تتوالى الردود المنددة بقرار دولة الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل تطبيع العلاقات بوساطة أمريكية، أعلن عنها في الثالث عشر من الشهر الجاري الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. “رمان” ترصد في هذا التقرير أبرز الردود التي أطلقها عدد كبير من الكتّاب والمثقفين والفنانين الفلسطينيين والعرب، والتي أكدوا فيها مقاطعتهم كافة النشاطات والفعاليات والجوائز الثقافية لدولة الإمارات.
منذ الساعات الأولى للإعلان عن الاتفاق الثلاثي الإماراتي/الإسرائيلي/الأمريكي، أعلن عدد من الكتّاب المغاربة عن موقفهم الرافض لاتفاقية العار، حيث أعلنت الروائية الزهرة رميج، انسحابها من جائزة “الشيخ زايد للكتاب”، وذلك بسحب ترشيحها لرواية «قاعة الانتظار»، وأضافت في تغريدة لها عبر موقع “فيسبوك”: “نتضامن مع الشعب الفلسطيني في نضاله من أجل استرجاع أرضه المغتصبة وإقامة دولته الحرة المستقلة، ووفاء للقضية الفلسطينية التي فتحت عيني عليها منذ سبعينيات القرن الماضي، وواكبت تطوراتها، وعايشت مآسيها، وساهمت في توعية الأجيال بعدالتها”.
كذلك فعل الكاتب والناقد الأكاديمي يحيى بن الوليد، من خلال منشور كتبه على جدار صفحته في الفضاء الأزرق: “إلغاء ترشيح كتابه حول «المثقفين العرب» لجائزة “الشيخ زايد” (فرع التنمية وبناء الدولة)، وقال: إنّ ما حدث من تطبيع فظيع بين ساسة دولة الإمارات والكيان الإسرائيلي الغاصب، يجعلني أعدل نهائياً وبشكل طوعي عن هذا الترشيح، في إجراء متواضع أتضامن فيه مع شعبنا الفلسطيني في صراعه العادل من أجل نيل مطالبه المشروعة”.
وأشار بن الوليد إلى أنه ألغى مشاركة أخرى مقترحة ومبرمجة لعام 2021 في الإمارات. من جهتهما أعلن كل من الروائيين والمترجمين المغربيين أحمد الويزي وأبو يوسف طه انسحابهم للسبب ذاته من الترشح لنيل الجائزة في صنف الرواية. فيما أعلن الكاتب عبد الرحيم جيران استقالته من هيئة تحرير مجلة “الموروث الثقافي” التابعة لمعهد الشارقة، وانسحابه من كل الأنشطة التي تقيمها الإمارات. وقال جيران في تدوينة له: إنّ “فلسطين خط أحمر، وكل تطبيع مع الكيان الصهيوني مرفوض مهما كانت الجهة التي تتبناه، وبصفتي مثقفاً أعلن انحيازي إلى الحق العربي، فبه أحدد علاقتي بأي جهة ثقافية كانت”. كما أعلن عدد آخر من الكتاب والمثقفون والفنانون العرب من عدة دول عربية سحب ترشيحهم للجوائز والنشاطات الثقافية والأدبية الإمارتية.
هذه الخطوة -بحسب متابعين- تأتي تأكيداً لموقف المثقفين العرب القومي، الداعم لنضال الشعب الفلسطيني وكفاحه الوطني المشروع، لتحرير أرضه ونيل حقوقه الوطنية المشروعة في العودة والحرية والاستقلال وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس. كما أعلن الشاعر المغربي محمد بنيس انسحابه من الهيئة العلمية لـ”جائزة الشيخ زايد للكتاب” احتجاجاً على الاتفاقية. قائلاً: “على إثر الاتفاق بين الإمارات وإسرائيل على إقامة علاقات دبلوماسية رسمية بينهما، قررت الانسحاب من عضوية الهيئة العلمية لجائزة الشيخ زايد للكتاب”.
