أن تكون صحافيا ثقافيا في زمن التارجت

Speeding By, 2022, Acrylic on canvas, 96.5 x 182 cm

وجدي الكومي

صحافي وروائي مصري

ويعمل صحافيو المنصات الثقافية بين أجراس يحاذرون أن تقرع، أبرزها ضعف التمويل والأجور، وهيمنة المساحات الإعلانية على المساحات الإخبارية

...للكاتب/ة

صار اللهاث هو نمط العمل، وكثرت الأخطاء، وكانت أحيانا مضحكة، من قبيل أن يبث محررو قسم المراجعة الذين ينشرون الأخبار في الموقع صوراً لا علاقة بها بمتون الأخبار

اشتراكك بنشرتنا البريدية سيحمل جديدنا إليك كل أسبوع

الأكثر قراءة

الصحافة الثقافية وما نناضل من أجله
أين نحن في السير قدما...
عشرة أفلام عظيمة عن المافيا (ترجمة)
10 أفلام تشويق إيروتيكية رائعة (ترجمة)

من أجل صحافة ثقافية فلسطينية متخصصة ومستقلة

04/11/2024

تصوير: اسماء الغول

وجدي الكومي

صحافي وروائي مصري

وجدي الكومي

في بعض الأوقات، تمنيت أن أكون صحافيًا في زمن الصحافي المصري الكبير عبد الفتاح الجمل، صاحب ومؤسس أشهر صحافة ثقافية مصرية، أفرزت صفحتها في جريدة “المساء المصرية” العديد من الأدباء الذين نشروا إبداعاتهم، وفي أوقات أخرى لعنتُ الظروف التي جعلتني أعمل صحافيًا في زمن المواقع الإلكترونية، حيث أصبح مصطلحا “التارجت” و “المُبيّت” الغالبين على نظام العمل، والمهيمنين على كل شيء.

حينما التحقتُ بصحيفة اليوم السابع المصرية في عام ٢٠٠٨، لم تُتح لي فرصة لأن أتعلم الصحافة الورقية التقليدية المعتادة على أصولها، كما توارثتها أجيال وأجيال مرموقة الأسماء. صحيح أنه كان يعمل في المؤسسة القديران أكرم القصاص وسعيد الشحات، لكنني لم أتتلمذ مباشرة على أيديهما، بل كان مطلوبًا مني أن أصبح تِرسًا في إدارة آلة جهنمية عملاقة هي الموقع الإلكتروني للجريدة التي كانت حينها تصدر أسبوعيًا.

وأسميها آلة جهنمية لأن نظام العمل في موقع اليوم السابع كان يقتضي بأن يتلقى على مدار الساعة مواد تجعله باستمرار مُحدّثًا ومتابعًا ساعة بساعة، لأي موضوع، ولأي حدث، ولأي حادث، ولمجرياته، ومواكبًا ساعة بساعة التطورات، كل التطورات، سواء ما يجري من حدث يمت للسياسة، أو حتى في الأقسام الأخرى، مثل أخبار المنوّعات والمجتمع وأقسام الحوادث والفن.

نظرًا إلى هذا الإيقاع اللاهث من النشر الخبري المستمر، تصدّر الموقع الإلكتروني لليوم السابع قائمة المواقع الإلكترونية الأكثر متابعة في مصر، وجاء ترتيبه سادسًا بعد فيسبوك وتويتر ومواقع أخرى لا تمت لصناعة الصحافة بصِلة، وكان هذا يجعل رئيس التحرير الأسبق لليوم السابع فخورًا، يمشي في الأرض مرِحًا مختالًا بنفسه وبما يحققه من صناعة خبرية جديدة في مصر.

