تعيش العاصمة الأردنية عمّان ما بين الثالث والعشرين والواحد والثلاثين من الشهر الحالي، على وقع فعاليات “مهرجان عمّان السينمائي الدولي – أول فيلم”، الذي يتميز بأنه أول مهرجان سينمائي دولي في الأردن يسلط الضوء على الأعمال الأولى على الصعيدين الإقليمي والدولي. ولمعرفة أهم ما يميّز فعاليات وبرمجة النسخة الثانية منه، وللوقوف كذلك على هوية المهرجان وخصوصيته والجديد فيه، كان هذا اللقاء مع المخرجة عريب زعيتر، مسؤولة برمجة الأفلام. وكذلك كان لنا لقاء مع السينمائي بسام الأسعد رئيس “أيّام عمّان لصُنّاع الأفلام”، ليعرفنا على تفاصيل هذه الأيّام التي تم إطلاقها في هذه الدورة من قِبل إدارة المهرجان ليكون هناك منصة داعمة لصُنّاع الأفلام الأردنيين والعرب في تجاربهم الأولى.
زعيتر: سينما السيارات تجربة فريدة في المنطقة
بداية حديثنا كانت مع المخرجة الأردنية عريب زعيتر، مسؤولة برمجة الأفلام، التي قالت إنّ أهم ما يميّز برمجة هذه الدورة من المهرجان، هو أنها جزء من حدث سينمائي غير مسبوق ويتم بظروف صحية استثنائية. لذا فقد قمنا بتصميم برنامج غني ومتنوع يتم عرض محتواه في العديد من الصالات ومواقع العرض. موضحة أنّ العروض متنوعة ومتاحة بكل من شاشات سينما السيارات بالعبدلي، ودور العرض بتاج سينما والمسرح المكشوف بالهيئة الملكية الأردنية للأفلام، ومنصة “استكانة” الإلكترونية، مراعين ضرورة الالتزام بكافة شروط السلامة العامة.
وعن الجديد في برنامج الدورة الثانية، ذكرت زعيتر أنّ الذي يميز هذه الدورة من المهرجان، والتي يتم تنظيمها للسنة الثانية على التوالي، هو الوجود الفعلي لكل من مخرجي و/أو منتجي الأفلام المشاركة، لجان التحكيم، صناع الأفلام، والجمهور. البرنامج هذا العام يضم ٥١ فيلماً من ٢٦ دولة، والأفلام المختارة تنتمي إلى كافة أقطار العالم العربي ومن مناطق مختلفة من العالم. إضافة إلى أقسام المسابقات الأربع التي يتنافس عليها صناع الأفلام، وهي قسم الأفلام العربية الروائية الطويلة، والأفلام العربية الوثائقية الطويلة، والأفلام العربية الروائية القصيرة والأفلام الدولية، ويمتاز البرنامج لهذا العام بإضافة زاوية جديدة أطلق عليها اسم “موعد مع السينما الفرنسية-العربية” بالتعاون مع المهرجان العربي الفرنسي. أيضاً في هذه الدورة، هناك أربعة أفلام سيتم عرضها لأول مرة بالعالم، وهناك ثمانية أفلام سيتم عرضها لأول مرة بالعالم العربي.
كما وسيخصص المهرجان “حافلة الأفلام” كي يتسنى لجمهور بعض المحافظات من السلط ووادي رم الاستمتاع بعروض أفلام منتقاة، كما سيتم تخصيص عروض خارجية بجامعة اليرموك في إربد.
وبسؤالها عن دلالة إضافة “أول فيلم” على اسم المهرجان، ليصبح “مهرجان عمّان السينمائي الدولي – أول فيلم”؟ أجابت: نحتفي في مهرجاننا هذا بالعمل الأول للمخرج؛ وفي حالة الفيلم الروائي العربي الطويل، بالعمل الأول للمخرج، أو أي، من الكاتب، الممثل الرئيسي، المصور أو المونتير. نحن نؤمن بخصوصية الفيلم الأول وأهميته لصانعيه. فالفيلم الأول يكلف صانعيه وقتاً وجهداً وطاقةً تمتد لسنوات طويلة من الكتابة والتصوير والمونتاج والتطوير، لذا نجد أنه من الهام والمجدي أن نسلط الضوء على هذا الجهد ونمده بشيء من التقدير. لذلك فإن أحد شروط الدخول الرئيسة في مسابقة المهرجان هو أن يكون الفيلم عملاً أولاً لصانعه، عدا عن كونه العرض الأول بالأردن ومن إنتاج سنة ٢٠٢٠ أو ٢٠٢١.