خليجيون ضد التطبيع
في الخليج العربي، كان الكاتب والسينمائي العُماني عبد الله حبيب أول من أعلن عن موقفه الرافض لاتفاقية العار الإمارتية/الإسرائيلية/الأمريكية، التي تأتي في سياق تطبيق ما يسمى “صفقة القرن الأمريكية”، لتصفية القضية الفلسطينية والحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني. وكتب حبيب على جدار صفحته في “فيسبوك” تحت عنوان (إعلان براءة وذمة)؛ “أعلن أنا المواطن العُماني عبدالله حبيب استهجاني الشديد للبيان الصادر اليوم من وزارة الخارجية في بلادي عن تأييدها لما حدث يوم أمس من تطبيع العلاقات بين دولة الإمارات والكيان الصهيوني، وأعرب عن تخوفي من أن تكون بلادي هي المُستهدف الثاني في الخليج بهذا التطبيع، وأتمسك بأني عربي وأنّ القضية الفلسطينية هي القضية المركزية لهذه الأمة إذا ما هي أرادت أن يكون لها مكان تحت الشمس”.
وتصدّر وسم (#عمانيون_ضد_التطبيع) لائحة المواضيع المتداولة في سلطنة عُمان وفقاً لما قاله الصحافي سمير النمري عبر “تويتر”. وكتب الصحافي العُماني المختار الهنائي عبر “تويتر” أنه “إلى جميع الشعوب العربية.. قد تُخذل قلوبكم وتقهر مشاعركم وتتجرعون المرارة وما باليد حيلة، فليس لكم ناقة ولا جمل، فلم يتم استشارتكم وأنتم لم ترضوا بأي تطبيع مع الكيان الغاشم.. أملنا بما نربي به أبناءنا، نعلمهم بأنّ فلسطين قضيتنا الأولى ولا صلح وسلام مع المحتل”.
وفي بيان لهم أكد مثقفون عُمانيون رفضهم القاطع لـ”كل أشكال التطبيع التي تمارسها الأنظمة العربية الحاكمة” مع دولة الاحتلال الإسرائيلي. وقال بيان مكتوب صدر عن هؤلاء، السبت، إنّ “أبناء عُمان من كتّاب وأدباء ومثقفين وصحافيين ومهنيين، من أجيال مختلفة وأطياف متنوعة، يرفضون رفضاً قاطعاً فصلهم عن قضيتهم المركزية؛ القضية الفلسطينية”، داعين الأنظمة المطبّعة مع إسرائيل إلى “العودة إلى رشدها واحترام إرادة ووجدان شعوبها الذي تمثل فلسطين فيه الركن الأساس”. ومن الموقعين على البيان الكاتب والسينمائي عبد الله حبيب، والشعراء زاهر الغافري وصالح العامري وإبراهيم سعيد، والناشطة الحقوقية حبيبة الهنائي، والباحثون سعيد سلطان الهاشمي ومحمد العجمي وسيف عدي المسكري وعلوي المشهور ووضحاء الكيومي، والمسرحيان مالك المسلماني وهلال البادي، والإعلاميون زاهر المحروقي وسليمان المعمري وسمية اليعقوبي والمختار الهنائي، إضافة إلى عدد من الروائيين وكتّاب القصة منهم حمود الشكيلي ومحمود الرحبي وحمود سعود والخطاب المزروعي ويعقوب الخنبشي وسعيد الحاتمي وغيرهم من مبدعي ومبدعات السلطنة.
ومن الكويت جاء إعلان وزير الإعلام الكويتي السابق، سعد العجمي، الذي قال في تغريدة له عبر حسابه في موقع “تويتر”: “أنا من جيل السبعينات، أكثر من 40 عاماً وأنا أدرس في المدرسة وأسمع وأشاهد وأقرأ في الإعلام الرسمي أنّ فلسطين قضية العرب الأبدية.. لم يتغير شي من قناعتي، فلسطين بالنسبة لي أرض محتلة ومقدسات مغتصبة، وممارسات بعض الفلسطينيين الخاطئة والمرفوضة إن حدثت ليست مبرراً لخيانة القضية عربياً”.
