تبدأ فعاليّات النسخة العاشرة من “احتفاليّة فلسطين للأدب” (بالفِست) في مدينة رام الله اليوم السبت، على الساعة السابعة مساءً في “حوش المحكمة العثمانية”، لتزور بعد ذلك على مدار ستة أيام مدناً مختلفة في فلسطين المحتلة، لتصل إلى مدينة حيفا، مساء الثلاثاء المُقبل، وتحطّ رحالها في يومها الأخير (الخميس 18 أيّار/ مايو) في مركز خليل السكاكيني الثقافيّ في رام الله.
“الاحتفاليّة” التي أسستها الروائية المصرية البريطانية أهداف سويف (رئيسة مؤسسة Engaged Events) قبل تسع سنوات حين أطلقت اسم “احتفاليّة فلسطين للأدب” على المبادرة الصغيرة، التي سرعان ما تحوّلت إلى واحدة من أبرز ملتقيات ومهرجانات الأدب في العالم العربي، تدعو إلى بلادنا كتّاباً وفنانين عالميين، لمدّة أسبوع، يتجوّلون فيه ما بين مدن فلسطين، ويتشاركون القراءة مع كتّاب وشعراء فلسطينيين في أمسيات المهرجان، في فعاليّاتٍ كانت دائماً الدعوة إليها عامةً ومفتوحةً.
انشغالات اللحظة الراهنة في اللحظة القادمة ..
تسع سنوات مرت على انطلاقة هذه “الاحتفاليّة”، تغيّر الكثير في المنطقة والعالم غير أن فلسطين لم تبلغ بعد حريّتها، الأمر الذي دعا “الاحتفاليّة” في عامها العاشر، للانشغال عبر برنامجها وفعاليّاتها العامة بأسئلة المستقبل (المستقبل والمواطن، المستقبل والحدود، المستقبل والتاريخ، المستقبل والحقيقة، المستقبل والإمبراطورية). جاء في بيان هذه الدورة: “تغيّر الكثير منذ انطلقت “احتفاليّة فلسطين للأدب” قبل عقدٍ من الزّمان، ونحن نستشعر الغصة إذ نتحرّك في لحظةٍ تاريخيّةٍ جديدةٍ – وفلسطين لم تبلغ بعد حريّتها. تتجه المنطقة والعالم نحو أشكال من اليمين والاستبداد. وإن كانت المعلومات متوفرة في كلّ مكان، إلا أن وقائع حياتنا عليها تعتيم مستمر. إننا نترك عالماً وراءنا، ونستشعر عالماً جديداً مقبلاً، لا نراه بوضوح بعد. وفلسطين لم تبلغ بعد حريّتها”.
وتضم قائمة المشاركين هذا العام شخصيات أدبيّة وفنيّة بارزة مثل: الكاتب الباكستاني نديم أسلام، والشاعرة الأمريكية (من أصول إيرانية) سُلماز شريف، والبروفيسور الأمريكي جيلاني كوب، ومنتجة الأفلام الأمريكية سوزان جوينسون، والمخرج والمنتج البريطاني عمر روبرت هاملتون، والشاعرة الفلسطينية الأمريكية ناتالي حنضل، والكاتب المسرحي الفلسطيني الأمريكي إسماعيل خالدي، ومن الناصرة الباحث والروائي جمال ضاهر، والشاعر المقدسي وسيم الكردي، ومن رام الله الكاتب غسان نداف.
وفي تغطية خاصة لهذا الحدث الثقافيّ البارز، توجهت رمّان إلى عدد من الكتّاب والشعراء لمعرفة آرائهم في انشغال هذه الدورة بأسئلة المستقبل، وما هي أهمية مثل هذه الفعاليّات -من وجهة نظرهم- في تقوية الحياة الثقافيّة الفلسطينيّة وكسر الحصار الثقافيّ الذي يفرضه الاحتلال الإسرائيليّ على البلاد، وما معنى مشاركتهم في هذه “الاحتفاليّة” إلى جانب كتّاب وفنانين ومثقفين عالميين.
