النسبيّة والزّمكان في رواية «ما تبقّى لكم» لغسّان كنفاني

أحمد أبو سليم

زوائي من فلسطين

سيظهر وعي غسَّان كنفاني بالنسبيَّة فلسفيَّاً، واضحاً، جليَّاً، لا لبس فيه، حين يفسِّر العلاقة بين حامد والجنديِّ الصُّهيونيِّ:

للكاتب/ة

اشتراكك بنشرتنا البريدية سيحمل جديدنا إليك كل أسبوع

الأكثر قراءة

عشرة أفلام عظيمة عن المافيا (ترجمة)
10 أفلام تشويق إيروتيكية رائعة (ترجمة)
10 أفلام عظيمة عن الوحدة (ترجمة)
عن السيرورة والصيرورة

من أجل صحافة ثقافية فلسطينية متخصصة ومستقلة

06/08/2021

تصوير: اسماء الغول

أحمد أبو سليم

زوائي من فلسطين

أحمد أبو سليم

وشاعر وروائي. صدر له خمس مجموعات شعرية، وخمس روايات. يكتب مقالات في المواضيع الثقافية.

قد يبدو لبعض النقَّاد أَنَّه من الجائر بمكان أَن نحاول دراسة نصٍّ أَدبيٍّ بالاستناد إلى نظريَّة علميَّة فيزيا-رياضيَّة، حيث درجت العادة في الأَدب على اعتبار الرِّياضيَّات، والفيزياء، وحتَّى الكيمياء، مجرَّد مواد جافَّة مباشرة محدَّدة بلغة الرُّموز ذات الدَّلالات الَّتي تفتقر للخيال، أَي بمعنى آخر إنَّ لغة العلم هي لغة المعادلات، ذات الدَّلالات المباشرة، بينما لغة الأَدب هي لغة الخيال الَّتي بوسعها أَن تتوالد وتنتج ما لا يُعدُّ ولا يُحصى من صور يصبح بوسعها، في لحظة ارتطام ما، بالواقع، أَن تعيد تشكيل الواقع بما يتلاءم مع هذا الخيال، أو على الأَقلِّ أَن تفسِّر بعضاً من تلك المسارات الموازية الَّتي تحدِّد ملامح الواقع دون أَن تظهر للعيان.

ثمَّة جور على النَّظريَّة العلميَّة في هذا التصوُّر، وهي بالضَّرورة نظرة قاصر لم تستطع أَن تتطوَّر إلى درجة الإلمام بتفاصيل المادَّة النَّظريَّة العلميَّة الحديثة الَّتي أَصبحت أبعد ما يكون عمَّا عرف سابقاً بفكرة “المنطق السَّليم” تلك الفكرة الَّتي قُضي عليها تماماً مع اكتشاف النَّظريَّة النسبيَّة وعلوم الكوانتم، وما تبع ذلك من تطوِّر ونظريَّات ومعادلات واكتشافات وتجارب قلبت مفهوم الإنسان عن نفسه، وعن الواقع، والكون رأساً على عقب، وأَصبحت بحاجة إلى لغة أُخرى أعلى من المنطق البشريِّ السائد كي تعبِّر عن نفسها من خلالها، خصوصاً أَنَّ الفلسفة بذاتها، وحتَّى الأَديان، أَصبحت في سباق مع الزَّمن كي تهضم تلك النَّظريَّات وتعيد إنتاجها، أَو تصبح قاصراً عن استيعاب الواقع.

من المفهوم أَنَّ فكرة الزَّمكان ترتبط أَصلاً بالنَّظريَّة النسبيَّة لأَينشتاين، وقد كان أَوَّل من وضع هذا المصطلح بالاستناد إلى نسبيَّة إينشتاين، وفي محاولة لشرحها عالم الرِّياضيَّات والفيزياء الألماني- روسي المولد، وأُستاذ أينشتاين، هيرمان مينكوفسكي عام 1908.

