المقالة لساي إنغلرِت، نشرها موقع منشورات فرسو في 14 نوفمبر 2023. وهي جزءٌ من سلسلة مستمرَّة تحت عنوان “من النهر إلى البحر”.
من المستحيل أن تُعبِّر الكتابة عن حجم الدمار والموت اللذين لحقا بغزَّة منذ السابع من أكتوبر بصورةٍ وافية، ومع ذلك فإنَّه ليس بمقدور المرء أن يكتب عن غزَّة من دون تكرار ذكر الحقائق المروِّعة. لقد قُتِل ما يزيد عن 11 ألف إنسان؛ وأُبيدَت عائلاتٌ بأكملها؛ وتعرَّضت للقصف كلٌّ من المدارس والجامعات والمستشفيات والكنائس والمساجد، والممرَّات التي يُفترض أنَّها آمنة، والمعبر باتِّجاه مصر، و42% على الأقلّ من الوحدات السكنيَّة في القطاع؛ وشُرِّد 1.4 مليون إنسان من منازلهم. إنَّ العقاب الجماعيَّ الذي تفرضه إسرائيل على الفلسطينيِّين في غزَّة لهو أمرٌ مدروسٌ وممنهج، ويعلنُه المسؤولون الإسرائيليّون مراراً وتكراراً بوصفه سياسةً رسميَّة. حذَّر المئات من المتخصِّصين من أنَّ تصرُّفات إسرائيل ترقى إلى مرتبة الإبادة الجماعيَّة.
لا يقتصر انتشار العنف الحاليِّ على غزَّة فحسب إذ يتعرَّض الفلسطينيّون في كلٍّ من القدس والضفَّة الغربيَّة إلى موجةٍ متصاعدةٍ من العنف الاستيطانيِّ والعسكريّ. كما تعرَّض مخيَّم نور شمس للاجئين في طولكرم إلى قصفٍ مُتكرِّر، في حين يشنَّ المستوطنون هجماتهم في جميع مناطق الضفَّة الغربيَّة. يحدث كلُّ هذا في نهاية العام الذي شهد بالفعل أكبر عددٍ من القتلى الفلسطينيِّين في الضفَّة الغربيَّة مقارنة بالسنوات الأخيرة. وبتشجيعٍ من الحكومة الإسرائيليَّة، جرى توزيع ما يزيد عن عشرة آلاف قطعة سلاح على المستوطنين، ناهيك عن تقدُّم أكثر من مئة ألف إسرائيليٍّ بطلبات للحصول على تصاريح بحمل السلاح. وخلال الأسبوع الفائت، قَتل سجَّانون إسرائيليّون أحدَ قياديّي حماس في الضفَّة الغربيَّة تحت التعذيب.
في خضمِّ كلِّ هذه الفظائع، تعتمدُ وسائل الإعلام الرئيسيَّة -سواءٌ في أوروبا أو أميركا الشماليَّة- خطاباً مشيناً إلى حدٍّ يَصعُب تصديقه. يواصلُ صحفيُّون عاملون في منابر إعلاميَّةٍ كبرى، ومسؤولون حكوميُّون، تضخيم كلِّ ادِعاءٍ إسرائيليٍّ غير موثَّق في محاولةٍ (غير ناجحة) لحشدِ تأييدٍ شعبيٍّ لجرائمه. كما ينشرُ مقدِّمو الأخبار اليوميَّة تقاريرهم عن عدد القتلى المتزايد دونما تعاطفٍ أو تفاصيل، وكأَّنما يُقدِّمون نشرة طقس، ودونما إقرارٍ بأنَّ أولئك البشر يتعرَّضون للقتل، وليس للموت هكذا ببساطة.
أرسلَت الولايات المتَّحدة الأميركيَّة ذخائر وقوَّات، وحاملتي طائرات؛ وأرسلَت بريطانيا سفناً حربيَّةً وطائرات استطلاع؛ بينما نشرَت كلُّ من ألمانيا وهولندا قواتٍ في قبرص. والرسالة وراء كلِّ هذا واضحة: ليس زعماؤنا مستعدِّين للسماح لإسرائيل بمواصلة ما تفعله فحسب، بل سيوفِّرون لها الحماية في أثناء ذلك. وهكذا، فإنَّ قائمة الأشخاص الذين يجب اقتيادهم إلى المحكمة الجنائيَّة الدوليَّة في لاهاي تزداد اتِّساعاً يوماً بعد يوم.
