الدور الأول والقبلة الأولى: ذكريات ويدا قهرماني عن السينما الإيرانية (ترجمة)

عباس علي موسى

كاتب من سوريا

في وقت لاحق قامت ويدا وداويت يقيازاريان كمنتجين ومقدّمين فنيين بتقديم برنامج مرح أسبوعي على أول شبكة تلفزيون إيرانية والعائدة لـ ثابت باسال بعنوان “شارع الحظ/ جاده شانس“ وفي ذات الوقت قاما بافتتاح مقهى تريا ومعرض موند في شارع حافظ، وبعد فترة افتتحا محلاً باسم كوجيني في شارع إليزابيت ”شارع الفلاح حاليا“.

للكاتب/ة

اشتراكك بنشرتنا البريدية سيحمل جديدنا إليك كل أسبوع

الأكثر قراءة

عشرة أفلام عظيمة عن المافيا (ترجمة)
خمس ممثلات إيطاليات أيقونيّات (ترجمة)
10 أفلام تشويق إيروتيكية رائعة (ترجمة)
10 أفلام عظيمة عن الوحدة (ترجمة)
عن السيرورة والصيرورة

من أجل صحافة ثقافية فلسطينية متخصصة ومستقلة

02/07/2018

تصوير: اسماء الغول

عباس علي موسى

كاتب من سوريا

عباس علي موسى

وصحافي، يشغل منصب رئيس التحرير في القسم العربي لمجلة سورمَي، صدر له مجموعة قصصية بعنوان "شامبو برائحة التفاح"، ومجموعة نصوص بعنوان "القنّاص"، وينشر في الدوريات والمواقع العربية والكرديّة.

نُشرت هذه المذكرات في 2013، في موقع بي بي سي فارسي، أعدّتها الصحفية الإيرانية فيروزه خطيبي المقيمة في لوس أنجلوس. وقد بقيت ويدا قهرماني حتى نهاية عمرها؛ أي 2 يونيو 2018 في سان فرانسيسكو بالولايات المتحدة، حيث توفيت.

تمت الترجمة عن الفارسية: اولین بازی و اولین بوسه؛ خاطرات ویدا قهرمانی از سینمای ایران
 

“الكثيرون يعتقدون أنّي أول ممثلة في السينما الإيرانية، لكن في الحقيقة، أنا أول فتاة جاءت من خلف مقاعد الدراسة لتقف أمام كاميرا السينما”.

بدأت ويدا قهرماني الممثلة السينمائية والمسرحية والقاصّة في رابطة الكلمة/ كانون سخن، بمدينة لوس أنجلوس، خطابها بهذا الكلام، كما سمعته من والدتها، وتحدثت عن السيّد بابا خان معتضدي أول مخرج وصانع أفلام سينمائي إيراني:

في ذلك الوقت كان السيّد بابا خان الذي كان مقرّبا من العائلة، قد عاد لتوّه من أوروبا، فأخرج في الحال علبة بها دولاب أشبه بفرامة اللحم، وكانت بيده وهو يلحقنا نحن الأولاد، حيث كنّا نلعب نحن أولاد وبنات العمومة معاً في الفناء.

أخبرنا بابا خان أن نقف في طابور، ونأتي إليه واحداً إثر آخر، ولم نكن نفهم البتة ما كان يفعل، وعندما قام فضل الله أحد أبناء عمومتنا باختراق الصف، سقط الأولاد على بعضهم البعض، ضحك السيّد خان بابا أيضاً وقال له: افعلها مجدّداً”.

بعد عدّة أيام عاد إلينا بابا خان مع شريط أسود، غسل الشرائط في سائل أخضر، وألقاه على أذرع الأطفال، حيث أمسكنا بها في خطوط متوازية، ثم طلب إلينا أن نتقدّم بها إلى حبل الغسيل!

“بعد بضعة أمسيات، بضيافة العم جان، قام السيّد بابا خان بوضع مجموعة كراسٍ وعلّق ستارة كتّان بيضاء في الفناء.

نحن الأطفال افترشنا سجادة على الأرض.

