الطين. بمعنى آخر، الفنان عليه أن يخوض في الفن ويجرب كل صنوفه.
نعم، فأنا أرى التأليف والترجمة من صنوف الفن أيضاً…
غسان حمدان مولود في بغداد سنة 1973، وأتم دراسته في بغداد وطهران. عمل كاتباً، ومترجماً، وإعلامياً، وباحثاً في الشؤون الإيرانية. أصدر العشرات من الأعمال منها روايته «ريمورا» عام 2015. كما ترجم عشرات الكتب الأدبية من الفارسية إلى العربية وبالعكس منها: «وحده الصوت يبقى» للشاعرة الراحلة فروغ فرخزاد، و«ما أزال أفكر بذلك الغراب» لأحمد شاملو، و«الزوج الأمريكي» و«نون والقلم» لجلال آل أحمد، و«عيناها» لبزرگ علوي، و«طهران الضوء القاتم» لأمير حسن چهلتن، و«البعثة الإسلامية إلى البلاد الإفرنجية» و«معها أسطورة الخلق» لصادق هدايت، و«المستنقع» لجعفر مدرس صادقي، و«عراق خنزير في يد مجذوم» و«وجه الله» لمصطفى مستور، و«الأوركسترا الليلية» لرضا قاسمي، و«عمر الخيام وأناشيده» الذي يحتوي على رباعيات تنشر لأوّل مرّة ودراسة جادة جاءت في مقدمة الكتاب، و«الأعمال القصصية الكاملة» لصادق هدايت، و«وا حسرتاه يا ملا عمر» لمحمد آصف سلطان زاده، وكذلك المقدمات على «الرسائل الفلسفية» لصدر الدين الشيرازي المعروف بصدر المتألهين، الذي يقع في أربعة مجلدات.
كما صدر له ثلاث مجموعات شعرية كتبها بالفارسية، والعديد من الأعمال التي ترجمها إلى الفارسية لكتاب عراقيين وعرب مثل غسان كنفاني ومحمد الماغوط وبرهان شاوي ومحمد حياوي وسنان أنطوان وأدهم العبودي، ناهيك عن عشرات الكتب الأخرى التي تنتظر الطبع.
يعكف حالياً على إعداد قاموس فارسي عربي ضخم. كما أنه ألف الكثير من المقالات والبحوث مثل «تاريخ علم الاجتماع الإيراني» الذي يعدُّ الدراسة الوحيدة في العالم العربي الذي تطرق إلى هذا لأمر، فضلاً عن بحوث أخرى في العولمة كونه مختص في دراسة علم الاجتماع.