وقد كان أينشتاين من خلال فكرة الزَّمكان الَّتي جعلت العالم كلَّه يقف مذهولاً أَمام الانقلاب المعرفيِّ الَّذي أَحدثته تلك النَّظريَّة، قد دحض فكرة المكان المطلق، والزَّمان المطلق الَّذي قال به إسحق نيوتن، وأَثبت بشكل قاطع أَنَّ الزمن نسبيٌّ، وأَنَّه البعد الرَّابع للمكان، وهو جزء لا يتجزَّاُ من المكان، أَي، بمعنى آخر، لا وجود للزَّمن دون المكان، والعكس صحيح، وأَنَّ الشَّيء-وينطبق ذلك على الإنسان أَيضاً- لا يمكن أَن يوجد إلاَّ ضمن شريحة زمكانيَّة، وأَنَّ الوعي ناتج عن قصور في الحواس، لذا، فإنَّ الواقع ليس هو بالضَّبط ما نراه، ونعرفه، ونحسُّ به.

هل ستعتبر دراسة رواية “ما تبقَّى لكم” قياساً إلى ما ذكر من نظريَّة أينشتاينيَّة ليَّاً لعنق النصِّ، ووصف ما ليس فيه؟ وقياسه بمسطرة مختلفة الوحدات؟ أَي بمعنى آخر، هل كان غسَّان كنفاني واعياً بأَبعاد النظريَّة النسبيَّة فلسفيَّاً حين كتب نصَّه؟ أَم إنَّ الأَمر مجرَّد مصادفة فقط، أَو محاولة للخروج الموفَّق أَو غير الموفَّق على مفهوم الزَّمن والمكان؟ وإن لم يكن غسَّان واعياً بالنَّظريَّة، فهل قدَّم النصُّ ذاته ما يثبت ما ذهبتُ إليه من مقارنات؟

سنجد ثمَّة ما هو ليس مفهوماً تماماً في تلك المقدِّمة الَّتي تصدَّرت العمل، حيث حاول غسَّان أَن يوضِّح فكرته ليبسِّط الأَمر على القارئ…لكنَّه باعتقادي، زاد من حيرة القارئ وقلقه، فالأَبطال هم خمسة: حامد وزكريَّا ومريم، والصَّحراء دلالة على المكان، والسَّاعة دلالة على الوقت، ثمَّ بعد ذلك يزداد الأَمر تعقيداً حين يخبر القارئ قائلاً ” إنَّهم لا يتحرَّكون في خطوط متوازية، أَو متعاكسة، كما سيبدو للوهلة الأُولى، ولكن في خطوط متقاطعة، تلتحم أَحياناً إلى حدٍّ تبدو وكأَنَّها تكون في مجموعها خطَّين  فحسب، وهذا الالتحام يشمل أَيضاً الزَّمان والمكان، بحيث لا يبدو هناك أَي فارق محدَّد بين الأَمكنة المتباعدة، أَو بين الأَزمنة المتباينة، وأَحياناً بين الأَزمنة والأَمكنة في وقت واحد”.

ثمَّة مقدِّمة إذن تضع القارئ في حيرة من أَمره، وهي على كلِّ حال تمهيد لتعقيدات الشَّكل الفنيِّ الَّذي كتبت به الرواية، والَّتي أَجبرت كنفاني كما قال على تغيير حجم الخطِّ كي يفرِّق القارئ بين التَّراكب الزَّمكانيِّ المقصود، وإلاَّ فسيجد القارئ نفسه أَمام طلاسم لا يفهم محتواها، نتيجة لتداخل المكان والزَّمن ولسان السَّارد، وكان كنفاني لا يمتلك هذا التَّرف -رغم شغفه به- نتيجة للواقع الفلسطينيِّ الَّذي كان بأمسِّ الحاجة إلى مثقَّف عضويٍّ قادر على التَّواصل مع القارئ دون تعقيدات شديدة، لكنَّ ذلك لم يمنعه أَبداً من خوض غمار التَّجريب.