لا غرابة فيما تقدِّمه حكوماتنا من دعم، فلطالما منحت القوى الأوروبيَّة والولايات المتَّحدة الدعم والتمويل للصهيونيَّة، ومن ثمَّ لدولة إسرائيل، على مدى أكثر من قرنٍ من الزمن. لقد لعِبَت “أولستر اليهوديَّة الموالية الصغيرة في بحرٍ من العروبة العدائيَّة”، بحسب وصف السير رونالد ستورز، الحاكم العسكريّ البريطانيّ لفلسطين آنذاك، دوراً جوهريّاً في قصم ظهر حركات التحرُّر من الاستعمار في المنطقة برمَّتها، مع الدفاع في الوقت ذاته عن طرق التجارة الرئيسيَّة بين كلٍّ من آسيا وأفريقيا وأوروبا. وإلى يومنا هذا، تظلُّ قناة السويس واحدةً من أهمّ طرق التجارة العالميّة- ولا تزال المصالح الغربيَّة في المنطقة تُفرَض رغماً عن إرادة شعوبها. من هنا، فإنَّ الحاجة إلى حليفٍ عسكريٍّ مخلِصٍ في المنطقة مسألة لا تُقدَّر بثمن؛ وسيبقى الحال على ما هو عليه حتَّى لو كانت الفاتورة على حساب الشعب الفلسطينيّ.
لا تكتفي الحكومات الغربيَّة بالتعبير عن دعمها غير المشروط لإسرائيل في خضمِّ ما ترتكبُه الأخيرة من عنفٍ إباديّ، بل تشّنُ أيضاً حملةً عدائيَّةً ضدَّ كافَّة أشكال التعبير عن التضامن. مردُّ هذا أنَّ عليها حماية حليفها إذا ما أرادت حماية مصالحها. تُرحِمت هذه الحملة إلى ضربةٍ قاسية وشاملة ضدَّ حركة التضامن مع فلسطين. من هذا المُنطلق، جادلَت وزيرة العدل والأمن الهولنديَّة ديلان يسيلغوز- زيغيريوس بأنَّ من “المستهَجن أخلاقيَّاً” وَضعُ الهجمات التي حدثَت في السابع من أكتوبر ضدَّ إسرائيل ضمن سياقٍ تاريخيّ؛ بينما صرَّح رئيس وزرائها مارك روته بأنَّ “من غير اللائق” التعامل مع التصريحات الإسرائيليَّة بصدد منع الغذاء والماء عن غزَّة بظاهرها. في فرنسا، منعَت السلطات كافَّة الاحتجاجات المتضامنة مع فلسطين، إلى أن أُجبِرَت على التخلِّي عن قرارها بفضل الحراك الجماهيريّ الهائل الذي عمَّ البلاد. وأمَّا بالنسبة إلى برلين والدولة الألمانيَّة، فقد وصلت الحملة إلى مرحلة تجريم الكوفيَّة الفلسطينيَّة في المدارس وحظر رفع الأعلام الفلسطينيَّة. طُرِحت في بريطانيا أفكارٌ مشابهة، بيد أنَّها جُوبهت بحزمٍ بمظاهراتٍ أسبوعيَّةٍ عارمة، تعمُّ لندن ومختلف أنحاء البلاد.
قبل هذه الموجة الأخيرة، كانت كلُّ من فرنسا وألمانيا وبريطانيا والولايات المتَّحدة قد تحرَّكت بالفعل لجعل التضامن مع فلسطين ومعاداة الصهيونيَّة مكافئةً لمعاداة الساميَّة، ناهيك عن سعيها إلى حظر حركة مقاطعة إسرائيل. وما زالت الحكومة البريطانيَّة تواصل مساعيها من أجل منع الحكومات المحلِّيَّة من تنفيذ سياسات المقاطعة، على الرغم من عدَّة محاولات سابقة باءت بالفشل. في الوقت ذاته، يستمرُّ مؤيِّدو إسرائيل بالدفع من أجل خلق حالة من المساواة ما بين التعبير عن الحقائق الأساسيَّة ومعاداة الساميَّة، وذلك انطلاقاً ممَّا صاغه التحالف الدوليِّ لإحياء ذكرى الهولوكوست من تعريفٍ عمليٍّ لمعاداة الساميَّة، والذي لا يزال يتعرَّض لانتقاداتٍ واسعة النطاق. يتَّهم التحالفُ أولئك الذين يعتقدون أنَّ إنشاء إسرائيل هو مسعى عنصريّ، أو يرفضون فكرة أنَّ إسرائيل ديموقراطيَّة ليبراليَّة، بأنَّهم معادون للساميَّة. ومع ذلك، فإنَّ من الصعب العثور على أيِّ طريقةٍ أخرى لوصف دولةٍ تأسَّست بواسطة التطهير العرقيِّ لما يزيد عن 700 ألف فلسطينيّ؛ وما زالت ترفضُ الحقَّ في عودة قرابة 7 ملايين لاجئ إلى وطنهم؛ وتتمسَّكُ بأكثر من 65 قانوناً تستهدفُ الفلسطينيِّين على وجه التحديد؛ وتُخضِع ثلاثة ملايين فلسطينيّ في الضفَّة الغربيَّة لحكمٍ عسكريّ؛ وتعتقلُ 2.3 مليوناً آخرين في غزَّة، وفي الوقت ذاته تحدُّ من إمداداتهم بالطعام والدواء وموادّ البناء، وتُعرِّضهم بصورةٍ منتظمةٍ إلى اعتداءاتٍ عسكريَّةٍ مُدمِّرة. هذا نظامُ حكم أبارتهايد، وعنصريّ، وغير ديموقراطيّ.
