يمتد تاريخ فلسطين السياسي على تجارب أسست لهوية متداخلة نتيجة أحداث تعيد رواية حكاية الشعب الفلسطيني ليقرأ العالم التجربة كونها مجموعة من التغييرات التي امتدت على مدى سنوات من الأحداث التي صاغت حكاية الشعب وغيرت في مجرى حياته وفي نمط هذه الحياة، لقد كان لكل تجربة شاهد يحدد التغيرات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي حكمت الشعب الفلسطيني، الذي كان عليه غالباً مواجهة هذه التغييرات أو التأقلم معها.
امتد تاريخ فلسطين على مصائر مفتوحة يفرضها الاحتلال اليومي للأرض والحياة السياسية والاجتماعية بشكل عام، الأمر الذي فرض وجوب الإطلاع على تاريخ هذه القضية ومواكبة تغيراتها والشروط التي فرضت على وجودها وشكل هذا الوجود، لنفهم من خلال كل ذلك الملامح الرئيسية لصورتها الشاملة، ليحدد فهمنا الصحيح للتاريخ الفلسطيني شكل النضال المستمر الذي عاشه الشعب، والذي يفرض علينا اليوم الفهم الذاتي للنفس، الذي يقول عنه الدكتور عبد الوهاب الكيالي “معرفة النفس ضرورة لا بد منها لمجابهة التحديات والتغلب عليها، كذلك فإن معرفة الشعوب الثائرة لماضيها والواعية على حاضرها تساعدها على تخطي ذاتها وإحراز النصر في معاركها التاريخية” ولا تتم هذه المعرفة بدون دراسة دقيقة لفهم التجربة التاريخية وتطورها والأزمات التي شكلت تحدياتها إذا ما أردنا لتاريخنا الفلسطيني أن يستمر في الوعي الصحيح ولا يتحول إلى هبات عابرة.
ولأن تاريخنا السياسي غني بالكتب التي تناولت البعد السياسي لأهم الأحداث، تحرص “رمان الثقافية” على الإشارة إلى عشرة كتب أساسية تتناول التاريخ السياسي لفلسطين لتضيء على جانب من القضية كونها ديمومة مستمرة يمكن من خلالها رصد التحركات الاجتماعية والسياسية ومعاني الأحداث السياسية التي غيرت حياة الشعب الفلسطيني وتاريخ نضاله. اقتراحاتنا هي:
“معنى النكبة”
قسطنطين زريق
يعتبر “معنى النكبة” الذي صدر عن “دار العلم للملايين” في شهر آب عام 1948 من أوائل الكتب التي بحثت في معنى النكبة ودرست أبعادها على الصعيد الفلسطيني والعربي، ودرس الكتاب معنى النكبة الأولي الذي يحدد الانفصال عن الأرض وتشريد الشعب الفلسطيني، ويتناول أبعاد النكبة بمعناها الشامل كونها مسؤولية تقع على عاتق كل عربي، كما يستمد الكتاب أهميته من كونه يشمل القراءة الأولى لفداحة النكبة وأخطارها وشكل العدو واستعداده لهذه المواجهة فوق أرض فلسطين، وفيه نرى صورة فلسطين في بداية تكوينها الاجتماعي السياسي وهي تواجه عدواً كما يسميه الكاتب قسطنطين زريق غزير الموارد وبعيد الأثر، ومن أوجه أهمية الكتاب أنه يدرس المسؤولية الشاملة التي تقع على عاتق الجميع في مواجهة هذه الكيان، التي تنبأ قسطنطين زريق أن تكون بعيدة المدى، وأن لا يكون كل ذلك مدخلاً لليأس أو التراجع أمام هيكلية الكيان الصهيوني والدعم الذي يتلقاه.
عمل قسطنطين زريق في الكتاب على تحديد واجب المفكر أمام الحدث الكبير وكيف يمكن أن يؤطر دوره بما يخدم القضية الفلسطينية ويحدد شكل المواجهة مع الاحتلال، كما عمل على دور المثقف المهم وكيف يجب أن يعمل على أفكاره وآرائه وأن يكون مستعداً للمرحلة الجديدة التي تفرض تعليل النكبة وتحديد أسبابها لإعادة فهمها وشرحها لتحديد مواضع الضعف.
