جدّي نيلسون مانديلا ناضل ضد الأبارتهايد، أرى الحالة ذاتها مع إسرائيل (ترجمة)

نيكوزي مانديلا

أمل نصر

مترجمة من فلسطين

في موطني، جنوب إفريقيا، احتاج النظام العنصري، بكل ما يحمل من هيمنة مؤسساتية، إلى جهود دولية لإنهائه. اليوم يستحق الشعب الفلسطيني هذه الجهود لدعم نضاله ضد نظام الأبارتهايد العنصري.

للكاتب/ة

اشتراكك بنشرتنا البريدية سيحمل جديدنا إليك كل أسبوع

الأكثر قراءة

عشرة أفلام عظيمة عن المافيا (ترجمة)
10 أفلام تشويق إيروتيكية رائعة (ترجمة)
10 أفلام عظيمة عن الوحدة (ترجمة)
عن السيرورة والصيرورة

من أجل صحافة ثقافية فلسطينية متخصصة ومستقلة

10/07/2019

تصوير: اسماء الغول

أمل نصر

مترجمة من فلسطين

أمل نصر

كتبها نيكوزي مانديلا: عضو المجلس الوطني الإفريقي، وحفيد نيلسون مانديلا
نُشرت في “
ذا غارديان” بتاريخ ١١/١٠/٢٠١٨وهذه ترجمتنا لها

 كان لجدي الراحل، نيلسون روليهلالا مانديلا، أن يبلغ هذا العام مئة سنة من عمره. وها هو العالم يسمي القرن باسمه تيمناً بمولده، ويحتفي بمسيرته النضالية ضد نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا. ولكن رغم تحرر بلدي من نظام الأبارتهايد منذ وقت طويل، لا يزال العالم يعاني من جرائم هذا النظام العنصري إلى وقتنا هذا. 

شهد من قبلي ماديبا(١)، وديزموند توتو(٢)، التشابه الغريب بين السياسات والقوانين العنصرية التي تمارسها إسرائيل ضد الفلسطينيين، والشكل الذي أسس هندسته نظام الأبارتهايد في جنوب إفريقيا. ونحن الجنوب إفريقيون نتعرف على النظام العنصري فور رؤيته. لكن في حقيقة الأمر، يدرك الكثير منا أن نظام إسرائيل في ممارسة الاضطهاد هو نظام أكثر تعقيداً وسوءاً.

وفي العرف الدولي يعرف نظام الأبارتهايد بأنه نظام يمارس الاضطهاد بشكل ممنهج، بحيث تقوم فئة عرقية بممارسة القمع والهيمنة على فئة عرقية أخرى، وهو نظام قائم على علاقات عدم التكافؤ في القوى، ويدعم استمرار هذه الممارسات قوانين لا تتحرى تحقيق العدالة للطرفين بل تتحيز للفئة المهيمنة بإنكار حقوق الجماعات المضطهدة.

حتى قبل أن تمرر إسرائيل قانون الاعتراف بها كدولة قومية لليهود -والذي يعطي اليهود وحدهم الحق في السيطرة على المكان- كان من السهل لمن يبحث عن حقيقة الأمر أن يعرف أن إسرائيل تمارس ذات نظام الفصل العنصري من خلال بناء الجدار الفاصل، تشكيل لجان للتفريق العرقي، نظام المواطنة القائم على تصنيف الهوية درجة أولى وثانية، نظام هندسة المكان بتسخير طرق معبدة فقط للمستوطنين والأجانب دون الفلسطينيين، نظام البانتوستان(٣) الذي تطبقه في عزل الضفة الغربية عن باقي القرى والمدن الفلسطينية. كل ذلك ساهم في تفتيت المكان بما يخدم مصلحة الاحتلال.

