“يعكس نتاج كمال بلّاطة الكامل من الناحية الجمالية، سواءً البصري أو النصّي، مسار حياته الذي كرّسه ليقاوم، عن طريق وسائل متقنة غير عنفية إنما راسخة العزيمة، القوى التي تسعى إلى إطفاء الروح الفلسطينية وقدرتها على الفرح..” هذا ما كتبه ذات يوم الناقد الفني البريطاني جان فيشر، عن المقدسي صاحب «استحضار المكان: دراسات في الفن التشكيلي الفلسطيني المعاصر»، الذي رحل عن عالمنا يوم الثلاثاء ٦ آب/أغسطس في مكان سكناه الأخير في برلين عن ٧٦ عامـاً.
الفنان التشكيلي، الكاتب والباحث والمؤرّخ لتاريخ الفن الفلسطيني، والمثقف التنويري، كمال بلّاطة (1942 – 2019) خصته “رمان” في وداعه الأخير بهذا الملف الذي يشارك به نخبة من الفنانين التشكيليين الفلسطينيين من جغرافية الوطن الممزقة، ومن الشتات والمنافي البعيدة، تكريماً لسيرته ومسيرته الفنية الطويلة التي بدأت منذ مطلع ستينات القرن الماضي.
سليمان منصور
“الكتابة هي طريق العودة إلى الوطن والرسم هو أن تكون في الوطن”، هكذا وصف كمال بلّاطة اهتماماته في كل من الكتابة والرسم. وبالفعل فقد قضى كمال عمره متنقلاً بين السير على طريق العودة والعيش في الوطن، ولا يكاد يصل حتى يبدأ رحلة العودة من جديد.
لقد استطاع أن يبتكر لغة جديدة في الكتابة عن الفن في كل من التأريخ والنقد، كما أنه ترك بصمة مميزة في الفن التشكيلي من خلال الجمع بين الخط الكوفي ولعبة الضوء والظلّ في أزقة وحارات القدس القديمة حيث تكونت ذكرياته الأولى.
لقد سحرني النظام اللامتناهي في فنه، وكأن كل ضربة فرشاة أو جرة قلم أو بقعة لون خلقت لتكون في مكانها المقدر ولا يمكن إزاحتها ولو شعرة واحدة كما هي كل الأشياء في نظامنا الكوني. وبنفس هذا النظام الدقيق صاغ أفكاره ورؤيته وكلماته في كتابته الفنية المتنوعة.
عرفت كمال منذ العام ١٩٧٧ وكان مزيجاً من الطباع المتناقضة التي شكلت شخصية فذّة متميزة يصعب نسيانها.
لقد فقدنا إنساناً هو مثال للفنان المثقف التنويري الموسوعي الواعي، ولكنه ومن خلال إرثه الأدبي والفني سيبقى علماً مهماً من أعلام القدس وفلسطين والعالم العربي.
نبيل عناني
المرحوم الفنان كمال بلّاطة أحد الرواد في الفن الفلسطيني، ظهر بأعماله في الفترة التي تلت حرب عام ١٩٦٧ هو وزميله الفنان فلاديمير تماري حيث أقام بين القدس ورام الله.
أعماله تميزت برسم واقع الإنسان الفلسطيني المصدوم، ورسم مجموعة من الأشخاص بالأحبار باللون الأسود. هاجر للخارج وعاش في عدّة دول أوروبية، وفي أمريكا تناول مواضيع لها علاقة بالقدس، وحول الصخرة المشرفة بشكلها إلى أعمال تجريدية بألوان استمدها من ألوان زخارف قبة الصخرة الزاهية.
ولكن دور كمال بالغ الأهمية في الفن البصري الفلسطيني يأتي بمؤلفاته وكتبه منها كتاب «استحضار المكان..»، وهو كتاب تحليلي ونقدي تناول أهم الأعمال للفنانين الفلسطينيين، كما تطرق لأصول الفن الفلسطيني من الأيقونة إلى تأثيرات الفن الإسلامي والصناعات التقليدية، إضافة إلى سير الفنانين الأوائل الذين عاشوا في فلسطين قبل عام ١٩٤٨ وملفات أخرى تناولت الفن العربي، وأُخرى عن فنانين فلسطينيين عاشوا في المهجر. وكان أن شارك في كتابة موضوعات عن الفن الفلسطيني الحديث في الموسوعة الفلسطينية.