ورأى قسطنطين زريق في معنى النكبة الدقيق كونها الأزمة التي سوف تكون بداية للثورة على النفس وعلى احتمالات التضحية التي من خلالهما يتم صناعة الوطن وفهم الحضارة، لأن الصعاب هي التي تصنع صورة الوطن، لذلك لا يمكن أن نحقق ذلك إلا من خلال النضال والتضحية والعمل على مواجهة العوائق والأزمات التي تحد من فكرة وصولنا للوطن.
“التاريخ المصور للشعب الفلسطيني”
وليد الخالدي
يروي كتاب التاريخ المصور للشعب الفلسطيني الصادر عن مؤسسة الدراسات الفلسطينية في عام 1987، حكاية الشعب الفلسطيني من خلال 500 صورة تقريباً تمتد على الفترة التاريخية الممتدة من عام 1876حتى عام النكبة 1948، اعتمد عليهم الكاتب وليد الخالدي في توثيق الحياة التي عاشها الشعب الفلسطيني قبل الشتات، وعمل على تسليط الضوء على الصعوبات والتحديات التي عاشها الفلسطيني من خلال العمل على تغطية جميع نواحي الحياة الفلسطينية الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والدينية، بالإضافة إلى الصراعات السياسية والعسكرية التي خاضها الشعب الفلسطيني على أرضه قبل وقوع النكبة.
إن الكتاب يعمل على سد ثقوب الذاكرة بالنسبة للأجيال التي ولدت بعد النكبة ويعيد بناء الذاكرة التي عملت الأزمات على طمسها من خلال الحروب والتشرد واللجوء الذي عاشه الشعب الفلسطيني، كل ذلك من خلال رحلة مرئية تضم خمس حقب زمنية مرت على فلسطين اختلفت فيها ظروف الحياة اليومية، كما يعرض الكتاب رواية التاريخ الفلسطيني منذ نهاية أيام الحكم العثماني الأخيرة حتى النكبة من خلال الشروح التي كتبها أهم المؤرخون تحت الصور التي تم الحصول عليها من مجموعات شخصية وعامة من مختلف أنحاء العالم. وحرص الكاتب وليد الخالدي على رصد التطورات السياسية والاجتماعية والعسكرية التي أدت إلى الذروة المأساوية في عام 1948، وتطور حركة الاستيطان الأولى من خلال ست خرائط ملونة، ليكون الكتاب أهم سجلاً للذاكرة التاريخية التي عاشها الشعب الفلسطيني على مدى سبعين عاماً من حياته.
“القضية الفلسطينية”
أكرم زعيتر
الكتاب الصادر عن دار المعارف في مصر سنة 1955 يقرأ به الكاتب أكرم زعيتر تاريخ القضية الفلسطينية بترتيب يعيد صورة البلاد من خلال سرد حكاية نشوء القضية الفلسطينية وتغير أنظمة الحكم فيها، كما يسلط الضوء على تاريخ فلسطين حتى الحركة العربية في فلسطين بما فيها من منظمات واتفاقيات ووعود، ليرصد الكاتب بعدها أهم التغييرات السياسية والحركات العربية التي عملت على مواجهة الانتداب البريطاني والصهيونية، ليكون الكتاب من أهم الكتب التي جمعت المنظمات والمؤتمرات والإجراءات التي عملت على تفاصيل التطورات التي حدثت في تاريخ فلسطين من خلال توثيق المنظمات واللجان التي تشكلت لمواجهات التحديات اليومية التي كان يعيشها الشعب الفلسطيني، ورصد بدايات النضال الفلسطيني ضد الإنجليز والصهيونية، وتطور أساليب النضال من خلال دراسة الإضراب العظيم ومزايا ثورة عام 1936، والدور العربي الذي لعبته الدول العربية في هذه المواجهة، وانتقال القضية إلى هيئة الأمم المتحدة والإرهاب اليهودي الذي كان يمهد للنكبة الفلسطينية.
يدرس الكتاب القضية الفلسطينية حتى الكارثة الفلسطينية بأسبابها البعيدة والقريبة ودور الجامعة العربية ومواقفها، كما يخصص الفصل الأخير لسبل الخلاص وأهمية السلاح ودوره واحتمالات الممكن التي نعيش فيها للقوة والوحدة والإصلاح.