الصحافة الإلكترونية وأثرها في الصحافة الثقافية

كان هذا مطلع عام ٢٠٠٨، أو حتى منتصف، حينما انطلقت بدايات موقع اليوم السابع المصري -أكرر كلمة المصري كي لا يخلط أحد بينه وبين مجلة اليوم السابع الباريسية التي كانت تصدرها منظمة التحرير الفلسطينية في العاصمة الفرنسية منذ عام ١٩٨٤- ولم تكن مصر وقتها تشهد تجارب صحافة إلكترونية كبيرة، أو مرموقة الشأن، بل كانت الصحف آنذاك تشهد نموًا دراميًا غير مشهود ولا مثيل له في وقتنا الحالي، وقت كتابة هذه السطور، إذ حرّر نظام مبارك -قبل اندلاع الثورة عليه بعقد- المجال للصحافة الخاصة بأن تحصل على تراخيص الصدور والطباعة، فظهرت تجارب متوثبة، أول ما فعلته أن انتقدت الحكومة بقسوة، وطال نقدها النظام نفسه، واستطاعت أن تلفت أنظار الناس إلى صناعة صحافية احتكرتها لعقود الصحف الحكومية التقليدية المؤممة منذ الستينيات، ودشّنت كذلك صحافتها الثقافية غير المعتادة، فنشر بعض شعراء جيل التسعينيات قصائدهم النثرية، ونشر قاصّو جيل التسعينيات قصصهم القصيرة غير التقليدية، التي جاءت لتدشّن عهدًا جديدًا في فن القصة القصيرة؛ قصة قصيرة حداثية لها طابعها، هذا وقتما كان نجيب محفوظ ينشر “أحلام فترة النقاهة” في مجلة “نصف الدنيا” الورقية التي تصدرها مؤسسة الأهرام المصرية العريقة.

هذه التجربة الأونلاين اللاهثة التي كانت تحاول أن تنافس منصات التواصل الاجتماعي التي تحوّل جزء منها ليكون مصدرًا للأخبار، كانت ترتكب على مدار الساعة الكثير من الأخطاء، منها بقاؤها في متاهة الخلو من النظرات التحليلية العميقة، التي اقتصرت فقط على أقسام وحيدة ونادرة، أما المعالجات للتقارير التي كانت تُنشر في العدد الأسبوعي فكان يكتبها بالطبع نفس الصحافيين المشغولين بضخ الأخبار في الآلة الجهنمية المسماة الموقع الإلكترونى لليوم السابع.

صار اللهاث هو نمط العمل، وكثرت الأخطاء، وكانت أحيانا مضحكة، من قبيل أن يبث محررو قسم المراجعة الذين ينشرون الأخبار في الموقع صوراً لا علاقة بها بمتون الأخبار، وأصبح الكل عبيداً بمعنى الكلمة الحرفي من أجل هدف سامي وحيد هو ضخ الأخبار، ثم ضخ الأخبار، ثم ضخ الأخبار.

في هذه الأجواء انضممت لصحيفة اليوم السابع لأعمل محرراً في قسم الثقافة، وبدأت أتعرف عن قرب عن تاريخ الصحافة الثقافية، وأقبلت بنهم على متابعة الملاحق الثقافية التي كانت موجودة، باعتبارها منافس طبيعي لنا، أو تلك التي كانت تلفظ أنفاسها الأخيرة بسبب مشكلات التمويل للصدور الورقي، وبدأت أكتشف مزية أن تكون صحافياً يغطي الأخبار في قسم الثقافة ولا تنتظر جريدة لتنشر ما تكتبه أو تحوذ عليه من سبق صحافي، فما ستنشره “أخبار الأدب” بعد أسبوع، يمكنك الآن أن تنشره على الموقع الإلكتروني، ثم تنشر معالجات له، وردود أفعال، ولا تنتظر أبداً أن ترى مادتك منشورة في العدد الأسبوعي من الصحيفة، لأن الخبر سيكون قد مات، وما يجعله حياً هو المتابعات المستمرة.

تدريجيا بدأت استمتع بالعمل في القسم الثقافي، لأنني أدركت أن حدودي ليست مجرد كتابة خبر صدور كتاب جديد، أو مراجعة كتاب يتحدث عنه الناس، بدأت استمتع بكوني صحافيا حينما تعلمت معنى صنع خبر، ومن ذلك حينما حصلت ذات مرة على قوائم الكتب الممنوعة أو المستبعدة من المشاركة في معرض الكويت للكتاب، فإدارة المعرض تمارس عملا تقليديا هو “الفسح” أي إتاحة الكتب للعرض أو منعها، وهو إجراء رقابي تمارسه بعض معارض الكتب العربية، تمنح نفسها الحق في استبعاد الكتب التي تنتقد مثلا أنظمة عربية، لكن بعض إجراءات الفسح تشمل استبعاد روايات بأكملها، وكتب أدبية لأسماء مرموقة، وكان من المفارقات التي حققها هذا التحقيق الصحافي الذي نشرته، أن بعض الكتاب المصريين كانوا مدعوين بأجسادهم للمشاركة في ندوات بالمعرض، لكن كتبهم “مفسوحة” أي ممنوعة من أن تُباع.