كما أكد 37 نائباً كويتياً، الثلاثاء، موقف دولة الكويت الثابت والمناهض للتطبيع مع الكيان الصهيوني. وقال النواب في بيان أصدروه خلال جلسة مجلس الأمة: “لن يقبل الشعب أي تراجع عن التزام حكومة بلاده بقضية العرب والمسلمين الأولى، وسيبقى يشد على يد القيادة السياسية في موقفها الشجاع والثابت تجاه القضية على مر السنين، وجرائم الاحتلال لا يمكن أن ننزعها من نفوس أبنائنا”.
سعودياً، أشار د. عبد الله العودة، من خلال حسابه في “تويتر” إلى أن “الترند الأول في السعودية وفي أكثر من بلد (#خليجيون_ضد_التطبيع)”.
وفي قطر، انتقدت مجموعة “شباب قطر ضد التطبيع” الزج الإماراتي بالقضية الفلسطينية واستغلالها في المهاترات وتصفية الحسابات. وقالت المجموعة المناهضة لكافة أشكال التطبيع في بيان أصدرته حول اتفاقية السلام الموقعة بين دولة الإمارات والكيان المحتل: “نراقب بحزن ما يجري في الإمارات العربية المتحدة، ونحن على وعي بوجود أغلبية صامتة رافضة لهذا الذل والهوان”.
واستطردت المجموعة في بيانها، أنه “رغم الأوضاع الخليجية الراهنة إلّا أننا ندعو لتوحيد جهود مقاومة ورفض التطبيع، والنأي بالقضية الفلسطينية عن القضايا الفردية والمصالح الضيقة”. وشدّدت المجموعة على أنّ “شباب قطر ما زالوا يراهنون على وعي الشعوب العربية والإسلامية بعدم الانجراف خلف الدعاوى الواهية، لمن وصفوهم بالزمرة التي تسعى لتسيير مصالحها على حساب مصالح وقيم شعوب المنطقة”. داعية “الجميع للتعبير عن رفضهم للتطبيع بكل الطرق الممكنة”، مؤكدة أن “ما يستصغر اليوم، صار مستحيلاً عند شعوبٍ أخرى”.
كما دعت ندوة افتراضية نظمها “ائتلاف الخليج ضد التطبيع”، بثت مساء الاثنين على موقع “يوتيوب”، إلى توحيد جهود مقاومي التطبيع في دول الخليج ردّاً على اتفاق تطبيع العلاقات بين الإمارات ودولة الاحتلال الإسرائيلي. الندوة شارك فيها ناشطون في مقاومة التطبيع من السعودية والإمارات والبحرين وسلطنة عمان والكويت وقطر. وعرض الكاتب والناشط سعيد الهاشمي من سلطنة عُمان دوافع مقاومة التطبيع مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، والتي تنطلق من مبدأ مناصرة حق الشعب الفلسطيني في أرضه، وأنّ هذا العدو لم يحترم الاتفاقيات التي وقعها مع عدد من الدول العربية، بما فيها التي وقعها مع الفلسطينيين. ودعا إلى استثمار اليقظة الشعبية تجاه القضية الفلسطينية لإبقائها حية، وصياغة خطاب يتجاوز الشعاراتية، ويكشف ويعري ما يفعله الاحتلال الصهيوني في فلسطين.
بدورها، لفتت الناشطة البحرينية سمية المجذوب إلى ما قالت عنها إنها مفارقة صارخة، تتمثل بأنه في ظل وضع دولي مؤيد لحقوق الشعب الفلسطيني، يجري التخلي عربياً عن الشعب الفلسطيني وقضيته. وتطرقت لجهود الشارع البحريني في مقاومة التطبيع، عبر سنوات طويلة، مؤكدة أنّ القضية الفلسطينية والإجماع عليها يتجاوز التيارات والطوائف، وأنّ الأرضية الخصبة تتوفر لدى جميع الشعوب العربية لمقاومة التطبيع التي هي مهمة الشعوب وليست مهمة جمعيات مناهضة التطبيع فقط. ودعت إلى تطوير خطاب إعلامي جديد في مواجهة التطبيع وتوسيع العمل ليشمل جميع المجالات الأكاديمية والفنية والثقافية.
