خالد فرّاج: ٦ عقود ومؤسسة الدراسات الفلسطينية مستمرة في دورها ومكانتها

أوس يعقوب

كاتب من فلسطين

وهذا الأمر لم يغب أبداً عن فلسفة المؤسسة منذ إنشائها، وتعاقُب الأجيال عليها منذ تأسيسها في عام 1963، إذ حافظت المؤسسة على هذه القيم وعززتها من خلال انفتاحها بصورة أكبر على الجامعات والمؤسسات البحثية في العالم، وعبر إقامة مشاريع مشتركة معها.

...للكاتب/ة

اشتراكك بنشرتنا البريدية سيحمل جديدنا إليك كل أسبوع

الأكثر قراءة

الصحافة الثقافية وما نناضل من أجله
أين نحن في السير قدما...
عشرة أفلام عظيمة عن المافيا (ترجمة)
10 أفلام تشويق إيروتيكية رائعة (ترجمة)

من أجل صحافة ثقافية فلسطينية متخصصة ومستقلة

21/01/2022

تصوير: اسماء الغول

أوس يعقوب

كاتب من فلسطين

أوس يعقوب

يعمل كاتباً ومراسلاً صحفياً لعدد من الصحف والمجلات والمواقع الإلكترونية منذ العام 1993. صدر له عدة كتب ودراسات في الشؤون الثقافية الفلسطينية والعربية. وله مجموعة دراسات منشورة ضمن موسوعة "أعلام العلماء والأدباء العرب والمسلمين"، الصادرة عن المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (ألكسو) في تونس.

يصادف العام المقبل الذكرى الـ 60 لتأسيس “مؤسسة الدراسات الفلسطينية“، وللوقوف على دورها السياسي والفكري والثقافي والاجتماعي… وأبرز أنشطتها وإصداراتها وجديدها في مجالات البحوث والدراسات، ودخولها عالم النشر الإلكتروني والرقمنة بما طوّر عملها أخيراً، تحاور “رمان الثقافية” الباحث الأكاديمي خالد فرّاج، المدير العام لمؤسسة الدراسات الفلسطينية، وعضو لجنة الأبحاث فيها، وعضو في هيئة تحرير مجلة “الدراسات الفلسطينية”. فكان هذا الحوار…
 

بداية؛ كيف تعرّفون قرّاء موقعنا بشخصكم؟ وأرجو أن تستعيد معنا بعض الذكريات من تجربة بناء ذاتكم؟

خلال دراستي في جامعة بيرزيت، في التسعينيات، وانخراطي آنذاك في النشاط السياسي، وخلال فترة السجن، كانت لدي دائماً تلك الرغبة في العمل مع مؤسسة الدراسات الفلسطينية، إذ كنت متابعاً وقارئاً لكل ما تنتجه المؤسسة، حتى إن جزءاً من المساقات التي نتعلمها في الجامعة كان من منشورات المؤسسة، والتي لم تكن متوفرة بسهولة آنذاك، كما غيرها من منشورات المؤسسات المماثلة. وشاءت الصدف أن يكون أستاذي حينها د. سليم تماري الذي كان يشغل منصب مدير مؤسسة الدراسات المقدسية ومقرها حي الشيخ جراح في مدينة القدس، والتي كانت تتبع لمؤسسة الدراسات الفلسطينية لكن لأغراض قانونية سُجلت بهذا الاسم في عام 1995، فشجعني على الانضمام إلى فريقهم بشكل جزئي، وتولي ومتابعة أعمال بحثية وإدارية واستشارية، وكانت المهمة الأولى التي أنيطت بي هي الإشراف على نقل المؤسسة من القدس إلى رام الله، وهو قرار أُجبرت عليه المؤسسة نتيجة الخناق الذي فرضته السلطات العسكرية الإسرائيلية على المؤسسات العربية العاملة في مدينة القدس، وما رافق تلك الفترة من هجمات عسكرية واجتياحات ومنع تجول وإغلاقات وحواجز في الضفة الغربية وقطاع غزة. بدأنا العمل في رام الله من خلال مكتب صغير مع مؤسسة “شمل” ثم تمكنّا من استئجار مكتب في حي الماصيون في رام الله، وأدرنا عملياتنا من هناك. بعد ذلك، تفرغت للعمل مع المؤسسة، من باحث إلى مدير مشارك لفرع فلسطين (2006) ثم مدير فرع فلسطين (2010) وآخرها مدير عام مؤسسة الدراسات الفلسطينية (2017)، بالإضافة إلى عضويتي في العديد من لجان المؤسسة. وخلال تلك السنوات تفرغت لعدة مهمات في ظل ظروف عمل صعبة، تمثلت في الحروب على غزة ولبنان، وتقييد حركة التنقل داخل فلسطين وخارجها. وبدأنا على الرغم من ذلك بتأسيس مجلة “حوليات القدس” باللغة العربية، والتي تعتبر الأخت الشقيقة لمجلة “Jerusalem Quarterly”.