فجأة ومن داخل مربع الضوء، أسفل الكرسي سقطت صورنا على الستارة، نحن أيضاً نظرنا إلى أنفسنا، وبعدها نظرنا إلى الضوء والصورة على الستارة، وتساءلنا مستغربين، كيف أنّنا هنا وهناك بذات الوقت! حينها قال السيّد خان بابا: هذا ما تخبرك به السينما.

دخول ويدا قهرماني إلى السينما أيضاً قصة أخرى

”كان ذلك في العطلة الصيفية وكنت في السنة الأخيرة من الثانوية، حيث صادف أن مضيت مع والدتي إلى الصالة الصيفيّة لسينما ديانا التي كانت على سطح المبنى، وعرضوا فيلماً لــ صاموئيل خاجيكيان بعنوان ”دختری از شیراز/ فتاة من شيراز“ حيث كان ابرا خوان المعروف في ذلك الحين، وفرح عافيت بور يمثلون فيه. كان الفيلم جذاباً كثيراً بالنسبة إليّ.

في منتصف الفيلم أشعِلت الأضواء، حيث يشتري المشاهدون الوجبات الخفيفة، وأعلنوا أنّهم يبحثون عن فتاة بالغة 17 عاماً أو أكثر للفيلم اللاحق لـ خاجيكيان.

قلت لأمي: أريد أن أمثل؟ أجابتني بأنّها لن تقول شيئا أو تعارِض إن وافق والدي. والدي والذي كان ضابطاً في الجيش، وخلافاً لتوقّعاتي أبدى موافقته في الليلة ذاتها، فذهبت أنا ووالدتي في صبيحة اليوم التالي إلى استوديو ديانا الذي كان في البناية ذاتها التي تعرض الأفلام السينمائية.

أدخلونا إلى غرفة التوجيه التي كان يجلس فيها مجموعة كبيرة، من بين هؤلاء الوجه الوحيد المألوف الذي رأيناه في الأفلام كان ناصر ملك مطيعي، بعدها تم الإقرار والموافقة، وبدأ التصوير في سفح جبل دماوند.

أول قبلة في السينما الإيرانية

دخلت ويدا قهرماني المجال السينمائي عام 1955 في وقت لم تكن هناك خمسة أو ستة أفلام قد انتجت في إيران.

“كنت في السنة الأخيرة في المدرسة الثانوية، حين ذهبت ووقفت أمام كاميرا صاموئيل خاجيكيان ولعبتُ دوراً أمام ملك مطيعي. في ذلك الوقت كان التمثيل بالنسبة لفتاة غير مغنّية ولا ممثلة مسرح غير مناسب بتاتاً، وكان الفيلم أيضاً ببداية ونهاية هوليودية. في بداية المشهد بدء المزاح والمداعبات ما بين فتاة وشاب مستلقيين على الأرض وانتهى بقبلة طويلة، وكان تلك في الواقع أول قبلة في السينما الإيرانية”.

بعد عرض فيلم ”تقاطع الحوادث/ چهارراه حوادث“ في سينما ديانا في عطلة النوروز، طرِدت ويدا قهرماني من المدرسة: “كانت هذه أول ضريبة لي في التمثيل، وكانت أول مواجهات حياتي. في ذلك الوقت لم يستطع وزير الثقافة الذي كان صديقاً للعائلة، أن يتدخل ويقوم بتسجيلي في أيّ مدرسة. قالوا أنّ الاعتراض قام به أولياء الأمور والطلّاب الذين قالوا أنّ وقوف طالب مدرسة أمام الكاميرا والتمثيل أمر سيئ وغير مقبول. سافرتُ من طهران إلى خاش، مكان ما وسط الصحراء، وبعدها تزوجت بالشابّ الذي أحببته”.

بعد فترة وجيزة قال صاموئيل خاجيكيان عن ويدا قهرماني أنّ “لديها موهبة غريبة في محاججة وإقناع الناس” حيث أقنعت زوجها داويت يقيازاريان أن تعود مرة أخرى إلى التمثيل: “قبل زوجي بالأمر، لكن بشرط أن يكون هو وأحد إخوتي حاضرين أثناء مشاهد التصوير”.
 