فايز سرساوي
كانت تلك هي المرة الوحيدة التي التقيت فيها عن قرب بالفنان الذي غادرنا قبل أيام قليلة.. حدث الأمر ذات صدفة جميلة وبعيدة مطلع هذا القرن، حيث جمعتنا مائدة الصديق العزيز الفنان تيسير البطنيجي في مكان إقامته بمحترفه في حي “سان دوني” الباريسي.. وكنت وقتها أقضي فترة إقامتي الفنية في الحي الدولي للفنون.
لا أعرف كيف قفزت تلك اللحظات إلى ذهني الآن وهنا عندما سألني الأخ أوس يعقوب إذا ما كان بمقدوري كتابة بضع كلمات لمناسبة رحيل الفنان الراحل كمال بلّاطة.
رجلٌ بسيط.. عفوي وصامت.. هذا انطباع أولي، سرعان ما تدرك أنك أمام إنسان يمتلك موهبة السرد ودقة اختيار مفردات الحديث الذي يليق بأرستقراطي نبيل، لاحقاً ستعثر على ما يؤكد ذلك في سيرة كمال الشخصية، من نشأته الأولى في أحد أحياء مدينة القدس مروراً بكافة أماكن غربته وإقامته في غير بلد ومنفى. ستعثر أيضاً على انعكاس كل ذلك في مجمل أعماله المشغولة برهافة الحس ودفق المشاعر وشفافية الخيال.
صحيحٌ أيضاً أنه أبدى حنقاً ولوماً تجاه الأوضاع المتردية ومآلات الأحوال في بلادنا، وهذا يفهم في سياق وعي الفنان المتقدم في استشراف الآفاق، ومع ذلك بقي أميناً وصادقاً مع ذاته وانتمائه الوطني وعالمه الفني الغني والمتنوع.
ربما لا تتيح لنا هذه العجالة للوقوف أمام كافة محطات الفنان بلّاطة وإسهاماته المميزة في مجال البحث والتأريخ للفن الفلسطيني، إلّا أنّ إنتاجه الإبداعي سيبقى علامة متفردة يتفيأ في ظلّها محبي ومقدري فنه وذكرى سيرته العطرة.
لطيفة يوسف
ذات يوم بعيد أخذتني أستاذتي الفنانة سامية زرو إلى افتتاح معرض الفنان كمال بلّاطة الأول بالقدس بعد عودته من الخارج..
كان المكان جميلاً وتعرفت حينها على كمال قبل افتتاح المعرض حيث عرفتني إليه صديقته سامية التي قدمتني له على أنني من طالباتها اللواتي يتعلمن على نفقة (الأونروا)، فتعامل معي بلطف شديد، خاصة بعد أن عرف من مدرستي أنني أكوّن وحدات زخرفية من الحرف العربي، وكان معرضه تشكيل جميل بألوان تأخذ العقل ومتقنة جداً بطريقة الجرافيك. وساعة الافتتاح أدركت كم هو مهم، من الشخصيات التي حضرت الافتتاح. كان لطيفاً ولم يهمل أيّ مدعو لمعرضه. هذا كان أول معرض له بالقدس أحضره، ومن الممكن أن يكون قد سبقه معارض أخرى قبل مرحلة الحروفيات.
حروفيات بلّاطة لها مذاق خاص وبأسلوب خاص، والمساحات غالبيتها مربعة واللون فيها هو السيد مع تشكيل خاص له من حرف أو كلمة. لوحاتٌ لا تنسى.
كما لم أنسَ معاملته الرقيقة لي وأنا ابنة المخيم التي تتعلم على نفقة (أونروا)، كان هذا المعرض عام ١٩٦٦ أو ١٩٦٧.
والمرة الثانية التي التقيته فيها كانت في معرضٍ ثانٍ بالمتحف الوطني القطري بالدوحة، فبمجرد الإعلان عن المعرض ذهبت سريعاً وبذهني ما رأيت من أعمال جميلة متقنة منمقة بطريقة الجرافيك (الطباعة) لفنان كبير ومتواضع بمعاملته مع الجميع. وقلت لنفسي احتمال أن يكون قد تغير.. لكن عندما قابلته أثناء المعرض وقلت له بأنني الفتاة التي عرفتني عليه الفنانة سامية زرو بمعرضه الكبير بالقدس فرح بي كثيراً، وهذا يدلل على أنه إنسانياً لم يتغير. وقد كان معرضه مميزاً جداً وحضوره أيضاً كان جميلاً بجمال أعماله، وكان العنصر الأساسي فيه الحرف العربي واللون. السلام لروحه النبيلة.
