كامالا داس: ثلاث قصائد عن الأب

Jahar Dasgupta, Unknown title

عدي الزعبي

كاتب من سوريا

...للكاتب/ة

اشتراكك بنشرتنا البريدية سيحمل جديدنا إليك كل أسبوع

الأكثر قراءة

الصحافة الثقافية وما نناضل من أجله
أين نحن في السير قدما...
عشرة أفلام عظيمة عن المافيا (ترجمة)
10 أفلام تشويق إيروتيكية رائعة (ترجمة)

من أجل صحافة ثقافية فلسطينية متخصصة ومستقلة

24/06/2021

تصوير: اسماء الغول

عدي الزعبي

كاتب من سوريا

عدي الزعبي

كامالا داس شاعرة هندية معاصرة (1934-2009)، اشتُهرت بقصائدها الغرامية المباشرة والصريحة. كتبت باللغة الإنكليزية وبلغتها الأم المالايالامية. تُعتبر واحدة من أشهر النسويات في القرن العشرين، وتفضّل أن يقرأ الناس شعرها قبل أن يُعرّف بكونه نسوي. 

القصائد التي اخترتها هنا لا تمثل شعرها، المميز بوضوحه في طلب الحب، وبتذمره من صعوبته. مع ذلك، تتشارك هذه القصائد مع قصائد الحب بالأسلوب السهل المباشر، وبالصور المؤثرة العميقة الطبيعية غير المتكلفة، وباللغة العادية الانسيابية. القصائد الثلاث التالية كُتبت للأب عقب وفاته بفترات مختلفة، الأب الذي عانت الشاعرة طيلة حياتها من سطوته: ما الذي تفعله شاعرة حساسة صادقة عندما يموت ذلك الذي تبجله ولم يبادلها الفهم؟ 

يشير جيسواف ميووش في ملاحظة فاتنة عن آنا سوير، الشاعرة النسوية الهادئة المقتصدة في كلماتها وفي صورها، إلى محبتها الجارفة لأمها وأبيها في أشعارها، وإلى ارتباطها بهما كما في كل عائلة تقليدية كاثوليكية، في زمن أصبح “قتل الأب” فيه موضة رائجة شرسة. ولكن أبو آنا كان فناناً فاشلاً فقيراً طيباً، على العكس من أبي كامالا، القاسي الناجح الغني. مع ذلك، لم تفكر كامالا إلا في إرضائه، كطفلة صغيرة تتمحور حياتها حول هذا الرضا. في النهاية، لم ترضه، ولم تتنازل عن تمردها، ولم تقاطعه حتى لو قاطعها مرات كثيرة. 

هذه القصائد تحكي عن كل ذلك، وأكثر. 
 

 

موت أبي
 

وحدهم المخلصون ذرفوا الدمع 

عند موت أبي، أولئك الذين أتوا

ليلتقطوا صورة مع الجثة،

كان الميت الأكثر أهمية 

في كالكوتا منذ داس فاسكو تراب كاباد. 

متلفّتين حولهم على جانبي الطريق

وقف الناس، مصطفين بشكل مسبق، ليشاهدوا

موكب عربة الموتى المزينة بالزهور،

وعصيّ الشرطة اللامعة تقود أوركسترا المرور.

الرجال فقط سمُح لهم بمرافقة العربة

نحن بقينا في البيت وجلسنا مع أمي

التي كانت ضعف حتى من أن تبكي.

بدا بيتنا عندها كمسرح، مهجور،

قطعُ زينة وبتلات زهور متناثرة على الشرفة. 

اثنا عشر يوماً وليلة بقينا ساهرين،

نحدّق في وجهه المغلق الذي بدهاء استبدله

في ألمه بغيبوبة كثيفة كضباب،

كان كجروٍ مربوط بخيطانها. 

الأنابيب المطاطية نمَتْ كدرناتٍ

من كل فتحة ووحش غريب عوى

داخل صدره كما لو من ألم. 

قالت أمي وهي تشهق، إنها لا تخشى موته بل هذا،

يا إلهي، لا أستطيع الاستماع إلى ذلك مرة ثانية وثالثة…
 

وحدهم أولئك الذين خسروا البقشيش الشهري

ناحوا على موت أبي،

كان كريماً في ماله،

ككرمي أنا في الحب. 

كان هناك غيمة من التوتر بيننا.

جلبتُ له العار، قالوا. جلب لي في كل زيارة 

شيبس الموز وكلمات توبيخ.

خفتُ من أبي.

فقط في هذه الغيبوبة بدا قريباً مني،

وهمستُ في أذنيه أنني أحبه،

بالرغم من أنني ابنة سيئة، وزوجة سيئة وأم سيئة، ولكن 

في مهمة الحب، السيئون هم الأقدر.

كان يجب أن تضمني، يا بابا، مرة واحدة،

كان يجب أن تقول لي كلمات لطيفة مرة واحدة في السنة.