سُخّر قانون الدولة القومية لهذا الواقع وجعله محتوماً، بحيث يمارس نظام الأبارتهايد سلسلة من الجرائم على مستوى الدولة منها مؤخراً قرار إسرائيل بهدم القرية البدوية في خان الأحمر وطرد سكان القرية. هذا هو التطهير العرقي للمكان الذي يهدف إلى تسهيل بناء المستوطنات المخالف للقانون الدولي على الأراضي الفلسطينية المحتلة.  

ورغم مرور سبعة من العقود تحت نظام الأبارتهايد، واستمرار سرقة الأراضي الفلسطينية، واستمرار الاحتلال العسكري، وارتكاب المجازر في وجه المقاومة كما نراه يتكرر في غزة التي قد يصح تسميتها ” شاربفيل فلسطين” وكما حدث عام 1960 في مدينة ترانسفال من قتل جماعي، رغم ذلك كله تتوالد الأجيال الفلسطينية وتتجدد مسيرة النضال نحو الحرية.

بلغت عهد التميمي عامها السابع عشر في السجون الإسرائيلية، وتقوم دعوى احتجازها على أنها واجهت جندياً إسرائيلياً في باحة منزلها. لكن مثلما صنعت السبعة وعشرون عاماً في الأسر من جدّي رمزاً عالميا للحرية، تكرس عهد التميمي اليوم  رمزية المقاومة في تصميمها الحاسم في وجه عدوها، فباتت تجسد هي وعائلتها روح الفلسطيني الذي لا ترعبه الآلة العسكرية بكل جبروتها. أحيي بدوري هذه العائلة وكل الفلسطينيين على ما يحملون من شجاعة.   

ورغم أن عهد الآن تتمتع بحريتها، الآلاف من الفلسطينيين -من ضمنهم مئات الأطفال- لا يزالون يقبعون في سجون دولة الأبارتهايد الإسرائيلية. وفي احتفالنا اليوم بالذكرى المئوية على ولادة نيلسون مانديلا نجد أن استدعاء مقولته ” تبقى حريتنا في جنوب إفريقيا منقوصة ما لم تتحقق الحرية للشعب الفلسطيني” واجبة، ونحن مع المطالبة والعمل الدؤوب على المطالبة بحقوق الفلسطينيين جميعا في الشتات، وداخل الخط الأخضر، والذين يعيشون في الأراضي المحتلة، فلا يمكن مصادرة حقوق الإنسان عن الفلسطينيين.

ونحن في جنوب إفريقيا ندرك تماماً أن المقاومة تصبح أكثر فعالية ضد جدار الفصل العنصري من خلال التضامن الدولي. فكما لعب التحالف العالمي دورا أساسيا في عملنا النضالي نحو التحرر، تستمر هذه الروح العالمية في التضامن مع المقاطعة، وسحب الاستثمارات، وفرض العقوبات “BDS” لدعم النضال الفلسطيني لنيل حريته. 

ومما منحي الكثير من الأمل مؤخراً هو مناشدة حزب العمال البريطاني للحكومة البريطانية بسحب الدعم المالي لإسرائيل وتقويض الأرباح العسكرية. ونأمل من خلال عضوية جنوب إفريقيا في التحالف الاقتصادي “بريكس” أن ندعو إلى فرض حظر على تسليح إسرائيل. ويشكل هذا الحظر الحد الأدنى من مطالب المقاطعة بوقف التواطؤ مع دولة الأبارتهايد إسرائيل بالاستمرار. ولا نعتبر السعي إلى وقف استمرار إسرائيل في ارتكاب الجرائم بحق الفلسطينيين فعلاً خيرياً أو ترفاً اختيارياً، بل نؤمن بأنه واجب أخلاقي الزامي وجوهري في الفعل الإنساني.

هذه الخطوات الإيجابية والحاسمة هي التي تدفع بمسيرة النضال السلمي هي ما كان يحيى لأجله مانديلا. فهذه الخطوات تقف بقوة في وجه محاولات محو التاريخ الفلسطيني والنكبة الفلسطينية. تاريخ تواطئت عليه بريطانيا كما فعلت سابقاً مع الأبارتهايد في جنوب إفريقيا. وهي مازالت تتخذ ذات النهج في شيطنة جهود المقاطعة وحتى تجريم وجود حركة المقاطعة برمته.