Vida Ghahremani, 1960′s

بهروز وثوقي، الصبي الذي يدرس تحت الشجرة

مع فيلم ”عاصفة في مدينتنا/ طوفان در شهر ما“ لـ خاجيكيان من إنتاج سنة 1958 عادت ويدا قهرماني مرة أخرى إلى السينما: “في الفيلم، كان من المقرّر أن أفرّ من بين يدي كرشا رؤوفي الذي أراد اغتصاب الفتاة في الفيلم، لكنّه انتابه الحرج الشديد أمام زوجي، وكيف أنّه سيقوم بأداء دور المغتصِب، لكن في النهاية وبعد عدة محاولات أخذ أحدهم داويت إلى غرفة الإنتاج في الأعلى في الطابق العلوي، وقمنا بالمشهد”.

تقول السيدة قهرماني: “في هذا الفيلم كان من المقرّر أن يقوم أخي (الذي أدّى دوره حسين دانشور) بإنقاذي، حيث أنني كنت حتى نصفي غارقة تحت وابل النيران، هذا المشهد تم إعادته لعدة مرات بسبب مشكلات مختلفة، فقد كان مجموعة من الشباب يقفون أمام الاستوديو بحجة الدراسة تحت الأشجار لأجل امتحانات نهاية العام، وكان هناك الكثير من الجلبة وهم يراقبون التصوير، وفي بعض الأوقات كان لهم دور الكومبارس أيضاً”.

تقول السيدة قهرماني: “بعد عدة سنوات حين مثل بهروز وثوقي في فيلم “وداعا طهران/ خداحافظ تهران” لـ خاجيكيان، قال لـ صاموئيل أنّ هذا الفيلم ليس الفيلم الأول الذي يمثله له، فأنا أحد الصبيان الذي كانوا يدرسون تحت الشجرة ويظهرون في أحد لقطات فيلم ”عاصفة في مديتنتا“.

ويدا قهرماني شاركت في مجموعة أفلام أخرى مثل ”النار والرماد/ آتش و خاکستر“ من إخراج خسرو برويزي، في دور أمام الممثل ويكن، و”غدا سيكون مشرقا/ فردا روشن است“ من إخراج سردار ساكر بمشاركة الممثل محمد علي فردين، والممثلة برخيده وملكة رنجبر، وفيلم ”عدو المرأة/ دشمن زن“ من كتابة وإخراج برويز خطيبي ومشاركة ناصر ملك مطيعي.

آخر أفلامها قبل أن تترك السينما مرة أخرى كان فيلم ”عشق وانتقام/ عشق وانتقام“ من إنتاج عام 1965 بسيناريو لزوجها داويت يقيازاريان ومشاركة وإخراج محمد علي فردين: “عندما ذهب ابني الصغير مع جدته لمشاهدة أفلامي قالت لوالدها، هل اسمك فردين؟ من وقتها قرّرت ترك التمثيل في الأفلام إلى الأبد”.

كوجيني والثورة

في وقت لاحق قامت ويدا وداويت يقيازاريان كمنتجين ومقدّمين فنيين بتقديم برنامج مرح أسبوعي على أول شبكة تلفزيون إيرانية والعائدة لـ ثابت باسال بعنوان “شارع الحظ/ جاده شانس“ وفي ذات الوقت قاما بافتتاح مقهى تريا ومعرض موند في شارع حافظ، وبعد فترة افتتحا محلاً باسم كوجيني في شارع إليزابيت ”شارع الفلاح حاليا“.

كان كوجيني ملهى ليليًا، حيث تقام فيه حفلات راقصة، ويرتادها الأزواج الشباب مع موسيقى فرق الروك اندرول والبوب الإيراني في ذلك العصر من قبيل فرقة ”بلك كتز/ القطط السوداء“: وقد غنّى الفنان فرهاد مهراد أغنيته المشهورة ”جمعه“ لأول مرة في كوجيني وكذلك قام الفنان آبي بأول تجربة أداء له في كوجيني”.

مع انفصال ويدا قهرماني عن زوجها، ذهبت في العام 1970 إلى إنكلترا، من أجل إتمام دراستها في تعليم الأطفال، وعاشت لفترة في برشلونا بإسبانيا. لدى عودتها إلى إيران، تزامن ذلك مع قضية الرهائن في السفارة الأمريكية، فغادرت السيدة قهرماني إيران إلى الولايات المتحدة، حيث تلقت دعوة لمتابعة تعليمها العالي في جامعة نورمان في ولاية أوكلاهوما.
 