أعطيتَ أبنائي مئات الروبيات،

اشتريتَ تفانيهم ولكن سعري كان غالياً جداً

عليك، محفظتك لا تحمل

أموالاً مجردةً. الكلام المستمر

عن الروابط العائلية لن يجعلها تنمو، كما تعرف، يا أبي…

 

لقد تأخر الوقت على تسوية الخلاف
 

أبي، لقد تأخر الوقت على تسوية الخلاف معك،

انتهى زمن النقاشات عن الشرف

لقد ربحتَ، أليس كذلك؟ تركتني بدون وداع

أو نظرة تقول مشاعرك اتجاهي.

كل ما استطعتُ فعله هو إنارة مصباح زيت

ووضعه بجانب رأسك

بعد أن دثروك برداء أبيض-خابٍ

ووضعوك على أرضية قاعة الاستقبال في بيتنا.

كل من عرفك أحضر لك إكليلاً

إما من الليلك أو الورد،

في النهاية كي أريح رجليك المتعبتين صرختُ

علقوهم على الحائط.

أصبحتَ بارداً على أرضية قاعة الاستقبال

أبرد مما كان قلبك يوماً، يا أبي.

كان البيت ممتلئاً بأناس عيونهم محمرّة

والبعض قرأ “الغيتا”

القليل من البكاء كان سيبدو لطيفاً حقاً

وهذا يحدث في أفضل العائلات كما تعلم.

كل ما استطعتُ فعله هو أن أرش بعض العطر عليك

وأزين صدرك بالزهور،

هذه هي البنت الضالّة

سمعتُ أحدهم يهمس

التي سببتْ له أعظم الآلام

وانظروا إليها الآن، تتظاهر بالرصانة.

أن أحبك أكثر، يا أبي،

مما أحببتك

لم يكن بالأمر السهل.

لو أحببتُ آخرين، يا أبي،

فأقسم أنك أنت أكثر من أحببتُ.

 

بعد أنديرا غاندي
 

بعد أنديرا غاندي كان أبي أكثر من يخيفني

هو الذي أخبرني وأنا في الخامسة

أن الأطفال داكني البشرة يجب أن يلبسوا الأبيض فقط.

هو الذي لم يكن لديه وقت لي

عندما كنت أكبر،

تائهةً طويلةً نحيلةً مع تقويم أسنان

ونظارات بهيكل سلحفاة تغطي عيناي.

هو الذي واظب على حضور غداء منظمة الروتاري التطوعية

كل ثلاثاء بلا استثناء

ووقع شيكات ضخمة للمنظمات الخيرية

ولكن عندما كنت أراه كل يوم لنصف دقيقة

صاعداً الدرج

كان يحدق كما لو أنه لا يراني

مشاكل المكتب شغلت أفكاره بعيداً عنّا.

 

أبي، سأسألك الآن بدون خوف

هل أردتني

هل أردت يوماً أن يكون لك ابنة

هل خيبتُ أملك كثيراً

بجلدي الداكن كجلدكَ

وطرقي الموحشة؟

كل سبت كنت تشاهد حفلة الظهر في مسرح المترو

جالساً في الصف الثالث، صحيح؟

آل سميث كانوا معك أو زوجان آخران

ناعمان مثلهما

وأبيضان

مرتين جلستُ معكَ؛ السيدة سميث أصرتْ على ذلك،

اخترتَ أنتَ ملابسي

وأساتذتي، هواياتي، أصدقائي،

وفي الخامسة عشر مع أول “ساري” لي انتقيتَ لي زوجاً.

أنا ممتنةٌ

لاختيارك لي زوجاً

وحياةً من بلادة الضواحي

متوهجةً بأعمال التطريز و”الكروشيه”

وبدروس الطبخ أيام الخميس

ولكنها لم تكن أكثر ما يناسبني

لم تكن النوع الذي أريده بالضبط.

أعرف أنني خذلتك، يا أبي،

ولكنك ضغطت علي كفاية، أليس كذلك؟

نحن بريئا الذمة اليوم. أنت ميت، لا أحد يخافك

وأنا، وقد تحررت من الخوف أخيراً،

لا أشعر بالخلاص على الإطلاق. أشعر بالموت. أكثر موتاً منكَ…

الكاتب: عدي الزعبي

هوامش

موضوعات

الأكثر قراءة

عشرة أفلام عظيمة عن المافيا (ترجمة)
10 أفلام تشويق إيروتيكية رائعة (ترجمة)
أين نحن في السير قدما...
الصحافة الثقافية وما نناضل من أجله

GOOGLE AD

نكـتـب لفلسطين

اشتراكك بنشرتنا البريدية سيحمل جديدنا إليك كل أسبوع

اختيارات المحرر

من أجل صحافة ثقافية فلسطينية متخصصة ومستقلة

اشتراكك بنشرتنا البريدية سيحمل جديدنا إليك كل أسبوع