ولمعرفة هوية وخصوصية المهرجان التي تجعل منه مختلفاً عن بقية المهرجانات السينمائية العربية والدولية؟ قالت المخرجة الأردنية: إنّ أحد أهم خصائص المهرجان هو ما ذكرته سابقاً عن كونه يحتفي بالعمل الأول لصانع الفيلم. عدا عن ذلك، فإنّ هذا المهرجان يتيح للجمهور الأردني فرصة مشاهدة أفلام منها المستقل والدولي والثقافي والتي قد لا تصل إلى دور العرض التجارية في الأردن. كذلك فإنّ هذا المهرجان هو الوحيد في المنطقة الذي يقدم عروضاً من خلال سينما السيارات وهي تجربة فريدة لمحبي الأفلام.
ما يميزنا أيضاً هو سعينا المتواصل لتوفير الحديث والمميز من الأفلام دون شرط العرض الإقليمي الأول. فنحن نؤمن كامل الإيمان بأهمية إتاحة الفن والعمل المميز للجميع خارج إطار الحدود الجغرافية.
ومع تزامن موعد إطلاق الدورة الثانية من المهرجان، مع تحذيرات من عودة قوية لتفشي جائحة كورونا “المتحور” في عدد من بلدان المنطقة. سألنا زعيتر عن الوضع في عمّان؟ وهل أنّ إدارة المهرجان اتخذت إجراءات احترازية معينة تحسباً لأي طارئ؟ فأجابتنا: نعم. نحن نسعى جاهدين إلى استمرارية الإجراءات الاحترازية ومراعاة ضرورة الالتزام بكافة إجراءات السلامة العامة. فعلى سبيل المثال، قمنا بالتنسيق مع الجهات المختصة لإجراء فحص الـ (PCR) كل ٧٢ ساعة للمشاركين الذين لم يتسنَ لهم إكمال المطعوم المضاد للفايروس. كما نحرص على ارتداء الكمامات والتباعد الاجتماعي في كافة فعاليات المهرجان. عدا عن التعاون الذي قمنا به مع منصة “استكانة” الإلكترونية لتوفير معظم الأفلام عبر المنصة لوقت محدود. كما وقمنا بتحديد عدد الأشخاص في المركبة الواحدة إلى شخصين فقط في سينما السيارات. وكذلك تحديد عدد الجمهور في كل صالات السينما.
وفيما يتعلق بقرار إدارة المهرجان عرض بعض الأفلام أونلاين على منصة “استكانة” الإلكترونية، بينت محدثتنا أنه تم التعاون مع إدارة المنصة لتوفير العديد من الأفلام التي سيتم عرضها خلال المهرجان وذلك بمبادرة منا للوصول لأكبر عدد من الجمهور الأردني. كما ولمنصة “استكانة” ميزة تمكين الجمهور الذي يحبذ التزام المنزل بسبب الظروف الصحية الراهنة من الاستمتاع بمشاهدة أكبر عدد من الأفلام التي اخترناها للدورة الحالية من المهرجان.
بسام الأسعد: أيّام عمّان لصُنّاع الأفلام
للحديث عن “أيّام عمّان لصُنّاع الأفلام” حاورت “رمان” رئيس الأيّام السينمائي الأردني بسام الأسعد، الذي حدثنا عن سوق أفلام المهرجان الذي تم إطلاقه في هذه الدورة، فقال: “أيّام عمّان لصُنّاع الأفلام” هو ملتقى لصُنّاع الأفلام المحليين وضيوف المهرجان من مختصين سينمائيين، حيث تعقد ورشات تدريبية وجلسات حوارية وسلسلة لقاءات مع صُنّاع الأفلام المشاركين للحديث عن التحديات التي واجهتهم في عمل أول فيلم طويل لهم. كما سيوفر الملتقى تدريباً متخصصاً للمشاريع المشاركة في منصتي التقديم.