A Thousand Years of Good Prayers

العطل السوداء

جاءت ويدا قهرماني في أواخر الثمانينات إلى لوس أنجلوس بقصد التمثيل: “في أحد الأيام كنت مع شهره آغداشلو إلى جانب واجه مانكاساريان، وكان هناك أحد الإيرانيين العاملين في السينما في هوليود، يبحث عن شخصيات شرق أوسطية للمشاركة في فيلم بعنوان ”العطَل السوداء/ تعطيلات سياه“ من إنتاج لي ريميكس، وذهبنا إلى فريق الممثلين”.

السيدة قهرماني قالت: “لقد قمت بتسع تجارب أداء وجربتها دون أن أعلم معنى هذه الكلمة. وبعد فترة أخبروني أنّه بيننا نحن الاثنين قد وقع الاختيار عليّ، وبعد فترة ولأجل البدء بالعمل على الفيلم ذهبنا إلى تركيا.

بالطبع في ذات العام مثّلت مع شهره ومجموعة آخرين من الفنانين الإيرانيين المقيمين في لوس أنجلوس في فيلم ”نزلاء فندق آستوريا/ مهمانان هتل آستوریا“ من إخراج رضا علامة زاده، الفيلم الذي يحكي قصة مجموعة من النازحين الإيرانيين في تركيا. في العام 2008 شاركت أيضاً في فيلم “رجم ثريا/ سنگسار ثریا“ حيث أديتُ دور إحدى النساء في القرية”.

انتقلت ويدا قهرماني بعد عدة عروض من قبيل ”من أين أنا، من أين الحب/ من از کجا، عشق از کجا“ من إخراج بري صابري إلى المشاركة في مجموعة مسلسلات تلفزيونية للمحطات فارسية اللغة، متنقّلة ما بين لوس أنجلوس إلى شمال كاليفورنيا ومدينة سان فرانسيسكو.

ألف عام من الصلاة الطيّبة

واصلت ويدا قهرماني في سان فرانسيسكو عملها في التمثيل للمسرح والسينما، وظهرت قهرماني في أحد الأدوار الرئيسة في فيلم ”ألف عام من الصلاة الطيبّة/ هزار سال دعاى نيكو“ للمخرج الشهير اين وانغ من هونغ كونغ. والفيلم هو قصة رجل صيني جاء إلى أمريكا لإقناع ابنته بالزواج مجدّدا، لكنّه وليصل إلى مقصده يتعرّف بامرأة إيرانية ويقع في حبّها: “إنّه كان فيلماً شاعرياً كثيراً، واشتغل كثيراً على مشاعر الآباء”.

بالإضافة إلى كتابة القصص القصيرة والعمل الفني التشكيلي، تعاونت ويدا قهرماني لأكثر من 15 عاماً مع فرقة مسرح “الخيط الذهبي/ ريسمان طلائي“ أحد المراكز الثقافية غير الهادفة للربح للترويج لمسرح الشرق الأوسط في “بي آريا” التي كانت تديرها ابنتها تورنج بقيازاريان: “هنا نعمل ونطرح العروض التي تمسّ مسائل الناس وقلقهم في الشرق الأوسط”.

لعبت قهرماني أيضاً دوراً في الدراما الحديثة حول رحلة دوك النكتون إلى الشرق الأوسط، حيث أن موضوعها كان مرتبطاً إلى درجة كبيرة بطهران وكوجيني”.

الكاتب: عباس علي موسى

هوامش

موضوعات

الأكثر قراءة

عشرة أفلام عظيمة عن المافيا (ترجمة)
10 أفلام تشويق إيروتيكية رائعة (ترجمة)
عن السيرورة والصيرورة
10 أفلام عظيمة عن الوحدة (ترجمة)

GOOGLE AD

نكـتـب لفلسطين

اشتراكك بنشرتنا البريدية سيحمل جديدنا إليك كل أسبوع

اختيارات المحرر

من أجل صحافة ثقافية فلسطينية متخصصة ومستقلة

اشتراكك بنشرتنا البريدية سيحمل جديدنا إليك كل أسبوع