ومن أبرز الأمور التي عملت على إرسائها في تلك الفترة بالتعاون مع الزملاء في مكتب بيروت، وخصوصاً مع الأستاذ محمود سويد المدير العام السابق للمؤسسة، هي نشرة “مختارات من الصحف العبرية” في أثناء الحرب الإسرائيلية المسعورة على لبنان في صيف عام ٢٠٠٦، وما زالت هذه النشره تصدر بشكل يومي حتى يومنا هذا، وهي عبارة عن ملخص يومي لما تصدره الصحافة ومراكز الأبحاث الإسرائيلية، وتوزَّع بالبريد الإلكتروني وتُنشر على موقع المؤسسة ووسائل تواصلها الاجتماعي. بالإضافة إلى ذلك، كانت مهمة تأمين مصادر مالية للمؤسسة شغلي الشاغل منذ يومي الأول في المؤسسة وحتى اللحظة. وفي عام ٢٠٠٦ صرت عضواً في هيئة التحرير في مجلة “الدراسات الفلسطينية”.

ومن المهمات التي كُلفتُ بها تسجيل المؤسسة لدى السلطة الوطنية الفلسطينية كفرع لمؤسسة الدراسات في بيروت، والتأسيس لفعاليات سنوية مثل المؤتمر السنوي الذي بدأنا بتنظيمه منذ عام 2008. وقد تمكنّا، على الرغم من كل الظروف القاهرة، من بناء شبكة علاقات واسعة من الباحثين والقرّاء والمدونين، واتسعت رقعة العمل في كل أنحاء فلسطين حتى وصلنا في توزيع كتبنا ومجلاتنا إلى الجولان السوري المحتل. 

ماذا تحدثُنا عن نشاطات المؤسسة والدور الذي تقوم به في المشهد الفكري والثقافي الفلسطيني منذ توليتم أمانة الإشراف عليها؟ 

يصادف العام المقبل الذكرى الـ 60 لتأسيس مؤسسة الدراسات الفلسطينية، وفي ظل الظروف البالغة التعقيد التي عايشها، وما زال يعايشها، العالم العربي على مر العقود، نادراً ما تجد مؤسسة عربية تمكنت من الصمود كل هذا الوقت؛ في منطقة غير مستقرة تشهد دولها حروباً مدمرة، من حرب (1967) إلى حرب (1973) إلى الحرب الأهلية اللبنانية (1975) والاجتياح الإسرائيلي للبنان (1982) واجتياح الضفة الغربية (2002) والحروب المتعاقبة على قطاع غزة (2008-2021). ومع أنّ كادر المؤسسة تشتت عقب اجتياح لبنان، إلاّ أنّ المؤسسة واظبت على الإنتاج، من كتب ومجلات وتوثيق. وعلى الرغم من كل هذه الظروف الصعبة، فإنّ  المؤسسة تمكّنت من الاستمرار في القيام بواجبها وفي المحافظة على كينونتها، فقد نشرت نحو 700 كتاب مرجعي عن القضية الفلسطينية، معظمها باللغة العربية بالإضافة إلى كتب بالإنكليزية والفرنسية، كما أصدرت خلال العقود الستة المنصرمة خمس مجلات فصلية، هي “Journal of Palestine Studies” التي صدر العدد الأول منها عام 1971، ومجلة “الدراسات الفلسطينية” بالعربية عام 1990، ومجلة “Jerusalem Quarterly” عام 1998، و”حوليات القدس” بالعربية عام 2003 التي توقفت عن الصدور عام 2014، وأيضاً مجلة “الدراسات الفلسطينية” باللغة الفرنسية في الفترة 1981-1997، والتي توقفت عن الصدور بسبب الضائقة المالية. 