صحافيو الثقافة واهتمامات الناس والنخبة

تقارير كهذه لم تملك مؤسستي أن تستبعدها من النشر ورقيا لصالح تقارير أخرى قادمة من وزارة الكهرباء، أو غيرها، لكنني مع الوقت تبين لي أيضا أن المؤسسات الصحافية الخاصة مثل “اليوم السابع”، وغيرها، كانت تضيق ذرعا كذلك بوجود صحفيي قسم الثقافة، وأننا كنا في نظر بعض الزملاء في الأقسام الأخرى صحفيي نخبة، ينشرون أخبارا ليست مهمة، كمراجعات لكتب، وحوارات مع مؤلفيها، كنا نجهز مثلا مواد وتقارير بعناوين جذابة، ونجتهد قدر الإمكان لتكون مثيرة وخلابة، ومحفزة للقارئ، ثم في ليلة رسم الجريدة تنفيذ الصفحات وتصميمها، نفاجأ أن رئيس التحرير قد قرر ببساطة الإطاحة بهذه التقارير ليستثمر مساحاتها في نشر تقارير يراها أهم من وزارة الكهرباء، أو الحكومة، أو الرئاسة، أو غيرها من الملفات المحلية، وحينما كنا نقارن تقاريرنا بتقارير الزملاء التي نُشرت في الصحيفة الورقية، كان ينتابنا اليأس والإحباط أن نرى تقاريرنا قد انتزعت وطُرحت أرضا لصالح توفير مساحات تُحشر فيها تقارير يتحدث فيها مصادر مجهولة عن ترقب لزيادة تعريفة الوقود مع العام المالي الجديد، أو غيرها من التقارير التي كان يحاججنا رئيس التحرير أو مديره بأنها تصب في اهتمامات الناس، أما تقاريرنا التي نتناول فيها شأنا ثقافيا فهي تصب في اهتمامات النخبة.

صفحة الثقافة الحائرة بين تمويل الصحف الخاصة والصحف الحكومية السيارة

منذ هذه اللحظة أدركت مدى ترف الصحافة الثقافية في نظر رؤساء التحرير والعاملين في المهنة، ومع ذلك لا يستطيعون أن يشيحوا بأنظارهم بعيدا عنا، مواد الثقافة مطلوبة كحطب لتشغيل الموقع الإلكتروني في قسم ضمن الأقسام الأخرى، لكن حينما نتحدث عن المساحة في الصحيفة الورقية، فإن صفحة الثقافة هي أولى الصفحات التي يُطاح بها من الجريدة الورقية إذا وقع أمر بالغ الخطورة تستوجب تغطيته مساحات أخرى في الجريدة الورقية، وإذا كانت الصحيفة محرومة من التمويل الحكومي، كأغلب الصحف الخاصة في مصر الآن، بل تسيطر عليها شركات هي واجهة لأجهزة الأمن والمخابرات، فلا يمكن لصفحة الثقافة أن تتعزز بثباتها وتحقق رسوخها، وتظل دائما تقاريرها موزعة بين الصفحة الأخيرة، أو أن تُدس داخل صفحات التقارير غير المهمة.

التارجت والمُبيَّت كنظام حاكم للصحافي في المواقع الإلكترونية

مصطلحا “التارجت” و “المبيت” اللذين استهللت بهما مقالي هذا، يحكمان عمل الصحافي في بعض المواقع الإلكترونية، كاليوم السابع والدستور والوطن، والمصري اليوم، إذ يُكلف الصحافيين بكتابة عدد تقارير لا يقل عن ٢٥ تقريرا خلال فترة دوامه التي تمتد لثمان ساعات، ويقدم مع هذه الحزمة من الأخبار التي تظل “تارجت” يجب عليه تحقيقه في فترة الدوام، حزمة أخبار أخرى تُعرف بـ”المُبيّت” أي الأخبار التي سينشرها مدير تحرير فترة الدوام الليلي، وهي أيضا يجب أن تكون حوالي سبعة أخبار يجهزها كل قسم، لتنشر على رأس كل ساعة خلال الليل، حتى بدء دوام الصباحي في الثامنة صباحا.