فكان أول المُتحدّثين الشاعر وسيم الكردي، الذي أجابنا قائلاً: “كل انشغالنا اليومي هو في الحقيقة انشغال اللحظة الراهنة في اللحظة القادمة، هو انشغال في المستقبل، ما الذي نتوق إليه؟ ما الذي نتوقعه؟ اللحظة الراهنة (هنا والآن) هي ولادة اللحظة التالية. والكتابة هي فعل الآن في الغد. “الاحتفالية” على مدى عمرها كانت نوع من هذا التفاعل الثقافيّ الذي يتيح أساساً لكتّاب من العالم ليكونوا في فلسطين، ولعلهم تركوا أثراً وحملوا أثراً. خلال هذه المسيرة التي سارت فيها “الاحتفالية” كانت حركتها تهبط وتصعد تبعاً لبنيتها وعلاقاتها، وكانت صلتي بها صلة عند الحواف. هذه المرة قررت المشاركة فيها دون كثير من التفكير، ولعل ذلك مرده أن “الاحتفالية” هذه تمنح إمكانية هذا التفاعل المتعدد الأوجه وبخاصَّة فيما يتعلق بفلسطين الحاضرة الآن بصورة تكاد تكون قاتمة وباعثة على التشاؤم، ولكن ربما هذه الصورة بحد ذاتها تتطلب أصلاً هذا الخوض العالمي في قضية يبدو أنّ كثيراً مما يجري في العالم يحيلها إلى قضية إنسانية، إنّ “احتفاليّة فلسطين للأدب” تسهم، وفي حدودها، في إرجاع الصورة إلى سياستها وهذا جوهر الأدب، أن يمنح المستقبل ممكنات أن يغدو هو التجسيد الواقعي لحلم النص، هذا الحلم الذي هو العدل والحرية”.
بدوره رأى الباحث في مجال المنطق والروائي النصراوي جمال ضاهر، أنّه وقبل الإجابة عن أسئلتنا لا بد له من الإشارة أولاً إلى أنّ “إحدى الموضوعات الخلافية، والتي لا أرى إمكانيةً للفصلِ بالقولِ بخصوصها، هي علاقة المُنتِج للثّقافة وما يدورُ من حوله، وبالعموم، هي علاقةُ المثقّف وما يدورُ من حوله، مُنتِج للثّقافة وغير منتج. فنجدْ من تعريفاتٍ للمُثقّف ما يتضمّن دوراً فاعلاً نشطاً، ونجد ما يتضمن دوراً فاعلاً نشطاً ذا اتجاهٍ معيّن، ومنها ما لا يتضمن هذا أو ذاك”. لافتاً إلى أنّ “تعريف الثّقافة، لا علاقة مباشرة له بهذا الخلاف، ولكنّه مرتبط”. مضيفاً: “ليس من خلافٍ بين المفكرين حول وجود علاقةٍ بين الثقافة وسلوك النّاس في المجتمع، وجلَّ الباحثين في المجال يتّفقون مع إدوارد تايلر Tylor على أنّ المعتقدات والأخلاق والعادات والفنون وغيرها من أمور يتعلّمُها الإنسان بوصفه فرداً في مجتمعٍ هي مركّباتٌ ثقافية. ولكنّهم يختلفون فيما بينهم، أولاً، حول تعريف الثّقافة؛ ليس فقط أنّه ليس من اتّفاقٍ حول تعريفها، بل ونجد من يقول إنّها لم تعرَّف علمياً بعد، وإنّ التّعريفات المتداولة لا يصلح استخدامها لأغراضٍ علمية. ويختلفون، ثانياً، حول طبيعة علاقتها مع أفراد المجتمع، وفيما إذا كانت هي ما يحدّد في طبيعة العلاقات المجتمعيّة، وفي مواقف الأفراد وتفكيرهم أم أنّ الأفراد، بحركة علاقاتهم وتفاعلاتهم، يحدّدون في طبيعة الثّقافة وخصائصها”.
ويتابع مُحدثنا، الأستاذ المساعد في “دائرة الفلسفة والدراسات الثقافية”، ومدير “برنامج ماجستير دراسات عربية معاصرة” في جامعة بيرزيت، قائلاً: “لا يهمُّنا، في سياقِ حديثنا، من يؤثّر على ماذا وكيف، بل مجرّد وجود علاقة بين السّلوك الإنسانيّ والمركّبات الثّقافيّة على أنواعها، أخلاقاً كانت أم فنّاً وأدباً. علاقةٌ كهذه تجعلُ امكانيّة المزج بين الثّقافيّ والاجتماعي/السّياسي، توظيفاً للأوّل لصالح الثّاني، واردة. بل وتجعل من هذا المزيج شيئاً يعملُ السّياسيون كما المثقفون من أجل تحقيقه. هي نقطةٌ يلتقي بها السّياسي والثقافي رغم الإختلاف، والذي يصلُ حدّ التّعارض، بين أهداف الطّرفين. هذا من حيث المبدأ”.
