أعدّ الملف: أوس يعقوب.
تمثل «صفقة القرن» خطراً حقيقياً على كافة جوانب المشروع الوطني الفلسطيني بما فيه الدولة وتقرير المصير وحق العودة واستعادة الأرض. ومع ذلك فالخطر الاستراتيجي المتعلق بمستقبل القضية الفلسطينية يتضح بشكل كبير في القدس وما تمثله من هوية وتاريخ وثقافة ووجدان للفلسطيني أينما كان. القدس هي جوهر المعركة وبدونها يفقد المشروع الوطني روحه، فلا قضية ولا وطن ولا دولة بدون القدس.
الخطر الآخر يتمثل باختراق الصفقة للعمق الاستراتيجي للفلسطينيين أي العرب وما قد ينتج عنه من تبدل أولويات الصراع الوطنية والقومية. برغم كل ما يقال عن التقصير العربي تجاه فلسطين طوال العقود الماضية إلّا أنه يجب الاعتراف بأنّ أحد أسباب صمود الفلسطينيين وحفاظهم على مشروعهم الوطني على الأقل على الساحة الدولية كان بفعل الحاضنة العربية الشعبية منها والرسمية. فمشاريع التسوية التي استهدفت القضية الفلسطينية سابقاً من مشروع جونستون والون وروجرز وريغان وجورج شولتز وغيرها الكثير كان للعرب دوراً في إفشالها.
لكن اليوم، تطل «صفقة القرن» علينا برأسها وفي أقبح صورها بوجهها المالي المجرد من الهوية والكرامة الوطنية ليست من واشنطن أو لندن أو تل أبيب ولكن من عاصمة عربية متكاملة الأركان – المنامة – وبرعاية وحضور عربي رسمي أيضاً. نجاح «ورشة البحرين» سيمهد الطريق لـ«صفقة القرن» أن تطرح الجانب السياسي التصفوي للقضية الفلسطينية، ولذا لا بد من وأد الصفقة في مهدها لتنام وإلى الأبد في المنامة.
دور المثقف الفلسطيني لا يمكن عزله عن حالة التقهقر العام التي يعايشها المشروع الوطني الفلسطيني بجوانبه السياسية والقيمية على حد سواء. فقد تراجع هو الآخر وأصبح جزءاً من حالة الضياع والانقسام مما جعل قدرته على التأثير في مشاريع تصفية من هذا النوع محدوداً.
المطلوب من المثقف الفلسطيني أولاً هو الوعي بدوره الوطني وإيمانه بقدرته على التأثير رغم مرارة المشهد. وعندها يمكن له المساهمة بشكل فعال في حشد الدعم لإسقاط الصفقة على عدة مستويات منها طرح نفسه كقاسم وطني مشترك للنضال الوطني في ظل الانقسام الفلسطيني المرير، والعمل على رفع مستوى التوعية بمخاطر الصفقة وبآليات مقاومتها من خلال كتاباته بهذا المجال، ثم أخيراً التواصل مع أقرانه من المثقفين العرب لخلق حالة من النضال القومي ضد الصفقة مستفيداً من طبيعة دوره الثقافي العابر للحدود الوطنية.