إلى المخيم المحاصر
بجوع الوحش إذا افترس
بالمجازر وحصاد القاتل
وبالسياسيين العقيمين
والعسكريين المختلين
للمخذول من كل جبهات القتال
يا قمري القريب البعيد
يا وطني الصغير الكبير
لي فيك بيت صامدٌ كأهلك
نائمٌ كدبٍ في سبات
حزين كأمٍ فارقت أطفالها
ولك فيَّ القلب المحاصر
بكل أنواع النسيان
قلبٌ أنهكه الوجد تلو الوجد
أبعدني عنك الهرب ككل المخذولين
لي فيك قبرٌ لأبي لا أعرفه
وألفُ قذيفة كادت أن تقتلني
وطفولة لاكها الطغاة مع الجدران
لي الحب فيك والطرقات
يا عاصمة الشتات
يا كل البدايات
انتظرني
سنلتقي بعد موت الطغاة
سنلتقي قبل التهليل للحياة.
إلى حيفا المحتلة بجيشٍ مسرحي
جيش فتاك يجيد البكاء
بدموع تمساح بالمحافل
يأكل شمس الحق كغول
كجراد يبيد الحقول
يجرد السماء نجومها
لا يشبع حتى يعانق النهرين بعضهما
جيش احتل كل ما هو لي
أنا ابن الجيل الثالث بعد النكبة
ابنك ومنك جذوري
لي أرضٌ في شفا عمرو
ورثت تخيلها عن أبي عن أبيه
ورثت عقاراً في المدينة
ومفتاح بيت جدي المسروق
وحقي بالعودة إليه
لو غيروا كل الأغلال
سأعود، سأعود
لي الجمال والبرتقال
الميناء وجبل الكرمل
يا عروس البحر
يا أمنية العمر
انتظريني
سنلتقي بعد الثورة
سنلتقي بعد النصر.
إلى دمشق العروس الرهينة
المستباحة من تتار العصر الجديد
وقذائف القبح المفتعل
المستباحة بضعفنا والتلاشي
لي أهلٌ نزحوا منكِ وإليكِ
ينقصون كل سنة بين يديكِ
لي ملح الذكريات وفتات الخبز
مقعدٌ في كلية العلوم الإنسانية
التأمل في المتحف الوطني
أصدقاءٌ ينجون من الموت كل يوم
عشرون كتاباً وألف أغنية
هويتي وجواز سفر لا سفر فيه
الأمنيات وآثار أقدامي
بكل شوارعك وأزقتك المنتهكة
دموعي بعد رائحة العطر
من دماء الأبرياء الشهداء
يا مدينة الياسمين
يا بداية التكوين
انتظريني
سنلتقي بعد انتهاء قهركِ
سنلتقي قبل عُرسك.
أيتها الرسائل الشقية
أعبري الحدود كلها
أنثري القُبل على جبين الأرض
قبلة للمخيم
وقبلة لحيفا
وقبلة لدمشق
فإني عائد.