وعلى كل من يشعر بالمسؤولية الأخلاقية تجاه ارتكاب المظالم الإنسانية مسؤولية التعبير عن موقفه ضد انتهاك حقوق الإنسان والقانون الدولي من قبل أي دولة. هؤلاء الأشخاص يملكون حق التعبير عن موقفهم وعليهم أن يرفعوا صوت الحق مقابل سطوة القوة وأن يحققوا التضامن الكلي لكل من يتعرض للاضطهاد. هذا التاريخ سوف يحاكم جميع الأنظمة السياسية والحكومات التي تمارس انتهاك حقوق الإنسان والقانون الدولي وترتكب ما هو أعظم من ذلك بإنكارها هذه الحقوق.

 خلال زيارتها الاخيرة إلى جنوب إفريقيا، حاولت تريزا ماي تسجيل تاريخ جديد تمحو به موقف بريطانيا الداعم لنظام الأبارتهايد العنصري، فها هي الآن تحتفي بجهود جدي الراحل دون أن تذكر حقيقة أن أعضاء من حزبها السياسي كانوا يدعون لتنفيذ حكم الإعدام في مانديلا، كما نعتوه بالإرهابي خلال فترة حياته.

الضغط العالمي كان عنصراً فعالاً وحيوياً في النضال لإنهاء نظام الأبارتهايد في جنوب إفريقيا، وندرك عمق تأثيره على إسرائيل من خلال ما تنفقه في شن حملة عالمية طائلة تسعى إلى تقويض نشاطات المقاطعة. فلطالما شكلت المقاومة السلمية بكل أشكالها، من ضمنها المقاطعة وفرض العقوبات وتجنيد الضغط على الشركات والحكومات والمنظمات المحلية لحثهم على إنهاء تورطهم في دعم انتهاك حقوق الإنسان، مساراً عريقاً للنضال ودعم حركات الكفاح لتحقيق الحرية.

وقد ذكر ماديبا مرة “أن القضية الفلسطينية هي التحدي الأكثر تعقيدا في وجه مسؤوليتنا الأخلاقية في زمننا المعاصر” ويبقى العالم في حالة صمت ما لم نساهم جميعا في السعي لتحقيق العدالة والمساواة لهذا الشعب، فمحاربة نظام الأبارتهايد هو واجب إلزامي علينا جميعاً. 

تم نشر هذا المقال في الثاني عشر من أكتوبر، عام 2018، لتسليط الضوء على هندسة الطرق في إسرائيل التي تنتهج التمييز العنصري ، حيث يحق للمستوطنين والأجانب استخدامها.

 

١- ديزموند توتو: رئيس أساقفة كيب تاون، حائز على جائزة نوبل للسلام، وهو عضو في مجموعة الحكماء، وهي مجموعة من القادة المستقلين ومن ضمنهم نيلسون مانديلا، ويعملون من أجل السلام والعدالة وحقوق الإنسان.  
٢- ماديبا: أحد ألقاب نيلسون مانديلا.
٣- البانتوستانات: وهي عبارة عن معازل عرقية يستخدمها نظام الأبارتهايد لعزل فئات عرقية عن أخرى.  
الكاتب: أمل نصر

هوامش

موضوعات

الأكثر قراءة

عشرة أفلام عظيمة عن المافيا (ترجمة)
10 أفلام تشويق إيروتيكية رائعة (ترجمة)
عن السيرورة والصيرورة
10 أفلام عظيمة عن الوحدة (ترجمة)

GOOGLE AD

نكـتـب لفلسطين

اشتراكك بنشرتنا البريدية سيحمل جديدنا إليك كل أسبوع

اختيارات المحرر

من أجل صحافة ثقافية فلسطينية متخصصة ومستقلة

اشتراكك بنشرتنا البريدية سيحمل جديدنا إليك كل أسبوع