يتذكّر يوهان

Berlin, 1991

عادل الاسطة

ناقد من فلسطين

تسيران معاً. أنت ويوهان. تبتسم وتظل تبتسم. تجلسان في شقتك وتغلي القهوة. تصبها في فنجانين يندلق أحدهما على ملابسها فتعتذر لها وتبتسم هي كما لو أنك عن قصد فعلت هذا ولم تكن قصدته.

...للكاتب/ة

اشتراكك بنشرتنا البريدية سيحمل جديدنا إليك كل أسبوع

الأكثر قراءة

الصحافة الثقافية وما نناضل من أجله
أين نحن في السير قدما...
عشرة أفلام عظيمة عن المافيا (ترجمة)
10 أفلام تشويق إيروتيكية رائعة (ترجمة)

من أجل صحافة ثقافية فلسطينية متخصصة ومستقلة

30/08/2018

تصوير: اسماء الغول

عادل الاسطة

ناقد من فلسطين

عادل الاسطة

يحاضر في جامعة النجاح الوطنية بنابلس، ويكتب زاوية أسبوعية في جريدة الأيام الفلسطينية. مهتم بالشاعرين محمود درويش ومظفر النواب وأصدر عنهما كتبا عديدة. يهتم بالقصة القصيرة الفلسطينية وبالرواية العربية أيضا.

ما الذي يذكره بيوهان؟

يوهان طالبة الأدب الإنجليزي في ألمانيا. إن كان يجيد الوصف فهي امرأة ربعة لا طويلة ولا قصيرة. نحيفة شقراء لدرجة الصفار. يشع شعرها الطويل كما لو أنه الذهب. تربطه فيغدو وراءها مثل شعر ذيل الحصان.

غالباً ما تبدو يوهان مبتسمة. هذا ما لاحظه بعد أن تعرف إليها.

في خريف ذلك العام 1990 التقيا في عرس برنارد وصاحبته الإسبانية. لم يلتفت إليها وسيعرف لاحقاً أنها هي التفتت إليه.

في الشتاء في أعياد الميلاد التقاها في المكتبة. قالت له: أخبرني عنك برنارد.

– ماذا ستفعلين في أعياد الميلاد؟

– سأغادر المدينة إلى مدينة أهلي. أقضي فترة العيد معهم.

– والآن؟

– الآن لا شيء.

– هل لديك متسع من الوقت لشرب فنجان قهوة؟

تسيران معاً. أنت ويوهان. تبتسم وتظل تبتسم. تجلسان في شقتك وتغلي القهوة. تصبها في فنجانين يندلق أحدهما على ملابسها فتعتذر لها وتبتسم هي كما لو أنك عن قصد فعلت هذا ولم تكن قصدته.

تغادر يوهان مبتسمة وتتركك متمنية لك أعياد ميلاد سعيدة وتمنيك بزيارتك ثانية بعد أن تعود إلى المدينة مع نهاية فترة أعياد الميلاد.

تنفق أعياد الميلاد في المبنى وحيداً. لا تذهب إلى الكنيسة لتتعشى كما فعلتها مرة. تؤثر البقاء في شقتك تمارس الكتابة والضجر.

ثانية تلتقي بيوهان. تعود بعد انقضاء فترة أعياد الميلاد وحين تراك في أروقة الجامعة تحادثك. هل صرتما صديقين؟

– ماذا تفعل في المساء؟

– لا أفعل شيئاً سوى القراءة والكتابة.

– القراءة والكتابة. شيء مضجر. هل تذهب إلى بار البطة؟ هناك تجد أستاذ الأدب الألماني؟ بيتي قريب من البار.

– إن وجدت وقتاً نذهب.

تقول لها.

ما الذي جعله مساء في البرد القارس يترك شقته الدافئة ويسير باتجاه بيت يوهان؟

لعله أشتاق إلى امرأة في هذه الليالي الطويلة من كانون الثاني. لعله!

هل استغربت يوهان ما فعله معها؟ لعلها لم تصدق. كيف أسرها وهي تحدثه عن لوركا في غرفة نومها؟

لم يعد يذهب إلى يوهان. حادثته أستاذته التي صارت مثل قرنفلة في رواية نجيب محفوظ ”الكرنك”. أولعت به أستاذته وربما أرادت أن تنتقم من طليقها كما تركتني لأجل شابة أتركك لأجل شاب.

اتصل بأستاذته ليسألها عن رأيها في بحثه فتحدثت له عن البرد القارس والتدفئة المركزية في هاذه الليالي. كانت أستاذته عرفت أنه ينفق لياليه في شقة يوهان.

صارت يوهان تأتيه في الليالي وصار هو يتهرب منها. هل أدرك أنها سربت كلامه لجهة ما؟

لماذا صارت يوهان تأتيه فما الذي فعله معها؟ بأي شيء سحرها؟ بثقافته ولسانه. هذا اللسان. هذا اللسان.

ما الذي يذكره الآن بيوهان؟

الشتاء بارد وأعياد الميلاد تتواصل وهو وحيد ويوهان بعيدة ومنذ 27 عاماً لم ير يوهان.

الكاتب: عادل الاسطة

هوامش

موضوعات

الأكثر قراءة

عشرة أفلام عظيمة عن المافيا (ترجمة)
10 أفلام تشويق إيروتيكية رائعة (ترجمة)
أين نحن في السير قدما...
الصحافة الثقافية وما نناضل من أجله

GOOGLE AD

نكـتـب لفلسطين

اشتراكك بنشرتنا البريدية سيحمل جديدنا إليك كل أسبوع

اختيارات المحرر

من أجل صحافة ثقافية فلسطينية متخصصة ومستقلة

اشتراكك بنشرتنا البريدية سيحمل جديدنا إليك كل أسبوع