أما بخصوصِ “احتفاليّة فلسطين للأدب” 2017، فيقول صاحب رواية “العدم”: “من دون التطرّق إلى حركة تاريخ العلاقة بين الثّقافي والسّياسي وتحوّلاتِها منذ نشوء منظمة التحرير الفلسطينية وحتى اليوم، بل ومن دون التطرق إلى الإنقسام الحادث بين المثقّفين الفلسطينيين بخصوص علاقتِهم مع السّلطة والسّياسة في فلسطين، فإنّ القضيّةَ الفلسطينيّة، القضيّة بحدِّ ذاتها، تحتاجُ لكل مزيجٍ ممكنٍ، ليس من أجل تقوية الحياة الثّقافيّة الفلسطينيّة، فهذا أمرٌ يلزمُه اهتماماً وبرنامجاً تضعُه مؤسّساتُ دولة، بل من أجل أن يكون الفلسطيني فاعلٌ نشطٌ في تقرير تفاصيل يومه ومصيره، فلا يقف في مهبِّ الرّيح عرضةً للمتغيّرات المُتغيّرة أبداً”.
أمسية حيفا.. سؤال “المستقبل والحقيقة”
أمسية حيفا (الخميس 18 أيّار/ مايو الجاري) تتمحور، حول سؤال “المستقبل والحقيقة”، وسيشارك فيها مجموعة بارزة من الكتّاب العالميّين والفلسطينيّين المشاركين في “الاحتفاليّة”، وفي البرنامج قراءات وحوار مع: الكاتبة الشاعرة الأمريكة آيلين مايلز، والكاتبة المسرحية الأمريكية الشابة آني بيكر (الحائزة على جائزة “بوليتسر” 2014)، والصحفيّ والروائي الفلسطيني سليم البيك (عبر السكايب)، ومن الداخل الفلسطيني كل من الكاتب معن أبو طالب، والشاعر علي مواسي، والصحفيّ والروائي مجد كيّال، وستدير اللقاء الناشطة والباحثة الحقوقيّة ديانا بطّو.
وحول أهمية هذه التظاهرة في مدينة حيفا المحتلة، قال الكاتب والروائي إياد برغوثي (المدير العام لجمعيّة الثّقافة العربيّة)، في تصريح خاص لرمّان: “منذ بدأنا في جمعيّة الثّقافة العربيّة، باستضافة وتنظيم أمسية “احتفاليّة فلسطين للأدب” في مناطق الـ 48، وقد كانت المرة الأولى لهذا التعاون في ربيعٍ العام 2011، خلقت لنا “الاحتفاليّة” مساحة وزمناً مستقليْن للتواصل مع الحركة الأدبيّة العالميّة، لم تكن متاحة لنا بالسابق، خصوصاً هنا في الداخل، لا سيّما أننا في الناصرة أو حيفا محطة على المسار الذي يجوب المدن الفلسطينيّة ليكشف الكتّاب والكاتبات العالميّين القادمين للتعرف إلى واقع الشعب الفلسطينيّ، على الاحتلال والحصار، وفي هذا الأمر مقولة مختلفة عن فلسطين وعن قضيتها، تتجاوز الخطاب التضامنيّ العالميّ السائد. وقد تعلّقنا عاطفياً بهذه الاحتفاليّة، ننتظرها كلّ ربيع كأنها عيد، وهي أضحت بالنسبة لنا بالفعل كذلك”. يضيف برغوثي: “انشغال “الاحتفاليّة” بسؤال المستقبل، هذه السنة، قد يعبّر بالأساس عن القلق ممّا آلت إليه الأمور في الحاضر، ويأتي من موقع مسؤولية تجاهه، إذ نحتاج اليوم إلى تخصيص وقت لتشخيص ما يجري والتشارك في ما نستشرفه للغد، وحتى في ما يمكننا فعله. إذ أنّه، كما جاء في البيان، هناك تعتيم على وقائع حياتنا رغم دفق المعلومات الهائل، وهنا قد يكون للأدب دور فعلاً في سرد قصة أخرى عن العالم كما هو، أو كما نريده أن يكون، أو كما لا نريده أن يكون”. مبيناً أنّ “هذه الفعالية السنويّة إذ تكشفنا نحن على الحركة الأدبيّة العالميّة فهي تكشفنا عليها، ومن هنا أهميتها أيضاً. هناك عشرات الكتّاب والكاتبات والشعراء والشاعرات الفلسطينيّين الذين شاركوا في الاحتفالية على مدار السنوات العشر الأخيرة، وقرأوا نصوصهم التي ترجمت وصدرت في كتب مشتركة مع كتّاب عالميّين، إنّها فرصة حقيقيّة”.