سلسلة “النكبة الفلسطينية والفردوس المفقود”
عارف العارف
تبقى سلسلة كتب “النكبة الفلسطينية والفردوس المفقود” التي صدرت عن دار الهدى بين سنة 1956 و 1958 من أهم المراجع التاريخية الموثوق بها التي تتحدث عن النكبة الفلسطينية، وذلك لأسباب كثيرة ولكن الأهم فيها هو أن كاتبها عارف العارف عاش النكبة بكل تفاصيلها وتفاعل معها بشكل يومي من خلال تنقله بين رام الله والقدس، ومن خلال تسجيله الدقيق لروايات النكبة، وأحداثها بموقع الشاهد الدقيق والموثق لأهم وأبرز مجرياتها.
القيمة الحقيقية للسلسلة تكمن في كونها تفصيلية، توثق الإجراءات السياسية والاجتماعية التي حدثت في فلسطين منذ اليوم الذي صدر فيه قرار التقسيم 29 كانون الثاني (يناير) عام 1947 إلى اليوم الذي انتهى فيه الانتداب 15 أيار (مايو) عام 1948 وانسحب الجيش البريطاني من البلاد ومعنى هذا القرار والفوضى التي شملت البلاد منذ إقراره وما واكب ذلك من قتل وتدمير ونسف وحرق ممنهج.
تضم السلسلة وصفاً دقيقاً مدعماً بالأسماء والأرقام لجميع المعارك التي وقعت في القدس بين العرب واليهود، وتضم أيضاً زحف الجيوش العربية في 15 أيار 1948 حتى نهاية المعارك التي وقعت في باب الواد، ليدون عارف العارف الطرق التي سلكتها تلك الجيوش والمعارك التي خاضتها وكيف انتهت تلك المعارك، وتوثيق الهدنة الأولى ولا سيما تلك التي وقعت في جنين وفي أنحاء أخرى من قطاع السامرة وفي قطاع القدس.
وتضم السلسلة كتاباً مخصصاً بعنوان سجل الخلود فيه أسماء الشهداء الذين استشهدوا في معارك فلسطين، من خلال جمع الأسماء من القيادات ووزارات الدفاع.
لليوم تعتبر سلسلة كتب “النكبة الفلسطينية والفردوس المفقود” من أهم الوثائق التي واكبت أحداث النكبة، وعملت على تسجيل كامل تفاصيلها، بل تعتبر المرجع الأساسي في الرواية الفلسطينية التي يمكن الإستناد إليها في البحث وجمع المعلومات لما تملكه من كم كبير من المعلومات الدقيقة التي تتحدث عن مجريات النكبة وأبرز القرارات السياسية وطريقة التعامل معها من قبل القيادات العربية والفلسطينية.
“فلسطيني بلا هوية”
صلاح خلف أبو إياد
يسرد كتاب “فلسطيني بلا هوية” الذي صدر لأول مرة عام 1978 عن دار الجليل للنشر والتوزيع تاريخ التجربة الفلسطينية، تجربة النضال والعمل الثوري، كما يختزل حقبة مهمة من النضال الفلسطيني من خلال حديث مع صلاح خلف أو باسمه الأكثر شيوعاً أبو إياد الذي كان أحد مؤسسي حركة فتح وأحد الأعضاء الأعضاء البارزين في لجنتها المركزية، كما تولى قيادة الأجهزة الخاصة التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية، يروي فيه أبو إياد تطلعات ونضالات الشعب الفلسطيني كما يتطرق إلى سيكولوجية هذا الشعب وكذلك إيديولوجية المقاومة الفلسطينية من خلال الحديث عن أهم الأحداث التي وقعت في مختلف فترات نضال الشعب الفلسطيني، كما يحتوي الكتاب على النقد والنقد الذاتي لمصلحة المقاومة الفلسطينية، كما يحتوي على تحليل عقيدتها وعمل الفدائيين..
كما تأتي أهمية الكتاب من الأحاديث التي يحاول فيها أبو إياد الحديث عن علاقة حركة فتح مع أعضائها وحول الخلافات التي حدثت وتحدث في ظل النضال الفلسطيني واليومي وأيام التغييرات الكبيرة التي عاشها الشعب الفلسطيني، ويضيء على فكرة فلسطين وشكل نضالها وعلاقة القضية العربية مع الأنظمة العربية والحكام العرب، وأثر القضية على المنطقة، ومن خلال الكتاب يسرد الكاتب الحكاية الفلسطينية من رؤية نضالها في مرحلة ثورية ممتلئة بالأفكار والتصورات عن شكل تطور هذه القضية وعن الطريقة التي يجب أن تعبر فيها عن نضالها اليومي في وجه الاحتلال.