إلى جانب النشاط النشري (من كتب ومجلات وغيرها)، نظمت المؤسسة ندوات ومؤتمرات وحلقات بحثية تناولت مواضيع شتى، واستهدفت من خلالها أكاديميين وباحثين وطلاب وفنانين وصحافيين وناشطين. وعلى مر السنوات تم تأسيس مكتبة “قسطنطين زريق”، وهي المكتبة الفلسطينية الأكبر في العالم، والتي تتكون من أربع طبقات في مبنى المؤسسة في بيروت، وتضم حوالي 80 ألف مجلد مرجعي عن القضية الفلسطينية، وآلاف الصور والخرائط والملصقات المتاحة للجمهور. 

لقد كان لدى المؤسسين فكرة أساسية لم تحِد عنها المؤسسة منذ تأسيسها وهي استقلالية وموضوعية العمل البحثي حول فلسطين. وهنا لا بدّ من ذكر رسالة الأستاذ وليد الخالدي، أمين السر السابق للمؤسسة ورئيسها الفخري، عندما تم تعييني مديراً عاماً للمؤسسة، والتي كتب لي فيها مهنئاً: “لست بحاجة إلى التذكير بما يجابه المؤسسة من تحديات عظام، إن بالنسبة إلى الحفاظ على رسالتها القومية أو قيمها العلمية أو البحثية أو تماسك مكنوناتها أو علاقتها الخارجية أو احتياجاتها المالية”. 

وهذا الأمر لم يغب أبداً عن فلسفة المؤسسة منذ إنشائها، وتعاقُب الأجيال عليها منذ تأسيسها في عام 1963، إذ حافظت المؤسسة على هذه القيم وعززتها من خلال انفتاحها بصورة أكبر على الجامعات والمؤسسات البحثية في العالم، وعبر إقامة مشاريع مشتركة معها. ويمكن القول إنّ أي دارس للقضية الفلسطينية والصراع العربي – الصهيوني لا يمكنه المرور من دون الاستفادة مما أنتجته وتنتجه المؤسسة عبر مسيرتها الطويلة.

ما هي الأهداف التي وضعتموها أمامكم في المؤسسة، وهل هناك أهداف لم تتمكّنوا من تحقيقها، وما أسباب ذلك؟