خالد حوراني
أعزي بداية أسرة كمال، زوجته ليلي فرهود وأهله وأصدقاءه ومحبيه على هذا الفقد الكبير. وفاته خسارة كبيرة للفن والحياة، خسارة لا تعوض بصراحة للثقافة الفلسطينية. ليس بوصفه كاتباً ومؤرّخاً للفن في فلسطين فقط، وإنما بوصفه فناناً عربياً وعالمياً بامتياز أيضاً، اجترح أسلوبه من المعرفة العميقة وسعة الاطلاع والذوق.
لا نشيع اليوم زميلنا الغالي فقط وقد توفي بعيداً عن مسقط رأسه وهو متقلب بين المنافي، بل نتذكر أيضاً كم فقدت الحركة الفنية من أعمدة، في مثل هذه الأيام قبل عام توفي ابن المنافي أيضاً، الفنان سمير سلامة ونحن على وشك الذكرى السنوية الأولى لرحيله. ونتذكر بمرارة الفنان فلاديمير تماري. نتذكر الفن في أحسن حالاته. نتذكر مبدعين وهم في طريقهم إلى أرض الوطن دون أن تكتمل أحلامهم. نتذكر أناساً جميلين أناروا طريقنا بأشواق وفن عظيم مثلهم.
كمال بلّاطة الإنسان اللطيف والدمث، علامة فارقة في الفن العربي والعالمي ومشروع ثقافي مكتمل. يا لخسارتنا الفادحة. قبلة على جبينك يا كمال ولترقد روحك بسلام.
تيسير بركات
برحيل كمال بلّاطة فقدنا قامة مهمة بالفن التشكيلي الفلسطيني، كما فقدنا اللون الثامن في قوس قزح. جمعتنا بكمال لحظات وأوقات وحوارات عميقة. وكنت قد التقيت ابن القدس أول مرة في العاصمة الأمريكية واشنطن، كان يومها مليئاً بالحياة، مثقف نادر ذو حضور ملفت، ترك عطره ومضى.
لوّن كمال حياته وحياتنا بكتاباته العميقة وإنتاجاته الفنية وبصوته وأفكاره غير المألوفة، والصادمة أحياناً. لروحك السلام وقبلة على جبينك.
منذر جوابرة
بين الهوية والاغتراب جرح كاد أن يندمل.. وبدأ يقطبه ذاك الشاهد واللاجئ والفنان على حافة الجبل حيث يراه الناس والرهبان، ويراه الرب وهو يغزل للحضارة مظلّة من هويتها يظلّلهم بها وقت الجوع والعطش..
من الفن العابر إلى فن الهوية صاغ كمال بلّاطة أعماله التي تشكلت على البحث والأصالة، فنبّهنا لما لم نره، وكتب لنا وللعالم لما يرشدنا وقت الظلمة وفي صباحات كل يوم، ليظلّ ما كتبه مرجعاً أصيلاً وشفافاً ونقياً.
الرحمة والسلام لروح كمال بلّاطة، أحد أعمدة الفن العربي ومؤرّخي الفن الفلسطيني، الذي اعتمد على البحث والرؤية معاً، وظل يخفق به الأمل لجيل يكسر كل حدود المشتهى والمستحيل. من سيملأ الفراغ من بعدك يا كمال؟ من سيكمل الطريق ويتجاوز “استحضار المكان”.. ليبني لنا أمكنة أخرى؟
ماهر ناجي
“الكتابة بالنسبة لي هي عبارة عن الطريق إلى الوطن، كما أنّ اللوحة كانت تشكل حضوراً لي داخل الوطن”. هذه المشاعر المؤلمة تعكس تجربة كمال بلّاطة المؤلمة مع الغربة على مدار خمسين عاماً.
يعتبر كمال أحد أعمدة الفن التشكيلي الفلسطيني والعربي، حيث أنّ تجربته التشكيلية الغنية لم تقتصر على إنتاج اللوحة فحسب بل امتدت إلى التأليف والكتابة التوثيقية والنقدية في إطار الفن.
كما هو معلوم ولد كمال في القدس عام 1942 وعاجلته أحداث النكبة وهو لا يزال صبياً ليجد نفسه في رحلة لا تنتهي من الضياع والتشرد إلى أن وافته المنية في صقيع الغربة في برلين.
