المقالة لآرون كوندناني، نشرها موقع منشورات فرسو في 11 نوفمبر 2023. وهي جزءٌ من سلسلة مستمرَّة تحت عنوان “من النهر إلى البحر”.
تقولون إنَّكم تعترضون على شعار “من النهر إلى البحر، فلسطين ستتحرَّر”. في أيِّ مكانٍ، على امتداد المساحة ما بين نهر الأردن والبحر المتوسِّط، ترون أنَّه ينبغي ألَّا يكون الفلسطينيُّون أحراراً؟ تقولون إنَّ هذا الشعار “دعوةٌ عنفيَّةٌ لتدمير دولة إسرائيل”. إذا كانت المطالبة بحرِّيَّة فلسطين لا تعني في نظركم سوى تدمير دولة إسرائيل، فماذا يوضح ذلك عن فكرتكم بصدد إسرائيل؟ ألا يعني ذلك أنَّ وجود إسرائيل، بالنسبة إليكم، يعتمدُ على تجريد الفلسطينيِّين من حُرِّيَّتهم؟
أسمعكم تعترضون على الشعار باعتباره “لا يدفع عجلة التقدُّم باتِّجاه حلِّ الدولتين”، وتلك مسألة لا يمكن التغاضي عنها. إذاً، لماذا لم توجِّهوا اللوم إلى أنفسكم بشأن تمويل إسرائيل بينما كانت تنقل 700 ألف مستوطنٍ يهوديّ إلى مستوطنات الضفَّة الغربيَّة، بحيث تقسم فلسطين إلى ألف جزء وتجعل حلَّ الدولتين مستحيلاً؟ لماذا لم توجِّهوا اللوم إلى أنفسكم بشأن تأكيداتكم المتكرِّرة على “حقِّ إسرائيل في الدفاع عن النفس”، بينما لم تتحدَّثوا قطّ عن حقِّ فلسطين في الدفاع عن النفس؟ هل حلُّ الدولتين الذي في ذهنكم ليس في الحقيقة سوى دولةٍ واحدة، إسرائيل، مدجَّجة بالسلاح حتَّى النخاع، بينما تفتقر فلسطين إلى جيش، وحدود، وأيِّ عنصرٍ من العناصر الأساسيَّة الأخرى لتحقيق السيادة؟
وعندما حضر الرئيس الإسرائيليّ إسحاق هرتزوغ للتحدَّث أمام الكونغرس الأميركيّ في شهر يوليو، وأعلن عن آماله بصدد تحقيق نبوءة إشعياء التي تقول “لا ترفعُ أمَّةٌ على أمَّةٍ سيفاً، ولا يتعلَّمون الحرب فيما بعد”، فلماذا لم تدينوا نفاق قادة إسرائيل الذين يستخدمون غزَّة كمختبرٍ لتجريب الأسلحة التي يبيعونها لأشدّ الأنظمة قمعاً في العالم؟
وعليه، ألَّا ينبغي لنا استنتاج أنَّ ما ترغبون به حقَّاً هو إبقاء الوضع على ما هو عليه؛ أي نظام فصلٍ عنصريٍّ يُؤيِّده احتلالٌ عسكريّ؟ وعندما توافقون على قراراتٍ تؤكِّد أنَّ “إسرائيل ليسَت دولة عنصريَّة، أو فصل عنصريّ”، ألا تكونون بذلك متواطئين في حماية نظام الفصل العنصريِّ الإسرائيليّ بواسطة أكاذيبكم؟ ألا تكون إداناتكم لمعاداة الساميَّة جوفاء حين تفشلون في إدانة العنصريَّة الممنهجة التي تستخدمها إسرائيل ضدَّ الفلسطينيِّين؟
وعندما تَذبحُ إسرائيل خمسة آلاف طفلٍ في غزَّة، فتردُّون على ذلك بالتصويت لصالح إرسال ما قيمته أربعة مليارات دولار إضافيَّة من القنابل، فكيف لا تكونون بذلك مُهلِّلين للمذبحة؟ وعليه، كيف لنا ألَّا نرفض أيَّ حرفٍ يخرج من أفواهكم؟ وكيف لنا ألَّا نعتبركم شركاء في الجريمة؟ وكيف لنا ألَّا ندينكم باعتباركم أعداء للإنسانيَّة؟