حول كتابه «تاريخ الفلسطينيين وحركتهم الوطنية» الذي تشارك في تأليفه مع المؤرخ ماهر الشريف، والصادر عن “مؤسسة الدراسات الفلسطينية” في بيروت عام 2018، كان لنا هذا الحوار مع الباحث الفلسطيني عصام نصار، أستاذ تاريخ الشرق الأوسط المعاصر في جامعة ولاية إلينوي في الولايات المتحدة الأميركية. كما تطرقنا في حوارنا معه إلى كتبه الأخرى الصادرة عن المؤسسة، ومنها: «لقطة مغايرة.. التصوير المحلي المبكر في فلسطين»، و«أوراق عائلية: دراسات في التاريخ الاجتماعي المعاصر لفلسطين»، و«القدس الانتدابية في المذكرات جوهرية».
لنبدأ حوارنا معك بالعودة إلى البدايات، أو ربما إلى أول المعرفة. ما هي نقاط التحوّل التي أسست فعلاً لبدء مسيرتك المعرفية والعلمية؟
لا أعرف أين كانت البداية تحديداً، لكنها ارتبطت بشكل ما في البحث عن مخيلة بديلة لأمكنة أعرفها، وقد ساهم الأدب أولاً بذلك عبر كتب من نمط رواية غسان كنفاني «عائد إلى حيفا» أو «المتشائل» لإميل حبيبي وغيرها. البدايات ربما كانت عبر علاقتي بالمكان والذي كان يصور أنه ليس مكاني وأن وجودي فيه عابر. تجربة النشاط السياسي المباشر في الصغر وعادة ارتياد المكتبة العامة لقضاء الوقت عززت اهتمامي بالقراءة وشغفي بالمعرفة حول فلسطين وبلاد الشام عموماً.
ما سر اهتمامك وشغفك بتاريخ فلسطين الثقافي والاجتماعي، وتاريخ التصوير الفوتوغرافي في فلسطين؟
جاء اهتمامي بهذه المواضيع مرتبطاً بعلاقتي بالمكان، مكان الطفولة والمشهد الطبيعي، والذي بدا كأنه مشهد لا علاقة لي به، فهو إما مقدّس أو وطني، وليس فضاء عشت به مع المجتمع أو المجتمعات التي تشكلت به. الصورة الفوتوغرافية ساهمت بتحويل المكان إلى جوهر لا علاقة له بالناس، والتاريخ السياسي والديني أفرغه من محتواه الاجتماعي. شغفي بالتاريخ الثقافي والاجتماعي والبصري هو نابع من رغبتي في وضع الإنسان في منتصف جغرافية المكان، الذي هو مكانهم أولاً وأخيراً.
كيف جاءت فكرة كتاب «تاريخ الفلسطينيين وحركتهم الوطنية»؛ الذي شاركت في تأليفه إلى جانب الدكتور ماهر الشريف؟ وما هي ظروف إنجازه؟
شعر الزملاء في مؤسسة الدراسات الفلسطينية بعدم وجود كتاب شامل حول تاريخ الفلسطينيين الحديث يمكن أن يوصف بأنه كتاب جامعي، أي مخصص للدراسات الجامعية. وقد أخذوا هم زمام المبادرة بتكليف الصديق المؤرخ ماهر الشريف بهذه المهمة وقد تواصل معي بهدف مشاركته في الكتابة. تنوع أسلوب الكتابة المشتركة ما بين فصول كتبها أحدنا وشارك الآخر بها وأُدخلت التعديلات أو الإضافات عليها، وما بين العمل الفردي لكل منا على فصل ما. عموماً، كان دوري فيما يمكن وصفه في التاريخ الاجتماعي، ودور زميلي فيما يمكن وصفه بالتاريخ السياسي لدرجة ما. وقد راجع المخطوطة زملاء من قبل المؤسسة الناشرة وأخذنا بمشورتهم في إدخال تعديلات محددة على الكتاب.
