رؤية في الشعرية الكردية

عطالة الشعر الكردي

للسوري فاتح المدرس

إبراهيم حسو

شاعر سوري

يليه شعراء آخرون بأسلحة بيضاء لا تقاوم لذة الكشف عن اتجاهات جديدة أو منابع أخرى خفية تظهر بين تجارب شعرية شابة مغامرة وخجولة وراكضة.. عبدا لله بيشو في العراق وتركيا وشيركو بيكس كذلك وفيما بعد عبدا لله كوران، وجيل تأخر كثيراً لإرواء ظمأ رمى الآخرون أحجارهم فيه.. شعراء الألفية الثانية المبتورين الذين يرقبون الجديد بعيون نصف غامضة .

...للكاتب/ة

اشتراكك بنشرتنا البريدية سيحمل جديدنا إليك كل أسبوع

الأكثر قراءة

الصحافة الثقافية وما نناضل من أجله
أين نحن في السير قدما...
عشرة أفلام عظيمة عن المافيا (ترجمة)
10 أفلام تشويق إيروتيكية رائعة (ترجمة)

من أجل صحافة ثقافية فلسطينية متخصصة ومستقلة

26/07/2017

تصوير: اسماء الغول

إبراهيم حسو

شاعر سوري

إبراهيم حسو

نمت الشعرية الكردية في أرض قاحلة، لا أرض تثمر ولا سماء تعطي، شعرية ولدت من الصخر وكبرت دون أن تكون لها أخوة أو أصدقاء أو أقارب، لم تعرف طعم الكلمات واللغة والبلاغة كما ذاقتها الشعريات المجايلة لها كالعربية والفارسية والتركية، ظلت حبيسة تراث مغبّر، محيّر، مضطهد هنا ومقتلع هناك، كل الثقافات التي قاربت الثقافة الكردية لم تحاول أن تصافحها يوماً أو تشاطرها كمبادلة معرفية أو كتجربة دخيلة لاحول لها ولا شأن، شعرية دون إرث يفتخر به إلا بعض أشعار وصلت مبتورة وحكايات تلوّنت شفاهياً بألوان رواتها وإن نقصت عدد صفحاتها أو زادت بعد التدوين المّر، فأصبحت كتابة مشّوهة مغطسة بمزاجية أو جهل مدونيها، لم يرحم المدونون هذه الثقافة أو تلك الشعرية بل أحرقوا بعض النصوص التي قالوا أنّها نصوص محرمة تؤذي حياء الدين وتزهق سمعة الله، ما وصلَنا لا يُحتفى به، حتى تلك النصوص الصوفية لملا جزري وسيدا فقه تيران وأخيراً أنشودات جكرخوين في الثمانينات، كتابات في الشعر الكلاسيكي الصعب، مجموعة تحت الحداثة الأولى التي ما حاولت تطوير إراداتها وأدواتها الفنية، فظلت نصوصاً متحجرة لا تقوى على الترجمة أو التدوين الإلكتروني لكي تصبح متداولة الأيدي لأجيال قادمة.

شعراء آخرون خرجوا من النسق الكلاسيكي لكن بروح الكلاسيكيين أنفسهم، تشبّعوا من هوائهم وتغذوا من بلاغتهم، فلم يعرفوا قصيدة النثر أو القصيدة الحديثة، ولا أظن أنهم سيولدون من جديد، لكن مع ذلك بقيت هذه الشعرية تناوب على تجديد نفسها خاصة في شمال العراق أو كردستان العراق، إذ ثمة ما يفرح هناك، أسماء وأسماء تعلن حضورها، وأسماء تغيب وتختفي تحت أسماء أخرى، ميدان كبير للشعراء الشباب الذين يفتشون عن صبغتهم هم، يقفزون هنا ويقعون هناك، ربما أيضاً الفضاء الإلكتروني والصحف وحرية النشر والصحافة الورقية الخاصة جعلتهم ينتبهون إلى أن يتغيروا، أن يغيروا جلودهم لحين عودتهم فيما بعد إلى نص التفعيلة العربية وأوزان الخليل، المسابقات الأدبية والفوز بها أو حتى المشاركة في المهرجانات الدولية ليس دليل العافية أو صحوة شعرية معينة بحد ذاتها، إنما الركض المستمر، وشروط الكتابة المفتوحة والمتاحة هي أسباب ونتائج لشعرية تريد أن تنهض وتستفيق وفي أوروبا (الشتات) بالتحديد، نصوص بالجملة إلى اللغات الحية، مجلات تختمر على نار المختبرات الأوربية، تكون مساطر جديدة لشعرية قادمة، إنما هيهات مادام العقل الكردي المكتوب ليس ألا لوحات قاذفة في بهوات الكتابة الحديثة.

