“ما تبقى لنا: رسائل غسان كنفاني”

داليا خميسي

أمل كعوش

فنانة وكاتبة

...للكاتب/ة

اشتراكك بنشرتنا البريدية سيحمل جديدنا إليك كل أسبوع

الأكثر قراءة

أين نحن في السير قدما...
عشرة أفلام عظيمة عن المافيا (ترجمة)
10 أفلام تشويق إيروتيكية رائعة (ترجمة)
عن السيرورة والصيرورة

من أجل صحافة ثقافية فلسطينية متخصصة ومستقلة

27/10/2016

تصوير: اسماء الغول

أمل كعوش

فنانة وكاتبة

أمل كعوش

فنانة وكاتبة مقيمة في بيروت.

“العزيز غسّان.
لم أتخيّل يومًا أكتب فيه رسالة تبدأ بهذه العبارة: العزيز غسّان.
ربما لأنك، أيها العزيز غسان، رحلتَ عن هذا الوجود قبل ولادتي، أو لأننا ببساطة لم نعد نكتب الرسائل في ورق.
أتعلم؟ لطالما أدهشتني وجوه الشهداء المعلّقة في الزمن، جامدة لا تتغيّر.
وجهك لم يتغيّر مذ رأيته ذات يوم على جدار المخيم منذ أكثر من ثلاثين سنة.”

هكذا قدّم المخرج جاد أبي خليل فيلمه الوثائقي التلفزيوني “ما تبقى لنا: رسائل كنفاني” (إنتاج الجزيرة الوثائقية 2016) موجهاً كلامه للكاتب والفنان الفلسطيني الشهيد غسان كنفاني الذي اغتاله الموساد بتاريخ 8 تموز 1972 في بيروت. وإذ يصف أبي خليل فيلمه يقول بأنه رؤية شخصية وخاصة جداً أراد من خلالها إرسال تحية لكنفاني الكاتب؛ بعيداً عن كونه السياسي والصحافي، في محاولة لاكتشاف كيف يمكن أن يُقرأ غسان كنفاني اليوم وكيف يمكن للفنانين أن يقدّموا أعمال غسان كنفاني برؤية فنية معاصرة.

مساء الاثنين 17 تشرين الأول (أكتوبر) الفائت تم عرض الفيلم في بيروت أمام جمهور حي لمرّة أولى ووحيدة حتى تاريخه، وذلك ضمن احتفالية مرور عشرين سنة على افتتاح مسرح المدينة، علما بأن عرضه الأول كان على قناة الجزيرة الوثائقية. في “ما تبقى لنا: رسائل كنفاني” اختار المخرج أربعة فنانين فلسطينيين شباب مقيمين في لبنان هم المصوّرة الفوتوغرافية داليا خميسي، مصمم الإضاءة علاء الميناوي، الفنان البصري عبدالرحمن قطناني ومغنّي الراب رائد غنيم. أسند أبي خليل للفنانين الأربعة مهمة العمل على نصوص مختارة من قصص قصيرة لغسان كنفاني وترجمتها، كلٌّ باللغة الفنية التي يتقنها. الجامع بين هذه النصوص هو كونها مصاغة على شكل رسائل متبادلة بين أبطال تلك القصص القصيرة. وبالإضافة إلى الرسائل المكتوبة لشخصيات القصص، اختار المخرج أن يزور في فيلمه نصين أدبيين لكنفاني هما الرسالة الافتتاحية في قصة “القنديل الصغير” والتي كان الكاتب الراحل قد خطّها لابنة شقيقته، لميس نجم التي كانت رفيقته في استشهاده، ورسالة بعنوان “يا ولدي” كان قد كتبها عن ابنه فايز وإليه.

اختار المخرج أن يزور في فيلمه نصين أدبيين لكنفاني هما الرسالة الافتتاحية في قصة “القنديل الصغير” والتي كان الكاتب الراحل قد خطّها لابنة شقيقته، لميس نجم التي كانت رفيقته في استشهاده، ورسالة بعنوان “يا ولدي” كان قد كتبها عن عن ابنه فايز وإليه.

