ما هي رسالة فيلم “أمبيانس” للجمهور الفلسطيني والعالمي؟ وماذا عنى لك على الصعيد الشخصي أن يترشّح الفيلم الذي ساهمت في تحقيقه للمشاركة في مهرجان “كان” السينمائي الدولي في دورته ال 72، في برنامج “سينما الطلبة”، وفوزه بالمرتبة الثالثة من جائزة “سينافونداسيون” لفئة المخرجين الناشئين. وأخيراً، ماذا بعد الفيلم وأين ستكون خطوتكم القادمة؟ أسئلة وجهتها “رمان” لعدد من المساهمين في هذا الإنجاز…
قال مخرج الفيلم وسام الجعفري إنّ الفكرة كانت بالأساس التعبيرَ عن الحياة الاجتماعية اليومية لمخيم من مخيمات اللاجئين في الضفة الغربية، والفيلم محاولة لأخذ المشاهد في رحلة على مدار يوم واحد يشهد فيها تفاصيل يوم كامل من الضوضاء والازدحام حتى تنتهي باقتحام قوات الاحتلال للمكان، في الوقت الذي يكون فيه الهدوء قد عم المكان. الفيلم يطرح حياة وواقع العيش في المخيم من خلال يوم واحد لكنه فعلياً يطرح أيام عديدة بل سنوات طويلة تبدأ من عام النكبة قبل ٧١ عاماً هي عمر المخيم بعد رحلة التهجير القاسية والمؤلمة عام ١٩٤٨.
بالأساس، وصول “أمبيانس” لهذا المكان هو إنجاز ضخم لي وإنجاز ضخم لكل طاقم الفيلم بحيث أن الفيلم فلسطيني بامتياز، فقد درست في جامعة للسينما داخل فلسطين، وكذلك جميع أفراد الطاقم الذي شاركوني في تحقيقه. الفيلم يتحدث عن الصوت داخل المكان ونظراً لأن التقنيات المستخدمة لمونتاج الصوت تحتاج إمكانيات ضخمة فما كان لي إلا أن أعمل مع فلسطيني من صفد بالأصل هجر أهله إلى سوريا، وعاش فترة من حياته داخل مخيمات الشتات إلى أن انتقل للعيش في الولايات المتحدة.
أعتبر الفيلم إنجازاً للمخيم الذي أسكن فيه، ومنه خرجت فكرة الفيلم، لكن كل هذه الإنجازات هي دائماً لا تكتمل وذلك بسبب وجود محمود الخمور الممثل الرئيسي الثاني في الفيلم داخل سجون الاحتلال. ليس هناك خطوة قادمة إنما هنالك خطوات، فالمخيم مليء بالقصص والأحداث.
أما عن فوز الفيلم بالمركز الثالث لفئة الأفلام القصيرة من “سينافونداسيون”، أقول إن الأهم من الجائزة هو اختيار فيلم بإمكانيات بسيطة جداً من بين ٤٠٠٠ فيلم ضمن ١٦ فيلم تنافس عالمياً، وهذا بحد ذاته إنجاز عظيم. الفوز بالجائزة هو دليل على أن الفيلم كان قادراً على منافسة العديد من الأفلام. أخيراً، قررت إهداء هذه الجائزة للممثل محمد الخمور الذي يقبع في السجون الإسرائيلية منذ شهر أيلول/ سبتمبر الماضي.
احتفاء بالمخيم وثقافته..
قال منتج الفيلم، سائد أنضوني، إن “أمبيانس” يحمل المشاهد في رحلة عبر أزقة المخيم يتعرف من خلالها على تفاصيل الحياة في المخيم، كما يدخلنا إلى عالم الشباب الباحث عن فرص الإبداع والتطور في ظل ظروف قاسية، ولكن تعامل المخرج العاشق لحياة المخيم قلب الإزعاج والأصوات المتداخلة إلى مادة إبداعية.