لا يقل الكتاب عن كونه وثيقة لفهم القضية الفلسطينية في ثورتها، وإعادة فهم أخطاء قادتها، كما لا يخلو من نقد دقيق للعيوب الكبيرة التي حدثت باسم القضية الفلسطينية وعلى أكتافها.
“تاريخ فلسطين الحديث”
عبد الوهاب كيالي
بهدوء يقرأ كتاب “تاريخ فلسطين الحديث” الصادر عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر وقائع الأحداث السياسية في فلسطين من خلال الرؤية الواعية والملتزمة بالاستناد إلى المصادر الأولية والوثائق السرية الرسمية البريطانية والصهيونية، ومن خلال منهجية البحث التي عمل عليها المؤرخ عبد الوهاب كيالي الذي يعتبر من مفكري القضية الفلسطينية لما له من نشاط فكري وسياسي واسع جداً إذ ألقى محاضرات وطنية ثقافية وتاريخية في الجامعات العربية بهدف توضيح تاريخ فلسطين وحقيقة النكبات التي ألمت بالشعب الفلسطيني، والدور العربي في فلسطين، كما شارك في عشرات المؤتمرات الأوروبية والعربية كما أسس المؤسسة العربية للدراسات والنشر.
يسرد الكتاب الوقائع التاريخية وكونها أساساً للوعي يستمد منه الشعب الفلسطيني قدرته على فهم القضية، وتؤكد على النضال الكامل للشعب الفلسطيني منذ البداية ضد أخطار الصهيونية ومشاريعها بالاستناد على الوثائق السرية، لذلك اعتبر الكتاب من أهم الكتب وقد ترجم لعدة لغات لما فيه من تفاصيل حول التاريخ الفلسطيني الكامل والدقيق لما يسميه الكاتب التاريخ الحديث من حياة فلسطين.
“الموجز في تاريخ فلسطين السياسي”
الياس شوفاني
تأتي أهمية كتاب “الموجز في تاريخ فلسطين السياسي” الذي صدر عن مؤسسة الدراسات الفلسطينية لأول مرة عام 1996 من كونه مخلصاً لدراسة مراحل متداخلة ومعقدة من حياة فلسطين ويعود في دراسة الحقب التي توالت فوق الأرض الفلسطينية بطريقة كثيفة ودقيقة، اعتمد الباحث الياس شوفاني المختص في تاريخ فلسطين وقضيتها في هذا الكتاب على عرض شامل للتاريخ الفلسطيني السياسي والمجتمعات والأزمنة التي عاشتها فلسطين حتى النكبة الفلسطينية، الكتاب يقدم شرحاً لمرحلة ما قبل التاريخ ومراحل التاريخ الأولى التي تعتبر مرجعاً مهماً للباحثين والمختصين، حتى بناء المدن ودخول الفتح العربي على المنطقة، لذلك يعتمد على الكتاب في القراءة الشاملة لحياة فلسطين الكاملة، وما فيه من تناقضات وشعوب ومجتمعات مرت على فلسطين، كما يدرس مرحلة الانتداب البريطاني والمشروع الصهيوني وما فيه من صراع من أجل فلسطين.
“الفكر السياسي في فلسطين”
علي محافظة
يعالج كتاب “الفكر السياسي في فلسطين” الذي صدر عام 1989 عن مركز الكتب الأردني الأفكار والمواقف السياسية المتصلة بالأحداث العربية والفلسطينية والإسلامية منذ الحكم العثماني حتى نهاية الانتداب البريطاني، كما يدرس الاتجاهات السياسية والعالمية وردود الفعل حولها بعد الأزمات والوعود البريطانية في فلسطين، ويضيء على العوامل الاجتماعية والاقتصادية التي أثرت على هذه المواقف وعملت على تأجيلها أو تغيير مسارها، كما يدرس الدوافع التي أثرت على الكثير من المواقف السياسية، ويعيد إبراز المتغيرات الفردية والأسرية والدينية والقومية التي دفعت الجماعات لتغيير مواقفها السياسية، وتقرأ أحداثها اليومية وأزماتها بطريقة مختلفة عبر التاريخ السياسي لفلسطين، إن الكتاب يقرأ المتغيرات وما يطرأ عليها من تأثيرات طورت العديد من المواقف السياسية، ويدخل في تفاصيل الحدث الفاصل الذي غير وجه فلسطين والمنطقة في مختلف المراحل التاريخية.