ثمَّة مكانان وزمنان: غزَّة بزمنها، والصَّحراء بزمنها، وحول هذين المحورين الرَّئيسيَّين تدور أَماكن أُخرى بأَزمنتها: يافا والمنشيَّة، والأُمُّ في الأُردنِّ، ولأَنَّ كلَّ ما في هذا الكون محكوم بالحركة، فإنَّ السُّكون سيعتبر أَصل الموت، وبهذا المعنى بالذَّات، سيترك حامد غزَّة الَّتي قضى فيها ستَّة عشر عاماً محكوماً بالسُّكون، ليوغل في عتمة الصَّحراء، محاولاً أَن يقطعها متَّجهاً إلى أُمِّه الَّتي استقرَّت في الأُردنِّ، وليجد نفسه بعد انحراف بسيط، وبعد أَن تحرَّر من كرة الصُّوف الَّتي كان مربوطاً من خلالها إلى بيته في غزَّة، وجهاً لوجه مع جنديٍّ عدوٍّ في الصَّحراء.

في اللَّحظة الَّتي كانت خطوات حامد تنحرف قليلاً نحو الجنوب، كانت “مريم” بكلِّ دلالات المريميَّة تسلِّم نفسها لزكريَّا النَّتن، سيبدو الأَمر للقارئ وكأَنَّ ثمَّة تراتب زمنيٍّ بين الواقعتين، وسبب ونتيجة، لكنَّه ليس كذلك، إنَّها لحظة انطباق زمنيٍّ، أَقرب للاندغام، وهذا بالذَّات ما قصده كنفاني في إشارته من خلال المقدِّمة:

“تلتحم أَحياناً إلى حدٍّ تبدو وكأَنَّها تكون في مجموعها خطَّين  فحسب، وهذا الالتحام يشمل أَيضاً الزَّمان والمكان، بحيث لا يبدو هناك أَي فارق محدَّد بين الأَمكنة المتباعدة، أَو بين الأَزمنة المتباينة، وأَحياناً بين الأَزمنة والأَمكنة في وقت واحد”.

وسنجد تلك التَّقاطعات تتكرَّر باستمرار، فيحاول كنفاني أَن يميِّز بينها بتلك الخطوط الغامقة الَّتي اعتمدها كحدود تدلُّ القارئ على الزَّمكانين المختلفين المنطبقين في الوعي.

ثمَّة إذن مساران يبدوان للوهلة الأُولى متوازيين، المسار الأَوَّل مريم وغزَّة وزكريَّا وساعة الحائط الَّتي تمثِّل الزَّمن الغزيَّ في تلك اللَّحظة، والثَّاني هو الصَّحراء المؤنسنة، وحامد، وجنديُّ العدوِّ التَّائه، والعتمة والضَّوء كدلالة على الزَّمن في الصَّحراء، وما بينهما يبدو وكأَنَّه حالة من التَّداعيات تشمل يافا، والأُمَّ، والخالة، وسالم، والآخرين.

إنَّه بناء معقَّد بنفس القدر الَّذي نشعر به حين تحاول النَّظريَّة النسبيَّة أَن تهدم ما نعرفه من الوعي السَّليم، أَو ما يُسمَّى بالوعي السَّليم، خصوصاً فيما يتعلَّق بالزَّمن، وبكون الأَشياء شرائح زمكانيَّة تمتلك وجوهاً متعدِّدة بقدر التِّكرار الزَّمنيِّ الَّذي تعيشه، وتأخذ صورها من خلالها، إنَّها بمعنى آخر محاولة للرُّؤية بالعقل لا بالحواسِّ، حيث بوسع العقل أَن يخترق الدَّال إلى ما بعده ليعيد بناء المدلول بكلِّ صوره أَو ببعض صوره على الأَقلِّ بما يتخطَّى الحسَّ السَّليم واالمنطق الَّذي اعتاده الوعي المرتكز على الحواسِّ فقط.

هل يبدو الأَمر معقَّد إلى هذه الدَّرجة؟ إنَّ المقدِّمة في الحقيقة تقول ذلك، إنَّها باختصار تحاول أَن توجِّه وعي القارئ كي يصبح بوسعه قراءة النصِّ بطريقة مختلفة عمَّا أَلفه منطقه، وقد كان الأَمر فعلاً معقَّداً إلى تلك الدَّرجة على الكاتب نفسه، أَن يلجأَ إلى هذا الأُسلوب لتقديم شكل فنيٍّ يكاد يكون قادراً على احتواء الفكرة، وعكسها.