إنّ المتتبع لأعمال كمال بلّاطة يشهد الحنين الذي لا ينقطع والرغبة بالعودة إلى وطنه ومسقط رأسه، غير أنّ المنية لم تمهله. لقد عاد كمال بلّاطة إلى القدس في العام 1984 إلا أنه زارها كغريب وبجواز سفر أجنبي كما ذكر ردولف فان دن بيرغ في فلمه الوثائقي عن حياة الفقيد تحت عنوان “غريب في بيته”.
هل سيحظى كمال بلّاطة يوماً ما بالعودة إلى وطنه حتى وإن كان جثماناً ليتحقق حلماً قاتل من أجله خمسين عاماً؟
سيبقى كمال بلّاطة علامة فارقة وهامة في المشهد الثقافي والتشكيلي العربي والفلسطيني.. وسيبقى منارة تهتدي بهديها الأجيال اللاحقة. فلترقد روحه بسلام أبدي.
أحمد داري
هي الدهشة، الحاضرة دوماً أمام أعمال كمال بلّاطة، العلاقة الفريدة مع تفاصيل اللون وتقنياته الهندسية في رسم خطوطه وتدرجاته اللونية، تراتبية جمالية وأنيقة تقدم فناً وفكراً متجاوزاً ملامح المساحة التقليدية المباشرة لأعمال الآخرين من الفنانين العرب والفلسطينيين.
كمال بلّاطة، قامة فنية ونقدية عالية استطاع فرض حضوره عالمياً، ما زلت أذكر كيف اعتمد المدير العام لليونسكو فدريكو مايور في العام ١٩٩٥، طباعة اليونسكو مجلداً من الحجم الكبير لأعمال بلّاطة وتقديمه كهدايا باسم الأمم المتحدة خلال جولات المدير العام الدولية، كذلك اعتماد معهد العالم العربي ضمن احتفالية الربيع الفلسطيني في فرنسا العام ١٩٩٧طباعة مجلد من تأليف بلّاطة قدم به مادة نقدية هامة لمجموعة كبيرة من رواد الحركة التشكيلية الفلسطينية.
رحل كمال بلّاطة تاركاً إرثاً وطنياً وعالمياً تفخر به فلسطين وأجيالها القادمة.
عماد رشدان
“ربما كان ضوء القدس ذاك الذي كنت أسعى لاستعادته طوال الوقت”. هكذا علق الراحل كمال بلّاطة حول أعماله الأخيرة التي ابتعد فيها عن التجريد الهندسي ليقترب أكثر من الضوء والشفافية.
لطالما كان ابن القدس مسكوناً بهاجس المكان والهوية، فقد كان أحد رواد التجربة الحروفية العربية، ثم أخذ من القدس – فردوسه المفقود- المربع المستمد من العمارة والتطريز وأضحى عنصراً تجريدياً عمل عليه مطولاً حتى كأن العالم كله صار مربعاً. نعم لقد شكل ذاك الضوء وتلك الألوان والأشكال المستعادة عبر أعمال الراحل كمال بلّاطة رافداً مهماً يصب في تشكيل الهوية البصرية للفلسطينيين وإسهاماً مهماً في رواية حكايتهم.
جاسم شومان
إن رحيل الفنان الكبير والمؤرّخ كمال بلّاطة هو الخسارة الحقيقية الثانية خلال سنة ليس فقط للفن الفلسطيني، وإنما للفن العربي والعالمي على حدٍ سواء. بعد الخسارة الكبيرة الأولى برحيل الملون الأعظم والمعلم الكريم الفنان سمير سلامة.
كمال بلّاطة الذي يعتبر من أهم رواد الحروفية الهندسية في فترة الثمانينات، والتي قادته بطبيعة الحال إلى التجريدية الأوسع والأكثر شمولاً، والأكثر شعبويةً في العالم. بدا كأنما أصبح يعزف على إيقاع عالمي في مستوى جديد من إنتاجه الفني.
لكن مما يثير الفضول ويستدعي التوقف عنده لبرهة هو رسومات بلّاطة لأزقة الأحياء التي تربى فيها في القدس، ومارس فيها أولى خطواته، في الحياة والفن – على حدٍ سواء – حيث أنه بدأ تعلمه للفن في مرسم خليل الحلبي في حي باب الخليل. وكيف أنّ هذه الرسومات بطريقة أو بأخرى كانت ملهمة له ليستوحي من الفنّين البيزنطي والإسلامي لتشكيل عدّة أعمال فنية له لاحقاً، تقاطعت مضموناً مع أعماله تلك التي جاءت في البدايات. يبدو إنه الحنين الذي لا يفارق الفلسطيني في الغربة. هو الإجابة الوحيدة.