وحدها الصحف الحكومية التي أممها نظام عبد الناصر ـبمعزل عن فكرة التأميم وأثرها على كفاءة وحرية العمل الصحافي، وهذا ليس موضوع المقال- استطاعت هذه الصحف أن تُرسخ الثقافة كوجبة صحافية من حق قراء الصحيفة التهامها جنبا إلى جانب ما يطبخه صحافيو الأقسام السياسية والمجتمع والحوادث والفن، لذلك كانت تجربة الصحافي المصري الشهير عبد الفتاح الجمل الذي استهللت به مقالي هذا، تجربة فريدة لا تنسى ولا ينمحي أثرها، وإليها تنتمي كافة تجارب الصحافة الثقافية، وكذلك استمرت الملاحق الثقافية الصادرة عن المؤسسات الصحافية الحكومية في مصر كالأهرام وأخبار الأدب المصرية، وفي لبنان كالسفير والنهار -أسس قسم الصحافة الثقافية فيها الشاعر شوقي أبو شقرا الذي رحل عن عالمنا خلال كتابتي هذا المقال- وعربية أيضا الملحق الثقافي لجريدة الحياة اللندنية التي توقفت عن الصدور.

الصحافة الثقافية كوجبة مضمونة في الصحافة الممولة حكوميا

وإذا قصرت حديثي في هذه السطور عن الصحافة الثقافية الحكومية في مصر نظرا لمعرفتي الجيدة بشئونها، فإنها نجحت في الاستمرار طالما وجدت لها تمويلا حكوميا لا يحاسبها على جدوى نشر مقالات أو عروض كتاب أو حوارات مع كُتاب نشروا كتابا أو كتابين، ولا يضغط عليهم لتحقيق شرط نفاد الإصدار الورقي أو البحث عن أفكار أخرى لزيادة التوزيع، وبالتأكيد هناك معايير أخرى يُحاسب عليها صحافيو الأقسام الثقافية وأخبار الأدب ويفرض عليهم أن يتبعوها، كتقديم عدد محسوب من المواد كل أسبوع قبل موعد الإصدار، وفي حالة الملحق الثقافي لصحيفة الأهرام، فهناك دائما قصة قصيرة كبيرة الحجم تتصدر رأس الصفحة حتى منتصفها، وقصة أخرى أصغر منها في ذيل الصفحة، ومقال أو قصيدة ينشر معهما في الجانب الأيسر من الصفحة، وفي الصفحات التالية للملحق هناك تغطيات ومتابعات وحوارات قصيرة مع كُتاب.

المواقع الإلكترونية العربية وتحديات التمويل والأجور

بجانب ذلك هناك المواقع الإلكترونية العربية التي دشنت أيضا مساحات للصحافة الثقافية، أو كرست جل الموقع لأن يكون منصة ثقافية، كرمان الثقافية، الذي نقرأ فيه هذه السطور، أو كمواقع أخرى تمنح لمطالعيها وجبة ثقافية في شكل المقالات التحليلية، وتتفادى نشر أخبار الفعاليات، كالتنويه عن الندوات، والأمسيات مثلا، وأدى ظهور “رمان” وغيره من المواقع التي بها قسم للصحافة الثقافية إلى انتعاش الصحافة الثقافية الإلكترونية، فنشط العديد من الصحافيون العاملون في حقل الصحافة الثقافية لمراسلة هذه المواقع الإلكترونية، خاصة مع ما حققه بعضها من توفير أجور جيدة مقابل المقال، وبالعملة التي  جُبلنا على وصفها بـ ” الصعبة” وصارت شديدة الصعوبة والندرة في مصر الآن، وكما كانت أجيال من الصحافيين والكُتاب المصريين يراسلون مجلات وملاحق ثقافية عربية ويكتبون فيها، تحولت الأجيال الجديدة لمراسلة المواقع الإلكترونية العربية، لأن مصر خلت من مشروع صحافي إلكتروني يستطيع أن يدفع أجورا جيدة للصحافيين.

