لم يكن يخطر في بال المخرج الشاب يوسف الصالحي ورفاقه أن مبادرتهم “صار عنّا سينما” ستتحول إلى مهرجان سينمائي ذي طابع دولي يحمل اسم “إيليا للأفلام القصيرة“، بات يحقق حضوراً ليس محلياً فحسب، بل عربياً ودولياً، بحيث يواصل مسيرته في القدس للسنة الثانية على التوالي، في الفترة ما بين الثاني عشر والسادس عشر من الشهر الجاري، ليواصل مساعيه في تعزيز الحضور السينمائي الفلسطيني والعربي في القدس، وخلق مساحة للشباب الطامح لتحقيق ذاته في تقديم إبداعاته البصرية ذات الصبغة السينمائية عبر فعاليات المهرجان الذي يتحول هذا العام إلى كرنفال في مناطق عدة خارج وداخل السور العتيق في القدس الفلسطينية.
نجوم وأفلام
وتتميز الدورة الثانية بمشاركة أفلام لعدد من أبرز نجوم السينما والدراما العربية كالمصرية منة شلبي، والأردني إياد نصّار، والسورية ضحى الدبس، وغيرهم، فيما أشار مدير المهرجان يوسف الصالحي في حديث مع “رمّان” إلى أن “الأفلام المشاركة هذا العام في مجملها هي من تلك التي حققت حضوراً لافتاً عربياً وعالمياً، في إطار تيمة الإنسانية والسينما، وعليه فإن كافة أفلام المهرجان تعالج قضايا ذات بعد إنساني، مع التركيز على الحضور العربي، بحيث يشارك هذا العام في المهرجان ستون فيلماً من سبع عشرة دولة بينها فلسطين، ومنها دول تشارك للمرة الأولى كتونس، والمغرب، وفرنسا، وتركيا، وغيرها، في حين تتراوح مدد الأفلام ما بين عشر دقائق وعشرين دقيقة.”
ولفت الصالحي إلى أن “بعض الأفلام سبق وأن نافست أو فازت بجوائز عالمية كالأوسكار، أو في مهرجانات عالمية كمهرجان كان السينمائي الدولي، الذي سبق وأن شاركنا فيه العام الماضي بدعوة من مؤسسة السينما الفلسطينية في أول مشاركة لجناح يحمل اسم دولة فلسطين هناك، وهي أفلام أجنبية وعربية من قارات عدة.”
في القدس
ولفت الصالحي إلى أن المهرجان الذي يحمل اسم “ايليا” تقتصر عروضه على مدينة القدس، ولكن في عدة مواقع مع المؤسسات الشريكة، وخيارنا هو أن يكون هذا المهرجان في القدس وحدها، وهذا يحدث بأن تكون مهرجانات مقتصرة على مدن بعينها، سواء في دول عربية وأجنبية، وربما من بين عوامل خصوصية المهرجان وأهميته أنه ينتظم في القدس، هذه المدينة التي نصرّ على البقاء فيها، والتي ولدنا ونعيش فيها، وبات لدى المهرجان منذ عامه الأول قاعدة جماهيرية معقولة.
ولم ينكر مدير مهرجان “إيليا” للأفلام القصيرة أن هناك استهدافاً لفعاليات عدة في القدس من سلطات الاحتلال، لكننا ننظم فعالية ثقافية اجتماعية تنتصر للفن عامة، والسينما على وجه الخصوص، لكننا نعمل مع مؤسسات ثقافية ومجتمعية في القدس، في سبيل تعزيز الحضور الثقافي في المدينة المقدسة.. وجودنا بالقدس وتنظيم مهرجان كهذا يكفي لإيصال أية رسائل… “باختصار، إحنا أولاد البلد.”
تعاون وشراكات
واستطاع المهرجان بعد نجاح دورته الأولى التواصل مع مهرجانات عالمية، منها مهرجان السينما الفلسطينية في أميركا وأوروبا، وهناك تواصلٌ مع مهرجانات عربية كبيرة كقرطاج في تونس، والجونة في مصر، وغيرهما، ما من شأنه أن يساهم في تطوير المهرجان بدوراته القادمة، فيما تقدم العروض في مركز يبوس الثقافي، والمركز الثقافي الفرنسي، والمركز الثقافي التركي، وجمعية برج اللقلق، ومؤسسة المعمل، وجمعية الشابات المسيحيات، وغيرها، بما يؤسس لفعالية كرنفالية، وللوصول إلى الجمهور المقدسي حيث هو، فهذه الأماكن تتوزع داخل وخارج أسوار المدينة المقدسة، فلكل مكان من أماكن العرض جمهوره الخاص.
المسابقة والجوائز
وتتوزع مسابقة مهرجان “إيليا” للأفلام القصيرة على خمس فئات: أفضل فيلم فلسطيني، وأفضل إخراج، وأفضل ممثل، وأفضل ممثلة، وأفضل سيناريو، ولجنة التحكيم كانت فلسطينية عربية، ضمت: المخرجة الفلسطينية آن ماري جاسر، والمخرج الفلسطيني جورج خليفي، والمخرجة اللبنانية إنجي جمال، والممثل اللبناني كريم رحباني، والمخرج والممثل اللبناني سيريل عريس، والممثل الفلسطيني هنري اندراوس، والفنان الفلسطيني أمير خطيب، والمخرجة الفلسطينية محاسن ناصر الدين، ومديرة مركز يبوس الثقافي رانية إلياس، علماً بأن الأفلام الفائزة تعرض في حفل اختتام المهرجان.
أما أفلام الافتتاح فهي: الفيلم التركي “الصندوق” وهو فيلم رسوم متحركة، والتونسي “بطيخ الشيخ”، والمصري “ونس”، واللبناني “شاي أخضر”، والفلسطيني “الماسورة”.
الأفلام القصيرة
وحول توجه الصالحي ورفاقه نحو مهرجان للأفلام القصيرة، وليس الطويلة، أو مختلطاً، أشار إلى أن العديد منهم مهتم بهذا الجانب، أي صناعة الأفلام القصيرة، وله إنجازاته هنا، ولذا شعرنا بأن هذا النوع من الأفلام لم يحظ بما يستحق في فلسطين خاصة، والوطن العربي عموماً، في حين أن العالم يقدر هذا النوع من الأفلام، ويمنحها فئة خاصة في جوائز “الأوسكار”، بل إن بعض الدول تنظم مهرجاناً لأفلام الهواتف النقالة (الموبايل)، وأفلام الدقيقة الواحدة، ومن أهداف مهرجان “إيليا”، إضافة إلى ما سبق، إتاحة المجال أمام الشباب، ومن بينهم طلاب في الجامعات والمدارس، لتقديم مواهبهم أمام الجمهور، ما قد يجعل منهم مبدعين بارزين مع الوقت، بل ويتجهون نحو صناعة أفلام روائية أو وثائقية طويلة.
وختم الصالحي لـ”رمان”: في الوقت الذي يمكن أن يتعرض فيه الجمهور بمهرجان للأفلام الطويلة إلى عشرة أفلام، فإننا نعرض في هذا المهرجان، وفي ذات المدد الزمنية، ودون إطالة، ستين فيلماً لكل فكرته ورؤية مخرجه وموضوعه الذي يسلط الضوء عليه، ما يخلق حالة من التنوع والإثراء من جهة، ويزيد الوعي بحضور وأهمية الأفلام القصيرة، وما ينتج منها في فلسطين وعلى المستويين العربي والعالمي من جهة أخرى.