أثارت محاولة اغتيال الكاتب الروائي سلمان رشدي خلال إلقائه محاضرة في معهد تشوتوكوا (Chautauqua Institution) يوم الجمعة، 12 آب/ أغسطس 2022، في مدينة تشوتوكوا شمال ولاية نيويورك الأميركية أصداءً متوقعة على مستوى العالم. ويحلو للبعض تصوير هذه الضجة على أنّها من مظاهر التنافر بين قطبين، ويُقصد بذلك “الغرب” و”العالم الإسلامي” بطولهما وعرضهما، وذلك في تجاهل ليس لتنوعهما الهائل والاستقطابات والصراعات داخلهما فقط، بل أيضًا للتداخل بينهما ولشبكة العلاقات الواسعة والمعقدة، الثقافيّة والاقتصاديّة والسياسيّة، التي تربطهما، مسخّفةً أي مقاربة تقيم في ثنائية كهذه.
شكّلت محاولة الاغتيال مادّة دسمة للحوارات التلفزيونيّة، والتعليقات الصحفيّة، وكذلك لوسائط التواصل الاجتماعي، كما هو متوقع. وصدرت إدانات واستنكارات، ولمّحت بعض الشخصيات العامّة إلى شماتتها بالكاتب. وعدّها معلقون وصحفيون، كما هو متوقّع أيضًا، دليلًا إضافيًّا على ما بات من المسلّمات عندهم، وهو أن التعصب والعنف من سمات المسلمين والحضارة الإسلاميّة. وما أكثر الكتب والدراسات حول هذه المتخيّلات الحدية القطبيّة، ومحاولات ترسيم حدود حضارة غربيّة وحضارة إسلاميّة، وتصميم جوهر ثابت لكل منهما وفق المزاج والهوى والمصلحة، والاستقراء من التفاصيل والجزئيات والحالات الفردية في أفضل الحالات.
وشهدت وسائط التواصل الاجتماعي سيلًا بلا ضفاف من الكلام المرسل، وتعميمات جارفة، يعد أصحابها كل ملمةٍ فرصةً سانحة لا تفوَّت للبوح بالأفكار المسبقة، والآراء المنزوعة المعلومات، والمطلقات التي تنم عن مزاج عصابي، وتفريغ الإحباطات، والمرارات، والأحقاد في ممارسةٍ لـ “حرية الاستعراض” وممارسة تعري المشاعر الدفينة و”حرية التعبير” عن الانفعالات النفسية. هكذا أصبح ضجيج وسائل التواصل الاجتماعي وفوضى الاستعراض فيها لإثارة الإعجاب عمليةَ وأدٍ متواصلة لنمو تعددية ذات معنى وحوار عقلاني بين أصحاب آراء مختلفة فيها.
ليس هذا مقام مناقشة هذه الموضوعات، ولا مناقشة المقدس ومعناه، والفرق بينه وبين المعبود (فقد استفضت في ذلك في مواضع أخرى)، ولا مناقشة مضمون رواية الآيات الشيطانية أو أسلوبها الأدبي. لكن ما دفعني إلى كتابة هذا النص هو التشويش الذي امتد إلى مسألة مبدئيّة متعلّقة بحريّة التعبير والحق في الاختلاف، وسبل التعامل معه.
يمكن الوصول إلى المقالة كاملةً بصيغة PDF في موقع “المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات”.