ورأت الباحثة والناشطة آلاء الصديق من دولة الإمارات العربية المتحدة، أنّ سقف الحريات في الإمارات لا يحتمل مثل هذا التوجه (مقاومة التطبيع) في هذه المرحلة، إلّا أنها دعت إلى ألّا تتحوّل صعوبة التعبير إلى صعوبة التفكير في مواجهة التطبيع. وأكدت ضرورة مواجهة حملات التضليل الإعلامي، وقالت: “يجب أن نتذكر أن من يتلاعب بنا مرّة سيتلاعب بنا مرات عديدة”، لافتة في هذا الصدد إلى ما روجته السلطات الإماراتية ونشره إعلامها الرسمي عن أن اتفاقها مع دولة الاحتلال يوقف ضم أراضي الضفة الغربية، وهو ما ثبت أنه غير صحيح.
ومن الإمارات، كانت الروائية والقاصة والشاعرة والمترجمة الإماراتية ظبية خميس الصوت الثقافي الوحيد -حتى الآن- من أبناء الإمارات ونخبتها التي أشهرت موقفاً رافضاً للاتفاق الإماراتي-الإسرائيلي.
“لا” كبيرة ضد التطبيع باعتباره جريمة معلنة
في السياق ذاته، عدَّ “بيت الشعر الجزائري” الاتفاق التطبيعي بين الإمارات ودولة الاحتلال الإسرائيلي خيانة تاريخية للقضية الفلسطينية، ونكراناً لنضالات الشعب الفلسطيني على مدى عقود طويلة من الزمن. وندّد الشعراء الجزائريون المنضوون في “بيت الشعر” بشدة بالانجرار المستمر للأنظمة العربية إلى التطبيع، وأهابوا بكل النخب الثقافية والفكرية والسياسية العربية الحرة بمختلف توجهاتها وقناعاتها الفكرية والإيديولوجية، الوقوف في وجه التطبيع السياسي مع دولة الاحتلال، واعتبار القضية الفلسطينية قضية مركزية ونواة أساسية في أي مشروع ثقافي حضاري مستقبلي، باعتباره الضامن الوحيد لبقاء القضية الفلسطينية حية في وعي الأجيال القادمة.
وقالوا: “نضم صوتنا إلى صوت الشعوب العربية، وكل الشعوب المؤمنة بقضية فلسطين، والتي لم ولن تتخلى يوماً عن القدس، وعن الأرض الفلسطينية، وعن عودة الشعب الفلسطيني إلى وطنه، وعن حقه الوجودي والتاريخي والقانوني في بناء دولة حرة ومستقلة في أرضه الأم”.
كما أصدرت مجموعة من المثقفين العراقيين بياناً جاء فيه: “نعلن، نحن المثقفين العراقيين، داخل الوطن وخارجه، عن شعورنا بالمرارة والألم، مجسّدين موقفنا المبدئي الرافض لتطبيع دولة الإمارات مع كيانٍ مغتصِبٍ. هذا الموقف تجسد غير مرّة حين أكد المثقفُ العراقي في مساراتٍ زمنيةٍ متعددة، وعلى مدار العقود الماضية، التزامه بالقضية الفلسطينية العادلة. نتمنى ألّا نخسرَ أيّ بلد عربي لصالح إسرائيل، وعلينا العمل لنعلن: لا كبيرة وواضحة، لا تشوبها شائبة ضد التطبيع باعتباره جريمة معلنة”. وشدّد البيان على أنّ “ارتماء الإمارات، وربما دول عربية أخرى في فترةٍ لاحقة، في الحضن الصهيونيّ، يُعدّ خطوةً يمكن اعتبارها طعنةً في خاصرة الشعوب العربية وقضيتِها؛ لذا نرفض، بشكلٍ قاطع، اتفاقيةَ الذلّ والهوان، وندعو في الوقت ذاته القوى العربية الفاعلة من مثقفين، وأكاديميّين، وأحزاب، واتحادات مهنية، ومنظمات وحركات طليعية إلى تحمّل مسؤوليتها التاريخية في الإعلان عن رفض الاتفاقية، ونشر الوعي، وإدراك أننا الآن أمام مؤامرة لتصفيتنا جميعاً، ومحاصرة أحلامنا”.