كانت المهمة الأولى التي توليتها كمدير عام للمؤسسة بعد تعزيز وإرساء قيم المؤسسة والحفاظ على أصالتها، هي مراجعة كل الوضع القائم، وخصوصاً الوضع المالي، إذ كانت المؤسسة تعاني أزمة مالية خانقة. وتوافقتُ مع الزميلات والزملاء في اللجنة التنفيذية على أننا بحاجة إلى بعض الوقت من أجل النهوض بوضعنا المالي من خلال حث أصدقائنا وممولينا (من أفراد وصناديق ومؤسسات) على الاستمرار في دعم المؤسسة. وبدأنا في خريف عام 2017 بالتحضير لنشاطين كبيرين للمؤسسة يحميان استمراريتها وبرامجها بعد الظروف الصعبة التي مرت بها. وتوافقنا على تنظيم عشاء خيري تستضيفه مدينة بيروت، استطعنا عبره حشد 600 شخصية سياسية واقتصادية وسيدات ورجال أعمال وفنانات وفنانين ومثقفات ومثقفين من العالم العربي تحت سقف واحد هو سقف مؤسسة الدراسات الفلسطينية، كما نظمنا حملة لجمع الأعمال الفنية إذ توجهنا إلى 60 فناناً وفنانة من فلسطين وسورية ولبنان والأردن ومصر والعراق للتبرّع بأعمال فنية لصالح المؤسسة، واستطعنا في المقابل الحصول على 72 عملاً فنياً تم عرضها بالاتفاق مع صالات دار النمر للثقافة والفنون في بيروت عام 2018، وحضر الافتتاح جمهور حاشد.

لقد جُمعت الأعمال الفنية بحسب فهمنا للمنطق التكاملي بين الباحث والأكاديمي والفنان والمثقف في رسالة جوهرها خدمة القضايا الأخلاقية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية التي تشكل معياراً أخلاقياً كبيراً.

وهذان الحدثان لم يكونا مجرد فعاليتين عاديتين، بل شكلا نهجاً جديداً في العمل على تأمين الجباية الفردية والمؤسساتية من كل العالم، الأمر الذي ساهم في بث روح جديدة وأضفى حيوية وسط الموظفين والعاملين في المؤسسة، كما لدى أصدقاء المؤسسة حيثما وُجدوا، وهو ما كنا بأمس الحاجة إليه. واستطعنا عبر هاتين الفعاليتين جباية نحو مليون و800 ألف دولار. وبدأنا التخطيط لعام 2019 بمعنويات عالية وثقة أكبر بالمستقبل، وكانت بمثابة بداية تأسيس لمرحلة جديدة تعتمد بجزء كبير على تكنولوجيا المعلومات والاتصال والنشر الإلكتروني والرقمنة.

إنّ نجاحنا في عام 2018 في تنظيم العشاء الخيري والمعرض والمزاد دفعنا بإصرار أكبر إلى تنظيم فعاليتين مماثلتين في مكتبنا في واشنطن لاستقطاب ممولين فلسطينيين وداعمين للقضية ممن يعيشون في الولايات المتحدة الأميركية، وتمكنّا من تأمين 130 عملاً فنياً تبرّع بها فنانون أيضاً ممن شاركوا معنا في المرة الأولى، بالإضافة إلى فنانين جدد، إذ تمكنّا من توسيع دائرة علاقتنا، وعُرضت الأعمال في معهد دراسات الشرق الأوسط في افتتاح كبير في واشنطن في آذار/ مارس 2020، لكن ظروف الجائحة حالت دون استمرار المعرض، وتم عرض وبيع الأعمال بمزاد إلكتروني عبر موقع keywordpalestine.com.

هل تلقى المؤسسة أي دعم من السلطة الفلسطينية، أو من جهات رسمية عربية، أو أية جهات خاصة؟ كيف وما هي مصادر الدعم؟ هل يقلقكم مصير المؤسسة في ظل نقص الدعم المالي والتمويل؟