بما أن الكتاب مصمم ككتاب جامعي، فقد استندنا بالأساس لدراسات منشورة مسبقاً لدرجة كبيرة وتوسعنا فيها وصغنا المعلومات بسردية مبسطة ومقتضبة حتى يكون جذاباً وغير ثقيل على الطلبة. لكن هذا الجواب تقنيّ لحد ما، قد لا يهم القارئ، الأهم هو أن سردية الكتاب هي حول تاريخ الفلسطينيين وليس فلسطين عموماً، فالفكرة الرئيسية هي إنتاج سردية لتاريخ وتطور هذه المجموعة وتحوّلها لشعب ذو هوية خاصة به، تشترك بالكثير مع عموم المنطقة وبخاصة بلاد الشام، لكن لها خصوصية تشكلت عبر الفترة الممتدة من بدايات الحكم العثماني في القرن السادس عشر وحتى أيامنا هذه. وقد قمنا بذلك عبر دراسة الظروف العامة سواء سياسية أو إدارية، وعبر النظر إلى تطور المدن والأرياف وتشكل تقاليد وممارسات منحت لها خصوصيتها وبخاصة عبر العلاقة مع الحركة العربية إبان الحكم العثماني والصراع مع الصهيونية والانتداب البريطاني لاحقاً، واختفاء فلسطين الوطن ككيان وكبيت لعموم الفلسطينيين أثناء وبعد النكبة.
دعنا نقف وإياك على سؤال هام تم طرحه في الكتاب (الفصل التاسع)، والمتعلق بمستقبل الحركة الوطنية الفلسطينية ومشروعها، وعليه أسألك كباحث أكاديمي متابع: كيف تقرأ مستقبل حركتنا الوطنية في ظل وجود سلطة سياسية مفلسة ومطبعون عرب بات همهم تصفية القضية الفلسطينية؟
دعني أبدأ بالقول إنّ هذا الفصل كتبه زميلي ماهر الشريف، لكني اتفق مع ما ورد فيه عموماً. السؤال المطروح هو حول أزمة الحركة الوطنية تحديداً مع فصلها عن سؤال الهوية الوطنية للفلسطينيين. فبرغم النفي الذي استمر عقودًا لوجود شعب فلسطيني ذو هوية خاصة به، من قبل إسرائيل والعالم، فلا جدال اليوم على وجود وخصوصية هذه الهوية وشمولها لكافة أطياف الشعب في كافة مناطق تواجده، بما في ذلك في المناطق المحتلة عام ١٩٤٨. وهذا بحد ذاته هو الإنجاز الأكبر للحركة الوطنية المعاصرة، ولا يجدر التقليل من شأنه. لكن الأزمة الكبرى، أنّ الحركة الوطنية عموماً، فشلت في تحقيق إنجازات فعلية نحو التحرير وإقامة الدولة وإحقاق الحقوق الشرعية للاجئين. وأسباب ذلك عديدة، ولعل أكبرها هي أسباب دولية ناتجة عن تصلب الخطاب الصهيوني ونزوحه نحو اليمين الفاشي في العقدين الأخيرين. لكن هناك أسباب تتعلق بالحركة بذاتها ومنها هينة بعض الأطراف على قيادتها واستفرادهم بحلول لم تتم دراستها بحذر ودخولهم على عملية تسوية لم تبشر منذ البداية بنتائج واعدة تتوافق مع طموح الفلسطينيين. ناهيك عن بروز التيار الإسلامي المعارض في بدايته حتى لشرعية المشروع الوطني وتمثيل الصراع على أسس دينية. وبالطبع الانقسام الفلسطيني اللاحق والفساد في أطر المؤسسة الرسمية كل ذلك أدى لفقدان بوصلة المشروع الوطني التحرري.
برأيي المتواضع، وبخاصة أنني لا أرى الأمور سوى من زاوية تاريخية وبالتالي ليس لدي القدرة على التنبؤ بالمستقل، إنّ ما أراه اليوم هو مشروع إنهاء للقضية كقضية تحرر من الاستعمار، وأنّ القائمين عليه اليوم ليس لديهم ما يقدمونه سوى المزيد من الهزائم والشرذمة. وبالتالي أنا لا أرى أي مستقبل للحركة الوطنية كما عرفناها سابقاً. ومن هنا علينا التفكير بأشكال جدية وبديلة تتجاوز الخطاب والممارسة السابقة، وأعتقد أنّ هذه المشاريع البديلة عليها تجاوز السلطة الوطنية تماماً، فهذه لا تشكل وعاء لقيادة حركة تحرر، بل مجرد سلطة تدير أمور الحياة اليومية على الأرض في مناطق سيطرتها ليس إلا.
