مارك كاميليري: وليد نبهان، أغنية المهاجر

وليد نبهان

عماد الأحمد

شاعر ومترجم سوري

...للكاتب/ة

اشتراكك بنشرتنا البريدية سيحمل جديدنا إليك كل أسبوع

الأكثر قراءة

الصحافة الثقافية وما نناضل من أجله
أين نحن في السير قدما...
عشرة أفلام عظيمة عن المافيا (ترجمة)
10 أفلام تشويق إيروتيكية رائعة (ترجمة)

من أجل صحافة ثقافية فلسطينية متخصصة ومستقلة

09/06/2017

تصوير: اسماء الغول

عماد الأحمد

شاعر ومترجم سوري

عماد الأحمد

مقيم في مالطا

ترجمة لمقالة مارك كاميليري (رئيس نادي الكتاب المالطي) في جريدة مالطا توداي.

حاز الأديب المالطي وليد نبهان* على جائزة الاتحاد الأوروبي للأدب في دورتها لهذا العام عن روايته “هجرة اللقلق- L-Eżodu taċ-Ċikonji” التي نشرها نادي الكتاب المالطي، والتي حصلت على جائزة الكتاب الوطني في عام 2014. ويتحلّى منح الجائزة لنبهان بأهمية كبيرة للغاية، لا تتعلق بمزايا الرواية التي تُعد بلا شك واحدة من أعظم الروايات في تاريخ الأدب المالطي وحسب، بل تكتسب معنى تاريخياً أيضاً، لأن هذه الجائزة منحت لمهاجر لا يكتب بلغته الأم بل بلغة بلده الجديد. وتحمل هذه الجائزة معنى أكثر خصوصية أيضاً نظراً لأن هذه اللغة هي اللغة المالطية، والتي تعد لغة ثانوية في التسلسل الهرمي العالمي للغات، واللغة المعروفة لسكان جزيرة مالطة فقط. 

توضّح قصة وثيمات رواية نبهان مسيرة ارتقائه إلى مصاف الأدباء المالطيين المبدعين كما لو كان يدوّن قصته الخاصة في سطور التاريخ من خلال الأدب نفسه، مما يشوش الحدود بين إبداعه الأدبي والواقع المادي الذي يعيش فيه.

وتتحدث رواية “هجرة اللقلق- L-Eżodu taċ-Ċikonji “عن المسارات الوجودية لبطل الرواية الذي يحاول أن يفهم هويته في الواقع الحقيقي للنزوح والهجرة. إنه واقع المهاجر الذي تغيّرت هويته من خلال رحلته الطويلة، والتعاطي مع هذا الواقع الجديد في البلد الجديد ومحاولة استيعابه. يمثل النزوح نتيجة هجرة من مكان إلى آخر، وتتشكل خلال هذه العملية بالطبع هوية جديدة. وتعود هذه الهجرة إلى حقيقة عدم قدرة المرء لسبب أو لآخر على بناء منزل وحياة فردية في بلده الأصلي لأسباب سياسية أو لأسباب تتعلق بالحرب. تتعارض الهوية الجديدة وحياة وثقافة الوطن الجديد الذي يجد المهاجر نفسه عالقاً فيه فجأة، مع حياته القديمة، ولكن هناك أيضاً تلك الهوية الكلّية والجامعة للمهاجر نفسه، هوية تتألف من خليط من القديم والجديد وعلاقاتهما من خلال رحلة النزوح الإجبارية. 

ويمكن القول بعبارة أبسط إن رواية نبهان عبارة عن رواية عن روح المهاجر العربي الذي ينتقل إلى أوروبا، من وجهة نظر المهاجر نفسه، وهذا ما يجعلها تحتل تلك الأهمية التاريخية. يمثل بطل رواية نبهان صوت المهاجر في واقع جديد، والذي يعد أيضاً صوت الملايين من المهاجرين القادمين إلى أوروبا في أيامنا هذه. 