بشكل عام تعاني المؤسسات العربية والفلسطينية من ظروف معقدة فيما يتعلق بالتمويل، وذلك لأسباب متعددة آخرها جائحة كورونا وما نجم عنها من تبعات اقتصادية، بالإضافة إلى تراجع الدعم الخاص بفلسطين وقضيتها. لكن وعلى الرغم من تلك التحديات، فإنني مطمئن على مستقبل المؤسسة المالي لأنّ لدينا الثقة بما ننتجه وبالممولين من شبكة أصدقائنا التي كونّاها عبر السنين، سواء أفراد أو مؤسسات أو صناديق أو مهتمين بعمل المؤسسة وضرورة استمراريتها في أداء رسالتها. كما نعتمد في مصادرنا على ريع محفظة مالية صغيرة، ونسعى باستمرار لرفع قيمتها، كما نسعى باستمرار لبناء وقفية مالية تؤمن الدخل الكافي للحفاظ على الاستمرارية وتكريس جهد الفريق العامل في مجالي البحث وتطوير الأبحاث وليس الجباية المالية. هناك أيضاً بعض الإيرادات من بيع منشورات المؤسسة من كتب ودوريات ومن التبرّعات غير المشروطة من حكومات وهيئات وأفراد وصناديق يشكّل بعض أعضاء مجلس أمنائها نواتها الأساسية. وفي السنوات الأربع الماضية، شكّل الفنانون والفنانات من فلسطين والعالم مصدراً جديداً لدعم المؤسسة، إذ كان كرمهم والتزامهم برسالة المؤسسة لافتاً من خلال تبرّعهم بأعمال فنية رُصد ريعها لصالح دعم نشاطات المؤسسة. 

للمؤسسة موقع إلكتروني هام ومميز، ما طبيعة الخط التحريري لهذا الموقع أيديولوجياً، من منظوركم؟

تعرّف المؤسسة نفسها كأول هيئة عربية علمية مستقلة أُنشئت عام 1963 للعناية حصراً بالقضية الفلسطينية والصراع العربي – الصهيوني، وتقصد المنفعة العامة لا الربح التجاري، وتهدف إلى دراسة القضية الفلسطينية والصراع العربي – الصهيوني ومتابعة تطوراتهما وإطلاع الرأي العام العربي والدولي على حقائق تلك القضية وأبعاد هذا الصراع، كما تسعى المؤسسة إلى إظهار الحق العربي في فلسطين وإبراز دعائمه التاريخية والقانونية والسياسية والقومية، وبالتالي نحن مؤسسة مستقلة وموضوعية وعلمية لا نتبنى مواقف أيديولوجية أو سياسية أو غيرها، وبالتالي يشكّل الموقع الإلكتروني منبراً متاحاً لكل من يريد الكتابة والبحث بما ينسجم وأهداف المؤسسة التي تحدثنا عنها الآن، وبشروط ومعايير النشر المتعارف عليها. 

من يقرأ الموقع وكم عدد القرّاء، ومن هي الفئات العمرية التي تقرأ أكثر الموقع وأين؟

في الحقيقة نحن فخورون بموقعنا الإلكتروني وبالنقلات النوعية التي حقّقناها خلال الفترة الماضية على صعيد النشر في المدونات، سواء من حيث نوعية المواد المنشورة أو من حيث عددها، بالإضافة إلى ازدياد نسبة القرّاء بصورة مطردة على الموقع وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، وتوسع رقعة الانتشار في أرجاء العالم العربي والعالم ومواكبتنا للمستجدات. فقد فاق عدد متابعينا على منصّات التواصل الاجتماعي بالعربية والإنكليزية الـ 200 ألف متابع، أمّا عدد قرّاء المدونتين بالعربية والإنكليزية فقد تجاوز الـ 121 ألف قارىء. نولي أهمية كبيرة للنشر على المدونات، ونجحنا في استقطاب كثير من الكتّاب الجدد، ولا سيما من الشباب، وتمكنّا من تغطية جوانب متنوعة في الشأن الفلسطيني من خلال ملفات متخصصة، واستحدثنا زاوية للأسرى منذ أقل من عامين تقريباً ننشر فيها أسبوعياً مقالات بأقلام أسرى في سجون الاحتلال أو أسرى سابقين، بالإضافة إلى تقارير مستمرة تغطي مختلف قضايا الأسرى.