يتقطع الفيلم زمانياً بين مشاهد عمل الفنانين الأربعة على خلق المادة الفنية المترجمة. فترافق الكاميرا داليا خميسي في أزقة مخيم برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين في لبنان وهي تعمل على مجموعة صور فوتوغرافية لطفلة من المخيم. الطفلة “نور” في صور خميسي هي انعكاس لشخصية “ناديا” من نص “ورقة من غزة” التي تبتر الحرب ساقها الصغيرة، فتقرر خميسي في صورها الفوتوغرافية أن تصور نور وهي تقفز حرة في أزقة المخيم.

ترجم علاء الميناوي نص “العروس” من خلال عمل تجهيزي ضوئي مسرحي وظّف فيه قماش الدانتيل الأبيض مقابل بزّة عسكرية لمقاوم فلسطيني تدور في الفراغ بحثا عن بندقية. في صندوق صغير خشبي يحبس عبدالرحمن قطناني قصة من قصص اللجوء بقماش مصنوع من شريط شائك وقطع من التطريز الفلسطيني ومفتاح بيت جده في يافا، في محاكاة للصندوق في “موت سرير رقم 12”. أما رائد غنيم، فقد عمل على تأليف أغنية راب مقتبسة من نص “في جنازتي” تم تصويرها في برج البراجنة، ونرى غنيم في الفيلم وهو يعبّر عن علاقته بنص كنفاني “الذي يشبهه” على حد تعبيره، رغم اختلاف زمنه عن زمن كنفاني. لا يكتفي أبي خليل فقط بالفنانين الأربعة في فيلمه، فيربط بين مشاهد عن أعمالهم بمشاهد من بيروت والمخيم، مع صوته قارئا نصّه الخاص الموجه لكنفاني.

وإلى جانب الفنانين الأربعة، تظهر شخصيات فلسطينية أخرى في الفيلم هي: شريف بيبي، سميرة صلاح ورشا صلاح. تتبع الكاميرا بيبي متنقلاً بين بيروت والمخيم، نراه يقرأ كنفاني محللاً نصوصه، ثم نراه في مشهد قصير في زيارة للسيدة آني كنفاني؛ زوجة الراحل، محدّثة إياه عن حب غسان للأطفال وقصة “القنديل الصغير”. في الفيلم تحدّث سميرة صلاح ابنتها رشا عن لقائها الأول بكنفاني، ثم تتحدث السيدتان عن روضات مؤسسة غسان كنفاني الثقافية التي أسستها وتديرها زوجته.

وربما احتاج الأمر فيلما آخر للحديث فقط عن روضات المؤسسة وتأسيسها لأجيال كاملة على الثقافة والفن و “حب القضية” كما تقول الأغنية التي تستذكرها رشا صلاح في الفيلم، هي التي كانت وأخوتها أطفالًا في تلك الروضات قبل أن ينتسب طفلاها إليها أيضا. هنا لا بد من الإشارة إلى أن اختيار شخصيات الفيلم -غير الفنانين- قد زاد من خصوصيته حيث إن حضورهم كان حضوراً لطيفاً حميماً لم يعط الفيلم طابع الوثائقي التعليمي. وكون الفيلم مرتبطاً ارتباطاً وجدانياً وثيقاً بعالم غسان كنفاني الأدبي والاجتماعي، فإن معرفة المشاهد بأدب غسان كنفاني وواقع الفلسطينيين في لبنان تصير حتمية كي تصل له الصورة كاملة. في “ما تبقى لنا: رسائل كنفاني” يرسل جاد أبي خليل تحية حب لصاحب “أرض البرتقال الحزين”، وربما تكون هذه المادة الوثائقية مقدّمة لمعرض فني فعلي يستند على فكرة الفيلم وقراءة معاصرة لأدب غسان كنفاني في عالم، قد يجمع الكل اليوم، على أنه بات فعلا “ليس لنا”.

الكاتب: أمل كعوش

هوامش

موضوعات

الأكثر قراءة

عشرة أفلام عظيمة عن المافيا (ترجمة)
10 أفلام تشويق إيروتيكية رائعة (ترجمة)
أين نحن في السير قدما...
عن السيرورة والصيرورة

GOOGLE AD

نكـتـب لفلسطين

اشتراكك بنشرتنا البريدية سيحمل جديدنا إليك كل أسبوع

اختيارات المحرر

من أجل صحافة ثقافية فلسطينية متخصصة ومستقلة

اشتراكك بنشرتنا البريدية سيحمل جديدنا إليك كل أسبوع