إنه الجنس الأدبي الذي يتزايد انتشاره شيئاً فشيئاً، والنوع الأدبي الذي يتم التبشير به في أوروبا على أيدي المهاجرين أنفسهم. قد تجد في المكتبات التي تبيع الكتب بلغات مختلفة مثل مكتبات ليبريبوك Librebook في بروكسل رفاً مخصصاً للأدب الذي كتبه المهاجرون في أوروبا باللغات الجديدة التي تبنّوها وتماهوا معها. 

تتمثل الميزة الرئيسة لرواية نبهان في وجهة نظرها النقدية الشديدة. ليس هناك أي نوع من الرومانسية أو الحنين أو الوطنية أو الحب تجاه أي ثقافة معينة من وجهة نظر بطل الرواية. بل يعبّر البطل بدلاً من ذلك عن الحالة المأسوية لشعبه في العالم العربي ولا سيما حالة شعبه الفلسطيني. 

ويكمن جمال رواية “هجرة اللقلق- L-Eżodu taċ-Ċikonji ” في الدراسة العميقة لوعي بطل الرواية وتفاصيل التمثيل التي لا تشوبها شائبة. تتسرب الإيديولوجية والسياسة إلى مسامات الرواية، ولكنهما تتساميان للغاية من خلال التجربة الشخصية لبطل الرواية وتعليقاته الساخرة.

يتذكر البطل في هويته القديمة ووطنه السابق كيف تطاع أوامر كبار السن دائماً وكيف لا يعترض أحد على أفكارهم أبداً، أما النساء فيتمتعن بوضع متناقض ينوس بين المنزلة الدنيا والتفوق على الرجال، ولكن الرجال دائماً ما يحصلون في نهاية الأمر على نصيب الأسد في هذه الصفقة، ويتذكر أيضاً كيف ينظر بازدراء شديد إلى المثليين الذكور لأن فتحة الشرج ملك للمجتمع بأكمله وليس للفرد.

الدكتاتورية في العالم العربي جزء لا يتجزأ من الإطار الاجتماعي للعقل، وبائع الفاكهة يمثل ديكتاتوراً حقيقياً بالقدر الذي تمثله فيه الشرطة والحكومة. ليس هناك حب ضائع لدى بطل الرواية نحو بلده القديم، ولكن ليس لديه أيضاً أي تفاؤل بالعالم الجديد الذي وجد نفسه فجأة فيه. ربما كان ألبير كامو يوافق نبهان إلى درجة كبيرة بهذا الشأن. 

ورغم إمكانية القول إن حياة نبهان المهنية في عالم الكتابة لا تزال في بدايتها، ولكن نجاح نبهان قد عصف بأركان مالطا الأربعة بالفعل. إضافة إلى أن عمله الأدبي العظيم ومن خلال الفرادة الشديدة التي يتمتع بها، ربما يحتل مكانة رفيعة في الدوائر الأدبية الدولية أيضاً. هناك بالفعل خطط لنشر عمله في لندن وبيروت وصوفيا وتيرانا، ولكن هذه لن تكون سوى البداية وحسب. اكتسب وليد نبهان سمعته ومكانته المعروفة من خلال ترجمته الممتازة لقصائد أدريان غريما* إلى اللغة العربية، والتي نشرت في مصر، ولكن أعماله باللغة المالطية هي التي ستجعل منه ربما واحداً من أشهر الكتاب المالطيين في الخارج.

*وليد نبهان: كاتب فلسطيني من مواليد عمان 1966 يحمل الجنسية المالطية. 

*أدريان غريما: شاعر مالطي ودكتور في الجامعة المالطية

المصدر: جريدة مالطا توداي Maltatoday

الكاتب: عماد الأحمد

هوامش

موضوعات

الأكثر قراءة

عشرة أفلام عظيمة عن المافيا (ترجمة)
10 أفلام تشويق إيروتيكية رائعة (ترجمة)
أين نحن في السير قدما...
الصحافة الثقافية وما نناضل من أجله

GOOGLE AD

نكـتـب لفلسطين

اشتراكك بنشرتنا البريدية سيحمل جديدنا إليك كل أسبوع

اختيارات المحرر

من أجل صحافة ثقافية فلسطينية متخصصة ومستقلة

اشتراكك بنشرتنا البريدية سيحمل جديدنا إليك كل أسبوع