لهذا التحقيق حول المهرجان، أشارت فداء توما، المدير العام لمؤسسة عبد المحسن القطان، أحد شركاء الدائمين للمهرجان، وسيكون لهم هذا العالم تعاون وشراكة في أكثر من مجال، من بينها عروض الأفلام القصيرة واستضافة النقاشات السينمائية التي تنضوي تحت مظلته، أشارت إلى أن مهرجان “أيام فلسطين السينمائية” يشكل فرصة في غاية الأهمية لعرض الإنتاجات السينمائية المحلية، ومساحة باتت أساسية لتعريف الأجيال الجديدة من العاملين في القطاع السينمائي بفلسطين على ما يتم إنتاجه في فلسطين والعالم، علاوة على كونها منصة فعالة للحوار والنقاش، وتكوين شراكات جديدة على المستويين المحلي والدولي.
وأضافت توما: “بالنسبة لي أعتقد أن مهرجان أيام فلسطين السينمائية من أهم الأحداث السينمائية في فلسطين، وهو لم يغط ثغرة كانت واضحة في فلسطين وحسب، بل قدم على مدار السنوات الماضية شيئاً ذا قيمة وجودة عاليتين. ما يميز هذا المهرجان أنه ككرة الثلج يكبر مع كل دورة، ويتضح دوره، ويتعمق حضوره سنة بعد سنة، ففي كل سنة ثمة هناك ما هو جديد، ولعل أهم ما قدمه المهرجان هو خلق ثقافة سينمائية في فلسطين، وبالتالي بات لدينا جمهور ذواق للسينما، ولنوعية الأفلام التي تعرض في هكذا مهرجان، الذي هو الآن الأبرز وربما الوحيد من نوعه في فلسطين، والذي يمكن البناء عليه لجهة إقامة وتنظيم مهرجانات أخرى تثري المشهد السينمائي ليس الفلسطيني فحسب، بل في فلسطين، عبر بوابة السينما العالمية بكل صنوفها.”
من جهتها، لفتت لينا بخاري، مديرة دائرة السينما في وزارة الثقافة الفلسطينية، إلى أن مهرجان أيام فلسطين السينمائية، والذي يدخل خلال أيام عامه السادس، راكم من الخبرة ما أهّل القائمين عليه لتقديم قفزات مهمة، ونقلات نوعية، إن جاز التعبير، وفي كل عام يقدم المهرجانات مساحات جديدة، خاصة ما يتعلق بمد جسور التواصل المباشر ما بين المبدعين الفلسطينيين في قطاع السينما ونظرائهم من العالم منتجين وصناع أفلام ومدراء مهرجانات وغيرهم على أرض فلسطين.
وقالت بخاري لـ”رمان” إن “اللافت في مهرجان أيام فلسطين السينمائية أن في كل عام يتفوق على نفسه في الأعوام التي سبقت، وفي كافة المجالات، ما جعله في مستوى يوازي العديد من المهرجانات الدولية، وإذا ما قورن بالمهرجانات الإقليمية والدول المجاورة فإنه من المهرجانات المهمة، كما أن الاستدامة من أسرار نجاح المهرجان، الذي بدأ صغيراً وهو يكبر تدريجياً كل عام بوضوح وثقة ودون استعجال، وكأن القائمين عليه يدركون جيداً أن البدايات الكبيرة قد تشكل في عديد الحالات عائقاً أمام الاستدامة والتطور والتراكم، وهو الأهم في الحالة الفلسطينية، ففي كل عام ثمة تصاعداً على مختلف المجالات.”
وأضافت: “مما يميز المهرجان أيضاً، أنه استطاع صناعة قاعدة من الجمهور الذي بات مهتماً بالمهرجان، وينتظر الأفلام التي سيعرضها بشغف، علاوة على أنه في كل عام يقدم ما هو جديد، ففي العام الماضي قدم جائزة للإنتاج، وهي خطوة ريادية، إضافة إلى اللقاءات المفتوحة بين ضيوف المهرجان من ذوي الشأن من مختلف دول العالم وصناع السينما في فلسطين، وورشات العمل المتخصصة واستقطاب الطاقات السينمائية الشابة، وغيرها.”