وبسؤال الصحفيّ والروائي الشاب مجد كيّال، عن رأيه في انشغال هذه الدورة بأسئلة المستقبل، وأهمية مثل هذه الفعاليّات في تقوية الحياة الثقافيّة الفلسطينيّة وكسر الحصار الثقافيّ الذي يفرضه الاحتلال الإسرائيليّ على البلاد، وعن معنى مشاركته في هذه الدورة إلى جانب كتّاب وفنانين ومثقفين عالميين. قال: “يخلد مفهوم “المستقبل” في الأساس العميق للكتابة. كيف ستبدو هذه السطور غداً؟ كيف ستُقرأ هذه الفقرة بعد ثلاثين عاماً؟ كيف ستبدو حياتنا اليوم، من نافذة نصوصنا، في مخيّلة من سيأتي بعد مئة عام؟ الأدب مشغول، دائماً، في أن يبقى وأن تصل لغته إلى أقرب نقطةٍ من الحقيقة، وأن تبقى بعد مشقة وصولها إلى هناك، تحتفظ بكامل الجمال المُمكن. يحتاج هذا “البقاء” في المستقبل إلى طاقة انطلاقٍ هائلة في الحاضر، بصمةٍ معرفيّة وجماليّة آنية تخطف الناس إلى القراءة والتفكير. لكنّ هذا وحده ليس كافياً: بقاء الأدب ودوره في المستقبل يطلب معماراً يتيح له الاستمرار. فلا تبقى كلمة واحدة من دون حركة ثقافة يتحرّك العمل الأدبيّ في سياقها. بـ”حركة الثّقافة” أعني عمليّة حوار اجتماعيّ أداته الأساسيّة هي التناص (المعنويّ والفعليّ) الأدبيّ والفنّي والفكريّ فيما بين أطرافه، والتنقيب عن الشواغل الجامعة، كشفها وإعلانها والاصطدام الجماعيّ والفرديّ بها”. ويضيف صاحب رواية “مأساة السيّد مطر”، (الحاصلة على جائزة الكاتب الشّاب من مؤسّسة “عبد المحسن القطّان”): “في هذه المساحة أرى احتفاليّة فلسطين للأدب. في دورتها العاشرة، وطرحها لسؤال المستقبل، تعبّر الاحتفاليّة عن هاجس بقاء الثّقافة والأدب، وعن أنّ هذا البقاء غير ممكنٍ إلا من خلال الحركة والجمع والتأسيس طويل الأمد، ذاك القادر على صياغة الأسئلة والتعبير عن الشواغل والماهيّة الجامع لما يُصنع أدبياً، وأن يكون واعياً لضرورة ابتعاده عن التكلّف أو التورّط في مشهد ثقافيّ استهلاكيّ قائم في فلسطين، يُصنع ويُكرَّس في خدمة السُلطة”. مؤكداً أنّه “في وجه ثقافة تخدم أشكال السُلطة المتعددة وتتدلّع في حضنها، وتنتهز حاضراً واحداً ليذهب كلّ من فيها إلى مستقبله الذاتيّ الضيّق. هناك حاجة حارقة لمساحات شبيهة بتلك التي توفّرها الاحتفاليّة: جمع أطياف وتجارب “الحواضر” المتعدّدة المختلفة، مواجهتها لبضعها في سياق مفهوم شاغل (هو المستقبل) وفتحها على ما يدور ويُصنع خارج فلسطين وفي العالم، ليس انفتاحاً استهلاكياً لعروضٍ نشاهدها فوق السياسة وبمعزل عنها وبتجاهلها، إنما الانفتاح من خلال الحوار والتعرّف الأدبيّ النديّ، في سياق وقلب الموقف المناهض للاستعمار”.