بلّاطة الذي تنقل بين إيطاليا والمغرب ولبنان وأمريكا وفرنسا وغيرها. كتب وأرخ عن الفنانين الفلسطينيين وعن الفن الفلسطيني، وأبدع في ذلك، هو الآن الأحق بأن يتم تأريخه وتوثيق أعماله في كتاب يرد له جزءًا من فضله.
باسل المقوسي
تعرفت علية شخصياً ووجها لوجه قبل حوالي 19 عاماً، يوم كنت أحد المشاركين في أكاديمية دارة الفنون بالأردن بإشراف البرفسور السوري مروان قصاب باشا.
عرفنا عليه مروان وقال بالحرف هذا كمال بلّاطة، واحدٌ من أهم رموز الحركة التشكيلية العربية، وراح بعد ذلك يتجول بين المشاركين إلى أن وصل إلى أعمالي فقال لي: “يدك حلوة دير بالك عليها”.
كمال بلّاطة من رواد الفن الفلسطيني المعاصر، وله مكانته في عالم الفن وله أعمال كثيرة في متاحف ومؤسسات مهمة بالعالم، مثل المتحف البريطاني في لندن، ومعهد العالم العربي في باريس، ومكتبة نيويورك العامة، ومؤسسة خالد شومان في عمّان، وغير ذلك من المتاحف والمؤسسات والمدن.. كما له الكثير من الدراسات عن التراث والتاريخ الفني الإسلامي، التي نشرت في مجلات فكرية وأكاديمية، ونشر له كتاب هام عن الفن التشكيلي الفلسطيني بالتعاون مع منظمة “ألكسو”.
كان واحداً من لجنة التحكيم في “مسابقة حسن حوراني” في مقر مؤسسة القطان، وجلس مع الفنان ناصر عامر عندما التقينا بالأردن، وتحدث معه طويلاً حول أعماله التي كانت مشاركة في المسابقة واعتذر للفنان ناصر لأنه لم يفز بالمسابقة.. ذهبت بعد هذا اللقاء إلى مكتبة الدارة وشاهدت بعض الكتب لأشاهد أعماله صراحة كنت معجب جداً بها وبطريقة الكتابة والخطوط المختلفة والألوان ودمجها.. ومنذ ذلك اليوم وأنا أتابع أعماله الفنية باهتمام، وكم كنت أتمنى أن ألتقي به مجدداً.
معتز نعيم
رحل كمال بلّاطة في منفاه، رحل أحد رواد الفن التشكيلي الفلسطيني والعربي إلى جانب أهميته كناقد ومؤرّخ للحركة التشكيلية الفلسطينية والعربية.
كان استثنائياً ومختلفاً في نتاجه الفني، وقدم أعماله بشكل معاصر وغير معتاد لما هو سائد، نلمح دائماً ألوان الوطن ممزوجة بالحب والرقة بتشكيل خاص وتكوين منفرد، وهذا ليس غريباً على فنان عاش معظم حياته في المنفى وهو المسكون بهموم شعبه وحب وطنه.. مسيرته حافلة بالإبداع والإخلاص وعطاء لا متناهي.
ترك لنا الراحل إرثاً فنياً كبيراً يجمع كل مكونات العمل الفني المعاصر، التي تجسد مشاعر الحب والرقة والجمال من جهة والثورة والرفض والحرية من جهة أخرى.
أعمال الفنان الراحل كمال بلّاطة بما فيها من مضمون إنساني عميق، ومن أفكار وتساؤلات وطاقة حسية عالية، تجعل من مسيرته الفنية الطويلة والغنية حالة مهمة وملهمة للأجيال القادمة. نفتخر بك كمال بلّاطة كفلسطينيين وعرب، كهامة وطنية عالية ومبدع مناضل كبير ومدافع عن الهوية والحق الفلسطيني. وتفتقدك اليوم مشهديّة الفن التشكيلي العربي بعامة، والثقافة الفلسطينية بخاصة.
رحمةٌ وسلامٌ لروحك، والتعازي لذويه، وللحركة الثقافية الفلسطينية والعربية.