أسئلة “ليل” و”غداً يأتي الحب” في المهرجان

أسماء الغول

كاتبة من فلسطين

وكالعادة فإن مهرجان "أيام فلسطين السينمائية" يختار أفلامه تدور حول فكرة غير نمطية، أو فكرة نمطية بطريقة جديدة تمامًا، وهذا تحدٍ للمخرج والمتلقي معًا، فلا يقدم الأول ما يريده أو ينتظره الثاني، ولا يدري الثاني كم المساحة من التأمل والوقت سيعطيها للأول.

...للكاتب/ة

اشتراكك بنشرتنا البريدية سيحمل جديدنا إليك كل أسبوع

الأكثر قراءة

الصحافة الثقافية وما نناضل من أجله
أين نحن في السير قدما...
عشرة أفلام عظيمة عن المافيا (ترجمة)
10 أفلام تشويق إيروتيكية رائعة (ترجمة)

من أجل صحافة ثقافية فلسطينية متخصصة ومستقلة

09/11/2021

تصوير: اسماء الغول

أسماء الغول

كاتبة من فلسطين

أسماء الغول

كاتبة وصحافية من مخيم رفح جنوب قطاع غزة، ومقيمة حاليا بفرنسا.

فيلمان قصيران في مهرجان “أيام فلسطين السينمائية” يتركان الكثير من الأسئلة.

قفز المخرج راكان مياسي نقلة جريئة من فيلمه الروائي الذي أخرجه عام 2018 “بونبونة” ويتحدث فيه عن معضلة الأسير الفلسطيني، ونقل النطف، بمشاركة ممثلين معروفين، وقد حاز شعبية وجوائز دولية، إلى فيلم ديكودراما يجمع بين الوثائقية والدارما، أكثر هدوءًا، وفي قضية أقل شهرة، ومشاهد أكثر حرية وإبداع، وهو فيلم “غدًا يأتي الحب” وبمشاركة أشخاص حقيقيين ليسوا ممثلين.

ويتحدث الفيلم القصير عن فتاة سورية سمراء بعينين عسليتين، تشتغل بالحقل في لبنان قبالة الجبل، في كوادر تصوير، لن تكون أجمل مما كانت عليه في الفيلم، إلى أن تعود الفتاة من الحقل إلى ما يشبه المنزل، لترتدي فستان الزفاف. هكذا ببساطة، وتجلس على الأرجوحة بعينيها المكحلتين بيدي جدتها.

فيلم صامت من الحوار، لكن ليس عن أصوات البيئة المحيطة بالفتاة. بكوادر بانورامية مؤثّرة، تحدّى بها المخرج نفسه والقصة والحبكة والقوالب المعتادة، لينتقل إلى الطبيعة، يترك الكاميرا على سجيتها، شوتات مفتوحة على الجبل والسماء، والحقول التي تحوي آلاف قصص المهاجرين وسط بيوت الفقيرة، دون أن ينقلنا إلى الحديث عن المأساة والمعاناة، فقط حيوات تبدأ وتنتهي هناك.. في المخيمات المؤقتة التي تصبح فجأة دائمة، في مصائر تنتظر دائمًا الحب وقد يأتي على دراجة نارية كما غادرت فتاتنا العروس مع عريسها، وقد لا يأتي أبدًا.

ويقول راكان مياسي في حوار خاص بـ”رمان”: “الفيلم كان جزءاً من مشروع فيلم أكبر، لكني في النهاية فضلت أن يكون كما هو عليه الآن”، موضحًا أنه أقرب للروائي ومع ذلك فهو ليس بروائي، فجميع أبطاله حقيقيين من وادي البقاع في لبنان حيث تم تصويره أيضًا، ويصنفه بالإثنوفيكشين (Ethnofiction).

وعن فكرة فستان الزفاف لفتاة صغيرة، أوضح أنه عاش في البقاع، وهناك عرف أن جدته تزوجت في سن صغيرة، لذلك ارتدت الفتاة ذات الأربعة عشر عامًا الفستان الأبيض، لكنها في الحقيقة لم تتزوج، وهنا الدراما التي تمت إضافتها إلى الشخصيات الحقيقية، في إحالة لقصته الشخصية داخل تفاصيل الفيلم دون مباشرة وفِجة.