كذلك أعلنت مجموعة من المثقفين والناشطين السياسيين الفلسطينيين والعرب استنكارهم لـ”اتفاق أبراهام” للتطبيع بين الإمارات وإسرائيل والذي أعلن عنه الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الخميس الماضي. وقالوا في بيان وقعه 145 مثقفاً وناشطاً: “كان هذا اليوم بالنسبة إلى رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي يوماً تاريخياً بحسب تعبيره، لكنه كان بالنسبة إلى العرب عموماً هزيمةً أخرى تُضاف إلى سجلّ حافل بالهزائم على مدى نصف القرن الماضي؛ فالهزائم المتراكمة لا تنتج إلا هزائم جديدة، ولا يُتوقَّع من أنظمة عصر الضعف والهوان أن تنتج شيئاً سوى الهزائم”.
البيان أوضح، أنّ الاتفاقات التي وقعتها دول عربية سابقاً مع إسرائيل “أتت بالوبال على الشعب الفلسطيني وشعوب المنطقة كلها على مدى العقود الأربعة الماضية، ولا يمكن أن تُستعمل مبرراً أو حجة لتطبيع دول عربية أخرى ليس لها أراضٍ محتلة، ولا هدف لها سوى كسب رضا واشنطن”. ووصف البيان “اتفاق أبراهام” بأنه “اتفاق جديد يمعن في هزيمتنا، والاستهتار بشعوب المنطقة وحقوقها، لكنه عاجز عن تغيير جوهر القضية”. ومن الموقعين على البيان، نذكر: الأكاديمي جلبير أشقر (لبنان – لندن)، الكاتبة بشرى المقطري (اليمن)، الباحث والأكاديمي محمود الحمزة (سوريا)، الصحفي أيمن أبو جبل (الجولان المحتل)، والأكاديمي أسعد غانم (فلسطين).
وشهدت تونس موجة الاستنكار للاتفاق الإماراتي مع دولة الاحتلال، وخرجت المنظمات الوطنية والأحزاب الكبرى تعبّر عن تنديدها بهذه الخطوة التي وصفتها بـ”اتفاق العار”، مطالبةً الدولة التونسية باتخاذ موقف رسمي. وأصدر الاتحاد العام التونسي للشغل وقوى سياسية وأهلية بيانات إدانة للخطوة الإماراتية، مؤكدين رفضهم المطلق للتطبيع مع الكيان الصهيوني المحتل. منددين بـ” القرار المخزي” لدولة الإمارات “بالتطبيع مع الكيان الصهيوني”، معتبرين إياه “حلقة في سلسلة الخيانات التي مارستها وتمارسها الأنظمة العربية الموالية للقوى الاستعمارية”.
فلسطينيون يقاطعون “رفضاً للتطبيع المشين”
فلسطينياً، كان الشاعر والأديب الفلسطيني أحمد أبو سليم، أول من سجل موقفاً رافضاً لتطبيع علاقات ساسة الإمارات مع دولة الاحتلال، معلناً في منشور على جدار صفحته في “فيسبوك” عن سحب ترشيح روايته «بروميثانا» لجائزة “البوكر”. وأعلن أبو سليم أيضاً عن مقاطعته لكافة النشاطات الثقافية لدولة الإمارات، داعياً كافة المثقفين العرب لاتخاذ خطوات سريعة وجدية في المقاطعة، كي يدرك حكام الإمارات أنّ لهذه الخطوة ثمناً عليهم أن يدفعوه، مؤكداً أن الانسحاب من كافة الجوائز التي تطرحها دولة الإمارات، والنشاطات الثقافية كافة يصبح واجباً في هذه الحالة.