فيتحوَّل السّرد المقارن مثلاً خلال فاصلة بين زمكانين:

تقول مريم: إنَّه بعيد الآن، يسير منذ ثلاث ساعات على الأَقلِّ، وخطواته واحدة واحدة أُحصيها مع الدقَّات المعدنيَّة المخنوقة في الجدار أَمامي، دقَّات النَّعش. ثمَّ يتحوَّل الصَّوت إلى الصَّحراء:

“دقَّات محشودة بالحياة، يقرعها بلا تردُّد فوق صدري، حيث لا صدى ثمَّة إلاَّ الرعب” ذلك هو الفرق إذن بين دقَّات السَّاعة ودقَّات وقع أَقدام حامد الَّذي اندغم مع الزمكان الجديد.

لكنَّ الصَّحراء المؤنسنة واعية بزمنها، ووقتها، فقبل أَن يخلع حامد ساعة معصمه، ويخرج تماماً من وقت غزَّة، وزمنها، نسمعها تقول:

“لقد أَعطيته من وحشيَّتي كلَّ ما أَملك، ولكنَّ شيئاً واحداً لا أَستطيع إعطاءه له: الوقت….لم يكن في سباق معه، بل في سباق مع خسارته” ص 28.

لكنَّ الأَمر سيختلف تماماً حين يندغم حامد مع زمن الصَّحراء، ويخلع ساعة معصمه ويلقي بها بعيداً:

“لقد انطوى زمنها الصَّغير المتوتِّر الأَحمق، وبدت فوق الحصى البارد الشَّيء الوحيد في هذا الكون الخارج عن الزَّمن الحقيقيِّ، كزنبور يطنُّ بلا هوادة، دائراً بجنون حول نفسه” ص 42.

إنَّ زمن الصَّحراء هو زمن الحركة والفعل، زمن الخروج من متاهة السُّكون والانتظار، لذا سنجد نسبيَّة الزَّمنين واضحة حين يخاطب زكريَّا مريم قائلاً : “لو كتب لك رسالة ستصلك بعد خمسة أَيَّام، ولن تعرفي أَنَّه وصل قبل ذلك”

فزمن غزَّة زمن حرام، زمن مسروق من الزَّمن، زمن دقَّاته تشبه دقَّات عكَّاز معدنيٍّ، وهو يشبه النَّعش…

 “سأَلته السُّؤال الَّذي كان يتوقَّعه: بكم اشتريتها؟ وأَجابني الجواب الَّذي لم أَكن أَتوقَّعه: سرقتها، ومنذ ذلك اليوم وهي معلَّقة هناك، تدقُّ خطواتها الباردة كصوت عكَّاز منفرد” ص 19

في ذلك الزَّمن ستحمل مريم سفاحاً من زكريا النَّتن، وفي ذلك الزَّمن أَيضاً سيُقتل سالم المقاوم، وسينهار زكريا، وسنجد حامداً ساكناً خارج دائرة الفعل والحياة.

قال لمريم: قتلوا سالم وغداً يجيء دوري، فقالت له: أَنت لم تفعل شيئاً فلماذا يقتلونك أَنتَ؟

إن كان زمن غزَّة مرتبطاً بدقَّات ساعة تشبه النَّعش، ووقع دقَّاتها أَشبه بالعكَّاز، فإنَّ زمن الصَّحراء مرتبط بالضَّوء والعتمة، وبوقع خطوات حامد فوق الرِّمال.

ثمَّة حركتان متناقضتان في تقاطع زمكانيٍّ واحد: الأَولى حركة الجنين في بطن مريم، جنين الحرام، ابن زكريا النَّتن، والثَّانية حركة مواجهة حامد لجنديِّ العدوِّ في الصَّحراء.

تقول مريم: “هذا النَّعش المعلَّق الصَّغير-وتقصد السَّاعة- سيحتوينا جميعاً وستظلُّ أَنتَ فقط خارجه” ص 66. تقصد حامد.

ثمَّ في لحظة ما، لحظة ثورة مريم على زكريَّا تنقلب الأُمور، فلا تعود مريم تسمع دقَّات السَّاعة على الحائط، بل تسمع وقع أَقدام حامد في الصَّحراء، فتنسلخ عن زمنها، وتندغم في زمن حامد، ليصبح زمن الصَّحراء زمنها.

