تمكّن المتحف الفلسطيني وضمن العمل على مشروع “الأرشيف الرقمي للمتحف الفلسطيني”، من أرشفة 18 ألف وثيقة في أولى مراحل المشروع الممتد على مدار ثلاث سنوات باعتبارها فترة تأسيسية سيتم خلالها جمع 145,000 وثيقة. ويعد الأرشيف الرقمي أحد أهم المنصات الرقمية للمتحف الفلسطيني، ويضم صورًا فوتوغرافية ووثائق ومقتنيات وأعمالًا فنية تنتمي إلى مجموعات أرشيفية مهددة توثق تاريخ فلسطين منذ عام 1800 حتى وقتنا الحاضر.
وتتلخص آلية العمل على المشروع بتجميع الوثائق من أفراد ومؤسسات، وخلق مرادفات رقمية لكل وثيقة، وإرفاقها بمعلوماتها على منصة رقمية خاصة بالمشروع، سيتم إطلاقها لتكون متاحة أمام الباحثين والمهتمين والجمهور مطلع عام 2019.
ونجح المتحف حتى الآن بأرشفة 64 مجموعة، تنقسم لمجموعات شخصية لأفراد وعائلات فلسطينية، ومجموعات لمؤسسات، إضافة إلى مجموعات لمتخصصين من باحثين ومصورين. ومن هذه المجموعات المهمة مجموعة جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، والاتحاد العام للمرأة الفلسطينية، ومؤسسة تامر للتعليم المجتمعي، وبلدية سلفيت، وسرية رام الله الأولى، ومجموعات شخصية لشهداء وأسرى مثل عمر القاسم، وخالد نزال، وعبد الله علاونة، وعمر ونائل البرغوثي، إضافة إلى مجموعة السفير الفلسطيني السابق في استراليا علي قزق، ومجموعة الباحث شريف كناعنة، والمصورة الفرنسية Joss Dray وغيرها من المجموعات الهامة.
ويضم الأرشيف مجموعات مميزة تركز على مواضيع مختلفة، مثل تاريخ الحركة النسوية في فلسطين بمراحلها المختلفة، فيجد المتصفح صورًا قلما نشرت للفلسطينيات في مخيمات التدريب التابعة للثورة الفلسطينية في لبنان، أو أرشيفًا لأم الشهيد عمر القاسم يضم رسائل متبادلة بينها وبين ابنها خلال فترة أسره، إضافة إلى ملصقات وقصص من أرشيف مؤسسة تامر، توثق لإنتاجات دار الفتى العربي والتي تعتبر من أوائل وأهم دور النشر التي قدمت نتاجًا معرفيًا وطنيًا لفئة الأطفال، وصورًا توثق لتاريخ الحركة العمالية النقابية في فلسطين، أما أرشيف جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، فيعرض بسخاء مجموعات هامة توثق الحرب في لبنان منذ منتصف السبعينيات.
تقول مديرة المتحف الفلسطيني، د. عادلة العايدي – هنية، “يُعتبر هذا المشروع نقلة نوعية في سياق توثيق الأرشيفات الفلسطينية، حيث سيقدم المتحف خلال السنوات القليلة المقبلة للفلسطينيين وللمهتمين حول العالم مرجعًا موثوقًا وشبه شامل عن تاريخ فلسطين السياسي والاجتماعي والثقافي وحاضرها، لذا نسخّر كافة الإمكانات في المتحف الفلسطيني لضمان استمرارية العمل على هذا المشروع وتوسيعه، وإخراجه للجمهور بأفضل صورة ممكنة”.
هذا ويتواصل العمل خلال الفترة القادمة ليشمل توثيق مجموعات مثل: أرشيف مؤسسة دار الطفل العربي في القدس المحتلة، إضافة إلى أرشيف يوثق لتاريخ المسرح الفلسطيني، وأرشيف فرقة الفنون الشعبية الفلسطينية والذي يضم إضافة إلى الصور، ملفات صوتية وفيديوهات تركز على بدايات تأسيس الفرقة أواخر السبعينيات. كما سيمتد المشروع ليصل إلى أرشيفات فلسطينية في الأردن ولبنان.
وتزامنًا مع هذا، يعمل المتحف باستمرار على بناء وتطوير مهارات العاملين في المشروع، حيث تلقى الطاقم مؤخرًا تدريبًا مع مدربين مختصين من جامعة كاليفورنيا لوس أنجلوس(UCLA)، والتي ستستضيف في مرحلة لاحقة المواد الأرشيفية الإلكترونية لتعرضها على منصة مكتبتها الرقمية.
يُذكر أن هذا المشروع يُنفذ بمنحة من صندوق أركيديا، وهو صندوق خيري تأسس على يد ليزبيت راوسينغ وبيتر بالدوي، ويهدف إلى حفظ التراث الثقافي المهدد حول العالم.
المتحف الفلسطيني هو مؤسسة ثقافية مستقلة، مكرسة لتعزيز ثقافة فلسطينية منفتحة وحيوية على المستويين المحلي والدولي، يقدم المتحف ويساهم في إنتاج روايات عن تاريخ فلسطين وثقافتها ومجتمعها، كما يوفر بيئة حاضنة للمشاريع الإبداعية والبرامج التعليمية والأبحاث المبتكرة، وهو أحد أهم المشاريع الثقافية المعاصرة في فلسطين، وأحد أهم مشاريع مؤسسة التعاون، وهي مؤسسة أهلية غير ربحية، تعمل في مجال التنمية وتقديم المساعدات الإنسانية للفلسطينيين في فلسطين ولبنان. وتحتفي هذه السنة بـ 35 عامًا من العطاء المتواصل والعمل الإنساني والتنموي.