في خضمِّ هذا الضجيج القمعيِّ العارم، برزَت لازمةٌ أكثر من غيرها. لقد أصبحَ الهتاف المنتشر في كلِّ أماكن مظاهرات التضامن -“من النهر إلى البحر، ستتحرَّر فلسطين!”- هدفاً للتجريم. تزعم سويلا برافرمان (وغيرها من السياسيِّين اليمينيِّين)، أنَّ الهتافَ معادٍ للساميَّة ويدعو إلى محو الإسرائيليِّين من الوجود، كما تطالبُ الشرطة بمحاكمة من يصدحون به، وربَّما حتَّى حظره تماماً على مستوى الدولة. ولا تُمثِّل برافرمان -والمملكة المتَّحدة- حالة منعزلة؛ فقد صوَّت أعضاء البرلمان في هولندا لصالح إدانة هذا الهتاف، وذلك بعد مناظرةٍ تخلَّلها قطع صوت المايكروفون أثناء حديث النائبة اليساريَّة سيلفانا سيمونز عقب ترديدها للهتاف قيد النقاش! يا لها من حُجَّة مُنافيةٍ للمنطق! ففي حين تقصفُ إسرائيل، التي تحكم فلسطين والفلسطينيِّين من النهر إلى البحر، أكثر من مليوني إنسان مُحاصرين خلف أسلاكٍ شائكة في مُخيَّم، وتمنع عنهم الغذاء والماء والوقود، تتحوَّل الهتافات لأجل حُرّيّة ضحاياها إلى دعوةٍ للقتل الجماعيّ!
الواقع مختلف، بطبيعة الحال. إنَّ الهتاف المشار إليه يُحاكي شعاراً لمنظَّمة التحرير الفلسطينيَّة يعود تاريخه إلى ستينيَّات القرن الفائت، ويحمل في بعض الأحيان ما معناهُ من الماء إلى الماء، في تعبيرٍ عن المطالب الفلسطينيَّة بتحرير كامل فلسطين التاريخيَّة، الممتدَّة من نهر الأردن حتَّى البحر المتوسِّط. ناضلَت منظَّمة التحرير الفلسطينيَّة من أجل حقِّ عودة اللاجئين الفلسطينيِّين وإنهاء الحكم الاستعماريّ الإسرائيليّ على كلِّ أراضي فلسطين؛ كما دعت إلى إنشاء دولةٍ ديموقراطيَّة واحدة، ليس على أيِّ أساسٍ عرقيٍّ أو دينيٍّ أو عنصريّ، وإنَّما على أساس المساواة بين جميع سكَّانها.
خسر الشعار مَركزيَّته في السياسة الرسميَّة الفلسطينيَّة عندما وافقت مُنظَّمة التحرير الفلسطينيَّة على فكرة إنشاء دولة فلسطين في الضفَّة الغربيَّة وغزَّة، إبَّان مباحثات أوسلو في أوائل تسعينيَّات القرن الفائت. وأمَّا فيما يتعلَّق بالحركات السياسيَّة الفلسطينيَّة التي رأت معاهدة أوسلو على حقيقتها- أي باعتبارها مرحلةً جديدةً في طريق استعمار فلسطين، ترتكزُ على تفويض الاحتلال إلى السلطة الفلسطينيَّة، وتسهيل تطبيع وجود إسرائيل في المنطقة، فقد ظلَّت على مطالبها بتحرير البلاد من “النهر إلى البحر”. كم كانوا على حقّ! فبعد ثلاثة عقود، لم تنشأ دولةٌ فلسطينيَّة، على أيٍّ من أراضي فلسطين التاريخيَّة، ولا يبدو أنَّها في الطريق إلى ذلك. لقد تجاوز عدد المستوطنين في الضفَّة الغربيَّة والقدس ستمائة ألف مستوطن، بينما ما زالت إسرائيل تفرض حكمها الاستعماريّ على فلسطين برمَّتها بواسطة القوَّة الغاشمة.