بالنسبة للجمهور الفلسطيني هو فيلم تحفيزي للمبدعين الشباب، لتحدي العقبات وإيجاد الحلول الإبداعية لخلق حالة فنية في ظل ظروف صعبة. كما هو احتفاء بالمخيم وثقافة المخيم وانتصار لثقافة الفقراء. بالنسبة للجمهور الأجنبي، الفيلم يقدم نموذجاً مختلفاً للفلسطيني الشاب لما تعوّده المشاهد الأجنبي على رؤيته من خلال وسائل الإعلام المختلفة، شباب تسعى إلى الإنتاج والإبداع، غير مستسلمة لظروفها وقادرة على احتضان الصعوبات وتحويلها لخدمة مشروعها في الحياة.
يقدم الفيلم المخيم كمكان حميم قادر على خلق المعجزات بالرغم من ظروفه الصعبة شعور بالفخر الشديد لهذه المشاركة، لأننا أول مدرسة سينما فلسطينية يشارك فيلم لأحد طلبتها بهذا المهرجان المهم. شعور بالسعادة لوسام وجميع طاقم العمل الذين استحقوا بكل تأكيد هذه المكافأة على الجهد المبذول في الفيلم. أهمية هذه المشاركة تأتي لتعطي دفعة معنوية كبيرة لبقية طلبة البرنامج وحافزاً لعمل أفلام أخرى ذات نوعية احترافية عالية.
المستقبل بحاجة للمزيد من العمل، إنها فقط البداية لنا ولطلبتنا، سنعمل على مساعدة الطلبة على صناعة أفلام تضعهم على خارطة السينما الفلسطينية والعالمية. بالنسبة للجائزة، هي إنجاز ضخم لهذا الجيل، لأنها قد تمنحهم الإيمان بقدرتهم على تغيير مصيرهم في ظل نظام سياسي واجتماعي يدفعهم باتجاه الهزيمة والاستسلام.
أما مدير التصوير، إبراهيم حنضل، فقال إن رسالة الفيلم هي رسالة من شاب لكل فئات الشعب الفلسطيني إن كان يعيش بالوطن أو إن كان للأسف خارج الوطن في مخيمات اللجوء والشتات. الفيلم الذي يخدم شعبه ويحاكي شعبه يستطيع محاكاة العالم كله لأننا بشر، ربما هناك شيء ما نشترك به، أيضاً الطريقة التي سردت بها حياة شاب والذي يمثل فئة كبيرة من معاناة الشباب.
وجود “أمبيانس” في مهرجان كان السينمائي في قسم “سينما الطلبة” هو خطوة كبيرة ومهمة لطلاب كلية “دار كلمة” الذين عملوا بالفيلم ولكل الطلاب الذين يدرسون في الكلية. بالنسبة لي أي خطوة تظهر أفلام شابة، خاصة أفلام أصدقائي، هي خطوة ممتازة، فما بالك بمشاركة الفيلم بمهرجان “كان” السينمائي الدولي، ونجاحه هو نجاح لجميع من شارك في تحقيقه.
فوز الفيلم بأحد جوائز “كان” هو فخر كبير وإنجاز مهم، وهو خطوة أولى لخطوات عديدة لأفلام فلسطينية سوف يتم العمل عليها مستقبلاً بصورة جديدة وبلغة فلسطينية شابة. وفوزه كذلك يُعد دافعاً قوياً جداً للمضي قدماً في طريق السينما والعمل بها بغض النظر عن شح المال للإنتاج،
هذا الفيلم هو أول خطوة بالنسبة لي، خطوة رائعة وعظيمة، ومن المؤكد أن القادم سيكون أفضل.
جيل جديد يصنع سينما حرة..
أضاف المونتير بلال أبو عليا إنّ رسالة الفيلم للجمهور الفلسطيني هي تسليط الضوء على وجود عدد كبير من المثقفين والمتعلمين والحالمين في مخيمات اللجوء الفلسطينية. يعتبر المخيم مكان مؤقت للعيش فيه إلى حين العودة، أنا جزء من هذا المخيم ورسالتي للعالم هي لفت الانتباه إلى حياة الفلسطيني في مخيمات اللجوء وصموده والإصرار على وجوده.