الشعب الفلسطيني اليوم مشتت وتواجه كل جماعة منه قضاياها الخاصة ولديها تحديات مختلفة سواء في المخيمات في سوريا أو لبنان، أو في المناطق المحتلة عام ١٩٦٧ أو في الداخل الفلسطيني. لكن بذات الوقت لم يكن الشعور الجمعي بالمصير المشترك والأخطار المحدقة بالفلسطينيين بهذه القوة في السابق، وليس هبة الشيخ جراح في ٢٠٢١ مثالاً على ذلك. هناك حاجة إذاً لإطار جامع للفلسطينيين على المستوى الوطني العام، وقد يكون منظمة التحرير بذاتها، لكن ليس بشكلها الحالي الممسوخ، لكن بذات الوقت هناك حاجة لأطر تتعامل مع قضايا كل منطقة أو مسألة خاصة بكل تجمع على حدة.
لقد آن الأوان لأن نتوقف عن التركيز على مشروع الدولة على حساب القضايا الأساسية الأخرى، فليس حق عودة اللاجئين والنازحين مثلاً بنداً للتفاوض لتحقيق الدولة، وليس الحقوق المدنية والقومية بنداً للتفاوض أيضاً. السلطة بمشروعها الحالي، وطرق تعاملها، لديها هدف واحد لا غير وهو تأسيس دولة، ولهذا علينا تجاوز هذه السلطة، والتي هي سلطة فقط لسكان مناطق معينة من الضفة الغربية وقطاع غزة، والعودة لإطار جمعي في المسألة الوطنية، وأطر شبيهة بالسلطة خاصة بقضايا كل تجمع بعينه، يجمعها الإطار الأعم والتنسيقي لكل هذه القضايا. برغم ذلك، فأنا لا أرى إمكانية تشكل مثل هذه الأطر في الوقت الراهن، فهذا مرهون بتغيير في شكل وأسلوب القيادة المتنفذة، لا بل وتجاوزها. كما ويتطلب خطاباً جديداً للحركة الوطنية الجديدة والتي بحاجة لأن تبتعد عن المحاصصة الحزبية والعشائرية.
ما الذي يمكن أن يضيفه كتابكم هذا للمكتبة الفلسطينية وللدراسات الفلسطينية المعاصرة في هذه المرحلة التي يشهد فيها المشروع الوطني الفلسطيني انحساراً غير مسبوق في تاريخ الحركة الوطنية الفلسطينية المعاصر؟
ما يضيفه كتابنا هو الرؤية التاريخية لسردية فلسطينية أعم وأشمل من الدراسات المتخصصة السابقة والتي تعاملت إما مع مواضيع أو فترات بعينها، أو بسردية سياسية بحتة لا تأخذ الخصوصيات وبذات الوقت ترى الخط العام لتطور الفلسطينيين كشعب. مثل هذه السردية تركز على تنوع المجتمعات الفلسطينية وسياقات هذا التنوع، وعدم إغفال أي دور لأفراد أو حركات همشت في الخطاب الوطني الرسمي الذي لا يرى في النضال إلا وسيلة وحيدة ويعظم دور جماعة دون أخرى، سواء كان ذلك في الخطاب الوطني العام أو في الخطاب الإسلامي. ولعل هذا يساعد على تخيل مستقبل فلسطيني يستند إلى التعددية والخصوصية ولا يستثني أي من مكونات الفلسطينيين. كما وأنّ الكتاب يستند إلى رؤية نقدية للتاريخ الفلسطيني المعاصر مبتعدة عن تمجيد الأفراد أو الفصائل.