الأكثر قراءة والأعلى مشاهدة كتحدي خطير أمام منصات الصحافة الثقافية الإلكترونية

وبسبب مشكلات التمويل التي تعاني منها أغلب المشروعات الصحافية الإلكترونية الطموح، أو تذبذب هذا التمويل، بسبب عدم إيمان الممولين بضرورة تمويل مشروع صحافي إلكتروني ينشر فقط مقالات ثقافية، ولا ينشر أخبارا عن مؤسسات المُمول الصناعية- إذا كان رجل صناعة ولا يستطيع فصل التحرير عن الدعاية-أو شركات النشر التي تدير موقعا إلكترونيا، وتوجه الأولوية لتخصيص مكافآت النشر للصحافيين الكبار المشهورين، أو الكُتاب المرموقين، أو الصحافيين العاملين في أقسام السياسة والمجتمع والحوادث وتحظى تقاريرهم بمقروئية ملحوظة ويمكن التيقن منها عن طريق احتساب مرات التصفح من خلال خاصية Google Analysis وعليه صارت بعض المواقع تستكتب كاتبا وتستبعد آخر وفقا لما يحققه أسم الأول من مقروئية وتغطس مقالات الثاني في ثقب أسود تختفي فيه فرص رؤية المقال، ومطالعته وقراءته، ويتناسى أصحاب ومديرو الشركات التي تدير مواقعا صحافية، أن خوارزمية الانترنت تظل صعبة الفهم، ومحيرة، بل أن بعض المهن التي ظهرت وواكبت الصحافة الإلكترونية مثل مهنة ” السي إيه أو ” –كما لو كنا نقصد وكالة المخابرات المركزية الأمريكية- هذه المهنة يمتهنها أشخاص يتلخص دورهم في إرشاد محرري الموقع الإلكتروني إلى كلمات مفتاحية تساعد على زيادة مشاهدة المقال، وتربطه بخوارزمية جوجل، وصار هذا الشخص مهيمنا بشكل أو بآخر على التحرير الصحافي في صالات تحرير المنصات الإلكترونية، حتى أنني اختبرت مرة حينما كنت أعمل مديرا للتحرير في موقع إلكتروني في مصر، كيف أن اشتراطات المدير بوسعها أن تضلل القارئ وتعطل القراءة، نتيجة إضافة العديد من الروابط في النص، بل كتابة عبارات ركيكة أحيانا في متن الموضوع، ليصيب خوارزمية جوجل ويظهر المقال في البحث بما يحقق ترتيبه في الأكثر قراءة ومشاهدة.

الصحافة الثقافية كوجبة منزلية مغذية في عالم يفضل التيك آواي

تخطو الصحافة الثقافية الإلكترونية في عالم يسخو بالتحديات ويضن بالحلول أو التقدير لاعتبارات غير آنية، ويعمل صحافيو المنصات الثقافية بين أجراس يحاذرون أن تقرع، أبرزها ضعف التمويل والأجور، وهيمنة المساحات الإعلانية على المساحات الإخبارية، وعدم النظر إلى الصحافة الثقافية باعتبارها وجبة منزلية يجب أن تُطهى على مهل لتشتمل على كافة العناصر المغذية، ولا يُجبها أو يلغي وجودها برامج “البوك تيوبر” أو صفحات أندية الكتب على السوشيال ميديا، أو مراجعات “جود ريدز”، فكل هذه هي وجبات سريعة التحضير لا تلغي وجود الصحافة الثقافية، ولا يكتفي منها الباحث عن مراجعة نقدية مكتوبة بصبر وأناة في موقع صحافي يطبق معايير الصحافة ويلتزم بالدقة في النشر وتصويب المعلومات، ويختبر المادة بتحريرها قبل نشرها، كما تواجه الصحافة الثقافية بجانب هذه المنافسات من منصات “البوك تيوبرز” و “أندية الكتب” و “جودريدز” أيضا مخاطر حجب المنصة الثقافية ككل في بلد من البلدان بسبب مقال ينتقد النظام الحاكم، إذا كان يتناول كتابا ما يستعرض سيرته، أو إذا كانت هذه المنصات تنشر موادا إخبارية وسياسية بجانب المواد الثقافية، وتعرضت للحجب بسببها، أمثلة على ذلك حجب موقعي “المنصة” و “مدى مصر” المصريين لمحتواهما السياسي، وحجب موقعي “المدن” اللبناني و “العربي الجديد” في مصر أيضا بسبب بعض ما ينشر فيهما وينتقد النظام المصري، وهذا يضعف المُضي في تنفيذ ملفات صحافية ثقافية، أو التحمس لأقسام الثقافة في هذه المواقع نظرا لضعف مشاهداتها للعوامل السابق ذكرها.

الكاتب: وجدي الكومي

هوامش

الأكثر قراءة

عشرة أفلام عظيمة عن المافيا (ترجمة)
10 أفلام تشويق إيروتيكية رائعة (ترجمة)
أين نحن في السير قدما...
الصحافة الثقافية وما نناضل من أجله

GOOGLE AD

نكـتـب لفلسطين

اشتراكك بنشرتنا البريدية سيحمل جديدنا إليك كل أسبوع

اختيارات المحرر

من أجل صحافة ثقافية فلسطينية متخصصة ومستقلة

اشتراكك بنشرتنا البريدية سيحمل جديدنا إليك كل أسبوع