وعلق الروائي المقدسي محمود شقير على سحب أبو سليم ترشيحه لروايته من جائزة “البوكر”، قائلاً: “أقدّر للروائي أحمد أبو سليم سحبه ترشيح روايته لجائزة “بوكر”؛ وأقدّر لعدد من الكاتبات والكتاب المغاربة سحب كتبهم من الترشح لجوائز دولة الإمارات، وأقدّر لرابطة الكتّاب الأردنيين واتحاد كتّاب تونس، واتحاد كتّاب فلسطين وغيرها من الاتحادات والكاتبات والكتّاب موقفهم المشرف من رفض التطبيع الذي مارسته دولة الإمارات. وأدعو الكاتبات والكتّاب في البلدان العربية والعالم واتحادات الكتّاب والصحافيين مقاطعة الأنشطة الثقافية التي تقيمها الإمارات؛ ومن ضمنها الجوائز ومعارض الكتب، وذلك احتجاجاً على تطبيع العلاقة مع دولة الاحتلال الإسرائيلي؛ بتعليمات من ترامب المتآمر على الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني من خلال صفقة القرن المرفوضة”.
كما طلب الروائي يحيى يخلف، من ناشر روايته «الريحانة والديك المغربي»، وقف ترشيحها لجائزة البوكر الممولة من الامارات، “رفضاً للتطبيع المشين” وفق تعبيره.
فيما أعلن الروائي ربعي المدهون، أول فلسطيني يفوز بالجائزة العالمية للرواية العربية “البوكر” في عام 2016، بأنه لم يعد معنيّاً بالجائزة بعد الآن بعد قيام الإمارات العربية، التي تدعم الجائزة مالياً، بتطبيع علاقاتها مع كيان الاحتلال الإسرائيلي. وقال المدهون، الذي فاز بالجائزة عن روايته «مصائر: كونشرتو الهولوكوست والنكبة»، في إعلان موجز على صفحته الخاصة على فيسبوك: “لم أعد معنيّا بهذه الجائزة/البوكر العربية”.
أما الكاتب والأكاديمي الفلسطيني الدكتور خالد الحروب فقد أعلن عن رفضه لرئاسة لجنة تحكيم جائزة البوكر لهذا العام، قائلاً: “عرض عليّ الزملاء الكرام في مجلس أمناء جائزة البوكر للرواية العربية، في شباط (فبراير) الماضي، رئاسة لجنة التحكيم لهذا العام. ترددت في البداية كون الجائزة عزيزة علي فقد كنت عضوا في مجلس الأمناء لعشر سنوات، وأعتز بكوني أحد المؤسسين للفكرة عندما تطورت مع أصدقاء أعزاء بين لندن وأبو ظبي وبيروت والقاهرة سنة 2007. ترددت حتى لا أحبط ثقة الأصدقاء بي، لكنني في نهاية الأمر حسمت ورفضت. أبلغتُ المُقربين منهم سبب رفضي وقلت بالحرف الواحد: مع قصة التطبيع العلني والخفي الذي يتزايد بين الإمارات وإسرائيل ليس من المُستبعد أن أقف على المنصة في احتفال توزيع الجوائز النهائي في أبو ظبي في العام المقبل، وأصافح مسؤولاً إماراتياً يكون قد صافح وزيراً إسرائيلياً قبل الاحتفال، الأمر الذي أرفضه تماماً. ثم أرسلتُ رسالة رسمية اعتذرت فيها وبررت اعتذاري بانشغالات الأكاديمية و”أسباب أخرى””. وأضاف: ” كم كنت أتمنى لو لم تصحْ تقديراتي، وأن أندمْ على قراري. لا نريد ولا نتمنى أن نخسر أي بلد عربي لإسرائيل، ونشعر بمرارة عميقة ومؤلمة. لكن في نهاية الأمر علينا كمثقفين أن نقوم بما في وسعنا، وأن نقول لا كبيرة ومدوية لاستخدام الثقافة العربية والمؤسسات والفعاليات الثقافية والجوائز وغيرها لمساعدة الأنظمة في التغطية على عوراتها”.