اليوم، تبدو فكرة الاستقلال الفلسطينيِّ على أيِّ جزءٍ من أراضي البلاد، بعيدة المنال وأكثر وهميَّةً ممَّا كانت عليه قبل اتفاقيَّات السلام. بيد أنَّ المفارقة، بالطبع، هي أنَّ حكوماتنا التي تدين المطالب الشعبيَّة بفلسطين حرَّة “من النهر إلى البحر”، تستمرُّ في تسليح دولة إسرائيل ودعمها والتجارة معها، الدولة نفسها التي تفرض حكمها من النهر إلى البحر. ما من حلٍّ تقدُّمي اليوم إلَّا من خلال: دمقرطة المنطقة برمَّتها، وتحقيق المساواة لجميع السكَّان في الحقوق السياسيَّة والاجتماعيَّة والاقتصاديَّة، والسماح للاجئين بالعودة، واتِّخاذ قراراتٍ من أجل المستقبل على أساس مبدأ حقّ التصويت لكلِّ فرد.
يجب أن يكون واضحاً لجميع الراغبين بالإصغاء أنَّ الهتاف يتبنَّى الرؤية التحرُّريَّة السابقة، نظراً لأنَّ شطره الثاني يقول: “ستتحرَّر فلسطين”. وهو بهذا يسلِّط الضوء على حكَّامنا وحلفائهم الصهاينة أكثر من الحركة الوطنيَّة الفلسطينيَّة؛ أنَّهم غير قادرين على تخيُّل الفلسطينيِّ حرَّاً ما لم يولَد من خلال القتل والتشريد الجماعيَّين. إنَّه مثال استثنائيٌّ على الإسقاط الذي تمارسه حركةٌ سياسيَّة لطالما كانت -ولا تزال- تفرضُ مشروعها لبناء الدولة من خلال التهجير القسريِّ للسكَّان الأصليِّين الفلسطينيِّين وتشريدهم. وبطبيعة الحال، تُدرك حكوماتنا أنَّ فلسطين حرَّة وديموقراطيَّة لن تنصاع إلى مطالبها في المنطقة. من هنا، فإنَّ المنطق وراء دعم الصهيونيَّة هو نفسه الذي يقود حكوماتنا إلى دعم جميع الأنظمة الأشدّ قمعاً واستبداداً في المنطقة؛ فالسماحُ لشعوب الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بتقرير مستقبلها يعني السماح بانهيار الهيمنة الغربيَّة على التجارة والموارد وتدفُّقات الأموال عند هذا المرحلة المفصليَّة التي يمرُّ بها الاقتصاد العالميّ.
تتضَّح هذه الرؤية الفلسطينيَّة البديلة للمستقبل من خلال مبادرة التضامن الفلسطينيَّة الأهمّ في التاريخ الحديث؛ ألا وهي حركة مقاطعة إسرائيل. تدعو الحركة، التي أطلقَتها 170 منظَّمة مجتمع مدنيٍّ فلسطينيَّة، وتبذُل حكوماتنا مساعي حثيثة من أجل تجريمها، إلى تلبية ثلاثة مطالب بسيطة تُمثِّلُ شروطاً مسبقةً لتحقيق أيِّ مستقبلٍ ديموقراطيٍّ لجميع سكَّان تلك الأرض. تطالبُ الحركة إسرائيل بما يلي:
-
إنهاء احتلالها واستعمارها لكافَّة الأراضي الفلسطينيَّة والعربيَّة وتفكيك الجدار.
-
واعترافها بالحقِّ الأساسيِّ بالمساواة الكاملة لفلسطينيي أراضي العام 48.
-
احترام، وحماية، ودعم حقوق اللاجئين الفلسطينيِّين في العودة إلى ديارهم التي هُجِّروا منها واستعادة مُمتلكاتهم كما نصَّ على ذلك قرار الجمعيَّة العامَّة للأمم المتَّحدة 194.
إنَّ خوف حُكَّامنا من المطالب السابقة يكشف لنا كلَّ ما نحتاج إلى معرفته: فوجود فلسطين حرَّة، من النهر إلى البحر -من دون لاجئين، واحتلالٍ عسكريّ، وتمييزٍ عرقيّ- يعني نهاية هيمنتهم على المنطقة. اليوم يشاهدُ العالم من جديد نموذجاً مُرعِباً للثمن الذي يتوجَّب على الفلسطينيِّين دفعه مقابل الحفاظ على الوضع الراهن.
صحيحٌ بالطبع، كما يُذكِّرنا Hil Aked في كتابه الممتاز، أنَّ وحشيَّة القمع ضدَّ التضامن مع فلسطين تتناسبُ في واقع الأمر مع صلابة الحركات المراد قمعُها. حكَّامنا اليوم يهرعون خوفاً. ملايين البشر يخرجون إلى الشوارع في جميع أنحاء العالم رافضين تواطؤ حكوماتهم في قتل الفلسطينيِّين وقمعهم، ومطالبين بإنهاء إخضاع الفلسطينيِّين. يُدركون أنَّ الحرِّيَّة هي خيار الحلِّ الوحيد. للجميع. من النهر إلى البحر.