قصص حقيقية للكاتبة الفرنسية صوفي كال (ترجمة)

Sophie Calle, from the series Histoires vraies, 2017, © Musée de la Chasse et de la Nature –Sophie Calle / ADAGP – Photo: Béatrice Hatala

16/03/2025

تصوير: اسماء الغول

مشاري العبدالرحمن

كاتب من الكويت

مشاري العبدالرحمن

مترجم وطالب طب في كلية دبلن الجامعية

مختارات من كتابها True stories 

 

عملية تجميل 

عندما كنت في سن الرابعة عشرة اقترح جدي وجدتي أن أخضع لعملية تجميل. قاما بحجز موعد لي مع طبيب تجميل معروف، وقرروا تعديل أنفي، وإخفاء ندبة على رجلي اليسرى من خلال أخذ قطعة جلد من مؤخرتي وأيضاً شد أذنيّ إلى الخلف. كانت لدي شكوك، ولكنهما أكدا لي، أن بإمكاني تغيير رأيي حتى آخر لحظة. مع ذلك، بالنهاية، كان الطبيب ف. بنفسه هو من وضع حداً لمعضلتي. قبل العملية بيومين، انتحر.  

الخنزير
إنها قصة سخيفة. كنت في قرابة الثلاثين من عمري حينها. اتصل بي رجل ليعلمني أننا نقوم بأعمال فنية متشابهة وأنه علينا أن نلتقي. دوماً ما أخشى أن أفوّت فرصة، فوافقت على الفور. عندما وصل، أخبرني أن أعماله الفنية تعتمد على إيقاف النساء في الشارع ودعوتهن لممارسة الجنس. حسناً، قال، أليس أحد أعمالي الفنية قائماً على جعل الغرباء يقضون الوقت في سريري؟ أخبرني أنه سيأخذني إلى حفل للشواء. قضيت المساء بأكمله ألعب دور الخادمة، أشوي النقانق، أقدم الطعام وأقوم بالتنظيف. الوقت يمضي بسرعة حين تكون مشغولاً، لاحقاً أوصلني إلى باب منزلي. انحنى باتجاهي محاولاً تقبيل شفتي. دفعته بعيداً. "ما الذي يجعلك تظن أنني أريد تقبيلك؟" احتججت. "على أي حال"، أجاب، "تأكلين مثل الخنزير." حتى اليوم، بعد كل هذه السنوات، لا تزال كلماته تطاردني. لا أتذكر شيئاً عنه، ومع ذلك لا يزال جالساً على طاولتي.

رائحة الفم الكريهة 

كنت في الثلاثين من عمري، وكان أبي يعتقد أن رائحة فمي كريهة. فقام بحجز موعد لي مع طبيب كان يظن أنه ممارساً عاماً. لكن، عندما وصلت لعيادته، أدركت على الفور بأنه كان محللاً نفسياً. على الرغم من العداء الذي كان والدي يبديه دائماً تجاه هذه المهنة، تفاجأت. قلت "لابد أن هناك خطأ ما،". "أبي يعتقد بأن رائحة فمي كريهة وأرسلني إلى طبيب عام،" فأجاب الرجل: "هل تفعلين دائماً كل ما يأمر به أبيك؟" وهكذا أصبحت إحدى مرضاه.  

ربطة العنق
رأيته للمرة الأولى في ديسمبر عام ١٩٨٥، في محاضرة كان يلقيها. كان جذاباً بالنسبة لي، لكن شيئاً ما أزعجني: ربطة العنق القبيحة التي كان يرتديها. في اليوم التالي، أرسلتُ له ربطة عنق بنية نحيلة دون الكشف عن هويتي. بعد فترة، رأيته في أحد المطاعم؛ كان يرتديها. للأسف، لم تكن متناسقة مع قميصه. قررتُ منذ ذلك الوقت أن أتولى مهمة إلباسه من رأسه إلى قدميه: سأرسل له قطعة واحدة من الملابس كل عام في الكريسماس. في عام ١٩٨٦، تلقى زوجاً من الجوارب الرمادية المصنوعة من الحرير؛ في عام ١٩٨٧، كنزة سوداء من صوف الألباكا؛ في عام ١٩٨٨، قميصاً أبيض؛ في عام ١٩٨٩، أزرار أكمام مطلية بالذهب؛ في عام ١٩٩٠، سروالاً داخلياً بنقشة أشجار الكريسماس؛ لا شيء في عام ١٩٩١؛ وفي عام ١٩٩٢، بنطالاً رمادياً. يوماً ما، عندما يصبح متأنقاً بالكامل بفضل اختياراتي، أود أن أُعرَّف عليه.

الملاءة 

كان اسم عمتي الكبرى فالنتاين. وُلدت في الرابع من فبراير عام ١٨٨٨. بدأت تشعر بالتعب من الحياة عندما بلغت ال٩٦ عاماً وتدهورت صحتها. لكنها وضعت لنفسها هدفاً: أن تعيش حتى تبلغ المئة. قبل عيد ميلادها الـمئة بقليل، وبينما كانت فاقدة الوعي على فراش الموت، استفاقت للحظات وهمست: 'كم بقي من الأيام؟' كان هناك ستة أيام متبقية. همست قائلة: 'سأعيش، سأعيش.' توفيت في الرابع من فبراير عام ١٩٨٨. وقد اختارت أن ينقش على ضريحها آية من الكتاب المقدس: 'لقد فعلت ما في وسعها.' قبل وفاتها، قامت بتطريز ملاءة بالأحرف الأولى من اسمي. أعطيته لصديقي هيرفي، الذي كان مريضاً، تخليداً لذكرى ليلة طويلة مضت عندما رفض مشاركتي السرير. كانت هذه طريقتي في دعوته للنوم معي قليلاً. وبعد ذلك، كنت أتمنى أن أؤمن أن هذا الغطاء، الذي تم تطريزه على يد امرأة عاشت مئة عام بفضل عزيمتها الراسخة وإيمانها، سيمنحه قوتها. في السابع والعشرين من ديسمبر عام 1991، توفي هيرفي عن عمر يناهز ال٣٦ عاماً. 

صمت

في كل مرة كانت أمي تمر فيها من جانب فندق بريستول، كانت تقف وترسم إشارة الصليب على نفسها، وتطلب منا أن نصمت. “صمت!" كانت تقول، " هنا فقدت عذريتي." 

هوامش

موضوعات

GOOGLE AD

نكـتـب لفلسطين

اشتراكك بنشرتنا البريدية سيحمل جديدنا إليك كل أسبوع

اختيارات المحرر

من أجل صحافة ثقافية فلسطينية متخصصة ومستقلة

اشتراكك بنشرتنا البريدية سيحمل جديدنا إليك كل أسبوع