كما يرى أنه لا يمكن دراسة التاريخ السياسي الفلسطيني دون دراسة المتغيرات والدوافع التي أثرت على أخذ القرارات الكبيرة في تاريخ فلسطين، وقراءة الفكر المحرك للحركة الوطنية الفلسطينية وقادتها السياسيين والعسكريين ومفكريها والمؤثرين في حركة سيرها.
“دروب المنفى – الوطن في الذاكرة”
فيصل حوراني
تركز شهادة الباحث فيصل حوراني التي صدرت أول مرة عام 1994 وأعيد نشرها من قبل مؤسسة شمل ومؤسسة الدراسات الفلسطينية على التاريخ الشفهي الفلسطيني، وإبراز الرواية الفلسطينية للأحداث بلغة تقترب من الأدب، ولكنها تركز على واقع الأحداث والتوثيق الحقيقي لمجريات الأزمات على المجتمع الفلسطيني منذ أواخر ثلاثينيات القرن العشرين حتى أواخر السبعينيات بأسلوب يرسم الحياة الفلسطينية ويستخدم سلاح الذاكرة والكلمات التي تعيد بناء الوطن من خلال رواية أحداثه.
ما يضيفه الكتاب حول النكبة هو رواية الناس لما جرى، عن طريق سرد شهادة عايشها الكاتب وتعامل معها، وهذه الاستعادة يمكن أن تكون المثال الحي لاستنطاق الذاكرة وإعادة بناء القرى التي دمرها الاحتلال من خلال الحديث عنها ونقل أحداثها وما جرى فيها، فلا يعيد الكتاب واقع القرارات السياسية بقدر ما يدرس أثر التطورات السياسية وتبدل السياسية على الحياة الفلسطينية.
“ما بين الثورة والدبلوماسية”
خير الدين عبد الرحمن
يستذكر ممثل فلسطين وسفيرها السابق خير الدين عبد الرحمن في هذا الكتاب الذي صدر عن “المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات” في عام 2019 حياته الدبلوماسية والسياسية، التي يعرض من خلالها حياة فلسطين في الخطاب السياسي الدبلوماسي الذي يعرض فيه صورة فلسطين السياسية العامة، حيث بدأت رحلة العمل السياسي لخير الدين عبد الرحمن حين تولى مسؤولية التعبئة والتنظيم التابع لحركة فتح عام 1971 عندما أوكلت إليه في تلك الفترة مهمات دبلوماسية خارجية ترأس خلالها وفوداً فلسطينية إلى الجزائر والمغرب وليبيا وتونس، لتنطلق من خلال تلك البداية حياة سياسية يعرض من خلالها فكرة فلسطين الدبلوماسية في الخطاب العام الذي حرصت من خلاله على توطين السياسية مع الثورة التي كان يعيشها الشعب الفلسطيني.
يسلط الكتاب الضوء على الحياة السياسية الفلسطينية في آسيا وأفريقيا من خلال عرض لطبيعة العلاقات السياسية والمعارك التي كانت تخوضها المنظمة في أهم معاقل النشاط الاستخباراتي الصهيوني، وسبل التعريف بالقضية الفلسطينية ومحاولة كسب التأييد لها.
يورد الكتاب من جهة أخرى تفاصيل البناء السياسي الفلسطيني وما يحتويه من تقلبات وعدم توافق في الصف الداخلي، التي وصلت في بعض المراحل إلى ازدواجية التمثيل الخارجي، وتجاهل القرارات الصادرة عن اللجنة التنفيذية للمنظمة.
يستمد الكتاب أهميته من توضيح صورة التمثيل الخارجي لفلسطين، وطبيعية هذه الصورة التي عمل عليها دبلوماسيون وسياسيون فلسطينيون في مراحل مختلفة من الصراع الفلسطيني الصهيوني كما ينهي في خاتمته في حديث مستفيض حول الانزلاق نحو التسوية بدعم وتسهيل من الملك الحسن الثاني عام 1970.