وأوضح مياسي أنه غير ملزم بشكلٍ معين من السينما، لذلك لم يكتب سيناريو للفيلم، أو حوار واكتفى بعاطفة الوجوه والمكان، ويبدو المخرج الفلسطيني الذي عاش في لبنان وحاليًا مستقر في بلجيكا، غير مهتم بموضوع الهوية في الفيلم بمقدار اهتمامه بالشخوص ويومها في الوادي، حيث تذوب تفاصيل الشخصيات بين عناصر الطبيعة الباقية.

أما الفيلم الثاني “ليل” فهو فيلم تجريبي بامتياز، وأقرب إلى عمل “الفيديو آرت”، كئيب، يشبه الحرب التي يتحدث عنها والفقد الذي يملأه، أخرجه المخرج الشاب الفلسطيني الألماني أحمد صالح، والذي قدّم من قبل سلسلة أفلام متحركة، هما فيلمي (البيت) و(عيني) وأخيرًا (ليل) الذي عرض مؤخرًا في مهرجان أيام فلسطين السينمائية، وقبله في مهرجان الجونة.

الفيلم مدته 16 دقيقة ويتناول قصة الأم التي تبحث عن ابنتها وتشعر أنها تختبرها في نفس الوقت، حيث تُلقي عليها غبار الحرب اللامع، وتُناجي الليل متوسلة إليه أن يخبرها بمصير طفلتها، بصوت الممثلة هيام عباس.

وتشعر أن البيوت تشبه البيوت المدمرة في سوريا، وحينًا تشعر بها بيوت الشجاعية في حرب غزة 2014، وأيضًا بيوت الضاحية الجنوبية في حرب 2006، وهكذا تتشابه قلوب الأمهات في الحروب، وسط الليل الحالك المرعب.

وتشعر أن الفيلم طوال الوقت، ترى العين فيه الحرب من فوق أو من صفة المراقب، وربما هذا يُبرره حديث المخرج للإعلام حين قال “ولدت في السعودية وعشت بها طفولتي حيث كنت أشاهد كل ما يحدث في فلسطين عبر شاشة التلفزيون قبل أن أذهب إلى هناك للالتحاق بالجامعة، وخلال خمس سنواتٍ عشت في الواقع حكايات كثيرة ورأيت بعيني ما كنت أظنه بعيدًا”.

أي أنه ليس الأم أو الابنة بل الحالة التي يراها عليه متلقي الأخبار، فلا يمكن الحسم إذا ما كانت الأم طيبة أم شريرة، بل المتلقي كيف يراها، أو من خلف شاشة التلفاز.

وقد حظي بعرضه العالمي الأول في مهرجان لوكارنو السينمائي حيث نافس في المسابقة الدولية للأفلام القصيرة “نمور الغد”.

وكالعادة فإن مهرجان “أيام فلسطين السينمائية” يختار أفلامه تدور حول فكرة غير نمطية، أو فكرة نمطية بطريقة جديدة تمامًا، وهذا تحدٍ للمخرج والمتلقي معًا، فلا يقدم الأول ما يريده أو ينتظره الثاني، ولا يدري الثاني كم المساحة من التأمل والوقت سيعطيها للأول.

لعل خوض مغامرة السهل الممتنع في هكذا أفلام لا تقتصر على صُنّاعها، بل هي مغامرة أيضا للجهة التي تعرضها على الملأ. وحاليًا يخوضها مهرجان “أيام فلسطين السينمائية” في عرض قائمة الأفلام التسجيلية والوثائقية القصيرة.

الكاتب: أسماء الغول

هوامش

الأكثر قراءة

عشرة أفلام عظيمة عن المافيا (ترجمة)
10 أفلام تشويق إيروتيكية رائعة (ترجمة)
أين نحن في السير قدما...
الصحافة الثقافية وما نناضل من أجله

GOOGLE AD

نكـتـب لفلسطين

اشتراكك بنشرتنا البريدية سيحمل جديدنا إليك كل أسبوع

اختيارات المحرر

من أجل صحافة ثقافية فلسطينية متخصصة ومستقلة

اشتراكك بنشرتنا البريدية سيحمل جديدنا إليك كل أسبوع