وشددت بخاري على أهمية الدور الذي لعبه ويلعبه مهرجان “أيام فلسطين السينمائية” في إعادة صناعة وإحياء ثقافة السينما، وتقليد التوجه لدور العرض السينمائي على قلتها، أو لحضور فيلم في قاعة ما، وهو طقس افتقدته فلسطين منذ عقود لأسباب عدة ليس المجال هنا للحديث عنها الآن، فهذا الانتظار الذي نلمسه للمهرجان من شرائح مختلفة أمر يبعث على التفاؤل فيما يتعلق بنهضة القطاع السينمائي في فلسطين. المهرجان ليس فقط مساحة لعرض الأفلام، بل مساحة للتشبيك وفتح المزيد من الآفاق نحو مشاريع وبرامج جديدة نلمسها على أرض الواقع، لافتة إلى أن وزارة الثقافة التي دعمت وتدعم المهرجان لأكثر من مرة، منها هذا العام رغم الظروف المالية الصعبة، مؤكدة على أن الوزارة شريكاً دائماً للمهرجان.
وشدّد خالد عليان، المدير العام “لسرية رام الله الأولى”، وكان مدير أول مهرجان دولي في فلسطين، وهو “مهرجان القصبة السينمائي الدولي”، الذي توقف قبل سنوات، على أن “مؤسسة فيلم لاب بما تقوم به من جهد على مدار سنوات، متوجاً بمهرجان أيام فلسطين السينمائية، استطاعت برأيي أن تقدم ما يمكن وصفه بالنقلة النوعية في قطاع السينما بفلسطين”.
وقال عليان إن “مهرجان أيام فلسطين السينمائية بات واحداً من أهم المهرجانات الثقافية والفنية على الخريطة الفلسطينية، وما يميزه ليس فقط عروض الأفلام ونوعيتها، بل أيضاً سعة الانتشار ودعم صنّاع السينما والمخرجين الفلسطينيين الشباب، كما أنّه شكل منصة للمبدعين الفلسطينيين في مجال السينما، ومن كافة الأجيال، للتعرف والتواصل والتشبيك مع منتجين وموزعين وصناع سينما من كافة أنحاء العالم، ممن يحلون ضيوفاً على المهرجان. هذا المهرجان هو الأهم في مجال السينما بفلسطين، ويتطور بشكل دوري.”
وأكّد عليان على أهمية دعم المهرجانات السينمائية في فلسطين، وختم حديثه لـ”رمان” بالقول إن “المهرجانات السينمائية في فلسطين، والمهرجانات والفعاليات الثقافية والفنية عموماً، إذا لم يتوفر لها الدعم المستدام سيبقى عملها محدوداً كما هو تأثيرها، وستبقى المؤسسات التي تقوم على تنظيمها مشغولة طوال الوقت ليس في وضع رؤى إبداعية وتطويرية للمهرجانات التي تنظمها، بل في كيفية ضمان الحصول على دعم يضمن استمرارية الحدث. مثل هذه المهرجانات، ولكي تحقق مزيداً من التميز لا بد من توفير دعم سنوي مستدام لها ومضمون، منوهاً إلى ندرة صالات ودور العرض السينمائي في فلسطين، والتي هي من أبرز الصعوبات التي تواجه الفعاليات والمهرجانات السينمائية.”
من جهته أكد المنتج السينمائي الفلسطيني سائد أنضوني، ورئيس برنامج الأفلام في كلية “دار الكلمة”، على أن دخول المهرجان في دورته السادسة تأكيد على كونه بات مهرجاناً أساسياً في الشرق الأوسط، علاوة على أنه ثبّت نفسه كمهرجان رئيسي في المنطقة، وقال إن “أهمية المهرجان تكمن في إعطائه فرصة للجمهور الفلسطيني للاطلاع على أفلام سينمائية من كافة أنحاء العالم لم يكن بالإمكان لو لم يكون أن يطلعوا عليها، فهو بذلك يكسر العزلة الثقافة المفروضة على الجمهور الفلسطيني في هذا المجال.”
وأضاف أنضوني: “مهرجان أيام فلسطين السينمائية يشكل برأيي مساحة مهمة لمتذوقي السينما، وللراغبين في تطوير ذائقتهم السينمائية عبر الاطلاع على تجارب سينمائية مميزة في العالم.” كما كشف لنا أنضوني بأن “لدار الكلمة” في بيت لحم برنامج حافل ضمن فعاليات المهرجان، حيث تستضيف عروضاً يومية صباحاً ومساء، علاوة على استضافة ورشات عمل، كجزء من شراكة مع “فيلم لاب” الجهة المنظمة للمهرجان، بحيث نوفر لجمهور بيت لحم، ولطلبة السينما لدينا، فرصة الاطلاع على مجموعة مهمة من الأفلام.”