فيما قال الروائي الفلسطيني إبراهيم نصرالله، معلقاً على الحدث: “ليست عملية تطبيع تلك التي تم إشهارها بين نظام الإمارات والكيان الصهيوني، وصفها كذلك فيه تحجيم لخطورتها، لأنّ ما حدث هو ميلاد حلف جديد مع الصهيونية ضد فلسطين وقضية فلسطين، ما حدث ليس وصول طائرة إلى مطار صهيوني، أو وصول مطبّع رخيص والتقاطه الصور في الكنيست أو مع القتلة الصهاينة، ما حدث أكبر من ذلك، إنه خيانة لجوهر عدالة القضية الفلسطينية، تضاف إلى خيانات اتفاقيات السلام المصرية والأردنية والفلسطينية التي ترفضها شعوبها”. نصرالله أكد أنّ “فلسطين لن تموت، إذا ما احتضنتم أعداءها، كل ما تفعلونه أنكم تطلقون النار على رؤوس أوطانكم، وشعوبكم، وأنتم تهرولون لاحتضان الصهيونية، التي ورثت عن الفاشيات الكبرى كل ما فيها من قبح”.
من جهته، أعلن أيضاً المصور محمد بدارنة، عن سحب مشاركته من معرض “وجهة نظر ٨” المقام في 29 آب/ أغسطس الجاري في الإمارات، موجهاً رسالة عبر صفحته في “فيسبوك” لمؤسسة الشارقة للفنون، قائلاً فيها إنه “مع إعلان الإمارات العربية المتحدة عن تطبيع علاقاتها مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، التي ما زالت تمارس قمعها وسلبها لحقوق شعبي في فلسطين والشعوب العربية، وانطلاقاً من إيماني بأنّ الفن ما لم يكن مشتبكاً بالقضايا الإنسانية والعدالة فلا قيمة له، أعلن سحب مشاركتي من معرضكم”.
وفي هذ السياق دعت مجموعة نشطاء “ثقافة في وجه التطبيع”، كل الكتّاب الفلسطينيين الذين قدموا أعمالهم للمنافسة في الجوائز الإماراتية خاصّة جائزة “البوكر”، وجائزة “الشيخ زايد للكتاب” إلى الإعلان الفوري عن سحب ترشح أعمالهم. كما دعت في بيان صدر عنها، كل الفنانين التشكيليين والمسرحيين الذين تشارك أعمالهم في معارض وغاليرهات ومسابقات تنظم من قبل جهات إماراتية إلى سحب كل مشاركاتهم. وقالت المجموعة: إنها “ستعد قائمة سوداء باسم كل من لا ينسحب، لأنه يضع نفسه في صف من انتهك الحقوق الوطنية الفلسطينية”، وحيت المجموعة الكتّاب العرب والفلسطينيين الذين أعلنوا عن انسحابهم في إدانة لماراثون الهرولة التي يقوم بها حكام الإمارات وزبانيتهم في عناق الجلاد القاتل.
بدورهم توجه الأمناء العامون للاتحادات الشعبية والنقابات المهنية الفلسطينية في بيان لهم، لنظرائهم في الدول العربية، وكذلك الاتحادات القومية، بالشكر والاعتزاز لكل الاتحادات التي بادرت بإعلان موقفها الرافض لاتفاقية العار الامارتية/الإسرائيلية/الأمريكية، ودعوا الاتحادات الوطنية العربية كل في مكانه لرفع الصوت عالياً ضد هذا الاتفاقية، وطالبوا الاتحادات القومية بإعلان مواقفها بهذا الخصوص وتعزيز نشاطاتها لإيضاح مخاطر هذا الاتفاق على الأمن القومي العربي، والاستقلال الوطني الفلسطيني والعمل العربي المشترك، وعلى ماضي الأمة ومستقبلها.