ما الهدف الأساسي الذي فكرتم فيه حين تم تأسيس وبعث المشاريع الرقمية؟ وما هي الصعوبات التي رافقت تأسيس هذه المشاريع؟

واكبت المؤسسة منذ مطلع الألفية الثانية التطورات الحاصلة على صعيد وسائل الاتصال والتكنولوحيا الجديدة، وأسست لهذه الغاية أول موقع إلكتروني بهدف الترويج لإنتاجها البحثي والنشري. لكن تباعاً، ونظراً إلى التطورات التكنولوجية وثورات وسائل الاتصال ذهبت المؤسسة إلى إنتاج العديد من قواعد البيانات الرقمية.

ومن أبرز مشاريعنا الرقمية مشروع “الموسوعة التفاعلية للقضية الفلسطينية” بالتعاون مع المتحف الفلسطيني باللغتين العربية والإنكليزية، والتي نسعى لترجمتها إلى اللغتين الفرنسية والإسبانية، وقد تجاوز عدد كلمات هذه الموسوعة الـ 800 ألف كلمة، وتعمل المؤسسة بالتعاون مع المتحف على إطلاق هذه الموسوعة رسمياً خلال الشهرين المقبلين.

في المؤسسة لدينا وعي وإدارك كبيران لأهمية التطورات التكنولوجية المتسارعة التي تحصل في العالم، الأمر الذي دفعنا إلى تطوير بنيتنا في هذا المجال على صعيد الخبرات البشرية؛ فلدينا العديد من مهندسي البرمجيات، ومن المحرّرين في الموقع الإلكتروني ووسائل التواصل الاجتماعي في مكاتبنا الثلاثة (واشنطن، وبيروت، ورام الله). 

ما هي المميزات التي توفرها المؤسسة للباحثين والكتّاب الفلسطينيين ولا نجدها في سوق النشر الفلسطيني والعربي الخاص؟

نحن ننظر أولاً إلى الباحثين والأكاديميين كمصدر غنىً لنا نستفيد من خبراتهم ومعارفهم ومقترحاتهم، وبالتالي هناك علاقة متبادلة، إذ توفر المؤسسة للمهتمين مصادر معلومات وأدوات بحث تعنى بشكل خاص بالتاريخ الفلسطيني وجذور القضية الفلسطينية والذاكرة الجمعية والهوية والتراث والثقافة، وبطبيعة الحال بالقضايا الراهنة والمستجدة، وذلك من خلال الكتب والمجلات والترجمات والفعاليات والمدونات والمكتبة والمشاريع الرقمية بمختلف اللغات والخبرات البشرية التي تجيب على استفسارات الجمهور المهتم. كما نعمل حالياً على رقمنة المكتبة في بيروت وتم إنجاز جزء كبير منها، بحيث سيتمكن الباحثون عن بعد من الاستفادة من المكتبة، وسيتم إتاحة مجموعة واسعة من الدوريات والوثائق والمراجع والكتب بأربع لغات، العربية والإنكليزية والفرنسية والعبرية. 

ما هي شروط النشر لديكم؟ وكيف تختارون كاتبًا ما للمشروع، وخصوصاً أن الكثير من إصداراتكم تأليف مشترك؟

تمر جميع المنشورات عبر لجان تحرير ومحكمين غير معلنة أسماؤهم من داخل المؤسسة وخارجها، ونحن من الهيئات البحثية العربية القليلة جداً التي تعتمد هذا النظام الموضوعي في تقييم الأبحاث. كذلك لدينا لجنة أبحاث مكونة من كبار باحثي المؤسسة، ومن بعض أعضاء مجلس الأمناء، ومن مدراء ورؤساء التحرير، وهي تجتمع مرتين سنوياً وتناقش المشاريع البحثية المرسلة إليها من قبل باحثين حول العالم، كما تناقش الأولويات البحثية. لدينا شروط نشر واضحة في المؤسسة بما ينسجم والكفاءة العلمية وحاجات المؤسسة وأهدافها. 