هناك أسماء كبار الشعراء الأكراد والمعروفين فيجلس اسم جكرخوين على قائمة الشعر الكلاسيكي، يليه أسماء كثيرة نسجت على منوال جكرخوين باختلاف طرقهم وحيلهم الفنية، لكن المواضيع نفسها، هو حلم كردستان، حلم بناء دولة تقبع على مفترق سورية والعراق وتركيا وإيران. المربع المرعب بالنسبة لأحلام الكرد. يليه شعراء آخرون بأسلحة بيضاء لا تقاوم لذة الكشف عن اتجاهات جديدة أو منابع أخرى خفية تظهر بين تجارب شعرية شابة مغامرة وخجولة وراكضة.. عبدا لله بيشو في العراق وتركيا وشيركو بيكس كذلك وفيما بعد عبدا لله كوران، وجيل تأخر كثيراً لإرواء ظمأ رمى الآخرون أحجارهم فيه.. شعراء الألفية الثانية المبتورين الذين يرقبون الجديد بعيون نصف غامضة .

هذا نموذج من قصيدة للشاعرة الكردية باران ميلان (ترجمة حميد كشكولي)
 

أنا قحبة

شرف بعلي يُحتضَر بين فخذيّ.

أتحول يومياً أكثر عهراً مما كنت اليوم الذي سبق.

كل يوم تموت فيّ أنوثة ما.

يتم طعن امرأة من ذريّتي بخنجر الشرف.

فاقتلوني بدلاً عن نساء العالم!

اقتلوني!

لقد ضاجعت كل ما هو موجود في هذه الدنيا.

منذ سنين أضاجع هموم الخبز.

أضاجع الغربة،

بندقيتَك، خندقَك، تشردَك،

أضاجع جراحك،

أوساخَ ثيابك،

والمطبخَ.

أضاجع القلم،

أحلاماً أكتبها ومجموعتي الشعرية،

بعيدة عن أنظارك.

أضاجعك أنت الذي لا أحبّه.

فلن تجد أبداً عاهرة أكثر عهراً منّي!

أضاجع ورد الياس، وأريج البستان،

والوحدةَ، والمكنسةَ، والموقد، والسماورَ، واستكانَ الشاي.

فضع توقيعك!

تكرّم، وقّع هنا!

عفوا! وقّع هناك!

25 نوفمبر،

اليوم الأكثر هزلاً من أي يوم آخر.

فوقّع باسم شيخ الطريقة!

باسم النبي!!

لقد رجمني الدين

وخزنتني المقدسات في كيسها،

ولكنهم يقتلونني رغم ذلك قبل فوات الأوان.

ثمة خنجر مصوب دوماً على عنقي… ومطرقة تهوي يومياً على أم رأسي.

يقتلني الشرف كل يوم.

يجلدني الناموس يومياً.

فأنا أكبر عاهرة اليوم.

فلم يبق لك من كرامتك شيء ، لطول بقائي في السرير لوحدي.

لكثرة مضاجعاتي لهاجس حب انتزعتُه منك،

فلم تعد شريفاً حتى لو قتلتني كل يوم.

ولكثرة ما أحمل أحمالاً على الحدود فلم يعد حضني ينفرد لك.

لكثرة تحجبي وتدثري، لم أعد أرى الجمال حتى في الحلم.

أنا أصبح أكثر عهراً في كل يوم.

أنا قحبة كل يوم.

لقد ضاجعت هموم الرضيع، وقنينة حليبه ،

ضاجعت أخمص بندقيتك.

مستقبلنا الأسود،

وغربتنا.

ضاجعت محفظة تلميذي الخالية،

ضاجعت الآلام، والجراح،

والآهات،

ضاجعت الحلم بالأفراح والمسرات.

فاقتلني!

فلا ثمة أعهر منّي،

لن تجد عاهرة أكثر عهراً من الكردية.

انظر إلى عيوني المنهكة!

شاهد نظراتي!

لتكشف بنفسك مدى هزال شرفك الزائف،

فإنني ضجرة من شرفك المستعار،

ضجرة،

ضجرة،

الكاتب: إبراهيم حسو

هوامش

موضوعات

الأكثر قراءة

عشرة أفلام عظيمة عن المافيا (ترجمة)
10 أفلام تشويق إيروتيكية رائعة (ترجمة)
أين نحن في السير قدما...
الصحافة الثقافية وما نناضل من أجله

GOOGLE AD

نكـتـب لفلسطين

اشتراكك بنشرتنا البريدية سيحمل جديدنا إليك كل أسبوع

اختيارات المحرر

من أجل صحافة ثقافية فلسطينية متخصصة ومستقلة

اشتراكك بنشرتنا البريدية سيحمل جديدنا إليك كل أسبوع