وعن الخصوصيات التي تميّز هذه الأيّام، وأبرز الضيوف الذين تمت دعوتهم للمشاركة فيها، ذكر الأسعد أنه بالمقارنة مع الدورة الأولى، العام الماضي، والقيود المفروضة جراء جائحة كورونا، تتميز النسخة الثانية من الأيّام باستضافة صُنّاع الأفلام بشكل شخصي في عمّان للعمل بشكل مباشر مع بعضهم البعض بعد أكثر من ١٨ شهراً من حضور المهرجانات وورشات التدريب عبر الإنترنت. ولهذا خصصنا مساحة تحت اسم “ملتقى صُنّاع الأفلام”، حيث نستضيف العديد من الفعاليات المفتوحة منها الندوات الحوارية والجلسات التدريبية قصيرة المدة.
وستتيح الأيّام للمشاركين منصتان الأولى لتسويق مشاريع الأفلام الطويلة، والثانية للمشاريع في مرحلة ما بعد الإنتاج من قبل صُنّاع الأفلام العرب.
وبحسب محدثنا، يشارك هذا العام في منصتي التقديم ثلاثة عشر مشروعاً: سبع مشاريع أردنية في مرحلة التطوير، وستة أفلام عربية وأردنية في مرحلة ما بعد الإنتاج موزعة ما بين مشاريع وثائقية وروائية. وتتنوع مواضيع المشاريع المختارة بين الاجتماعية والخيال العلمي وقصص من التراث العربي، حيث سنشهد هذا العام أصواتاً جديدة وإبداعية. يضيف الأسعد: سيحضر صُنّاع الأفلام في دورة تدريبية يعطيها المختص في التقديم، ستيفانو تيالدي، لمدة ثلاث أيام، وتؤهل هذه الدورة المشاركين لتقديم مشاريعهم أمام لجنة التحكيم المؤلفة من: الخبيرة السينمائية ليالي بدر، والمخرجة مريم شاهين، والمنتج كيفان مشايخ، والمخرج أمين نايفة، والخبير السينمائي عبد الله الشامي.
ولفت رئيس “أيّام عمّان لصُنّاع الأفلام” إلى أنه سيتم الإعلان عن الفائزين بجوائز منصتي التقديم بتاريخ 30 من الشهر الحالي.
وعن ندوات وورش العمل والفعاليات المبرمجة على هامش الأيام، يقول الأسعد: إنّ الأيّام تستضيف العديد من صُنّاع الأفلام والمختصين للحوار في ندوات متنوعة منهم المخرج اللبناني هادي زكاك، والمخرج الأردني محمود مساد، والمخرج والمصور الفوتوغرافي رائد عصفور، والناقد السينمائي أحمد شوقي، وذلك في جلسة موضوعها “العصر الذهبي لدور العرض في المنطقة والأثر الاجتماعي لها”. وأردف: أنه تماشياً مع توجه المهرجان لتنظيم دورة “صديقة للبيئة”، سيكون هناك جلسة حوارية عن “التحول المستدام للصناعة” تتحدث فيها مختصات في مجال التأثير المجتمعي والبيئي، هن: فرح فايد، وعبير بايزيدي، ورزان زعيتر، فيما سأتولى إدارة هذه الجلسة. في حين تتطرق جلسة أخرى إلى “دور صناعة الأفلام بالتأثير على المجتمع”، وذلك عن طريق رواية قصص تتعلق بالمرأة وكيفية التعاطي مع تلك القصص من قبل صانعات الأفلام. وسيتحدث في هذه الجلسة كل من المخرجة التونسية كوثر بن هنية، والمخرجة الأردنية ميسون هبيدي، والباحث وائل منسي. وتديرها المخرجة الأردنية عريب زعيتر (مديرة برمجة الأفلام في المهرجان).
وعما ينتظره مختصو السينما وصُنّاع الأفلام الأردنيين من الأيّام خدمة لصناعة الأفلام في الأردن، أجابنا المتحدث: برأيي الشخصي، الملتقيات والمنتديات التي تنظم على هامش المهرجان هي جزء مهم يُمكّن صُنّاع الأفلام من مشاركة أفكارهم ومشاريعهم التي قد ينتج عنها تعاون مستقبلي. كما يعد نقل التجارب وتبادل الخبرات جزءً هاماً لبناء خبرات وقدرات صُنّاع الأفلام الشباب.
الأسعد أكد في نهاية حديثه مع “رمان” أنّ دور مثل هذه الفعاليات يتمثل في الحديث عن ما وراء ما يراه المشاهد على الشاشة، الأمر الذي يشد أي صُنّاع أفلام لاحتراف الفن السابع.