من هنا على الصعيد الشخصي، وبما أني جزء من هذه القصة وشاركت في إنجاز الفيلم، أذهلني رد فعل الجمهور، الذي سيكون إضافة كبيرة إلى سيرتي الذاتية وسيكون دافعاً ومحفزاً لي للمضي في هذا المسار.
أما مصمم الصوت أبي الأبيض، فقال: بما أني لا أعيش في فلسطين المحتلة، لاحظت أن الفيلم ساعد في شد اهتمام الجمهور العالمي للقضية الفلسطينية والحياة اليومية في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين. أعتقد أن فيلم “أمبيانس”، من وجهة نظر الجمهور الفلسطيني، مطمئن لتمثيل القضية في وسائل الإعلام. وترشحيه في مهرجان “كان”، هو من أول وأهم الإنجازات في بداية حياتي الاحترافية.
إضافة إلى ذلك، فإن فوز الفيلم بالمرتبة الثالثة في المهرجان أثبت لي أن الأفلام الفلسطينية لها جمهور عالمي كبير، وهو ما أشعرني بالتفاؤل بمستقبل السينما الفلسطينية عالمياً. بعد فيلم “أمبيانس”، أتمنى أن أزور موطني الأصلي وأن أنقل تقنيات إنتاج الصوت والموسيقى في الأفلام للشباب الفلسطيني من طلبة السينما.
وقال أخيراً الممثل صلاح أبو نعمة: إن الفيلم إنجاز مهم للسينما الفلسطينية التي تتقدم باستمرار، بوجود طاقات شابة قادرة على إنتاج أفلام تشارك في أهم المهرجانات السينمائية في العالم، أفلام مختلفة تعبر عن حالات مختلفة في المجتمع الفلسطيني.
أرى أنه سيكون هناك إنتاجات قادمة تعكس حالات مختلفة عن مجتمعنا فالقضايا الموجودة في المجتمع الفلسطيني تحت الاحتلال قضايا متعددة سياسية واجتماعية. الفترة القادمة ستكون فترة جيل يصنع سينما حرة تعبر عنه اجتماعياً وسياسياً وتعبر عن تجربة أشخاص على وعي بما يحدث في محيطهم وكيفية توظيف تجاربهم في مجتمعهم.
يذكر أن فيلم “أمبيانس” من النوع من كتابة وإخراج وسام الجعفري، إنتاج سائد أنضوني، إشراف مجدي العمري، مخرج فني وفاء إبراهيم، مساعد مخرج أول شدى وليد، إدارة التصوير إبراهيم حنضل، مونتاج بلال أبو عليا، وموسيقى سائد مسنّات، تصميم الصوت أبي الأبيض، تسجيل الصوت صليبا رشماوي، متابعة سيناريو عبد الرحمن الزبون، تمثيل صلاح أبو نعمة، ومحمد الخمور، ونيللي سلمان، ومعتز شعفوط، وجميل حلمي، ترجمة رينا حنضل وندى العمري، وتصميم البوستر سامي زعرور.
“أمبيانس” فيلم قصير بالأبيض والأسود، تم تصويره في مخيم الدهيشة بمدينة بيت لحم المحتلة، وهو بحسب صناعه، يتناول حكاية شابين يحاولان تسجيل الموسيقى داخل المخيم للاشتراك في مسابقة، إن نجحا فيها، سيحصلان على فرصة صنع ألبوم موسيقي. إلا أن الأمور في البداية لا تسير حسب المتوقع بسبب الضوضاء والازدحام داخل المخيم، فينتهي الأمر بهما إلى الانطلاق بفكرة تسجيل أصوات المخّيم بدلاً عن موسيقاهما وتحويل تلك الأصوات إلى موسيقى.