هل لنا أن ننظر بعيون ناقدة لماضينا بينما نتفكر في حاضرنا؛ بخاصة أنّ هذا الكتاب -كما ذكرتم- “ليس كتاباً بحثياً مستنداً إلى مصادر أولية، بل هو كتاب يعتمد على نتائج دراسات سابقة، يتعامل معها تعاملاً نقدياً”؟
النظرة النقدية للماضي من المفترض أن تساعدنا على تجاوز إعادة الأخطاء وبذات الشكل الماضي، وهذه مسألة مزمنة في تاريخنا الفلسطيني المعاصر، فيمكن مثلاً الادعاء بأنّ فشل ثورة عام ١٩٣٦ ونهايتها الكارثية فسح المجال للصهاينة للسيطرة على الميناء عبر بناء ميناء تل أبيب كبديل عن ميناء يافا الذي عطل بسبب الإضراب العام، مما سهل نقل السلاح والمهاجرين للمستعمرات الصهيونية.
برأيك، هل يمكن أن يكون الكاتب موضوعياً ومحايداً تجاه الموضوع الذي يقدمه بخاصة التدوين التاريخي؟
كلنا أبناء زماننا ومعرفتنا الأيديولوجية، وبهذا فلسنا موضوعيين بالمعنى المطلق. لكن ما يميز الكاتب والمؤرخ الجيد هو قدرته/ا النقدية للماضي وليس بالضرورة التمترس المطلق خلف موقفه الأيديولوجي. المؤرخ الجيد هو المنفتح على فتح الثقوب في الخطاب السائد، وهذا هو ما يقربه للموضوعية والتي هي حالة غير ضرورية أو حتى ممكنة في الكتابة التاريخية. فمثلاً لا يمكن التغاضي عن عدم العدالة أو الجرائم والتغطية عليها حتى لو نتجت عن ممارسات الجماعة التي ننتمي إليها. ولا يجدر، وهذه إشكالية كبرى في الخطاب التاريخي الفلسطيني، أن نبدأ من النهايات ونعود للماضي لإيجاد أو اختراع جذور لها. هناك الكثير من الدراسات التي مثلاً تعود بتاريخ الفلسطينيين كجماعة قومية، وليس فلسطين كمكان، لعهود لم يكن التخيل القومي فيها ممكناً. فالرد على الخطاب الصهيوني المستند للسردية الدينية اليهودية ليس عبر القول إنّ الفلسطيني هو كنعاني سبق وجوده اليهود في هذا المكان، بل عبر إدخال اليهود في تاريخ فلسطين ورفض أن يكون ذلك الجزء من التاريخ خارجاً عن إطار تاريخ وطننا وحكراً على الحركة الصهيونية.
ما هي قيمة كتب مثل «لقطة مغايرة.. التصوير المحلي المبكر في فلسطين»، و«أوراق عائلية: دراسات في التاريخ الاجتماعي المعاصر لفلسطين»، و«القدس الانتدابية في المذكرات الجوهرية»، في مواجهتنا المفتوحة والمستمرة مع الاحتلال، عبر توثيق الذاكرة والحاضر والمأساة؟
لا يمكنني تقييم أهمية كتبي أو الكتب التي شاركت بها في المواجهة المفتوحة، لكن يمكن القول إنني آمل أن تكون هذه المساهمات قد لعبت دوراً في الاهتمام بجوانب من تاريخ فلسطين الاجتماعي والثقافي والتي كانت مهملة في السابق، ومنها أهمية استخدام الإرث الفوتوغرافي كمصدر للدراسة وكذلك المذكرات اليوميات. هناك ثغرات كبيرة في كتابتنا التاريخية التي يغلب عليها الطابع القومي أو الديني والتي لم تعبأ بتاريخ الحياة اليومية، وهذا ما أمل أن تكون مساهماتي ومساهمة زملائي قد فتحت الأبواب أمام هذا النوع من التاريخ.
تبعاً للسؤال السابق، بتقديرك أين تكمن أهمية ترجمة مثل هذه الكتب إلى اللغة العبرية؟ وكيف يتلقى القارئ الإسرائيلي صدور ما يترجم من هذه المؤلفات؟
السرد الفلسطيني لم يقدم بالعبرية إلا فيما ندر، وإن كان للقارئ العبري معرفة بتاريخ شعبنا، فهي ناتجة عن أعمال مؤرخين يهود أو إسرائيليين جدد. من الضروري تقديم خطابنا بالعبرية إذا أمكن، حتى وإن لم يتلقاها القارئ العبري العام بشكل كبير في البداية، لكنها ضرورية لفتح الثغرات في الخطاب المؤدلج الصهيوني تجاه فلسطين.
