غزة – تغريد عطالله
برغم حالة الإرباك نتيجة القصف الإسرائيلي على مناطق في قطاع غزة، خلال ساعات نهار الأمس، إلا أنّ هذا الإرباك لم يمنع غاليريهات غزة الفنيّة (شبابيك والتقاء) من افتتاح معارضها في “مهرجان قلنديا الدولي” في نسخته الثالثة، في الساعة السابعة مساءً، تزامناً مع انطلاق الفعاليات في رام الله وحيفا وعمّان وبيروت ولندن، لتثبت بذلك غزة، ومن جديد، قدرتها على التحدّي والصمود بوجه الخوف والموت لتكون شاهداً على الحياة نفسها.
هكذا اجتمعت كوكبة من المهتمين بمطالعة الفنون المعاصرة، من فنانين تشكيليين ومهتمين وأصدقاء، للاحتفال بهذا الحدث الدولي، بدءاً من غاليري “التقاء للفن المعاصر”، نهايةً بغاليري “شبابيك للفن المعاصر”، حيث استكمل الحضور احتفاله، بمشاركة ثلاثة عشر فناناً وفنّانة من بينهم ماجد شلا، شريف سرحان، باسل مقوسي، رقية اللولو ، محمد الحواجري، رائد عيسى، دينا مطر، مي مراد، وغيرهم.
“هي تظاهرة فنيّة جديرة بالاهتمام ولها دورها الفاعل في تسليط الضوء على غزة، فالفن لهّ دوره أيضاً، وليس الإعلام فقط”، قالت الفنّانة البولندية ماريانت تينون التي شاركت في هذا التظاهرة محتفيةً بالأعمال المشاركة، وقد لفت انتباهها العمل المشارك للفنان التشكيلي ماجد شلا، وهو عمل تركيبي يرتكز على تصوير سير المراكب والسفن في البحر باستخدام أدوات بسيطة مثل النايلون الأزرق والمراكب الورقية، عمل توسَّط القاعة، ولفت انتباه الزوّار. أعمال أخرى لفتت انتباه الفنّانة تينون هي وصديقتها جين كالدر، أعمال تعود للفنانة التشكيلية الشابّة رقية اللولو التي شاركت بعدة بورتريهات لوجوه غزيّة، بحيث تُعبّر في مضمونها عن الهمّ الفلسطيني بتحرير الأرض وبناء الإنسان.
وكان المركز الإيطالي للتبادل الثقافي حاضراً بشخص منسقّة أعماله الإيطالية ميري كيفيلي التي أبدت إعجابها بإصرار غاليرهات غزة على المشاركة في مهرجان قلنديا الدولي، وكانت نبرة صوتها وانفعالات وجهها تُشاركها هذا الانبهار، لسبب تراه كيفيلي غاية في الأهمية، وهو أن “كل محاولة لبعث الحياة في غزة، هو عمل جدير بالالتفاف حوله وتقديره، بالذات أنّ حصار قطاع غزة يجعلها بعيدة ومختبئة عن الأعين، ولهذا كل مشاركة دولية لها، هي إحياء فعلي لحضورها ووجودها على الخارطة، وغزة تستحق فعلاً”، كما تُشير كيفيلي، الصديقة المقرّبة من فنّاني غزة.
كل محاولة لبعث الحياة في غزة، هو عمل جدير بالالتفاف حوله وتقديره، بالذات أنّ حصار قطاع غزة يجعلها بعيدة ومختبئة عن الأعين، ولهذا كل مشاركة دولية لها، هي إحياء فعلي لحضورها ووجودها على الخارطة، وغزة تستحق فعلا
في المعرض نفسه، وبعيداً عمّا سمّاه الفنان التشكيلي محمد الحواجري “التنظير والاستقطاب الحزبي والانتماء السياسي والفكري”، قدّم الحواجري عملاً تركيبياً يتكون من شريط فيديو مدته دقيقة وعشرون ثانية، وإلى جانبه كؤوس معبأة بماء البحر. فكرة العمل ترتكز على مثل شعبي مشهور ودارج على ألسنة العامة في المجتمع الفلسطيني وهو “اللي مش عاجبه يشرب من بحر غزة”، وهو مثل شعبي استخدمه الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات كرسالة موجهّة في إحدى الخطابات الموجهّة لنتياهو، كنوع من الإصرار والتمسك بمواقفه في ذلك الوقت.
هناك أيضاً رسائل هامة وموجّهة للعالم، تحمل في طيّاتها التنبيه لأهمية إصرار الطفل الفلسطيني المتواجد في غزة على التعلّم، برغم كل المعوقات والصعوبات الحياتية التي تحول دون ذلك، وذلك من خلال العمل الإنشائي، بعنوان “حقيبة أبي” للفنان التشكيلي باسل المقوسي، العمل الذي يبدو للوهلة الأولى بسيطاً جداً بتكوينه وهيئته، كونه يتكوّن من حقائب مدرسية قديمة ومهملة معلّقة على جدران المعرض ومصنوعة من أكياس طحين الأونروا للتدليل والإشارة إلى المعاناة الشديدة التي تتكبدّها العائلات الفلسطينية في مساعدة أبنائها على تحصيل العلم. هنا يقول الفنان المقوسي :”رغم التشريد والضياع، أمسك الفلسطيني بتلابيب مستقبله واضعاً الأولوية في حياته لتعليم أبنائه” وأضاف: “إن كان لفلسطين عودة، فستكون على يد أبنائها المتعلمين”.
هذا وتستمر فعاليات معرض قلنديا غزة، في “التقاء” و”شبابيك” حتى نهاية الشهر.