أما الكاتب الشاب غسان نداف، فقال لرمّان: انشغال الاحتفاليّة هذه السنة بأسئلة المستقبل يأتي في صلبِ دور الأدب والفن، ليس من حقّي أن أفرض على الأدبِ وفعاليّاته دورهما، ولكني وبصدق أتوقّف عن قراءة أي نصّ أو عَرض يروي الأحداث، وكلّما يحاول مؤلّفٌ ما تشويقي أتشوّق وأتسرّع أكثر بإعادة الكتاب على الرّف. إن لم أجد عملية خلقٍ لا أتابع. والخلق هنا بالضرورة يحمل في داخله من الواقع “ما يمكن أن يحدث وليس ما يحدث” ومن الخيال “ما نرغب أن يحدُث”، ولكن دون إقحام لرؤية المؤلّف. وهنا يأتي دور الأدب والفن، يبدأ بانتقاء لحظة من الواقع، ويختار شخصياتها ويفضح تناقضاتها وينتقد واقعها وما يمكن أن يحدث فيه من صراعات وتوتّرات ويعرّضها لمعيقات تمنعها من أن تحصل على ما تريد مما يضع الشخصية أمام سؤال “ماذا سنفعل في هذا المأزق؟” والفعل هنا هو الخلق “من داخل الخيال طبعاً” مما يقود الشخصيات إلى طريق يظهر في العمل الإبداعي على أنّه سلس وطبيعي ولكنّه أيضاً يعكِسُ للمتلقّي رؤية مستقبلية، أو يفتح لها تساؤلات تجعله بالضرورة يبحث عن طُرُقٍ للنّجاة إلى واقعٍ مرغوبٍ به. إذن هو يحاول تفكيك الواقع وبناء المستقبل ويكشفها أمام المتلقّي ليساعده في أن يرى العالم من منظورٍ مختلف”. متابعاً حديثه معنا: “أمّا عن أهميّة هذه الفعاليّات في تقوية الحياة الثقافية الفلسطينية وكسر الحصار الثقافي الذي يفرضه الاحتلال فسأعترفُ أنني لا أريد كسر الحصار الصهيونيّ، بل أريد الحرية، وفَهمي للحرية الكونية ينطلقُ من حريّة الفلسطينيّ، وحريّة الفلسطينيّ مرتبطة بالضّرورة بزوال الاحتلال نفسه وليس النّجاة من بعض سلوكياته كالجرائم والحواجز والحصار وغيرها. قبل كلّ شيء لنعترف أولاً أنّه استعمار ونحنُ شعبٌ مستَعمَر، وهنا تُحمَّل هذه الفعاليّات بمسؤولية أن تُري العالم أن ما يجري هُنا هو استعمار من خلال فضح جميع أشكاله وتبعياته وسلوكياته أيضاً وليس خلافاً على حدود أو شرعيات قانونية هنا وهناك… فيأتي دورها بسعيها للعدالة الكونية انطلاقاً من العدالة في فلسطين، وهي بهذا الشكل تنقُلُ للعالم ما يحدُث ورؤية أدبائها عمّا نرغب بأن يحدث”.
وعن مشاركته في هذه الاحتفاليّة إلى جانب كتّاب وفنّانين ومثقّفين عالميين، يجيبنا: “بصراحة للوهلة الأولى شعرتُ بأنني أمام تجربة مثيرة لشابٍّ مثلي لم يعد في بدايته الأدبية والفنية، ولكن فيما بعد فكّرتُ بأنّ مشاركتي تتيح لي سماع وجهات نظر من لم يقع في المشكلة، بمعنى أن يكون هناك منظوران؛ منظور من يقع في المأزق “وهو الأحق بروايته” ومنظور من يرى المشهد العام فقط. من ناحيةٍ أخرى، أردتُ أن أعرف ما الذي قلناه للعالم، من خلال ما يعرفه ويقوله عن قضيتنا… إن لم يصِل جوهر قضيتنا وعدالتها للعالم فلن ألومَ سوى الفن والأدب، إن لم تصل جيّداً فهذا يعني أن خيالنا وإبداعنا لم يزلا عاجزين”.
موقع الاحتفالية وبرنامجها.. هنا