ميرنا عيط
أعلام الإبادة
فتاة الضحكات
تجرُّ عنقودًا من السّراويل
وسلّمًا من الرماد.
غرباء
يجلسون على مقعد وحيد
يطلقون الأبواق
المكسوّة بالذباب الرطبِ
المُوصَدِ الأجنحة
ويتقاسمون غرابًا
يقتلع تفاحة السماء
لتصبح العصافير
أعلام إبادة.
ترابٌ يلتهم العجائز
في أقصى المدينة
رجل يبكي
رجل بعكازين ومروحة صغيرة.
هناك
حيث الأراجيح
كانت نصف حياة
تقفُ
امرأة
بلا أرداف ولا قبعة
تركُد كأمواجِ السكر
تقبض بيديها
عصفورًا أحمقَ
بزيّه العسكري
يجرُّ السنين
ويمضي في الدخان.
الشهوة تطفو
كأشجار الياسمين
المتراكمة بأرجل مشوهة
وسجائرَ
تلتهم أطفال الموتى
المتدفقة من الزيتون والمخمل
لتصير فوّهة.
حيث الترابُ
لا مكان للوقت
ولا للبنادق
ولا للرجال
ولا للأزقة
تلكَ الممتلئة بأكداس طائرات ورقية.
حيث الترابُ
يموت الأزرق الواحد
يموت الأرق
ويموت الغيظ.
حيث الترابُ
يخيط الخوف
المسافات الضيقة
ويركض كريح ليسابق الشمس.
متاهة المعتوهين
الأرضُ لا تدور
الأرضُ تركضُ خلفَ البحر كدمية
وأنا كما في كل قصيدة
اللاعب الوحيد.
لا مفرّ من الاعتراف
بأنّ الكرة الصغيرة الّتي تجتاح يد ابنتي
هي نفسُها تبتلعُ الأسلاك الكهربائية
هي نفسُها تُخرِجُ الحياةَ بلا منازع.
الكرةُ يا طفلتي
هي الشيء الوحيد الّذي يطالب بالنعاس
هذا الذي لا نستطيع الهروب منه
فقط لأنّ المتاهة ابتلعت الكرسيّ
ولأنّ الدمية هي الحقيقة
ولأنّنا نحنُ جميعًا
ندركُ أنّ للهواء ثقبًا بحجم الأرض
تلكَ التي لا تدور
إنّما
تُخرِج من فَرْجها قُبلًا مزدحمة.
من مجموعة الشّاعرة “جثّةٌ تفسخُ الهواء” الصّادرة حديثاً عن دار النهضة العربيّة في بيروت. ضمن سلسلة أصوات الشعريّة، الحاصلة على منحة آفاق للكتابة الإبداعيّة لهذا العام.