ما تقييمك لواقع البحث الأكاديمي الفلسطيني في حقل تاريخ الشرق الأوسط المعاصر عامة، وتاريخ فلسطين الحديث على وجه الخصوص؟
في العقود الأخيرة تطور حقل دراسة التاريخ للمنطقة ولفلسطين بشكل كبير، وبخاصة في اللغة الإنجليزية. عدم وجود، أو ندرة، ناشرين يحكمون الدراسات، هي إشكالية في النشر بالعربية، وهناك الكثير من الغث الذي ينشر عربياً. لكن جيل جديد من الباحثين الأكاديميين قد نشأ وبدأ يشكل حالة من التفكير النقدي وهذا يبشر بمستقبل مشرق في هذا المجال. لكن تبقى الإشكالية أنّ مؤسساتنا التعليمية غالباً ما تعلم الطالب الاجترار وإعادة صياغة ما كتب مسبقاً بشكل رسائل دراسات عليا. نحن بحاجة لثورة في نظامنا التعليمي أولاً وفي مفاهيمنا التقليدية حول البحث الأكاديمي ثانياً.
هل تعتقد أنّ الإنتاج الفكري والأدبي والإبداعي الفلسطيني بشكل عام استطاع أن يواجه حالة ضياع الهوية التي يراهن عليها الفكر الصهيوني؟
نعم على المستوى المعرفي بدون شك، لكن ليس على المستوى السياسي أو اليومي. هناك قامات فكرية وأدبية وبحثية هامة وضعت الفلسطيني في صلب دراسة المواضيع المختلفة وفي قلب وطنه فلسطين لا يستهان بها سواء في مجال الأدب من أمثال كتابات غسان كنفاني وإميل حبيبي وأنطون شماس ومحمود درويش وغيرهم، أو دراسات في العلوم الاجتماعية والإنسانية مثل دراسات مؤرخين كبار مثل وليد الخالدي وحنا بطاطو وسليم تماري وبشارة دوماني وغيرهم. وهناك جيل جديد من الكتّاب والبحاثة طرق أبواب جديدة في البحث المعرفي حول فلسطين لا يستهان به. وتساهم مجلات بحثية ومواقع بحثية كموقع “رمان” في تعميق الحوار الثقافي المعرفي، وتساهم في تشكيل رؤية جمعية للفلسطينيين لها دور كبير في إفشال الرهانات الصهيونية.
كيف تنظر إلى علاقةِ المُثقف بالسلطة السياسية؟ وما المطلوب مِن المثقف الفلسطيني في هذه المرحلة بالذات؟
يوجد مثقفو سلطة، أو هكذا يعتقدون، لكن بمجرد دخولهم للسلطة فهم يكفون عن كونهم مثقفين نقديين ومشاركين بحرّية في الحوارات القائمة. المثقف الجيد هو المتحرر من أية علاقة مع أية سلطة سوى سلطة المعرفة. وليس المطلوب من المثقف أن يكون في الواجهة السياسية وليس دوره بالأساس، لكن بإنتاج المعرفة الإنسانية والوطنية التي ستساهم في نشر الوعي. تحمّل الفصائل والعامة في أيامنا هذه المثقفين مسؤوليات ليسوا بقادرين على القيام بها، فالمثقف فرد ينتج معرفة في إطار تخصصه وليس قائد سياسي بأي شكل من الأشكال.
أخيراً، على ماذا تشتغل حالياً؟
انتهت من كتابة كتاب من تأليف مشترك مع الزميلين ستيفن شيحي وسليم تماري حول ألبومات واصف جوهرية الفوتوغرافية، وأعمل الآن على مشروع مؤجل جداً لكتاب بالعربية حول العام الأول من الاحتلال للقطر الغربي من مدينة القدس وما آلت إليه أوضاع السكان العرب وممتلكاتهم.