“خطواته تملأُ رأسي وتدقُّ……مع كلِّ دقَّة من دقَّات السَّاعة يخطو خطوة واحدة” ص 74.

آنذاك تغلق أُذنيها، وتنتهي بذلك القدرة على التَّواصل مع زكريَّا، كما كانت القدرة على التَّواصل أَصلاً منقطعة بين حامد والجنديِّ الَّذي أَسره، في هذه اللَّحظة بالذَّات تتعانق سكِّينان: الأُولى سكِّين مريم وهي تغرسها في عانة زكريَّا، والثَّانية سكِّين حامد مشهرة في وجه الجنديِّ، وذلك بالضَّبط ما يجيب عن تساؤل بعض القرَّاء الفطريِّ: لماذا أَلقى حامد بالرَّشاش بعيداً وبقي محتفظاً بالسكِّين؟ أَليس من الأَجدى أَن يبقي على الرَّشَّاش؟  وسيجيب النصُّ على ذلك بتلك المقارنة بين سكِّينين، في زمن مندغم، وفي صورة واحدة، في لحظة تقاطع زمكانيٍّ بحاجة إلى صورة السكِّين المكرَّرة في شريحة زمنيَّة، ولو أَبقى حامد على الرَّشَّاش لكان على الرَّشَّاش أَن يظهر أَيضاً في الصُّورة ذاتها الَّتي تظهر فيها  مريم.

سيظهر وعي غسَّان كنفاني بالنسبيَّة فلسفيَّاً، واضحاً، جليَّاً، لا لبس فيه، حين يفسِّر العلاقة بين حامد والجنديِّ الصُّهيونيِّ:

“الوقت لا يمكن أَن يكون ضدَّنا نحن الاثنين معاً بصورة متساوية، فقد يكونون أَقرب إليك ممَّا أَتصوَّر، ولكنَّك أَقرب إليَّ ممَّا يتصوَّرون، والقصَّة كما ترى قصَّة مسافة ليس غير، وربَّما زمن أَيضاً، ولكنَّني لا أَكترث بالزَّمن كما ترى، والمسافة لصالحي، فأَنتَ أَقرب إلى نصل سلاحي ممَّا أَنا إلى  فوَّهات بنادقهم، الأُمور هنا نسبيَّة تماماً، وهي لصالحي أَيضاً، وهذا شيء غريب، فقبل دقائق فقط، كان كلُّ شيء في هذا الكون ضدِّي تماماً، وكانت الأُمور كلُّها في غزَّة والأُردنِّ تعمل لغير صالحي، وكنتُ أَقف هنا بالضَّبط محاطاً بالخسائر من كلِّ جانب” ص 64.

إنَّ الشَّكل الَّذي تمَّ تقديم الرِّواية به، بالإضافة إلى  المقدِّمة الَّتي زادت الأُمور تعقيداً، وكثير من النُّصوص والحوارات، لهي دلالات واضحة على وعي غسَّان الكامل بالنسبيَّة والزَّمكان فلسفيَّاً، وبأَنَّه قام ببناء هذا النصِّ على هذه النَّظريَّة عن سابق وعي، محاولاً أَن يستبق الزَّمن العربيَّ، والفلسطينيَّ، لذا، بوسعي أَن أَقول مطمئنَّاً إنَّ غسَّان كنفاني من خلال هذه الرِّواية قد قدَّم وعياً يسبق الواقع بسنوات كثيرة، بل إنَّه كان يحاول أَن يؤسِّس لوعي جديد ومختلف، لم يسعفه الزَّمن بعد اغتياله المبكِّر لإكماله.

الكاتب: أحمد أبو سليم

هوامش

موضوعات

الأكثر قراءة

عشرة أفلام عظيمة عن المافيا (ترجمة)
10 أفلام تشويق إيروتيكية رائعة (ترجمة)
عن السيرورة والصيرورة
10 أفلام عظيمة عن الوحدة (ترجمة)

GOOGLE AD

نكـتـب لفلسطين

اشتراكك بنشرتنا البريدية سيحمل جديدنا إليك كل أسبوع

اختيارات المحرر

من أجل صحافة ثقافية فلسطينية متخصصة ومستقلة

اشتراكك بنشرتنا البريدية سيحمل جديدنا إليك كل أسبوع