هل تعتقدون أنكم نجحتم في الوصول بإصداراتكم إلى الأجيال الفلسطينية الأحدث سنًّا؟

بكل تأكيد، فإنّ جزءاً كبيراً من منشوراتنا يدرَّس في الجامعات الفلسطينية والعربية وأيضاً في الجامعات العالمية، كما أننا نفكر دائماً في الآليات التي تمكّننا من الوصول إلى فئة الشباب وتبادل الخبرات معهم ومواكبة اهتماماتهم. كذلك تتيح المؤسسة برنامجاً تدريبياً يستهدف الباحثين والمكتبيين والإداريين والصحافيين الشباب من طلاب الجامعات أو حديثي التخرج، إذ نوفر لهم فرصة التدرّب والتعلّم في المؤسسة، سواء في بيروت أو واشنطن أو رام الله، ليراكموا خبرة خلال دراستهم الجامعية أو بعد تخرجهم مباشرة. وتصل المؤسسة اليوم إلى عدد أكبر من الشباب من خلال قواعد البيانات الرقمية والموسوعة التفاعلية للقضية الفلسطينية، وفرصة النشر في المجلات والمدونات والموقع الإلكتروني. بكل تأكيد، وجدت المؤسسة لنفسها مساحة كبيرة في أوساط الشباب. 

هل غيّرت جائحة كورونا في العامين الأخيرين طرق عمل المؤسسة؟

على الرغم من أنّ المؤسسة واجهت خلال تاريخها عدة تحديات، من حروب وإغلاقات، فإنّ الجائحة ألقت بثقلها على الجميع وتحديداً على الجامعات والمراكز والمؤسسات البحثية، لذا فكرنا في ضرورة تطوير آليات عمل جديدة عن بعد، والاستمرار في أداء رسالتنا في أثناء الإغلاقات وظروف العمل القاسية. وخلال عامي الجائحة زاد إنتاج المؤسسة، إذ جرى تنظيم عشرات الندوات الرقمية والحلقات البحثية. وما جرى في بيروت من تدهور اقتصادي ومعيشي، بالإضافة إلى انفجار المرفأ، دفع بكثير من المؤسسات والهيئات إلى التراجع أو الانتقال إلى بلد آخر أو التقليص، لكن المؤسسة أخذت قرار الاستمرار في هذه المدينة التي كانت وما زالت وفية للمؤسسة طوال 60 عاماً. لقد بقينا في بيروت لأننا أوفياء لأهلها ولأصدقائنا هناك، إذ تمكنّا قبل الجائحة من جمع مبلغ من أصدقاء المؤسسة ومن “صندوق قطر للتنمية” بهدف ترميم مبنى المؤسسة في بيروت المكون من 8 طبقات، والذي مر على استخدامه من قبل المؤسسة نحو 45 عاماً، وأصبح بحاجة إلى صيانة، واستطعنا خلال وقت قياسي (نيسان/أبريل – كانون الأول/ديسمبر 2021) ترميم وصيانة المبنى كاملاً. واستحدثنا طبقة كاملة تم افتتاحها غاليري لعرض الأعمال الفنية التي يتبرّع بها الفنانون لصالح المؤسسة. 

ولم يكن ما قمنا به مجرد صيانة، بل هو بمثابة رسالة وفاء لبيروت مفادها أنّ المؤسسة موجودة ومستمرة وتفتح أبوابها للجميع من فلسطينيين ولبنانيين ومثقفين وفنانين يؤمنون بقضية عادلة اسمها فلسطين. 

الكاتب: أوس يعقوب

هوامش

موضوعات

الأكثر قراءة

عشرة أفلام عظيمة عن المافيا (ترجمة)
10 أفلام تشويق إيروتيكية رائعة (ترجمة)
أين نحن في السير قدما...
الصحافة الثقافية وما نناضل من أجله

GOOGLE AD

نكـتـب لفلسطين

اشتراكك بنشرتنا البريدية سيحمل جديدنا إليك كل أسبوع

اختيارات المحرر

من أجل صحافة ثقافية فلسطينية متخصصة ومستقلة

اشتراكك بنشرتنا البريدية سيحمل جديدنا إليك كل أسبوع